167 - معاناة الأميرة شيرايوكي

167 – معاناة الأميرة شيرايوكي

وفي الواقع، لم يكن السبب هو الأعاصير لوحدها، ولكن كان أيضا فنّ أنمار القتاليّ الأثريّ 'سحق الأرض'. لقد كانت قد أدارت تعاويذها الذهنيّة الروحيّة لوقت طويل وجمعت قوّة كافية لتخترق كافّة دفاعات القدماء الكبار الثلاثة. وبالطبع، استخدمت عنصر الوهم على هجماتها كما فعلت على هجمات باسل.

كان ذلك هجومهما المتناسق، وكان مدمّرا جدّا. فمع أنّ حالة أنمار سيّئة، إلّا أنّها استطاعت القيام بهجمة أخيرة تعتبر إفادة كبيرة لهم في هذه الحرب.

حدّق هدّام الضَّروس إلى جهة القدماء الكبار الثلاثة منتظرا انقشاع الغبار ليرى حالتهم. وعندما ظهروا أخيرا، وجد أن من نجى كان اثنين وواحد مات بالفعل. كان الشخص الذي مات هو الأقدم الكبير زئير.

بقي الكبير ديميور حيّا بسبب عنصر التعزيز الخاصّ به الذي كان السبب الأكبر في امتلاكه دفاع أبقاه على قيد الحياة، خصوصا بإضافته لعنصر النار. وكذلك فعلت فضيلة كرم عن طريق استخدامها فنّها القتاليّ في آخر لحظة عبر الانسلال في الظلال للفرار من الموت المؤكّد.

ومع ذلك، لم يسلما بدون أيّة جروح، بل وكانت جروحهما خطيرة. وبسبب هذا، وصل غضبهما إلى حدّه كما حدث لغضب سيّدهما هدّام الضروس.

لقد كان ظلّ الشيطان يغلي في مكانه من الغيظ، ونظر إلى أنمار بعينين باردتين مطلقا نية قتله تجاهها، وبذلك كان قد وضعها كهدف ذي أهميّة قصوى. لا يُخدَع في المعارك كثيرا، بالأحرى، لم يسبِق له أن خدِع على الإطلاق، ولكن هذه الفتاة قامت بذلك بكلّ بساطة دون أن يدري.

أدار تعاويذه الذهنيّة الروحيّة ثم كسر الهواء لمرات متتالية دون توقف حتى أصبح لا يرى لأيّ أحد من المشاهدين. وفي اللحظة التي استطاعوا أخيرا رؤيته بها، كان يقف بالفعل أمام أنمار مباشرة، شاحذا سيفيه بعنصريه، ومستعدّا للتلويح بهما.

ولكن، كان هناك شخص قد استطاع تتبّعه، وبالطبع كان هذا الشخص هو باسل. لذا ركله باسل عبر المجسّم العملاق في نفس اللحظة التي ظهر بها ثم تبعه باستخدام فنّه القتالي الأثري. أنتج قوّة دفع في كلّ خطوة يخطوها، ثم أدار هذه القوّة لتزيد من سرعته وثقله. فبدا كأنّه يقود الرياح راكبا إيّاها.

*انكسار* *انكسار* *انكسار*

*بووم*

لم يعلم باسل متى حدث الأمر، حتّى كان هدّام الضروس قد انتقل إلى ورائه وأطلق عليه هجوما أرعب الحاضرين بهوله. لقد كان ذلك الهجوم مرعبا للغاية.

كان ذلك سيفين عملاقين يبدوان كأنهما نسخة مكبّرة من اللذين في يديّ هدّام الضَّروس. نزل هذان السيفان على المجسم العملاق ثم قسماه لاثنين وخلقا انفجارا هائلا.

وعلى عكس هجمات امتداد باسل الكلّيّ، لم يختفِ هذان السيفان، بل وشقّا طريقهما نحو باسل من أجل القضاء عليه نهائيّا. لقد كان كهلالين حقيقيين، واختلفا فقط بلونهما الأرجوانيّ الذي غطاهما بسبب عنصر الدمار.

قطعا كلّ ما في طريقهما دون أن يستطيع شيء إيقافهما. كما لو أنّهما نصليْ أحد العمالقة الجبابرة. كلّ شيء يتعرّض لحكمهما ينقضِ.

بلغ الهلالان الأرجوانيان باسل ثم نزلا عليه من كلتا الجهتين دون ترك أيّ مهرب له، ثم جلبا معهما طاقة الدمار التي بدأت تحاول محق وجود باسل نفسه، وطاقة عنصر التعزيز الذي أسرعت وقوّت ذلك.

