152 – نصل لا يوقَف

لكن، لم يهمه ذلك لتلك الدرجة. كلّ ما يريد فعله الآن هو قتل هذا الفتى بأشنع طريقة ممكنة. قد يكون كمخطّط الحلف تثير هويّة معلّم هذا الصعلوك اهتمامه، لكنّه لطالما أعطى الشيء الأهمّ الأولويّة أكثر. وهذا كان هذه المرّة ذبح هذا الوحش الذي في طور النموّ. أصبح هذا هدفه الرئيسي حاليا.

تحكّم في العنقاء الطيفيّة عقليّا فعادت في لحظة واحدة بمظهر يوحي كما لو أنّه لم يحدث لها أيّ شيء بعد تلقّي ذلك الهجوم الناريّ المعزَّز من باسل الذي بإمكأنّه قتل سحرة المستوى الثامن بكلّ سهولة. لقد كانت مكوّنة من كلّ أنواع الأسلحة فقط، لذا تكسّرت بعضها فقط لا غير.

لم تكن هذه العنقاء الطيفيّة تطير حقا، وإنّما تحركت في كل الاتجاهات بقدرة عنصر العقل. أصبحت الآن كأنّها كيان في حدّ ذاتها غير أنّها تحت سيطرة شهاب سعير.

أخذ باسل نفسا عميقا بعد ذلك الهجوم المدمّر. لقد نمت قوّة الفنّ القتاليّ الأثريّ أكثر. بعدما اخترق لمستويات الربط الثاني الآن وأصبح جسده أكثر قوّة تلقائيا، ازدادت درجة إتقانه للغصن الأول وأصبح يرى أنّه بدأ يستوعب تلقائيا الغصن الثاني من التعاويذ الذهنية الروحية.

فعندما يحاول الشخص استنباط كتب الفنون، يمكنه أخذ التعاويذ الذهنية الروحية منه ووضعها في بحر روحك لتنمّيه بأحكامها والحكمة العظيمة التي تحملها معها. هكذا يستطيع الساحر دراستها فيما بعد.

كان باسل الآن في الغصن الأول، وبعدما غدا يقترب من قمّته، أمسى يستطيع فهم الغصن الثاني أكثر. فكلّما استخدم الفنّ القتاليّ الأثريّ كلّما تمكّن من استنباطه أكثر. لهذا عندما يحاول السحرة الروحيون حيازة كتب الفنون ستجدهم يخبّئون النسخة الأصلية بعيدا عن الأنظار. فحتّى لو أراد العدو سرقة هذه التعاويذ الذهنية الروحية منهم ونجح في ذلك، سيُسلَب منهم الكمّية التي استنبطوها فقط، أمّا الكمّية الأخرى فيكون بإمكانهم تبديدها من روحهم حتّى لا تقع في يد العدوّ.

فساحر بفنّ قتاليّ لا يمكن مقارنته بآخر بدونه. يكون الفرق بينهما شاسع للغاية وغير قابل للنقاش. لذا كان من المنطقيّ أن يشعر شهاب سعير بالخطر من الفتى الذي يقاتله. فلو كان بمثل هذا العمر ويحمل معه فنّا قتاليّا كهذا بالفعل، كيف سيكون بالمستقبل إذن؟

تحرّكت العنقاء الطيفيّة بعدما كانت قد وقفت فوق السفينة، وهذه المرّة بلغت باسل بسرعة أكبر من التي سبقتها فكانت القوّة التي أنتجتها خارقة للغاية ويمكنها جعل سحرة من المستوى التاسع في خبر كان ببساطة.

وفي اللحظة التي كانت ستنطلق بها العنقاء الطيفيّة، حدّق باسل إلى سيفيه الأثريّين ثم خزّن أحدهما وترك الآخر بيده. بعد ذلك، ارتفعت قوّة هذا السيف فتضاعفت نتيجة لذلك. أصبح نصلا ناريّا عملاقا للغاية محاطا بطاقة زرقاء كثيفة ومركَّزة بشكل لا يصدّق. لكن، لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ فقط.

