213 – الوريث الشرعيّ

اهتزّت الأرض بتحرّك مائة وحش نائم، فزُعزعت الجبال وفزعت جميع المخلوقات المجاورة، حتّى أنّ العديد من الوحوش السحريّة في المناطق المحظورة المجاورة هرعت إلى وكورها خوفا من نيّات القتل والهالات المرعبة اللّتين أثبطتا أيّ عزيمة.

تحرّكت الريّاح العاصفة، وثقُل التنفّس، وانقلبت الأرض، ثمّ هاجت المياه من أعماقها، فبدا الأمر كما لو أنّ الطبيعة الأمّ قد ثارت وجلبت معها كوارثها لتسقط على داء يقتلها.

تساقطت نجوم بألوان متنوّعة من السماء، وكانت حقيقتها هجمات سحريّة من تلك الوحوش النائمة المجنّحة التي تحكم السماء وتتلاعب بالجوّ، فصاحب النجوم برقا ورعدا جعل المناطق المجاورة تحترق وتتصدّع أراضيها.

هبّت في الآن ذاته أعاصير وعواصف مزّقت كلّ مخلوق ولم تترك شيئا سوى الغبار، حتّى أنّ الجبل أمامها صار رملا متناثرا في الجوّ بسرعة خياليّة.

انشقّت الأرض فسقط باسل في قاعها، فتساقطت تلك النجوم كلّها عليه مرّة واحدة بعدما ركبت تلك الأعاصير والعواصف، فأُغلِقت عليه الأرض بباطنها وسحقته بوزنها العظيم، والذي كان بإمكانه جعل حتّى ساحر بالمستوى الرابع عشر يتذوّق ألما مروعا، فما بالك لمّا أضِيف لها تلك النجوم راكبة الريّاح القاتلة؟

اهتزّت تلك الأرض وانفجرت بأعماقها، فتزلزلت المناطق المحيطة لوقت طويل، وفجأة ظهرت فجوة في باطن الأرض. كانت هذه الفجوة شاسعة ولم يبدُ كأنّها انفجرت نتيجة لنيران، فلم يكن هناك دليل على حدوث احتراق حتّى.

ولكن باسل كان يعلم تماما، ما حدث له؛ لقد كانت تلك قوّة مائيّة مركّزة آلاف المرّات استُخدِمت من طرف سحرة التحوّل المختصّين في المياه فجعلوها تولّد قوّة الانفجار الساحق ذاك، وطبعا كانت قوّتها مضافة إلى النجوم راكبة الريّاح.

كلّ ذلك كان قاتلا ولم يكن هناك ساحر طبيعيّ يمكنه الوقوف بعد تلقّيه تلك الهجمات. ولكن الأمر لم يتوقّف عند ذلك الحدّ، فبعدما تساقط السطح ذابت الأرض فجأة بحرارة غير طبيعيّة، وبضعها تحوّل لغبار أسود يحوّل أيّ شيء يلامسه إلى ذرّات، وبعض آخر صار وحْلا يمكنه التهام أيّ شيء ما أن يمسّه.

كان ذلك هجوما شنيعا للغاية من الوحوش النائمة ولم يدخّروا شيئا من قوّتهم المتّحدة، فدمّروا المنطقة التي تحيطها الجبال من كلّ جهة كلّيّا، إلّا شيء واحد لم يكونوا ليدمّروه حتّى لو رغبوا في ذلك، ألا وهو الحاجز وما يقبع بعده.

لقد كان ذلك الحاجز غير متضرّر إطلاقا كما لو أنّ شيئا لم يحدث بالرغم من أنّ كلّ تلك الهجمات حدثت بمحاذاته، فعلّق العالم المجنون على ذلك: "فقط ما الأساس والمصفوفة التي بُني عليهما ذلك الحاجز؟ حتّى أنا لا يمكنني الرؤية عبر أسراره."

كان أوبنهايمر فرانكنشتاين مهتمّا بذلك الحاجز أكثر ممّا يحدث مع باسل، بالأحرى، بدا يعلم ما نتيجة تلك الهجمات بالفعل لذا لم يكن مهتمّا.

ابتسم حاكم المياه نصف ابتسامة راضيا عن هجوم تشكيل الطبيعة الامّ الذي أجروه قبل قليل، وتنهّد براحة لمّا رأى مدى الضرر الذي أحدثوه حتّى بدون تشكيل لهب العذاب الذي قاده حاكم النيران.

