153 – الإنقاذ

كان باسل يستخدم حاليا عنصر النار بشكل مستمرّ للتحليق، لكنّه استخدم كمية قليلة منه فقط وضخّمها بعنصر التعزيز. هكذا كان قادرا على البقاء طافيا لمدّة طويلة.

لم يُضِع باسل أيّ فرصة للتدرّب أبدا في أيّ وقت وأيّ مواجهة. دائما يشاهد ويحلّل كما تعلّم في السنتين اللتين أمضاهما مع معلّمه. كلّ معركة وقتال عبارة فرصة لتدريب جدّيّ. لكن لم يعنِ هذا أنّه يستهين بالعدوّ، فذلك كان دائما خارج الخيارات بالنسبة له.

أخرج شهاب سعير إكسير التعزيز وشربه، ومباشرة ارتفع مستواه للقسم الأوّليّ من المستوى الحادي عشر. كان في القسم المتوسّط من المستوى العاشر، لذا أقسى ما استطاع بلوغه هو ذلك بعد شربه للمعزّز.

نشر عنصر العقل في كل الأنحاء فامتدّ على السفينة الضخمة كلّها متوجّها نحو البحر. وفي لحظة، ارتفعت العديد من الأسلحة العادية إلى السماء منضمّةً للشظايا، ثم تحرّكت مياه البحر وارتفعت كمّيّات هائلة منها للأعلى كذلك فأحاطت بالأسلحة.

دارت المياه فجأة بسرعة كبيرة للغاية ثم كونّت قوّة دفع هائلة بعد مدّة من الوقت.

*دووف* *دووف* *دووف*

انطلقت آلاف الأسلحة العادية والشظايا تجاه باسل بسرعة كبيرة للغاية. بما أنها لم تكن سحريّة كان التحكم فيها سهلا باستخدام عنصر العقل وبشكل أكثر فعّال. وكذلك كان الحال مع المياه التي كانت كالمدافع والأسلحة رفقة الشظايا كالقذائف.

وفي ذلك الوقت، كان نصل باسل قد عاد لسيف أثري. وفي مواجهة هذا الهجوم، لم يضطرّ باسل أبدا لاستخدام هجوم كبير للغاية. مع أن الأسلحة التي تتحرّك بعنصر العقل حملت معها قوّة نار شهاب سعير، إلّا أنّها كانت مجرّد أسلحة عادية بعد كلّ شيء ولا يمكن مقارنتها بسلاح أثري.

لوح باسل فخلق ارتجاجا في الهواء فكسّر الأسلحة المتوجّهة نحوه كلّها بضربة واحدة. وفي ذلك الوقت وجد شهاب سعير خلفه فجأة. كان ذلك الهجوم مجرّد تشتيت للانتباه.

أحاط عنصر العقل بشهاب سعير فمنح جسده القدرة على التحليق. كان يتحكّم في جسده باعتباره شيئا مثله مثل الأسلحة. كان يحمل سلاحه الأثري ذا الدرجة الخامسة. أحاطه بعنصر العقل والنار في آن واحد ثم أطلقه بكلّ قوّته التي يملكها. كل هذا في لحظة واحدة.

انطلق سلاحه الذي كان رمحا بسرعة كانت أكبر بكثير التي انطلق الطائر الأبيض قبلا. كان شهاب سعير يضع كلّ ما يملك بهذا الهجوم. توهّجت النار البيضاء فبدا الرمح كنجم مشعّ. اتجه نحو باسل حاملا معه قوّة غير معقولة.

كان يشبه هذا الهجوم امتداد باسل الكلّيّ نوعا ما. كان شهاب سعير يستخدم حاليا عنصر العقل الذي زاد من سرعة الرمح بشكل خيالي. والنار البيضاء التي كان باستطاعتها تحويل سحرة المستوى العاشر لرماد.

اخترق الهواء وأحسّ كل المشاهدين بِحرّ لا يطاق.

كانت تلك نار بيضاء بالمستوى الحادي عشر. سيتحوّل سحرة المستوى العاشر أمامها لرماد بدون وسيلة دفاعية مؤهلة لاحتمال مثل هذا الهجوم.

ومع ذلك، لم يتوقّف شهاب سيعر عند هذا الحدّ فقط، بل واستخدم عنصر العقل للسيطرة على عقل باسل مانعا إيّاه من الحركة. استطاع فعل هذا لثوان قليلة فقط، لكنّها كانت كافية ليبلغ رمحه الأبيض باسل ويخترقه قاتلا إيّاه.

*زووش*

وصل الرمح لباسل بسرعة جنونيّة ثم اخترقه مطلقا انفجارات متعدّدة صنعت ضوضاء كبيرة وجعل العديد من الأشخاص يقهرون من شدّته وقوّته.

