27 – الخطوة الأولى

أتى باسل للعاصمة من أجل جعل هذا العالم مستعدا لأي هجوم قد يأتي مستقبلا مثل الدمار الشامل، و لهذا كان ينوي نشر اسمه بين التجار و كسب سمعة جيدة قبل البدء في نشر استعمالات أحجار الأصل، فإن كان له اسم بين التجار، ستكون كلمته موثوق بها، و بالتالي سوف يثقون في السلعة الخاصة به و التي ستكون جديدة عليهم

بعد انتشار استعمالات أحجار الأصل و معرفة فائدتها، سوف يسرع العديد من الأشخاص في توطيد علاقتهم مع باسل، و لن يقتصر الأمر على التجار فقط، بل حتى العائلات الكبرى سترغب في التقرب له، و عندها سوف يختار باسل من بين جميع العائلات الأسهل و الأفضل كوسيلة لبدايته في تقوية هذا العالم

عندما سمع باسل رغبة الجنرال منصف في استضافته، جاءته الفكرة المثالية، ففكر لقليل من الوقت، دعوة هذا الجنرال أتت بعد مشاهدته لسحره و قوته، مما يعني أنه يحاول بناء علاقة جيدة معه و استغلاله لمصلحة عائلته، فالشكر لدى بعض الناس ليس إلا رغبة مبطنة في الحصول على خيرات أكثر

لكن هذا كان يدُبُّ في مصلحة باسل، لقد قل عليه عناء نشر اسمه و لم يتبقى له سوى إثبات نفسه للعائلة التي سيذهب لها و كسب ثقتها، و ستكون بدايته في جعل هدفه يتحقق أسرع مما توقع، و كما أراد فقد سار الأمر على هواه

"الإكسيرات التي تحدثت عنها لها مفعول كبير في تنمية قوة الساحر و تسريعها، فمثلا إكسير التعزيز يجعل قوته السحرية ترتفع بمراحل للأعلى مؤقتا، و لهذا له فائدة كبيرة أثناء المعارك، فقد يتغير منحى القتال إن امتلك أحد مثل هذا الإكسير و آخر لا يملكه، و إكسير التقوية ينمي القوة السحرية بشكل متسلسل و دائم، لكن لا ينصح بالإكثار منه، فلا يجب على الساحر رفع قوته السحرية إلى حد لن يستطيع جسده و بحر روحه تحملها أكثر"

كان باسل قد بدأ بالفعل شرحه لكيميائيين، كان هناك ثلاثة كيميائيين فقط في عائلة كريمزون، فعلى ما يبدو، الكيميائيون ليس لهم أهمية كبيرة

لكن عندما استمع الثلاثة لكلام باسل صدموا تماما، إن كانت هناك تقنيات مثل هذه موجودة بالعالم، فسوف يصبح الطلب على من يصنعها خياليا، و سوف تتغير مكانتهم بشكل كبير عما كانت عليه من قبل

تحمس الكيميائيون الثلاث كثيرا و استمعوا لكل كلمة يقولها باسل، لكن نظرة إحباط ظهرت على وجههم، فمن خلال ما سمعوا، لا يستطيع كيميائي أقل من المستوى الثالث صنع أي إكسير

كان هذا مشكلة عويصة بالنسبة لهم، فهم أصبحوا كيميائيين بعد أن استسلموا من اتباع طريق السحر، فلقد بقوا في المستوى الأول لمدة عشر سنين من دون تقدم ملحوظ

بعد أن رأوا أنهم لن يتقدموا في السحر، تبقى لهم خيارين فقط، أن يصبحوا كيميائيين أم حدادين، فاختاروا الأول. بعد أن يتخلى الساحر عن اتباع طريق السحر و الانتقال إلى الكيمياء أو الحدادة سوف تصبح سرعة تقدمه أكبر مما كانت، و الآن الكيميائيين الثلاثة كلهم في القسم الثاني من المستوى الثاني

قال باسل بعد مشاهدته لإحباطهم "لا تقلقوا، فإن كانت هذه الإكسيرات ستُستهلك من شخص ما، فسوف أحرص كل الحرص على أن تكونوا أنتم الثلاثة أول من يفعل" تغيرت نظرة الثلاثة ليكمل باسل "سوف أجعلكم تصلون للمستوى الثالث في مدة قصيرة، فأنا لا أستطيع صنع الإكسيرات طوال الوقت، هناك العديد من الأعمال سيكون علي إنهاؤها، و لهذا سأترك أمر صنع الإكسيرات عليكم بعد وصولكم للمستوى الثالث، و أثناء هذه الفترة سوف أعلمكم جميع التقنيات التي ستحتاجونها"