شعر حاكم الجوّ وحاكم الريّاح بنفس الإحساس، لكنّ لمياء كانت تحسّ بمرارة في حلقها ولم تقدر على بلع لعابها بسهولة، وأحسّت بثقل على صدرها؛ كان ذلك الإحساس هو الندم؛ ندمها على عجزها الذي أدّى إلى هذا الحدث.

انقشع الغبار الأسود مع الغبار الطبيعيّ أخيرا، وتحجّر الوحل من جديد فعاد إلى أصله مع الأرض، وهدأت الأمور فعمّ سكون موحش. بالرغم من كلّ هجماتهم إلّا أنّ كلّ واحد منهم لم يستطع الشعور بانتهاء هذه المعركة ضدّ ذلك الشابّ.

وكما لو أنّه استجاب إلى حدسهم ذاك، ظهر باسل واقفا في المكان الذي يُفترض أن يكون ساقطا فيه على الأقل إن لم يمت، فاتّسعت حدقات أعين الوحوش النائمة في آن واحد كما لو أنّهم رأوا الموت، ومرّة أخرى دون أيّ اتّفاق مسبق، تراجعوا عدّة خطوات إلى الوراء لمّا تأكّدوا من عافيته الكلّيّة كما لو أنّه لم يتعرّض لأيٍّ من هجماتهم تلك.

كم كان ذلك مرعبا يا ترى؟ لقد كان ذلك هجوم تشكيل الطبيعة الامّ الذي افتخروا به لأجيال وعندما نفّذوا هجماته على أهدافهم تحتّم عليها الموت، لكنّ هذا الشابّ لم يتأذّى حتّى فما بالك بالموت؟ لقد كان ذلك صادما وقاتلا لفخرهم لا جارحا له فقط.

شحُب وجه حاكم المياه، فقد كان يعلم خطورة الأمر تماما، فتمتم: "كـ-كيف لك...؟"

ابتسم باسل ولم يرد عليه تاركا إيّاه مشوّشا، فبدأ الخوف يتخلّل قلوب الوحوش النائمة هذه المرّة بلا شكّ، بالرغم من أنّ باسل لم يستخدم هالته الشرسة ولا نيّة قتله المفزعة، والتي قد أصبحت في الواقع في مستوى آخر بعدما ورث إرادة معلّمه وخبراته وحكمته السياديّة.

حملق حاكم الجوّ إلى باسل من بعيد غير واثق ممّا يرى، لكنّه استعاد رباط جأشه بسرعة كبيرة وصرخ: "يا حاكم المياه، أنّى له النجاة شيء لا يهمّ حاليا، ولكن ما يهمّ حقّا هو أنّه لن يستطيع أن ينجو بحياته لو تساقطت عليه تلك الهجمات واحدة تلو الأخرى، فلا بشر يملك قدرا غير محدود من الطاقة السحريّة أو طاقة التحمّل.

ابتسم باسل كما لو أنّه يخبره أنّه مخطئ في كلامه، أو على الأقلّ في جزء الطاقة السحريّة، أمّا في جزء طاقة التحمّل الجسديّة فربّما معه حقّ.

كانت ابتسامة باسل الواثقة تلك تجعلهم لا يدركون ما يخبِّئه، وتجبرهم على التفكير في أكثر شيء لا يريدون حتّى تخيّله، وهو كم عدد المرّات التي يمكنه الصمود فيها، وهل شخص يمكنه الصمود ضدّ هجماتهم تلك سيقف بلا تحرّك حقّا؟ أليس من الطبيعيّ أن يباشر عمله في إنقاص عدد خصومه؟ كلّ تلك الأفكار جعلتهم يخافون من إمكانيّة موتهم.

تحرّك تشكيل الطبيعة الأمّ مرّة ثانية وكرّر نفس الهجوم الشامل بقوّة أكبر، فهابت الوحوش السحريّة المجاورة هالاتهم وطاقاتهم فارتجفت أجسادها ولبثت في أوكارها لمدّة طويلة، مقرِّرَة عدم الخروج منها حتّى يعلموا أنّه ما ينتظرهم خارجها ليس الموت.

أصبحت المنطقة المحاطة بالجبال مدمّرة كلّيّا؛ فبعد الهجوم الشامل الثاني، أتى الثالث والرابع... حتّى وصلوا إلى الهجوم السابع بتتابع دون ترك أيّ فرصة لباسل للتحرّك؛ كما لو كانوا يخافون من تحرّكه ذاك.