عاد الرمح ليد شهاب سعير الذي تنفس بصعوبة. كان ذلك أقوى هجوم يملكه على الإطلاق. إن لم تنجح هذه الهجمة فستتأكّد خسارته لا محالة. انتظر بفارغ الصبر الدخان لينجلي كي يرى مفعول رمحه. لقد أحس أنّه نجح في جرح باسل لكنّه لم يستطع إزاحة الشكّ عن قلبه حتّى يرى باسل. فحتّى مع الهجوم القاهر لم يطر جسد باسل وظلّ وسط الانفجارات.

انجلى الدخان وكان باسل يقف هناك محاطا بجروح كثيرة للغاية. ظهرت عظام ساعديه وانفلح اللحم عن ركبتيه وغطِّي بالدماء التي رُشَّت من جميع أنحاء جسده. بدا كأنه خرج من أرض الموت المشؤومة العتيقة بشق الأنفس.

عض شهاب سعير شفتيه ثم أحكم القبض على رمح الأثري. كان الضرر اللّاحق بباسل بالغا؛ فكان الأقدم الكبير سعير سعيدا لذلك. لقد نجح أخيرا في إصابة عدوه إصابة خطيرة.

تقيأ باسل الدماء واستخدم خاتم التخاطر: (هل نجحت؟)

أجابه شخص ما: (بالطبع ! )

كان ذلك صوت الجنرال رعد الذي تردّد صداه في عقل باسل. ومباشرة بعد ذلك انفجرت السفينة كما حلقت أفعى كوبرا مجنّحة من داخلها. اجتاحت السفينة وقتلت الجنود الذي عليها. لقد كانت تلك الأفعى وحشا سحريا بالمستوى الثامن ولم يكن سحرة المستوى السادس بمنافس لها إطلاقا. هذا بدون ذكر الساحرين اللذين يركبانها إذْ كانا بالمستوى الثامن بدورهما. ففي ثوان فقط سبق وأبيد معظم أولئك الجنود الذين فقدوا أسلحتهم السحرية.

نظر إليهم شهاب سعير وعضّ شفته ثم حدّق إلى باسل بكره عميق. لقد كان باسل يجذب انتباهه الكامل حتّى تُنقَذ أنمار بأمان فقط. لهذا لم يحاول الهرب حتّى وتلقّى الهجوم برحب الصدر.

فلولا انشغال شهاب سعير بباسل كلّيا وتركيزه على الهجوم الأخير بصفة كاملة لاستطاع الشعور بمحاولة كسر قيود أنمار وفجرها مباشرة قبل أن تهرب أنمار كلّيا. فلو كانت ستفرّ على أيّ حال، سيكون قتلها أو إصابتها بجرح قاتل أفضل بكثير.

طافت الأفعى بجانب باسل. وجّه هذا الأخير نظره إلى الفتاة الشقراء التي بادلته التحديق لبعض اللحظات التي مرّت عليهما كنهر من الزمن حمل عصورا غير منتهية. لم يقولا ولا كلمة واحدة، لكنّهما ظهرا كأنّهما سبق وفهما ما يريدان قوله. لم تكن هناك حاجة للكلمات بينهما بينما كانا يستطيعان حزر تفكير بعضهما بعضا.

انتهت أخيرا تلك اللحظة بينهما فأعاد باسل نظره إلى العدوّ ثم رفع ذراعه الحاملة لسيفه الأثري للأعلى قائلا: "أخبرني، ما هو مستوى أقوى هجوم سبق وتلقّيته؟ المستوى الثالث عشر؟ أم ربّما الرابع عشر؟"

أزاح شهاب سعير أسنانه عن شفته التي يعضها بتحريكه لفمه متكلّما: "ما الذي تثرثر به في هذا الوقت؟ ألا ترى أنّك في الموقف الخاسر هنا؟"

"خاسر؟" ابتسم باسل بالرغم من كلّ الإصابات البالغة التي تنتشر عبر جسمه كلّه ثم أكمل: "يبدو أنّك أسأت الظنّ قليلا. هل ظننت أنّك الشخص الذي أصابني بهذه الجروح؟"

صرخ شهاب سعير بما أنّ الفتى الشبه ميّت يحاول التظاهر بامتلاكه اليد العليا: "لا تحاول التحايل أيها الصعلوك. لقد تقرّر مصيرك. فلتمت بهناء أو سوف ترى الجحيم قبل أن تبدأ في ترجّي الموت السريع."

وبهذا، رفع شهاب سيعر رمحه الأثري أيضا ثم استعد لهجوم آخر. لكن حينذاك لاحظ أخيرا شيئا غريبا بباسل. انطلق من جسد الفتى الذي أمامه كمّيّة هائلة من الطاقة السحرية وجعلته يرتعد فأحسّ أنّه مجرد حشرة لا غير أمامها.

