166 – أزهر شيرايوكي

*انكسار*

اختفى ظلّ الشيطان فكان في اللحظة الثانية أمام ذلك الشخص الذي ظهر. اعتلت هدّام الضروس ابتسامة فخورة ثم حدّق إلى الشخص أمامه بعينيه السوداوين، قائلا: "لم أكن أظنّ أنّني سأراك الآن ! " امتدّت يده بعدئذ نحو هذا الشخص.

وفي هذه اللحظة، توقّف الجميع عن الحركة كلّيّا ليروا ما الذي يحدث بالضبط. تساءل العديد من الأشخاص عن هوية هذا الشخص. وأخيرا استطاع أحد ما معرفة هويّته فصرخ: "إنّها أميرة إمبراطورية الأمواج الهائجة أزهر شيرايوكي ! "

تعجّب الجميع من هذا المنظر ولم يعلموا ما الذي يدور حوله كلّ هذا. لِمَ توقّف الأقدم الكبير زئير في آخر لحظة بعدما كاد يقسمها لنصفين وارتعد بسبب ذلك بعدئذ؟ كانت هناك العديد من الأسئلة الي تجول خاطر المشاهدين، والتي لم يعلم جوابها سوى قلّة فقط.

فحتى الآن، لم يعلم احد عن اختطاف الأميرة شيرايوكي سابقا سوى الشخصيات الكبرى والمعنيين بالأمر. وعلى رأسهم كان الإمبراطور شيرو، أبوها الذي كان على شفى الموت أيضا مثله مثل الآخرين من مجموعته.

ومع ذلك، عندما ظهرت ابنته العزيزة رفع رأسه الذي كان موجَّها نحو الأسفل قبل قليل، ثم جمع أنفاسه ليتكلّم: "شيرايوكي... ما الذي تفعلينه هنا؟ أنا متأكّد من أنّني تركتك في القصر الإمبراطوريّ قبل مغادرتنا."

تطاير شعر الأميرة شيرايوكي الأبيض بالرياح، ولمعت عيناها البيضاوان، ولم تزح نظرها عن الشخص الذي أمامها، هدّام الضَّروس. تلاقت أعينهما مباشرة، فشعرَتْ بالرعب مرّة أخرى، ولكنّها تغلّبت عليه بسرعة كبيرة هذه المرّة. حاربت مخاوفها، وفتحت ذراعيها، ثم صرخت: "أنا أميرة إمبراطورية الأمواج الهائجة الصغرى، أزهر شيرايوكي. ولن تتقدّم خطوة أخرى إلّا وعلى جثّتي ! "

ارتدّ صوتها في الأرجاء وعمّ الصمت للحظات. لقد حملت كلماتها عزما ملهما، وكانت كمحور لملحمة ألقاها خير الشعراء. سطع بيوضها وبدت كشمس انبثقت بقلب هذا العالم. كانت نظراتها راسخة على ظلّ الشيطان أمامها، فتحدّته بها وأثبتت حزمها.

تكلّم الإمبراطور شيرو بينما يتقيّأ الدم مرّة أخرى ونظراته أشحب عمّا كانت عليه بسبب جروحه: "لقد تركتك مع إخوانك وأخواتك ضمانا لحياتك ومستقبل إمبراطوريتنا. ما الذي جئت من أجله إلى هنا أيتها الابنة الغبيّة."

لم تلتفت الأميرة شيرايوكي إلى أباها، ولكنها قالت في وجه هدّام الضروس مجيبة إيّاه لكنّها بدت تخاطب ظلّ الشيطان: "إذن أبدو غبيّة الآن؟ قد يكون معك حقّ يا أبي. فهذه الحرب التي أمقتها بدأت أجدها معلّلة أيضا."

أكملت محافظة على نفس النظرات: "وبالطبع، لقد أتيت إلى هنا لسبب واحد. يمكنك القول أنّني استفقت أخيرا من أحلامي الواهمة."

لم تختفِ ابتسامة هدّام الضَّروس طيلة الوقت، بل وازدادت فرحا مع مرور الوقت وتصرّفات الأميرة شيرايوكي الشاخصة. أوقف يده التي امتدّت نحوها سابقا فأعادها. تطلّع إلى رسوخها ثم قال أخيرا: "يبدو أنّنا التقينا ثانية. عندما علمت أنّك هربت، لم أغضب ولو قليلا بسبب ذلك. أتعلمين لماذا؟" وضع يده على صدره ثم أكمل: "لأنّني أعلم أنّك ستعودين إليّ في نهاية المطاف."

أنزل ذراعه من على صدره ثم أضاف: "لقد سبق وأخبرتك في لقائنا الأول. أخبرتك أن تكوني فخورة عاتية. وإنّني لَأُؤْثر المرأة الزاهية المزهوّة."

تقدّم خطوة إلى الأمام، ومع ذلك لم تتزحزح الأميرة شيرايوكي أبدا بالرغم من أن خطوته تلك كانت تهزّ قلوب الشجعان وترنّح عزيمتهم. بدا كأنّه يحاول اختبارها بإلقائه نيّته وهالته عليها.