"همف، لا يمكن أن يكون حيّا بعد كلّ هذا" قالها حاكم الجوّ كما لو كان يحاول إقناع نفسه بذلك.

ولكن، كما لو صُفِع وجهُه، ظهر باسل بين الركام بخير، بصحّة وعافية.

لم يستطِع أغلبهم تحمّل هذا الأمر وتوقّفت عقولهم عن العمل للحظات، وأصابهم الجنون، فحقّا ما رأوا بأعينهم سابقا كان حقيقة ولم يكن وهما كما أوهموا أنفسهم.

"هاهاهيهيهيهاهاها!" ضحك أحدهم بشكل هيستيريّ بينما يحدّق إلى السماء وقال: "نعم، إنّه لا يُهزَم، لا يُقهر. بالطبع هو كذلك، ما الذي كنّا نفكّر فيه أصلا بمواجهتنا لبطل البحر القرمزيّ؟ ما الذي جعلنا نعتقد أنّنا مخوّلون لقتل أقوى رجل في عالمنا؟"

"هه..هاها..هاهاها" تبعه شخص آخر، ثم الثالث حتّى صُنِعت ضوضاء كبيرة بضحك غريب وغير متناسق، ولو رآهم شخص لَـاعتقدهم أناس مجنونين يجب الابتعاد عنهم.

صرخ حاكم الريّاح فجأة: "اخرسوا!"

تردّد صوته في جميع الأنحاء فأعاد لأغلبهم عقولهم التي فرّت للحظات، ثمّ تكلّم صائحا: "ليس هناك فانٍ لا يُقهر، ليس هناك خالد بيننا نحن الزائلون، وكلّ شخص لابدّ له من الموت في وقت معيّن من الزمن."

تردّد صوت تصفيق فجأة في الهدوء الذي تبع كلام حاكم الريّاح، ولمّا تتبّعوا مصدره وجدوه آتيا من يديّ باسل، والذي قال بعد ذلك: "قولا سليما، لا خلود لنا في هذه الحياة على الأقلّ، ولا فانٍ يسود كلّ زمنٍ."

فتح باسل ذراعيه على مصراعيهما ثمّ أكمل: "ولكن، هنا والآن، ضدّكم أنتم، أنا فعلا لا أقهر. يمكنكم المحاولة ليلا نهارا بشتى الطرق، لكنّكم لن تنجحوا في جرحي أبسط جرح حتّى."

"مـ-ما الذي يجعلك واثقا هكذا؟" صرخ حاكم المياه: "لست سوى واحدا ضدّ مائة ألف."

"لم تكونوا لتنجحوا ولو كان هناك مليون منكم." أجاب باسل: "أو لم أخبركم آنفا؟ أنا وليّ أمركم من الآن فصاعدا."

استشاط حاكم المياه غضبا حينما سمع هذا التصريح ووثب تجاه باسل بسرعة كبيرة، بينما يحمل في يده رمحا ثلاثيّ الشعب، ناويا بذل كلّ ما يملك ولو كلّفه الأمر روحه حتّى يتخلّص من العدوّ نهائّيا.

"أيّ وليّ أمر يا لعين؟ تأتي إلى وكرنا العظيم وتكيّد مصائبك الخبيثة، ثمّ تتلاعب بأرضنا وبشجرتنا العظيمة، وتخبرني فوق كلّ ذلك أنّك وليّ أمرنا؟ أيّ هراء هذا أيّها العفريت؟ اليوم سأوقف أفعالك الشريرة هذه حتّى لو وجب عليّ التضحيّة بروحي."

تنهّد باسل وزعزع رأسه قبل أن يقول: "لقد كانت هجمات تشكيلكم غير نافعة ضدّي، ما الذي تعتقد انّه يمكنك فعله لوحدك؟"

لم يجبه حاكم المياه وتقدّم نحوه بسرعة هائلة.

عبس باسل ثمّ لوحّ يده: "حسنا، لا يهمّ، لقد مللت أصلا من محاولة مناقشتك وأنت على هذا الحال. تقدّم، سأبدأ عملي كوليّ أمركم بك."