فرح الثلاثة ثم انحنوا قليلا لباسل، سوف تتغير حياتهم تماما عندما يصبحون قادرين على إنتاج الإكسيرات، و باسل هو من منحهم هذه الفرصة، فكيف لا يكنون له أقصى درجات الاحترام

الكيميائيون لم يكونوا سوى الطبقة الأضعف من السحرة التي لم تستطع تحقيق أي تقدم في مسار السحر و اتجهوا نحو الكيمياء

لكل ساحر إمكانية في الغدو كيميائيا، لكن يبقى الأمر متعلقا على مدى فهمه للمواد التي سيطبق عليها العملية و علاقتها بالطاقة السحرية الخالصة، و أكثر ما يهم هو استعداده التام عقليا ليحول طاقته السحرية كلها إلى طاقة سحرية خالصة، فهذه هي المرحلة الأهم في حياة كل شخص يريد أن يتخلى عن طريق السحر و اتباع طريق الكيمياء أو الحدادة، فبعد أن يفعل هذا يفقد قوة عنصره السحري و تتحول طاقته السحرية كلها إلى طاقة سحرية خالصة كما تكون الطاقة الخارجية قبل أن يجذبها الساحر و تدخل لبحر روحه ثم تتحول لعنصره السحري الثاني

بعد أن يعرف الساحر كيف يتحكم في الطاقة الخالصة و يفهم كيف يجعلها تتغلغل بالمواد المراد دمجها، سيعرف كيف يدمج بينها لتنتج ما يهدف له

كان الكيميائيون يعرفون فقط خلط الأعشاب مع طاقتهم السحرية الخالصة و إنتاج أدوية تكون فعالة أكثر من الأدوية العادية، و لهذا لم تكن لهم قيمة كبيرة جدا، فبعد كل شيء ليسوا سوى سحرة فاشلين

شرح باسل للكيميائيين عن العديد من الوصفات و طريقة صنعها، تحمس الثلاثة كثيرا من كلام باسل، فكلهم بدؤوا بمعرفة عالم جديد سوف يجعل حياتهم تتغير للأفضل

بعد مرور أيام من تعليم الكيميائيين و إرشادهم قرر باسل الانتقال للحدادين، فكما يعرف عن الحدادين، هم الذين يقومون بصهر الحديد مع أحجار الأصل بتقنيات يتم توارثها عبر الأجيال من أجل صنع 'أوعية السحر' للسحرة

قابل باسل رئيس الحدادين في عائلة كريمزون، فعلى عكس الكيميائيين، يتلقى الحدادون معاملة و مرتبة لا بأس بها، فهم من يؤتمن عليهم صنع أسلحة العائلة، و بسبب هذا كان لهم فخر بنفسهم

عندما أراد باسل التكلم معهم، لم يعطوه وجها و تجاهلوه حتى سمعوا أنه أمر مباشر من رئيس العائلة 'كريمزون أكاغي'

ذهب رئيس الحدادين الذي كان عبارة عن رجل عجوز في اتجاه باسل ثم قال "أيها الفتى، لقد سمعت عنك من سيدنا أكاغي، كيف لفتى مثلك أن يرينا ما نفعل بعملنا"

ابتسم باسل و قال "أيها الجد، ما رأيك أن تذهب معي لمكان منعزل للحظات، سأريك شيئا مثيرا للاهتمام"

ذهب باسل مع الجد الذي أرشده لورشة عمله و دخلا لها، أخرج باسل حجر أصل من راحة يده فجعل الجد الحداد فاتحا فمه من الصدمة ثم أخرج معه مطرقة كبيرة و سيف كبير الحجم بطول متران و عشرين سنتمترا بالعرض

صهر باسل حجر الأصل عن طريق النار و الطاقة السحرية الخالصة، فالنار لوحدها لن تصهر أحجار الأصل أبدا، ثم تحكم في الطاقة الناتجة عن انصهاره بطاقته السحرية الخالصة و تلاعب بها ثم بدأ يدمجها بالسيف الصخم

كانت هناك نقوش غريبة على السيف و عندما دمجت الطاقة الخالصة حجر الأصل مع السيف، توهجت النقوش بضوء أزرق فاتح قريب للون الأبيض

و بعد مرور قليل من الوقت قال باسل "حسنا، لقد انتهينا"

لم يصدق الجد الحداد ما رآه أمام عينيه و لم يرمش لمدة طويلة "ما الذي فعله هذا الفتى قبل قليل؟ أ صنع وعاء سحريا من المستوى الرابع في هذه المدة القصيرة؟ و ما تلك التقنيات؟ لم أشاهد مثلها في حياتي كلها، إنه لم يحول عنصره السحري إلى طاقة سحرية خالصة و لا زال بإمكانه التحكم بالطاقة السحرية الخالصة لهذه الدرجة"