أكمل قائلا: "في المرّة السابقة، سقطتِ فاقدةً الوعي بعدما قمت بنفس الشيء. ولكن انظري إليك الآن، يبدو أنّك بدأت تكملين الأوصاف التي أريدها. يجب أن تحمل كِبرا ينافس الذي لديّ وإلا ستغرق في ظلماتي بسهولة."

أضاف خطوة أخرى فازداد الضغط باقترابه. بدت كلّ خطوة يقترب بها إليها كحمل عظيم يزداد على كاهلها. ومع ذلك، ثبتت في مكانها كأنّها جبل يستطيع تحمّل كلّ المشاقّ ولو سقطت السماء فسيظلّ راسخا.

أضاف ظلّ الشيطان: "وقوفك أمامي بكلّ فخر هكذا خير دليل على ذلك. ولاسيما تقديم نفسك بكلّ زهو، الشيء الذي لم تفعليه في لقائنا السابق، وكنت الشخص الوحيد الذي قدّم نفسه."

زاد خطوة أخرى فلم يتبقّ بينهما سوى خطوة واحدة ليتلامس جسداهما. قال أخيرا بعدما نظر إليها عن قرب شديد جاعلا بنظراته العديد يسقط في غرامه والكثير يرتعب من هيبته: "ولكن، هناك شيء واحد نسيتِ القيام به. عندما قدّمتُ نفسي إليك، لقد أخبرتك أنّني أنا هدّام الضَّروس زوجك، وأنّك زوجتي. وها أنا ذا أنتظر، إنّه دورك الآن."

أحسّ كلّ الشخص ظلام عميق في عينيه السوداوين، ويقبع خلفه هاوية تلتهم كلّ من نظر إليها. ومع ذلك، بالنسبة للأميرة شيرايوكي التي سبق ومرّت بهذه التجربة، إضافة إلى نموّ عزيمتها الواضح والمبهر، لم تُزِل نظرها عنه أبدا واستمرّت في النظر إلى تلك الهاوية محافظة على نفسها بدون أن تُلتَهم.

بدأ هدّام الضَّروس يخطو الخطوة الأخيرة، وهذه المرّة جعل من نيّته وهالته في أقصى درجاتها. كان وقوف الأميرة شيرايوكي أمام مثل هذا الوجود شيئا قريبا للمعجزة. ومع ذلك، كان وجهها قد شحُب وظهرت عليها آثار الإرهاق. بدأ يختفي بهْرها كالشمس التي شارفت على الاختفاء في نهاية غروبها. أصبحت عزمها وحزمها يضعفان شيئا فشيئا.

ومع تلك الخطوة التي بدت كأنها أخذت عمرا لتبلغها، كانت الأميرة شيرايوكي قد خفتت وكادت تُلتَهم أخيرا. وفي ذلك الوقت، أضاءت السماء بضوء آخر كما لو أنّ الشمس اقتربت من السماء.

كانت الحرارة الناتجة عن تلك الإضاءة حارقة، فابتعد جميع من كان ضعيفا وهرب ليتظلّل. وتبقّى فقط أولئك من هم أرفع من المستوى السابع، ومع ذلك كان شاقّا عليهم أيضا البقاء.

*باام* *بووم*

مع انفجارين متتاليين، اختفى مركز الإضاءة من السماء ليكون فجأة أمام الأميرة شيرايوكي، وهدّام الضروس الذي كان أمامها لم يعد موجودا، وكذا الحال نفسه مع قدمائه الكبار الثلاثة.

كانت هذه الإضاءة عملاقة للغاية، وحجبت الرؤية على الأميرة شيرايوكي التي لم تؤثر عليها هذه الإضاءة بسبب كبح ما. جاهدت لتحصل على رؤية واضحة، فرفعت رأسها لامحة بذلك أخيرا من أمامها.

لقد كان ذلك باسل، أو يجب قول المجسّم العملاق الذي اتّخذ شكله.

تكلم باسل الذي كان في مركز ذلك المجسم بصوت عميق دبّ الرعب في الأعداء وزاد من ثقة الحلفاء: "لا تحدّقي طويلا إلى الهاوية حتّى لا تلتفت إليك."

حدّقت إلى باسل بعينيها اللتين خفت فيهما الضوء مشيرا إلى اقترابها من فقدان وعيها، ولكنّها لم تسمح لنفسها أبدا أن يغمى عليها. عضت شفتها حتى حفرت أسنانها بها فسال الدم منها، فاستفاقت بذلك مرّة أخرى.

أرادت أن تشاهد باسل لوقت أطول؛ أرادت أن تراقب هذا الفتى الذي يقارب عمرها؛ أرادت أن تعلم ما مصدر عزمه وحزمه ذاك؛ أرادت أن تشهد ما سيبلغه؛ أرادت أن ترى ما يفعله؛ أرادت أن ترى بعينيها بعدما تغيّرت نظرتها إلى هذا العالم إلى هذا الشخص الذي حقدت عليه قبل أن تعرفه أو تلتقي به حتّى لأنّها علمت عمّا فعله.