كانت تلك الطاقة السحرية بمستوى مرتفع للغاية ومن بعد آخر لا يستطيع بلوغه حاليا أبدا. لم يشعر حتّى وجد نفسه محلّقا مبتعدا عن هاته الطاقة السحريّة التي جعلت جسده يهتز من الرعب والفزع. أحسّ بالهول المطلق الذي اتخذ "الموت" اسما له يقترب منه في كلّ لحظة تمرّ.

وفي ذلك الوقت، سقط على مسمعه كلمات أتت من باسل فجعلت جسمه وعقله يضطربان أكثر: "لا تزال لم تجبني عن سؤالي بعد. وهل تظنّ أنني سأتركك تهرب؟ لقد قمت بهذا الخطأ لمرّة ولن أعيده."

لوّح باسل بسيفه الأثري فامتد عنصر التعزيز لوحده حاملا معه تلك الطاقة السحريّة الهائلة مارّا عبر شهاب سعير في لحظة.

*زباام*

قطِعت رجلي الأقدم الكبير وسقطتا أمام عينيه في البحر. استطاع في آخر لحظة تجنب الإصابة المباشرة من امتداد باسل الكلّيّ الذي تشكل كسيف أزرق فاتح أقرب للأبيض الذي كان يمكنه قطع كلّ ما يوجد في طريقه. كان ذلك عنصر التعزيز الذي امتدّ مشكّلا نسخة ضخمة من السيف الأثري.

لم يعلم شهاب سعير حتّى الآن ما الذي يحدث ومهما حاول التفكير بشكل منطقيّ لم يستطع إيجاد تفسير لكمّيّة الطاقة السحرية المهولة هذه. أكانت تلك من المستوى الرابع عشر؟ لا. لقد كانت أعلى من ذلك. كاد عقل شهاب سعير ينفجر من الهلع.

تخلّى عن رجليه ولم يفكّر في استعادتهما حتّى. لحظة توقُّفٍ منه فقط ستعني موته الأكيد. وفجأة، صنِعت ضجّة في الأفق البعيد واقترب ظِلّ ضخم بسرعة كبيرة للغاية.

*وووووش*

*باام* *باام* *باام*

لاحظ باسل ذلك الوحش السحريّ الذي يقترب في الأفق وضيّق عينيه ثم صرخ: "كما لو أنّني سأسمح لهذا بالحدوث ! "

رفع سيفه الأثري واستخدم كلا عنصريه هذه المرة ولوّح بكامل القوّة التي لا يزال يمتلكها.

*زبووم*

صُنِعت ضوضاء أخرى وتشكّل سيف عملاق خلف الأقدم الكبير شهاب سعير. كان هذا السيف ناريا معزّزا يمكنه محو سحرة المستوى الحادي عشر حتّى في لحظة.

أتى صوت من الوحش البعيد بأميال: "لا ! "

وبنفس الوقت، صرخ شهاب سعير: "لا... ! " وبدون أن يكمل عولته، كان قد أصبح رمادا من طرف السيف الناريّ المعزّز الذي لم يستطع فعل أي شيء أمامه.

مباشرة بعد ذلك صرخ باسل منقِلا صوته عبر الأميال: "يا فضيلة كرم، لقد هربتِ المرّة الماضية لتنجي بحياتك وأردت فعل المثل لرفيقك ! لكن للأسف أنا أحرص على عدم الوقوع في نفس الخطأ لمرّة ثانية. فهكذا عُلِّمت."

عبست فضيلة كرم التي كانت تركب الرخ في الأفق واعتلتها نظرات قاتلة، لكنّها شعرت أيضا بالطاقة السحرية المتدفقة من باسل والهجوم الذي استطاع إنشاءه، لذا أغمضت عينيها كما لو أنّها تحاول مسح شهاب سعير من عقلها وأمرت بكلمة: "العودة."

توهّج طوق ضوئي حول عنق الرخ العملاق واستدار عائدا من حيث أتى مختفيا في لحظة.

كان ذلك الرخ وحشا سحريّا بمستوى مرتفع ولم تكن بالطبع فضيلة كرم هي مستدعيته. ولهذا كان لديها عدد محدّد من الأوامر التي منحت لها لتستخدمها على الرخ من طرف مستدعيه الحقيقيّ.

أتت إلى هنا بعدما استوطنها الشكّ وعلمت أخيرا سبب غياب شهاب سعير، لكنّها كانت متأخرة في ذلك. مات أقدم كبير آخر وضعُفت قوتهم الهجوميّة. إضافة إلى اكتشافها للقوّة المروعة التي يمتلكها باسل حاليا. لو أرادوا الآن القيام بأيّ خطوة فعليهم التفكير في ذلك لألف مرّة قبل التجرّؤ على الأخذ بها.

أخرج باسل إكسير العلاج وشربه بعدما قال للجنرال رعد: "سوف نعود للوقت الحالي. سأحتاج للراحة لبضعة أيام، لكنّني سأحتاج مساعدة منك. أريدك أن تبقيني واعيا."

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2018/05/09 · 1,019 مشاهدة · 1504 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024