صدم الجد الحداد تماما و اعترف بالهزيمة بداخل قلبه، هو رجل فخور بنفسه، يحمل لقب الحداد الأفضل في الإمبراطورية، لم يكن هناك من هو أفضل منه في عمله، لكن هذا الفتى جعله يعترف بالهزيمة

قال الجد الحداد بعدما أمسك يدي باسل "أيها السيد الصغير، اسمي 'سميث' و نحن حدادي عائلة كريمزون تحت رعايتك من الآن فصاعدا، فلتنورنا بمعرفتك"

ابتسم باسل و قال "أيها الجد سميث، لا داعي للرسمية، أنا هنا من أجل إعطائكم التقنيات التي شاهدتها قبل قليل و أريكم كيف يمكنكم استغلال أحجار الأصل في صنع العديد من الأشياء الأخرى و ليس فقط في أوعية السحر"

فرح الجد سميث ثم قال "أوه، هناك استخدامات أخرى لأحجار الأصل؟ فلتخبرني بها حالا من فضلك"

ضحك باسل ثم قال "حسنا، أحجار الأصل....."

بدأ باسل شرحه للجد سميث و مرت عدة أيام منذ تحالف باسل مع عائلة كريمزون، و حان الوقت ليختار بعض الجنود ليدربهم

في ساحة شاسعة جدا بداخل ملكية عائلة كريمزون، كان هناك حوالي أربعة آلاف جندي، مختلطين من العادي إلى المستوى الثالث في السحر، حَامَ (ماضي فعل 'يحوم') باسل حول الجنود بينما يحقق في أمر كل واحد منهم قبل أن ينتقل للآخر، و كلما اختار واحدا أشار له ليتقدم نحو المكان الذي قرره

بعد انتهاءه كان قد جمع حوالي خمسين جنديا و انصرف الجنود الذين لم يخترهم. وقف أمامهم ثم بدأ حديثه "أيها الجنود، أعرف أن هناك من هو مستاء منكم لأن فتى مثلي لا تعرفون من أين أتى بدأ في إلقاء الأوامر عليكم، و لهذا سوف أعطيكم حلا جميلا، اهجموا علي جميعا في آن واحد، و إن استطعتم هزيمتي سوف أعود أدراجي مذلولا، و إن لم تستطيعوا، فسوف تقومون بكل ما آمركم به، المدة التي لديكم هي المدة التي سوف تنقضي فيها طاقة احتمالكم أو تستسلمون، و الآن فلنبدأ"

مر وقت كبير و كان جميع الخمسين جنديا مستلقون على الأرض، كلٌّ و حالته، هناك من غاب عن الوعي، هناك من سقط من التعب، و هناك من استسلم

تكلم باسل قائلا بجدية و بصوت مرتفع "من الآن فصاعدا، أنا قائدكم، أنا معلمكم، و أنا مرشدكم، و إن كان لأي أحد منكم اعتراض فأنا على كل استعداد لمواجهته" ثم أكمل "هذا كل شيء لليوم" ثم تذكر شيئا ما و قال "ستكون هذه الفتاة التي بجانبي و أمامكم بتعليمكم عندما أكون غائبا"

ذهب باسل بعد أن انتهى من الكلام، كانت أنمار تلحقه في كل مكان يذهب إليه، باسل معتاد على هذا الأمر منذ صغره حتى لو كان يزعجه، فبعد كل شيء هو يعرف لم تتبعه، فحتى بعد أن رفضها للعديد من المرات لم تكف عن ملاحقته

خرج باسل و أنمار من القصر و توجها نحو سوق العاصمة، فهما لم يخرجا منذ مدة طويلة، ولهذا كانا متحمسين قليلا

و بعد مدة وصلا للسوق، كان سوق العاصمة كبيرا للغاية و يتوفر على كل أنواع المتاجر، التي تخص الطعام و التي تخص الأدوية و الأعشاب الطبية، و أخرى تخص بيع الأسلحة بشتى أنواعها و أخرى لبيع الملابس

كان السوق كبيرا و متنوعا في تجارته، هناك تجار من كلا إمبراطوريتي 'الأمواج الهائجة' و 'الرياح العاتية'، فبعد الاتفاقية، أصبحت العلاقة التجارية أسهل بين الإمبراطوريات

كان يسمى هذا السوق ب 'سوق المركزية'

تكلم باسل عندما وصلا للسوق "حسنا، لنذهب لجلب وجها سوف يساعد على تسيير خططنا بسلاسة" ثم ابتسم و خطى الخطوة الأولى

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/07/12 · 1,429 مشاهدة · 1596 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024