198 - ثلاثة فنون قتاليّة روحيّة

198 – ثلاثة فنون قتاليّة روحيّة

فرقع سيف المجرّة المشوّهة الهواء ومرّ عبر البوّابات الفضائيّة ثم عاد إلى صاحبه بسرعة لا تضاهى. لقد كان ذلك سلاح روحانيّ مبارك بعد كلّ شيء ولم يكن ممكنا التأثير عليه حتّى بتحكم إدريس الحكيم.

توهّج السيف الهلاليّ في يد إبلاس فانبعثت منه نار بنفسجيّة اللون غطّت السماء فجأة فجعلتها مظلمة. لقد كانت تلك النار مرعبة لدرجة لا توصف؛ أذابت كلّ ما أحاط بها في محيط عشرات الأميال بسرعة كبيرة. كانت الشمس في هاته اللحظات لا شيء أمامها.

اختفى إدريس الحكيم وظهر بعيدا بمئات الأميال في لحظات بعدما رأى تلك النار البنفسجيّة واتّخذ الحذر منها جدّا. لقد كانت تلك نار روحانيّ مبارك، وكانت بالدرجة الخامسة من سبع درجات بإمكانيّة النار الوحيدة، وفي هذه المرحلة كان يمكن لهذه النار أن تبخّر نهرا كاملا بسرعة كبيرة.

لقد كانت هذه الدرجة صعبة المنال ولم يبلغها سوى شخصيات هيمنت على العالم.

كان يعلم إدريس الحكيم تمام المعرفة أنّ شيطان اليأس ما يزال يلعب فقط ولم يظهر شيئا من قوّته الحقيقيّة، وبالطبع كان الحال نفسه معه أيضا. فحتّى لو أراد هذان الاثنان القتال حتّى الموت بأسرع ما يملكان، كان لابدّ لهما من أن يمرّا بكلّ خطوة على حدة قبل أن يطلقوا تقنياتهم العظمى.

***

ظهرت نجوم زرقاء في السماء البنفسجيّة، وتحرّكت الجبال أسفلها بسبب الأعاصير التي قلَعَتها من أعماقها فحوّلتها إلى رصاص قُذِف بعدما تملّكته النار البنفسجيّة.

انطلق الرصاص بسرعة مهولة عابرا مئات الأميال في لحظات وجيزة قبل أن يصطدم بإدريس الحكيم، لكنّ هذا الأخير لم يتحرّك من مكانه وبسط كفّه ثم لوّح بها فقط، فإذا بكلّ تلك الجبال البنفسجية تندثر وتختفي بعدها مباشرة كما لو لم توجد من قبل.

رفع إبلاس سيفه الهلاليّ ثم وجّهه تجاه السماء البنفسجيّة، فشفط كلّ تلك الطاقة مرّة واحدة وصقلها، ثم بتلويح من يد شيطان اليأس، اختفى هو وسيفه عن الأنظار بعدما خُلِّف صوت دندنة وانكسر الهواء ثمّ تشوّه الفضاء بشكل كبير، وبعدئذ انبثق مسار فضّيّ يبدو كضوء قمر يمكنه إيصال زمان بزمان واختراق أيّ مكان.

لم يكن هذه المرّة تشوّه الفضاء هذا بسبب فنّ إبلاس القتاليّ، وإنّما حدث عن طريق قدرة سيف هلال الألف عصر. كان الأمر مشابها جدّا لما حدث عندما اخترق سلاحه الروحيّ المجرّة المشوّهة سابقا.

صرّح إدريس الحكيم بعدما رأى السيف الهلالّيّ: "ضوء ألف عصر، صنع الممرّ، حتّى بلغ المقرّ!"

