22 – العاصمة




و أخيرا بعد شهرين من رحيلهما من الديار وصلا للمكان المقصود من رحلتهما

كانت العاصمة محاطة بسور عظيم يصل لثلاثين متر في العلو و يبدو قاسيا و صلبا. كان هناك خمس بوابات دخول ، و في كل واحدة منها هناك حارسين و برج رقابة به جنود في استعداد دائم، كانوا يبدون أقوياء و أشداء، فعلى ما يبدو أن العاصمة تضع أمنها من أولوياتها

اقترب باسل و أنمار من البوابة الأمامية ثم وقفا ليتم سؤالهما من طرف حارس تقدم نحوهما قليلا "من أنتما؟ من أين و لماذا أتيتما؟"

أجاب باسل قائلا بتواضع "نحن من قرية في جنوب الإمبراطورية و جئنا لبيع بعض من أحجار الأصل"

نظر الحارس بتعجب إلى الطفل أمامه فهو لا يزال فقط في عمر الرابعة عشر، كيف له أن يحصل على أحجار أصل، ثم نظر للفتاة التي وراءه فسلبت قلبه و وجهه اِحمرّ من الخجل ليرجع نظرته إلى النظرة الحازمة التي كانت على وجهه ثم قال "هناك ضريبة للدخول للعاصمة يجب عليكما دفعها إن أردتما المرور"

نظر باسل للحارس ثم أنزل كيسا صغيرا كان يحمله على ظهره ثم فتحه ليظهر القليل من أحجار الأصل من المستوى الثاني و قال للحارس "حسنا، أنا سأدفع بأحجار الأصل، كم تحتاج؟"

نظر الحارس لأحجار الأصل التي أمامه بتعجب ثم قال "حسنا، واحد من تلك الأحجار يساوي عشر قطع أصلية فضية، و للمرور من هنا ستحتاج لقطعتين أصليتين ذهبيتين أو عشرون قطعة أصلية فضية و هذا يكلف الشخص الواحد فقط، من أجلكما أنتما الاثنين سيجب إعطاء ضعفي الثمن"

أخرج باسل أربع قطع ثم أعطاها للحارس و قال "حسنا، ها هو ثمن الضريبة" ثم أخرج حجرين و أكمل قائلا بينما يمده للحارس "و هذا لكما على بذل جهدكما في عملكما"

دخل باسل و أنمار للعاصمة بينما الحديث يدور بين حارسي البوابة "أتساءل من هما، أرأيت كم يملكان من أحجار الأصل؟ ذلك القدر لا يستطيع سوى مجموعة مكونة من سحرة بالمستوى الثاني الحصول عليه"

نظر الحارس الذي كان يستمع بتعجب ثم قال "إذن أتقول لي أن ذلكما الطفلين في المستوى الثاني بالفعل؟ حسنا، هذا مستحيل، لقد أمضيت عشر سنين من عمري في التدرب حتى وصلت لذلك المستوى، يجب أن يكون قد أرسلهما شخص ما فقط لأنه لم يرد إزعاج نفسه، و أيضا إنك حقا لشخص نزيه يا 'جون'، لقد قلت لهما الثمن الحقيقي من دون كذب، غالب الحراس سيأخذون فائدة لهما"

نظر الحارس 'جون' لصديقه ثم قال "أنا أقوم فقط بعملي على أكمل وجه، إن بدأت أخدع الناس فلن يكون هناك معنى من انضمامي للجيش من الأول، و أيضا لقد أهدانا حجرين من دون أن نطلب"

أما في جهة باسل و أنمار اللذيْن كان نظرهما منبهر من جمال المدينة التي أمامهما، لقد مرا بالفعل على عدة مدن في طريقهما و كلما كانا يقتربان من العاصمة كلما صادفا مدينة أجمل من التي سبقتها، لكن من بين كل المدن التي ريا، لم تكن هناك واحدة جميلة مثل العاصمة، تكلم باسل معبرا عن رأيه "إنها حقا تستحق إسمها 'المدينة المورِقة' "

كان أمامهما خضرة في كل مكان تعطي شعورا بالراحة، كانت هناك حدائق مليئة بأزهار ذات رائحة زكية رائعة، كانت هناك أجواء هادئة و مناظر خلابة تملأ أي مكان بالعاصمة مما جعل منظرها خيالي

لم يكن هذا هو الشيء الجميل بها فقط، كان هناك حيوية هائلة تأتي من المكان، أطفال يلعبون في كل مكان و السعادة تبدو مرسومة على وجوههم، كان المكان مسالما