شغّل باسل رمحه الخشبيّ شاحنا إيّاه بطاقات عناصره الثلاثة في آن واحد، ثم أداره بسرعة كبيرة واستخدم فنّه القتاليّ في نفس الوقت، وعندما كاد يضربه السيفان، اخترق الأرض بالرمح فولّد موجة ارتدّ بها كلّ شيء حوله وجعل من المكان يهتزّ كأنّ زلزالا يستطيع هدم الجبال يحدث.

احتك الهلالان الأرجوانيان بهذا الارتداد قبل أن يرتدّا أخيرا. وبسبب هذا، اختفيا أخيرا واندثرت طاقتهما تماما.

حدّق هدّام الضَّروس إلى باسل بعبوس ثم قال: "من أين تأتي بكلّ تلك الطاقة السحريّة؟ أنا لا أفهم ما يحدث هنا ! كيف لعنصر التعزيز الخاصّ بك أن يبلغ مثل هذا المستوى؟ إنّه بمسوى أرفع من المستوى الرابع عشر بكثير. ما الذي يحدث هنا بالضبط؟"

حدّق إليه باسل للحظة ولم يجبه، وبدل ذلك انقضّ عليه بسرعة كبيرة جدا.

*باام* *انكسار* *بووم*

اختفى الاثنان عن الأنظار وتبقّت فقط الأصوات التي تنتج من تصادمهما العنيف، والذي شق الأرض أسفلهم وهز السماء فوقهم. كان قتالا عنيفا جدا، ولم يكن بيد أيّ أحد حيلة فيه. كان أعلى من مستواهم بكثير.

لقد كان هدّام الضروس ساحرا بالمستوى الرابع عشر، بعنصر التعزيز وعنصر الدمار، أقوى عنصرين في هذا العالم على الإطلاق، وفنّه القتاليّ الأثريّ. وفي المقابل، كان باسل في المستوى الثامن بعنصري النار والرياح، وبعنصر التعزيز غير معلوم المستوى، إضافة لفنّه القتالي الأثريّ أيضا.

لقد كانت هذه هي أقوى معركة في تاريخ هذا العالم على الإطلاق، ولم يسع المشاهدون سوى الانبهار كثيرا ورؤية ما آل إليه عالمهم. لقد كان هذا حدثا تاريخيّا مهما كان الفائز، ولم يكن أيّ ساحر يريد أن يفوّته أبدا. سينوّر مثل هذا القتال طريقهم ويريهم إمكانيات جديدة يمكنهم بلوغها.

بدأ يغمى على أنمار في هذه الأثناء بسبب استفراغها طاقتها السحرية، وسقطت على الأرض باقية بدون أيّ دفاع. وعندما رأى الأقدمان الكبيران اللذان ما زالا بعافيتهما حاليا، احمرّت عيناهما وانطلقا بأسرع ما أملكا. لقد كان هدفهما الأوّل هو القضاء على أنمار قبل أن تتعالج مرّة أخرى لأنهم يعرفون خطورتها عليهم.

شرب الأقدمان الكبيران إكسير التعزيز، ثمّ سارعت فضيلة كرم عبر الظلال والكبير ديميور باستخدام عنصر التعزيز والنار، فوصلا إلى أنمار في لحظات قليلة فقط. انبثقت القدمى الكبيرة من الظلال ووجّهت رمحها ثلاثي الشعب والمشحون بعنصريّ الظلام والسحاب تجاه أنمار، كما وثب الأقدم الكبير ديميور بجسده الضخم.

كلّ ما كان ينتظر أنمار في هذه اللحظة هو الموت الأكيد لا غير. ومع ذلك، توقّف القدماء الكبار مرّة أخرى بسبب ذلك الشخص كما حدث للأقدم الكبير زئير سابقا. سبقتهما الأميرة شيرايوكي ورمت بجسدها على جسد أنمار حامية إيّاها.

لفّت جسدها على أنمار بقوّة كما لو أنّ حياتها تعتمد على ذلك، وصرخت مغمضة العينين: "إن أردتما حياتها، فيجب عليكما سلب حياتي أولا."

لقد كانت الأميرة شيرايوكي تعلم تماما ما تفعل. فبالنظر إلى ما حدث سابقا مع الأقدم الكبير زئير، علمت أنّ القدماء الكبار لا يستطيعون قتلها. وبالرغم من أنّ ذلك كان احتمالا ضعيفا أن يحدث مرّة أخرى مع هذين الأقدمين الكبيرين، خصوصا وهما في أعماق الغضب، إلّا أنّها لم تتردّد ولو للحظة في القفز من أجل حماية أنمار.