لو عنى شيئا بهذا الكلام، فلقد كان ذلك حول قدرة سيف هلال الألف عصر. لقد كانت إحدى قدرات هذا السيف تخوّله أن يصنع ممرّا عبر الفضاء ويتجاوز به المسافات حتّى يبلغ هدفه؛ لقد كان ذلك بسبب أصله العريق. قيل أنّ هذا السيف قد غمر بأعماق أرض محرَّمة وتعرّض لضوء هلال مبارك طيلة ألف عصر. لقد كانت تلك أعماق أرضا محرّمة، إلّا أنّ ضوء الهلال عبرها وبلغ مقرّه – مكان السيف الهلاليّ. استمدّ هذا الأخير آنذاك تلك القدرات.

لقد كان كنزا عتيقا يسيل لعاب العديد من الشخصيّات العظمى من أجله حتّى!

وبالطبع، لم يكن أيّ شخص مؤهّلا ليحصل على مثل هذا السيف العظيم. لقد كان كلّ شيء يتحقّق عن طريق اختبارات الجدارة، ولم يكن ليظفر به سوى الأجدر. لقد كان شيطان اليأس هو الأجدر به على مرّ العصور التي عاصرها هذا الكنز العتيق.

كان هذا الممرّ الذي يصنعه السيف الهلاليّ يبدو كضوء فضّيّ يمكنه اختراق الزمكان حتّى يصل إلى مراده في أقلّ وقت ممكن. والآن على يد روحانيّ مبارك، كان قد صُقِل تماما وأصبح سلاحا روحيّا، لذا صاحَبه في هذا الممرّ كلّ شيء يتعلّق به حتّى صاحِبه.

أصبحت المسافة البعيدة بلا معنى أمام تقدّم إبلاس، ولم يمرّ وقت ملاحظ حتّى كان يلوّح بسيفه ليقطع إدريس الحكيم. كان هذا الأخير في أتمّ استعداداته، شغّل رمح العدم مرّة ثانية، لكنّ هذه المرّة كان هناك شيئا مختلفا به.

في الهجمة السابقة، استخدم إدريس الحكيم فنّين قتاليين فقط، لكنّه هذه المرّة كان يستخدم الثلاثة معا.

كان إبلاس جاهزا لذلك أيضا؛ استخدم فنّه القتاليّ كدفاع مثاليّ، وزاد به سرعته عبر تشويهه للفضاء بشكل متسارع. كان ممرّ السيف الهلاليّ يسمح للشخص بالسفر عبره بسرعة مدهشة، لكن بعدما أضاف إبلاس الفن القتاليّ إلى ذلك أصبح لا يرى بشكل جيّد حتّى لعينيْ إدريس الحكيم. لقد كان ذلك مرعبا جدّا.

وجّه إدريس الحكيم رمحه إلى نهاية الممرّ التي ظهر منها إبلاس، وأطلقه بقوّة كسرت الفضاء وظهرت شروخ به. لقد كان تلك القوة القادمة منه عظيمة جدّا.

اختفى رمح العدم كما حدث في الهجمة السابقة، لكنّه هذه المرّة لم يظهر من جديد إلّا بعدما كان قد بلغ مراده. لقد كان ذلك بسبب قدرة فنّ إدريس الحكيم القتاليّ الثالث؛ كان قد استخدم سابقا فنّيْن قتاليّيْن فقط.

كان فنّه القتاليّ السامي الأوّل هو "صدْم العالم"، والذي كانت مرحلته الأثريّة تُلَقّب بـ"خطوات الرياح الخفيفة" الذي يتدرّب عليه باسل.

كان الثاني هو "سحق الخلق" الذي تتدرّب عليه أنمار وهي حاليا في المرحلة الأثريّة "سحق الأرض"

وكان الثالث هو "قضاء الفضاء".

كانت هذه هي فنون إدريس الحكيم القتاليّة الساميّة، وكان بمراحلها الروحيّة.

يبدأ الفنّ القتاليّ بالمرحلة الأثريّة، ثم الروحيّة، وينتهي عند الساميّة. كان يُلقّب الأشخاص الذين يبلغون الدرجة الرابعة بالمرحلة الروحيّة من فنّ قتاليّ سامٍ بخبراء الفنّ السامون.