كانت هناك قلعة عملاقة تُرى لهما من مكانهما على الرغم من أنها بعيدة عنهما بأميال كثيرة، و على ما يبدو فإن ذلك هو القصر الإمبراطوري

*همس، همس، همس*

بدأ الكلام ينتشر في المكان عن قدوم شيء ما "آه، أنظروا إنهم 'فرسان السنبلة الخضراء" "إن الهالة المحيطة بهم قاسية" "يمكنك الاحساس بالتوتر القادم من ناحيتهم من هنا" "هل هم ذابون للصيد يا ترى؟" "على الأغلب"

عندما رأى باسل كل هؤلاء الناس يتحدثون عن 'فرسان السنبلة الخضراء' ذهب ليسأل شخص ما عنهم فرد عليه ذلك الشخص متفاجئا "أيها الفتى ألا تعرف من هم فرسان السنبلة الخضراء؟" ثم بدأ يحدق في باسل مطولا

أماء باسل رأسه لليمين و الشمال ليكمل ذلك الشخص "إنهم فرسان مدربون خصيصا على يد الجنرال 'رعد' "

"انتظر لحظة.." أوقف باسل ذلك الشخص ليسأله مرة أخرى "من هو الجنرال رعد؟"

نظر ذلك الشخص لباسل بتعجب مرة أخرى ثم قال "ألا تعرف حتى الجنرال رعد؟ حتى لو كنت من خارج البلاد ستكون قد سمعت باسمه على الأقل"

"لم أسمع به في حياتي" أجاب باسل مباشرة لتتدخل أنمار بينهما ثم قالت "أتركني أتحدث معه قليلا يا باسل"

وافق باسل على طلبها ثم تحدثت مع ذلك الشخص قليلا و عادت فسألها باسل "إذن كيف كان الأمر؟"

أجابت أنمار "أنت يجب عليك حقا معرفة شؤون البلاد و العالم و الشخصيات المهمة، لم أكن أتخيل أن تكون عديم الاهتمام في الناس لهذه الدرجة، أن لا تعرف الجنرال رعد، ما بالك، حقا؟"

أجابها باسل بقوله "حسنا معك حق، أنا لم أهتم في حياتي بأي شيء آخر عدى السحر و الكتب، سيكون علي معرفة الشخصيات المهمة و التي لها تأثير كبير من أجل تحقيق هدفي من المجيء إلى هنا، و الآن أجيبيني، من هذا الجنرال رعد؟"

رفعت أنمار ذراعيها قليلا و تنهدت ثم قالت "قبل أربعة عشر سنة في هجوم الشياطين لقد كان قائد وحدة في عمر الخامسة و العشرين فقط، كان واحدا من الاثنين الوحيدين في الإمبراطورية كلها اللذين واجها الشياطين وجها لوجه و هزما البعض منهم، عندما وصل لعمر الخامسة و الثلاثين كان بالفعل قد وصل للمستوى السادس و أصبح جنرالا، ثم بدأ يدرب عدة جنود تدريبا خاصا، و في الأخير تكونت فرقة 'فرسان السنبلة الخضراء، هذه الفرقة تضم سحرة من المستوى الثالث، و يقال أنه عندما أنشئت قَلَّت الجرائم في العاصمة بشكل كبير، هناك دوريات باستمرار بالمدينة للحفاظ على الأمن، فالجنود من السابق لم يكونوا سوى الوحدة الثالثة من الفرقة، هذه الأخيرة مكونة من ست وحدات، و لكل وحدة قائد بالمستوى الثالث و عدة جنود تحت إمرته بالمستوى الثاني و المستوى الأول و جنود من دون سحر"

وضع باسل يده على ذقنه ثم فكر للحظات و قال "و من هو الشخص الآخر الذي واجه الشياطين أيضا؟"

أجابت أنمار "إنه الجنرال 'براون'، كان معلم الجنرال رعد في ذلك الوقت، يقال أنهما واجها قائدا من القوات الشيطانية و الذي كانت له قوة خارقة تفوق قوة الجنرالات بكثير"

"هكذا إذن" قالها باسل و ابتسامة على وجهه ثم أكمل "حسنا، هدفنا الأول سيكون التقرب من الجنرال رعد، يبدو أنه شخص ذو تأثير"

تنهدت أنمار ثم قالت "حسنا، لكنني لا أظن أن هذا سيكون بتلك السهولة كما قلت"

تعجب باسل و قال "هاه، و لماذا؟"

أجابت أنمار "أتظن أن جنرالا سوف يعطي وقتا لأشخاص قرويين مثلنا، لن نستطيع حتى مقابلته فما بالك من التقرب منه"

فكر باسل لوهلة (قرويين، قرويين..) ثم قال "هيا اتبعيني"