كان حاكم المياه يتّجه بسرعة كبيرة للغاية، لكنّه كان مرئّيا لباسل بسهولة، وعندما أصبح بينهما عشرة أمتار فقط، اصطدم جسد حاكم المياه بشيء ما وفي نفس الوقت أحس بشيء يقترب من رأسه، وفي اللحظة التاليّة وجد نفسه مغروسا في الأرض وبقي رأسه ظاهرا على سطحها فقط.

*طنن*

لم يعلم ما حدث حقّا حتّى وجد نفسه قد طُرِق على رأسه كالمسمار، وعندما حاول التفكير لم يستطع بما أنّ رأسه كان متورّما من شدّة الضربة التي تعرّض لها.

كلّ شخص دون استثناء حدّق إلى حاكم المياه بتعجّب عاجزين عن فهم ما يجري. لقد حصل كلّ شيء بسرعة كبيرة وبطريقة غير مفهومة.

حاول حاكم المياه الخروج من الأرض لكنّه عجز عن تحريك إصبع واحد حتّى، وأحسّ كما لو أنّ هناك شيئا ملفوف على جسده يمنعه من الحركة كلّيّا.

صرخ برعب: "يا عفريت، ما هذا الذي فعلته؟ أيّ فنّ شرّير هذا؟"

ضحك باسل: "هوهوهو، فنّ شرّير؟ إنّك حقّا لغبيّ يا رأس الحجرة. ألا يمكنك أن تركّز قليلا وتنسى غضبك لوهلة حتّى تدرك ذلك؟"

"أنت...!" غضب حاكم المياه كثيرا.

كانت الوحوش النائمة متفاجئة، لكنّ الحكّام الثلاثة الآخرين كانوا أكثر اندهاشا، فكيفما شاهدوا ما يجري أمامهم وجدوه غير قابل للتصديق؛ لقد خالف ذلك كلّ شيء بنوا عليه حياتهم.

تنهّد باسل من جديد ثمّ قال: "حسنا، اقتربوا أنتم الثلاثة الباقين، لو فعلتم ذلك فسأعفو عن بقيّة أتباعكم."

حدّق الثلاثة إلى بعضهم بعضا ثمّ التفتوا إلى أتباعهم، فوجدوا كلّ واحد منهم يصنع تعبيرات حاسمة، فتأكّدوا من أنّ توابعهم لم يفكّروا للحظة واحدة في الاتفاق مع طلب باسل، فابتسم ثلاثتهم وقرّروا ما سيفعلونه.

لاحظ حاكم الميّاه تعبيراتهم تلك وصاح: "أنتم الثلاثة، لا تستجيبوا لطلبه غير المعقول هذا وأعدّوا تشكيل الطبيعة الأمّ من جديد."

*طنن*

دُقَّ رأس حاكم المياه مرّة أخرى فانتفخ التورّم في قمّة رأسه، ثم قال باسل: "أنت اسكت، هذا ليس وقت الأغبياء حتّى يحشروا أنوفهم في ما لا يعنيهم. أنت خارج اللعبة بالفعل، فلا تجعل عقابك أكثر شدّة."

"أيّها..." صرخ حاكم الميّاه بينما تسيل الدماء من رأسه وفمه: "لا تكن مغرورا فقط لأنّـ..."

*طننن*

قال باسل بعبوس: "لقد قلت اخرس."

حملق حاكم الميّاه إلى الثلاثة هذه المرّة بدل الكلام، فحتّى غبيّ مثله يعلم ما ينتظره إذا تكلّم. ولكن الثلاثة لم يستجيبوا لرغبته وتقدّموا نحو باسل ببطء، حتّى بقي بينهم حوالي مائة متر، وعندئذ تكلّمت لمياء: "لا أعلم كيف لك أن تتحكّم بذلك الشيء، ولكن أرجو ألّا يكون عملا شرّيرا."

لوحّ باسل يده ثم قال: "كفاية، تقدّموا، لقد مللت الانتظار."

تكلّمت لمياء: "هنا شيء واحد فقط، عدنا أنّك لن تؤذي وحوشنا النائمة بأيّ طريقة كما وعدت."

أغمض باسل عينيه من شدّة الملل ثم أجاب: "حسنا، حسنا، هيّا فلنسرع وننهي هذا الأمر."

تحرّك الثلاثة في تناسق، فطار حاكم الجوّ بالسماء واختفت لمياء تحت الأرض، وثقب حاكم الريّاح الهواء متّجها نحو باسل مباشرة. كانوا عازمين على القتال حتّى آخر رمق لهم مهما حصل.