وفي حالة إدريس الحكيم، فلقد كان يفوق ذلك بكثير. لقد لُقِّب بخبير الفنون السامي السياديّ كنية على حكمته السياديّة وسيادته في عالم الفنون القتاليّة. لقد كان ذو طغيان في هذا المجال.

***

بعدما انطلق رمح العدم، أصبح كلّ شيء آخر متوقّفا دون حركة. لقد كان سريعا لدرجة لا توصف. لقد كان ذلك رمحا من إمبراطور روحيّ مدعّم بثلاثة فنون قتاليّة روحيّة، وفوق كلّ ذلك، لقد تحكّم فيها بحكمته السياديّة.

كان حكيما سياديّا بالدرجة الثالثة، وكانت حكمته السياديّة تكسب في كلّ درجة قدرة خاصّة.

في الدرجة الأولى، اكتسب "البصيرة الحكيمة السحيقة". في الدرجة الثانية، امتلك "التحليل الحكيم الشامل". في الدرجة الثالثة، امتلك "التحكّم الحكيم السليم".

كلّ هذه القدرات جعلت التنبؤ بأفعاله مستعصٍ، والهروب من ملعبه الخاصّ أكثر صعوبة. كلّ شيء كان يخضع لبصيرته التي جعلتْ ممّا رأته عاريا، وتحت تحليله أصبح مفهوما، وبتحكّمه صار له مملوك.

لقد كان هجوم شيطان اليأس مدهشا للغاية، لكنّ إدريس الحكيم لم يكن إمبراطورا روحيّا عاديا.

في اللحظة التي ظهر فيها رمح العدم ثانية كان قد بلغ هدفه بالفعل. لم يكن يحتاج لقدرة خاصّة مثل قدرة السيف الهلاليّ حتّى يعبر تلك المسافات؛ فبفنون إدريس الحكيم القتاليّة كان يمكنه عبور ما يفوق ذلك حتّى.

وبالطبع، لم يتفاجأ إبلاس قطّ. لقد رأى من خلال ما حدث بعيني الحقيقة ولم يتأخّر لحظة في ردّه.

*بووم*

التقى السلاحان الروحيّان وجعلا العالم الواهن يشهد زلازلَ مرّة أخرى، ولكن مهما حدثت هذه الزلال لم يعتد الناس عليها، وظلّوا مختبئين آملين في هدوء الأمور كيلا أعماق أراضيهم لهم قبور.

اختفى إدريس الحكيم بعد هذا الالتقاء وظهر خلف إبلاس مباشرة ثمّ رفع كفّه ونزل بها بكلّ ما يملك من قوّة. لقد كانت هذه كفّا يمكنها قمع المخلوقات السامية والجبّارة. كانت كـكفّ تنين عتيق اجتاح السماوات وغزا الأراضي.

سقطت الكفّ بثقل لا يحتمل على جسد إبلاس فجعلته يختبر ألما حارقا حتّى سعل الدم ثلاث مرّات بكمّيات كبيرة، فاضطرّ بعد ذلك إلى التخلّي عن سلاحه الروحيّ في مواجهة رمح العدم وتراجع عدّة خطوات إلى الخلف. كلّ خطوة منه قطعت عشرات الأميال بعيدا بسرعة كبيرة.

شغّل فنّه القتاليّ من جديد وصنع مجرّة مشوّهة كالسابق، وهذه المرّة أنشأ أخريات حتّى كوّنت عناقيد من مجرّات مشوّهة. كان كلّ واحد منها يبدو كعنقود عنب متّصل بالآخر قبل أن يكوّنوا شجرة في النهاية. لقد كانت تلك شجرة مضيئة بالداخل بلون بنفسجيّ مظلم، وجعلت الناس يتساءلون عن ماهيتها من الخارج إذ بدت كشجرة سامية مكوّنة من جوهر عالم روحيّ.

كلّ شيء كان ضئيلا أمام هذه الشجرة الجوهريّة!

شدّ إبلاس عليها من جذعها الذي كان به مقبضا من أجله، ومباشرة عاد السيف الهلاليّ بعدما صنع ممرّا إلى قلب الشجرة، ثمّ أصبح عندئذ نواتها وصقل كلّ طاقتها. أصبحت الشجرة الجوهريّة لامعة وبرز في مركزها السيف الهلاليّ كهلال يشعّ بنوره في كون غير متناهٍ.