رفع باسل من طاقة عنصر التعزيز فجعلها تبلغ المستوى الثالث عشر بالقسم المتوسط. وبذلك ازداد حجم الطاقة الزرقاء أكثر. وهكذا كان باسل قد انتهى أخيرا من الشحن، لكنّه لم ينتهِ بعد.

لقد كان يتحكّم سابقا في سيفين معا، لكنّه الآن يستخدم واحدا فقط. بمعنى أنّ تحكّمه المثالي سيكون بفعالية كبيرة للغاية على سيف أثريّ بالدرجة الثالثة. ولهذا تركَّز النصل العملاق كثيرا. كان يصل للخمسة أمتار فأصبح في لحظة واحدة يبلغ المتر الواحد.

"مازال ليس كافيا ! " استخدم باسل عنصر التعزيز أكثر في نفس الوقت مع تحكّمه المثالي. فكانت القوّة تزداد كثيرا وتُركَّزُ في نفس الوقت. اختفت الطاقة الزرقاء القريبة للأبيض التي كانت تحيط النصل الناريّ تقريبا وغدت كخيط عنكبوت، أمّا النصل في حدّ ذاته فتقلص للنصف متر.

عصر باسل نفسه واستخدم كل تركيزه وقدرة تحملّه في تركيز حجم هذا النصل. حدث كل هذا في الوقت الذي استغرقته العنقاء الطيفيّة للوصول إليه. وأخيرا، التقت العنقاء مرّة أخرى به مولّدة بذلك انفجارا ضخما للغاية.

*بووم*

كانت النار التي أحاطت بجميع الأسلحة التي كونت ذلك الوحش هائجة وبدت كأنّها تريد التهام كل شيء بالوجود. بذلك الوقت استخدم شهاب سعير إحدى إمكانيات عنصر النار التي كان بإمكانه استكشافها.

هذه الإمكانية كانت بسيطة للغاية، لكن لم يكن كلّ شخص بإمكانه فعلها. كانت هذه الإمكانية هي زيادة حرارة النار بأضعاف. ولهذا أرسل شهاب سعير طاقته السحرية أكثر إلى العنقاء الطيفيّة فبدأ لون النار بها يتغيّر من البرتقالي إلى الأبيض شيئا فشيئا.

وفي لحظة واحدة، تغيّر لون العنقاء الطيفيّة بالكامل. مع أنّ ألوان العناصر الأخرى كانت زاهية، إلّا أنّ لون النار الأبيض الذي غطاها كلّها فتخلّلته هي في المقابل جعل شكل الطائر يصبح مهيبا للغاية. أما قوته، فحرارته لوحدها كانت كافية لأي شخص أن يحس بعظامه تُشوى.

أصبحت النار البيضاء كنجم مشع يمكنه ابتلاع كل شيء. ازدادت كمّيتها وازداد اندفاع الطائر أيضا. شعر الجميع أن أيّ أحد يتعرض لتلك النار سيصبح رمادا لا محالة. لذا اعتقد كل المشاهدين أنّ باسل قد سبق وفارق الحياة.

لكن بعدما انجلى البخار الناتج عن التصادم، ظهر باسل بينما يطوف في السماء بالنيران تحت قدميه كالعادة وبجروح عديدة جديدة فقط. ومع ذلك، أكثر ما صدم الحاضرين كان هدوء باسل كما لو أنّه لا يتعرض لهجوم خارق. وبالنظر بشكل أقرب، لاحظ كل شخص أنّ هناك شيئا يحميه. كان كما لو تواجد هناك درع غير قابل للاختراق أمامه.