فتحت الأميرة شيرايوكي عينيها في تلك الأثناء ثمّ نظرت إلى أنمار وتذكّرت ما فعلته من أجلها سابقا عندما جعلت من نفسها طعما لتستطيع هي والآخرون الهرب. لقد بقي ذلك العمل البطوليّ من أنمار مرسّخا في عقلها، وكان وسيكون دائما دافعا لها لأن تمضي في قناعاتها الجديدة.

صرخت فضيلة كرم مباشرة بعد ذلك: "ابتعدي عن طريقنا أو ستجدين نفسك في موقف لا تحسدين عليه."

أغمضت الأميرة شيرايوكي عينيها مرّة أخرى ولم تتحرّك أبدا عن مكانها ولبثت فيه كأنّه ما يبقيها على قيد الحياة. كانت متشبّثة بهذا الأمر بقوّة.

حدّقت فضيلة كرم إليها بغضب ثم قالت إلى رفيقها: "أيها الكبير ديميور، الباقي عليك."

بقيت الأميرة شيرايوكي مغمضة العينين، ولكنّها فتحتهما مباشرة بعدما صدر صوت جعل قلبها يهتزّ كثيرا. لقد كان ذلك الصوت قادما من أبيها. نظرت إلى جهته فاتسعت حدقتا عينيها أكثر من الهلع.

لقد كان الكبير ديميور يحمل أباها من عنقه، وكان يستطيع إنهاء حياته في أيّ وقت شاء. ولكن الإمبراطور شيرو صرخ بالرغم من حالته العويصة: "من أجل الفوز بهذه الحرب، يجب أن تبقى تلك الفتاة حيّة يا شيرايوكي مهما حدث. أنا أصبحت مجرد عقبة في الطريق الآن بما أنّني في هذه الحالة وقد عولجت لمرّة مسبقا، لذا سيكون موتي أفضل من بقائي. لا تتحرّكي أبدا وحافظي على حياة تلك الفتا..."

سعل الإمبراطور شيرو الدم بعدما عصر الكبير ديميور قبضته أكثر، وحدّق إلى الإمبراطور شيرو باحتقار قائلا: "أنت تتكلّم كثيرا بالنسبة لرجل على شفا الموت."

أخذت فضيلة كرم وضعية الاستعداد ثم قالت بصوت بارد: "ابتعدي عن طريقي. أنت تعلمين الآن ما سيحدث لو لم تفعلي ! "

ارتعدت الأميرة شيرايوكي عندما فكرت بهذا الأمر، ولكنّها منعت دموعها من النزول، ثم زادت من قوّة شدّها لأنمار وبدأت تطلب السماح من والدها. فحتى لو أخبرها بأن تفعل ذلك، لم يكن ذلك شيئا سهلا على ابنة القيام به لأب مثله.

عصر الكبير ديميور عنق الإمبراطور شيرو أكثر بينما تردّد فضيلة كرم كلمة "ابتعدي" على مسامع الأميرة شيرايوكي بجانب صراخ والدها المريع. عضّت الأميرة شيرايوكي شفتها السفلى ولم تبتعد أبدا عن أنمار. كانت معاناتها في هذه اللحظات قاسية للغاية ولا تحتمل.

توقّف أبوها عن الصراخ بسبب قوّة القبضة التي شارفت على أخذ حياته، ونظر مرّة أخيرة إلى ابنته بعينيه الداميتيْن ثم ابتسم راضيا عمّا تفعله. وجّه نظره مرّة أخرى إلى الكبير ديميور ثم بصق الدم المتجمّع في فمه على وجهه.

وبعد تلك اللحظة، كُسِر عنق الإمبراطور شيرو مباشرة. فانهمرت الدموع من عينيْ الأميرة شيرايوكي ودوى صراخها في أنحاء ساحة المعركة. ومع ذلك، لم ترفع رأسها أبدا واستمرّت في حماية أنمار. لم تودّع أباها حتّى بالشكل المطلوب، ولم تشهد نهايته أيضا، وواكبت الصمود في وقاية أنمار.

كان باقي أعضاء مجموعة الجنرال رعد في حالة يرثى لها، ولم يكن بيدهم شيء لفعله. كان معظم الرؤساء غائبين عن الوعي، وكان فقط الجنرال رعد والكبير أكاغي إضافة للإمبراطور غلاديوس من استطاع المحافظة على وعيه. ومع ذلك، لم يكن لديهم أيّ قدرة على التحرّك فما بالك بحماية الإمبراطور شيرو.

شعر كلّ واحد منهم بالغيظ ونظروا إلى الكبير ديميور بحقد عميق. أرادوا الثأر للإمبراطور شيرو ولكنّهم كانوا عاجزين.

حدّق باسل من بعيد إلى ما حدث، ولكن لم يكن هناك ما بيده فعله أيضا. جلّ تركيزه وقوّته كانت على ظلّ الشيطان. تحسّر في مكانه وزاد غضبه ثم انقضّ على هدّام الضروس بشراسة أكثر.