كانت سرعاتهم متساوية، فشقّت لمياء طريقها عبر جعل كلّ شيء أمامها يصير غبارا أسودا. كانت تستخدم إمكانيّةً لعنصر الأرض، وهي التحكّم في خواصّ الأرض كما تشاء؛ بمعنى آخر، تجعل الرمل صخرا، والصخر غبارا، والوحل حصى حتّى.

لكنّها كانت تضيف إلى ذلك ميزة تحوّلها، ميزة التنين الأرضيّ، والذي سمح لها بتغيير جسدها إلى إحدى أشكال الأرض، فتمكّنت من جعل التحرّك عبر الأرض بالاندماج معها، وهكذا كان تتبّعها شبه مستحيل.

أمّا حاكم الجو، فقد استخدم ميزة وحش الفتخاء وتنقّل عبر الجوّ كما يحلو له، بينما يصنع عدّة حواجز مجهّزا شيئا ما.

أمّا حاكم الريّاح فقد اعتمد على قوّته الخالصة والسرعة التي منحتها إمكانيّة الرياح له، وميزة تحوّله التي جعلت من جسده صلبا كالياقوت فعليّا، لكنّه كان أكثر صلابة في الواقع بعدما عُزِّزَ بالطاقة السحريّة.

سقط حاكم الجوّ كشهاب من السماء، بينما يحمل في يده رمحا غير مرئيّ مصنوع من حواجز عديدة، ودعّم نفسه بسحر الرياح، وأتى من الأمام حاكم الرياح مستعملا جسده كرصاصة حيّة، أمّا لمياء فقد ظهرت من الأسفل فجأة بينما تجرّ معها الأرض نفسها وتغيّر منطقة بها بمحض إرادتها حتّى تسجن باسل.

مال سطح الأرض وذاب فبدأ باسل يغرق، فطارت عليه حجارة من أعماق الأرض كانت حمراء، لقد كانت هذه الحجارة في الواقع عبارة عن صخور حرارتها كبيرة للغاية، وكلّ ما جعلها تحافظ على شكلها الحالي كان قدرة لمياء على التحكّم في شكلها.

وجد باسل نفسه محاصرا من جميع الجهات، لكن كلّ ما فعله هو رفع يده وتلويحها.

*طنن* *طنن* *طنن*

سُمِعت ثلاثة دقّات، وكان موقعها هو رؤوس الحكّام الثلاثة، فغُرِسوا في الأرض رغما عنهم وقُيِّدوا تماما كما حدث لحاكم المياه. لم يفهم أحد كيف حدث ذلك، لكنّ الحكّام الثلاثة علموا ما حدث، بقي حاكم المياه الذي فقد عقله بسبب الغضب هو الوحيد العاجز عن فهم سبب تسميره.

"هذا..." تمتم حاكم الجوّ بتعبير مرتعب.

صرّح حاكم الريّاح: "حقّا إنّه هو، إنّه فعلا حاجز شجرتنا العظيمة."

سألت لمياء: "ولكن كيف؟!"

تنهّد باسل قبل أن يجيب: "لا تجعلوني أكرّر كلامي أكثر من مرّة، أنا وليّ أمركم وهذا طبيعيّ أن يحدث."

صرخ حاكم المياه: "مـ-ما الذي تقصده بهذا؟"

"هل يجب عليّ الشرح حقّا؟" زعزع باسل رأسه: "فكِّر في ذلك بنفسك، لربّما تصبح أذكى قليلا."

فكّرت لمياء قبل أن تدرك شيئا: "هـ-هل يمكن... ولكن هذا مستحيل، إنّك أجنبيّ."

"لا مستحيل بهذا العالم، إن لم تستطِع أن تحقّق شيئا فذلك يعني بأنّك أنت فقط لم تستطِع، ولا يعني أنّه مستحيل." أكمل باسل: "نعم، ما فكرتِ به يا لمياء صحيح. يبدو أنّك تستحقّين أن تقودي القبائل."

لم يفهم الثلاثة الآخرون، فالتفتوا إلى لمياء حتّى يتحصّلوا على إجابة، فبلعَتْ ريقها وصرّحت: "إنّك الوريث الشرعيّ، هذا هو التفسير الوحيد."

***

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2019/04/20 · 929 مشاهدة · 2146 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024