حدّق شهاب سعير إليه بارتعاد وتمتم بعدما رأى أنّ طائره الأبيض لا يستطيع اختراق دفاع باسل: "لا يمكن ! هذا غير معقول ! يجب أن يكون قادرا على صدّها إلا إذا كان في مستوى مرتفع للغاية أو جعل من ناره أكثر حرارة من الخاصّة بي. فكيف له أن يوقف ذلك الهجوم بمثل ذلك النصل الصغير؟" استطاع الأقدم الكبير أخيرا ملاحظة ما هو ذلك الشيء الذي يحمي باسل.

كان في تلك اللحظة يوجد نصل ناريّ بطول اليد فقط أمام باسل. كان هذا النصل يدور بسرعة كبيرة للغاية في مكانه مكونا بذلك دوامة ناريّة أحيطت بخيط رقيق كالخاصّ بالعنكبوت. كان هذا نتاجا للامتداد الكلّيّ، لكن بهذه التقنية لوحدها لم يكن ليكون باسل قادرا على صدّ مثل هذا الهجوم.

كان تحكّمه المثالي الذي بلغ درجة جديدة أحد الأسباب أيضا، فقوّة النصل الناريّ الصغير احتوت على طاقة عنصر النار الي بالمستوى الثامن، وطاقة عنصر التعزيز الذي كان بالمستوى الثالث عشر. كان عنصر التعزيز يعزّز في نفس الوقت عنصر النار أيضا.

كلّ ذلك جعل من ذلك النصل الذي تركّزت به قوّة كبيرة للغاية مدهشا كثيرا. فبدل أن يجعل القوّة متفرّقة، قرّر باسل تجميعها في نقطة واحدة مكونا بذلك دفاعا لا يُخترَق. وفوق هذا كلّه، استخدم فنّه القتاليّ لاستمداد الكثير من قوّة الدفع محوّلا إيّاها لقوّة خاصّة به.

ابتسم باسل ثم قال: "حان الوقت لأنّهاء هذا." شكّل رمح بأصابع يده اليمنى الخمس، ثم أرجع مرفقه للوراء قليلا. انتظر لوقت أطول حتّى مرّت حوالي ثلاثين ثانية. وبعد ذلك صرخ: "اخترق ! "

وجّه باسل ذراعه بسرعة كبيرة للغاية نحو النصل الناريّ الصغير. كانت سرعة ذراعه كبيرة لغاية استطاعته جعل الرياح تصفّر حوله.

*تنن*

رنّ صوت التقاء إصبع الوسطى مع طرف النصل الذي توقّف عن الدوران في الوقت الذي لمسه الإصبع تماما. ومباشرة بعد ذلك بدون أي تأخّر ولو لحظة، تحرّك النصل الناريّ الصغير بسرعة اخترقت الصوّت فبخّر الهواء بالأرجاء.

لم يستطيع أحد رؤيته وهو يتحرّك، وكل ما رأوه كان اختراقه للطائر الأبيض. كان هذا الأخير مكوّنا من آلاف الأسلحة السحرية، لكنّ عدده تقلص في لحظة واحدة بسبب النصل الصغير.

*تكطكتك*

كسر النصل المئات من تلك السيوف السحرية في لحظة ولم تنخفض سرعته ولا قوّته أبدا. حتّى أنّه لم يتأثر بحرارة النار البيضاء أبدا.

تكلم شهاب سعير غير مصدّق لما يراه: "كيف لهذا أن يحدث؟"

تحدث باسل في تلك الأثناء بينما لا يزال محافظا على وضعيته من السابق: "الأمر بسيط. قد تنفع نارك البيضاء بالمستوى العاشر ضد نار سحرة المستوى الثاني عشر حتّى، لكنّها بلا تأثير على نار سحرة المستوى الثالث عشر. فلو اعتقدت للحظة أنّ نار نصلي المعزّز بالمستوى الثامن فإنّك مخطئ. ذلك النصل الآن يحمل معه قوة نار تخصّ ساحرا بالمستوى الثالث عشر."