لوّح شيطان اليأس بعد ذلك بالشجرة الجوهريّة تجاه إدريس الحكيم، فحدث ما لم يتوقّعه أحد.

اختفت الشجرة من يد إبلاس وظهرت ثانية أمام إدريس الحكيم في جزء بسيط من الثانية كما لو انتقلت عبر الفضاء.

كان إدريس الحكيم مستعدّا بعدما استرجع رمح العدم إلى يده، لذا التقى بالشجرة الجوهريّة بكلّ ما يملك من قوّة. استخدم فنونه القتاليّة في كامل فعّاليتها، وقدرات حكمته السياديّة الثلاث، إضافة إلى مستواه الروحيّ كداعم.

كانت الشجرة الجوهريّة ككون معقّد من المجرّات، وكان رمح العدم الذي لم يوقفه شيء كشظية صغيرة تتنقّل من كوكب إلى كوكب، ومن نجم إلى نجم، ومن مجرّة إلى أخرى، محاولةً بعثرة ذلك الكون.

لقد كانت تلك الشجرة الجوهرّية مهيبة للغاية بعدما ملكت قدرة السيف الهلاليّ، لذا تجاوزت العديد من هجمات رمح العدم، لكنّ هذا الأخير كان أسرع بكثير من ذلك. لقد كان يقترض قوّة دفع هائلة بـ"صدْم العالم"، ويسحق كلّ شيء بجاذبيّة عظيمة بـ"سحق الخلق"، ثمّ يمرّ من خلال كلّ شيء ويصدّ أيّ شيء بـ"قضاء الفضاء".

سمح له قضاء الفضاء بتشويه الفضاء فيصدّ بذلك شتّى أنواع الهجمات عبر توجيهها إلى مكان آخر، وأعطاه قدرة الانتقال عبره بشكل مؤقّت. لقد كان رمح العدم يخترق الفضاء ويبلغ هدفه بسرعة أكبر من السيف الهلاليّ لهذا السبب.

كلّ هذا حدث تحت سيطرة إدريس الحكيم بسلاحه الروحيّ – رمح العدم. كلّ شيء يستهدفه يصير عدما من القوّة العظيم أو ينفى إلى العدم مجبرا.

اختفى إدريس الحكيم من جديد ثم ظهر خلف شيطان اليأس مرّة أخرى، وفعل نفس الشيء كالمرّة السابقة، إلّا أنّ هذه المرّة لم تكن كفّا لكن قبضة.

توقّع إبلاس في الواقع هذا في كلتا المرّتين، لكنّه لم يقدر على التعامل مع ذلك في الوقت المناسب. فلو كان رمح إدريس الحكيم بتلك السرعة والقوّة بعدما طبّق عليه الفنون القتاليّة، فكيف هو الشخص الذي طبّق عليها تلك الفنون؟

كان هذا سبب آخر في موت حاكم روحيّ على يده بكلّ سهولة سابقا.

سقطت قبضته، فاختفت في لحظة وظهرت في التاليّة أمام إبلاس بقوّة دفع يمكنها تحريك عالم وبجاذبيّة يمكنها قمعه؛ كلّ شيء تحوّل إلى عدم تحت هذه القبضة.

أُرسِل إبلاس محلّقا مئات الأميال بعيدا ثم ارتطم بالأرض مخلّفا بذلك حفرة امتدّ طولها آلاف الأمتار وعمقها المئات.

أمّا رمح العدم، فكان قد شتّت ما استطاع من الشجرة الجوهرّية حتّى اصطدم بالسيف الهلاليّ وكسر رابطته بها، ثمّ عاد إلى صاحبه في النهاية.

لقد كان تلك قوّة ثلاثة فنون قتاليّة روحيّة ذات أصل سامٍ!

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2018/12/04 · 1,070 مشاهدة · 1606 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024