لحقته أنمار حتى وصلا لمحل ملابس، دخل الاثنان و عندما رآهما البائع نظر لباسل بانحطاط، كانت الملابس التي كانا يرتديان متسخة و متقطعة من عدة أماكن، فقال البائع "إن لم تكن تملك أي نقود انصرف من هنا"

لم يرى البائع أنمار بالأول، لكنه عندما فعل، تغيرت نظرته لواحدة منحرفة ثم قال "حسنا يمكنكما الدفع بطريقة أخرى إن لم تملكا المال"

حملقت أنمار في وجهه و أحكمت قبضتيها فتدخل باسل "أيها العم، نحن نملك النقود" فتح باسل الكيس ليرى البائع الأحجار بالداخل ثم قال "آآه، حسنا حسنا، اختارا ما تريدان"

اشترى الاثنان ملابس جديدة و خرجا من المتجر، ثم قال باسل "حسنا، يبدو أن المظهر شيء أساسي كما توقعت، فعندما تحدثنا مع الناس هنا نظروا لنا بنظرات دونية، و لكن أنظري كيف هي نظراتهم الآن، أنا لا أهتم بآراء الناس فهكذا عشت منذ صغري، لكن يبدو أنني سأحتاج للاهتمام بهذا للآن من أجل الوصول للمبتغى الخاص بي سريعا"

كان الاثنان يمشيان في وسط 'المدينة المورقة' و هالة نبيلة تنبعث منهما، كان كلاهما جذابين، و مشيهما معا جنبا إلى جنب زاد من جاذبيتهما أكثر، كانت أنمار جميلة وجها و جسدا، كانت صاحبة قوام رائع و ذات منحنيات جذابة، و في الجانب الآخر كان باسل فتى وسيما و ذو جسد منحوت يجعل الفتاة متلهفة لرؤيته عندما يكبر، في كل مكان ذهبا إليه كانت نظرات الإعجاب تلحقهما

"حسنا، الآن سيجب علينا نشر اسمينا و رفع مكانتنا بما يكفي لملاقاة الجنرال رعد" قالها باسل بينما يضع يده على ذقنه و يفكر في شيء ما و بدأ بعد لحظات كما لو أن فكرة قد طرأت لى باله و قال "حسنا، لنذهب لجمع بعض المعلومات أولا و بيع أحجار الأصل"

ذهب الاثنان بينما يسألان البائعين عن أثمان كل من 'أوعية السحر' و أشياء أخرى، و عن الحدادين و الكيميائيين

و في هذه الأثناء سمعا خبر عودة أميرة الإمبراطورية، الأميرة 'شارلوت'

تغير الجو في الأرجاء و وقف الناس على جانب الطريق صانعين مسارا واسعا لتمر منه العربة القادمة من بعيد

"مرحبا بعودتك أيتها الأميرة" "أتمنى أن تكون رحلتك لإمبراطورية الأمواج الهائجة مرت على خير" "حمدا على سلامتك أيتها الأميرة 'شارلوت' "

الهتافات تأتي من كل مكان فرحا بعودة الأميرة 'شارلوت' و استقبالا لها. تقدم باسل و أنمار للأمام للحصول على رؤية أوضح

اقتربت العربة حتى وصلت للمكان الذي يتواجد به باسل و أنمار، كانت الأميرة تلوح بيديها و ابتسامة على وجهها، جميع الناس كانوا يحبونها، و بهذا يمكنك تخيل كم هي رائعة هذه الشخصية

التقت أعين باسل و الأميرة و بينما العربة تمر كان الاثنان يحدقان في بعضهما بغرابة، الأميرة كانت على وجهها نظرة اندهاش، و باسل متعجب من نظرتها له فجعلته يتساءل لماذا

حل الليل و كان باسل و أنمار يتكلمان مع بعضهما في غرفة بمنزل ما

"كما قلت لك من قبل، إنني لا أعرفها، كيف لي أن أعلم سبب تحديقها بي، لقد قلت أنك ستقومين بكل ما آمرك به من دون نقاش، حسنا إليك الأمر، اصمتي و لا تجادليني في هذا الموضوع ثانية" كان باسل يتحدث مع أنمار أو يجب أن نقول يتجادل معها

حدقت أنمار بباسل مطولا ثم قالت بصوت غير مسموع "حسنا، إن كان هناك شيء ما فسأعلم عنه بطريقة أو بأخرى"

*دق، دق، دق*

دق على الباب شخص ما فذهبت أنمار لتفتح الباب

من تأليف Yukio HTM



أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/07/04 · 1,495 مشاهدة · 1586 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024