صدِم شهاب سعير ولم يستطع تصديق هذا الكلام، لأنّه مستحيل عمليّا. حتّى لو امتلك شخص ما طريقة لتعزيز ناره فلن يكون بمقدوره بلوغ هذه الدرجة لأن كمية الطاقة السحرية المطلوبة لذلك هائلة.

لكن شهاب سعير لم يكن يعلم أنّ باسل يملك طاقة سحرية خارجية غير محدودة. ولا يعرف أنّ تلك الجروح التي أصيب بها بعد التقاء هجومه بدفاع النصل هي في الحقيقة نتيجة لتعرض جسده وبحر روحه لطاقة العالم كثيرا.

ولم يكن هذا فقط، لقد كانت تلك نارا معزّزةً مركّزةً للغاية، لذا لم يكن ممكنا للطائر الأبيض هزيمتها أبدا. وهذا بدون الإشارة لقوّة عنصر التعزيز نفسها التي منحت النصل نفسه قوّة هائلة في الدفاع والهجوم زيادة السرعة، إضافة للفنّ القتاليّ.

كان هذا الهجوم من باسل كمستوى جديد للامتداد الكلّيّ. هذه المرّة استخدم الامتداد الكلّيّ على سلاحه نفسه. ولم يكن غريبا منه أن يستطيع التحكم في مثل هذا النصل المرعب، فهو قد اعتاد على التحكّم بعنصر التعزيز عالي المستوى بالفعل.

والآن، تحرّكت ذراع باسل للأعلى. بدا كأنّه يحاول تحريك شيء ثقيل كثيرا. كان ذلك نتيجة محاولته تغيير اتجاه ذلك النصل الناريّ الصغير. وهذا أوضح فقط كم هو قوّي هذا الهجوم.

بعد عدة تحرّكات لذراع باسل، كان النصل قد كسّر بالفعل جميع الأسلحة السحرية. ولم تعد ذات أي نفع. ومع ذلك، لم تسقط شظايا هذه الأسلحة من السماء وظلّت طافية؛ لأن تكسّرها هذا لم يعني أن صلتها مع الأقدم الكبير قد انفصلت، بل مازال لديها عقلا ممنوحا من شهاب سعير لذا لم تسقط. لكن لم تعد سحرية.

فقدَ شهاب سعير جزءا هائلا من قوّته، وما تبقّى له الآن كان مجرد معدن لا غير. لذا عبس وشحُب وجهه. لم يتخيّل أبدا أنّ باسل سيكون في الواقع قادرا على التفوّق على ناره البيضاء وأسلوبه الذي يفتخر به.

قال باسل بينما يحدّق إلى شهاب سعير بشكل مستمتع: "لقد كان من الجيّد مقاتلتك. فتلك الإمكانية التي أظهرتها لي أعلم عنها، لكنّني لم أرها من قبل. لذا ستسهل عليّ الكثير من الأمور الآن."

كانت إمكانية النار هذه في الواقع شيئا شائعا في العوالم الروحية. فبعد كل شيء، لقد كانت الإمكانية الوحيدة لعنصر النار. كانت فقط تحتوي على درجات.

عض شهاب سعير شفته ثم صرخ: "لا تغترّ بنفسك أيها الشقيّ. مازلت لم أخس..."

"لا." قاطعه باسل فجأة بصوت مرتاح: "لقد خسرت بالفعل."

كان شهاب سعير مغتاظا للغاية؛ قاتِلُ أخيه أمام عينيه لكنّه لا يستطيع قتله، وبدأ يشعر أنّه سيُقتل بدلا من ذلك. كان ذلك مخزيا كثيرا. نظر إلى باسل بكره عميق، سال الدم من شفته التي يعضها، وكاد أن يتقيّأ الدماء من الغضب.

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللقاء في الفصل القادم.

2018/04/30 · 957 مشاهدة · 1604 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024