اعتقدت أنّها كشخص علم أخيرا أنّه لا مفرّ من القتال في بعض الأحيان، يجب عليها مراقبة شخص علم ذلك في وقت سابق. والمثال الأفضل لذلك في هذه الحالة كان باسل، الفتى الذي حكمت عليه دون النظر إليه. لذا قرّرت أنّها ستنظر هذه المرّة بكلّ حرص وتتعلّم.

حدّق كذلك الإمبراطور شيرو إلى ابنته التي تغيّرت كثيرا عمّا كانت عليه، ووجّه بعد ذلك نظره إلى باسل فرمقه لوقت طويل.

وقفت أنمار بالرغم من إصابتها الشديدة وتقدّمت إلى الأمام ثم وقفت بجانب المجسّم العملاق، ولم تحتج للنظر إلى باسل كي يفهم مقصدها.

بدأت تشحن طاقتها السحريّة إلى أوجها كما أدارت التعاويذ الذهنية الروحية. كانت تجمع كلّ ما تبقّى لها من طاقة إلى آخر قطرة. كانت عازمة على مساعدة باسل في هذا الهجوم الأخير لها.

وبعدما استعدّت جيّدا أخيرا، التفت إلى الأميرة شيرايوكي ثم قالت بعدما حدّقت إلى عينيها مباشرة: "لقد رأيت مثل نظراتك أكثر من مرّة في حياتي، لذا سأقول لك شيئا يجب عليك وضعه في عين الاعتبار، لا، بل ترسيخه في قلبك. يمكنك مشاهدته كما تحلين، ولكن لا تقعي في غرامه."

"ها؟" تعجّبت الأميرة شيرايوكي مما جاء من فم أنمار ثم قالت بغضب: "لمَ سأقع في حب مثل هذا الشخص؟"

ابتسمت أنمار ثم أجابت: "لأنّه مثل هذا الشخص ! "

*انكسار*

انكسر الهواء مرّة أخرى كأنّه زجاج فظهر في اللحظة التالية ظلّ الشيطان في السماء بحيث كان يقابل باسل، ثم قال بهدوء حمل غضبا شديدا: "أيا فلان، ألا تعلم أنّ هناك وقتا لكلّ شيء؟ ألم تراني مشغولا بإغراء زوجتي؟"

"هاهاها ! " ضحك باسل ثم قال: "إنّ هذا لمضحك يا هذا. تراني أهتمّ ! وفوق ذلك، أتسمّي ذلك إغراءً؟ يبدو أنّ أحدهم لم يتلقَّ بعضا من الدروس المهمّة."

رفع ظلّ الشيطان ذراعيه ثم قال: "أيا فلان، أنا بطبيعتي أستطيع كسب كلّ شيء. لا أحتاج إلى أيّ خدع."

ابتسم باسل ثم قال: "فرض طبيعتك على امرأة ليس شيئا جميلا يا هذا. قد تكسبها، لكنّك لن تملك جوهرها."

اتّخذ المجسّم وضعية قتال، فأرجع ذراعيه للخلف، وأطلق عدّة لكمات متتالية. ومباشرة بعد ذلك، ظهرت عدة قبضات بنار زرقاء كالتي يتكون منها المجسم العملاق، وحملت عنصر تعزيز بطاقة لا تصدّق جعلت ظلّ الشيطان نفسه يندهش كثيرا.

وعندما نزلت هذه القبضات على هدفها، انفجرت منها أعاصير، كلّ واحد منها دار بسرعة قاطعة وحرق بالنار التي حملها معه كلّ شيء، وسحق بعنصر التعزيز كل ما لمسه.

كان عنصر التعزيز هذا مرتفعا للغاية، ولم يستطع هدّام الضَّروس تحمّله بسهولة، فاضطرّ إلى استخدام كلا عنصريه وطاقتهما في أوجهما بسيفيه الأثريين ذوي الدرجة السابعة.

كوّن نجوما وأقمارا فصنع عوالم ين ويانغ بسرعة كبيرة. ثم كوّن من كلّ ذلك حاجزا كبيرا بدا كمجرّة. صغُرَت المجرّة وأحاطت به فحمته من كلّ أذى.

ولكن، من دون أن يدري، كانت هناك بعض الأعاصير المزيّفة بين الحقيقيّة، ولم يلاحظ إلّا متأخّرا. فبعض الأعاصير الحقيقيّة مرّت به وبلغت القدماء الكبار الثلاثة خلفه، فسقطت عليهم بقوّة لا يمكن تحمّلها من طرف سحرة بالمستوى الحادي عشر أو الثاني عشر مثلهم. وبكلّ تأكيد، أصيبوا إصابة بالغة أن لم يكونوا ماتوا.

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2018/07/07 · 929 مشاهدة · 1489 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024