حدّقت فضيلة كرم إلى الكبير ديميور ثم قالت: "التالي ! "

خطى الكبير ديميور ثم حمل الكبير أكاغي من عنقه أيضا، وبدأ يفعل ما فعله للإمبراطور شيرو، بينما توقّفت فضيلة كرم عن إلقاء كلمة "ابتعدي" واكتفت بالمشاهدة فقط. فليس هناك حاجة لأن تقول أيّ شيء، الأفعال ستحسم كلّ شيء.

صرخ باسل من بعيد: "توقف ! "

وكذلك فعل العديد من الأشخاص. وفي هذه الأثناء انقضّ الجنرال منصف من حيث لا يدري أحد. لقد كان علاجه قد انتهى أخيرا، فتحرّك مباشرة بعد ذلك متّجها بسيفه نحو قلب الكبير ديميور.

شحن الكبير ديميور عنصر التعزيز والنار معا في ذراعه، ولوّح بها في الجهة التي قدِم من الجنرال منصف. ضُرِب الجنرال منصف بهذه الضربة فحلّق مئات الأمتار ساعلا الدم دون الحصول على أيّ فرصة في ردّ الهجوم.

لقد كان هذا شيئا طبيعيّا. لقد كان ذلك ساحرا بالمستوى الحادي عشر في الأصل والآن قد شرب إكسير التعزيز، وكان الجنرال منصف ساحرا بالمستوى السابع فقط. كان المستوى بينهما شاسعا جدّا.

وحينذاك، ظهر أربعة أشخاص. لقد كانوا قادة التشكيل الذين استطاعوا أخيرا الوصول إلى هنا. فرغم أنّه لا أحد تجرّأ فيما سبق على اللحاق بهم أثناء ذهابهم من أجل مساندة مجموعة أنمار، إلّا أن ذلك كان مؤقّتا فقط واستعاد جيش العدوّ جرأته بسرعة بعدما شاهد قدماءه الكبار وسيّدهم ظلّ الشيطان. واستطاع هؤلاء القادة الأربعة الوصول إلى هنا بمعاونة أتباعهم.

ومع ذلك، حتى باستخدامهم خطّة محكمة من أجل إنقاذ الكبير أكاغي من قبضة العدوّ، إلّا أنّ كلّ ذلك كان بلا فائدة أمام قوّة الكبير ديميور الهائلة. كلّ ما احتاج فعله هو إطلاق بعض من اللكمات المنفجرة عليهم فاخترق تشكيلتهم بسهولة. كان فارق القوّة بينهم كبيرا.

أكمل بعد ذلك الكبير ديميور ضغطه على عنق الكبير أكاغي الذي كان بلا حول ولا قوّة. ومع ذلك، تذكّر الكبير أكاغي ما فعله الإمبراطور شيرو قبل موته ثم ابتسم قبل أن يبصق في وجه الكبير ديميور.

ظهرت العديد من العروق على وجه الكبير ديميور بعد هذه الإهانة التي تكرّرت لمرّة ثانية، فزاد من قوّة ضغطه. ومباشرة بعد ذلك بعدما ظنّ كلّ شخص أنّ مصير الكبير أكاغي قد تحدّد، سمعوا أصواتا غريبة قادمة من بعيد.

كانت هذه الأصوات بهيبة مدهشة للغاية، وحملت معها ثقلا كان منبعه هالات ونيّات شرسة عديدة. أحسّ جميع السحرة بشعور غريب ووحشيّ. لقد كان هذا الشعور مماثلا للذي يحسّون به عندما يواجهون وحوشا سحريّة عديدة مرّة واحدة، ولكن هناك شيء مختلف بهذا.

نظروا كلّهم ليعرفوا ما القادم بالضبط، وبالطبع، كان الكبير ديميور منهم أيضا، فكان هذا سببا في توقّفه عن قتل الكبير أكاغي للوقت الحالي.

*واواوا* *هاااا*

كانت هذه الأصوات تقترب أكثر فأكثر، واتضحت صورة مصدرها أيضا بذلك.

بعيدا عن ساحة المعركة بأميال، تقدّم آلاف البشر، لا، آلاف الوحوش، لا، ربّما الاثنين معا. وفي مقدّمتهم، كان هناك ذئب فضّي يجري على قدمين، ولديه قرنين أحدهما أكبر من الآخر، وكانت عيناه زرقاوان.

عوى هذا الذئب الفضّيّ ثم تكلّم بصوت مرتفع: "استيقظي أيتها الوحوش النائمة ! "

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2018/07/09 · 961 مشاهدة · 1911 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024