3 - بداية عصر جديد (3)

"ماذا..هل تقول أن مثل هذا الوحش موجود، أن لا يتأثر برمحك البرقي من المستوى الخامس يا 'براون'، من هذا الوحش بالضبط " كان الصوت قادما من رجل يبدو في منتصف العمر بشعر و عينين سود مرتديا درعا فضيا

"نعم، أنت بالخصوص يا 'هِيْ' ستعرف عما أتكلم لأنك رأيت و جربت قوة رمحي عدة مرات عندما نتدرب، لقد كان وحشا حقيقيا، لا قد يكون هذا تقليلا من شأنه" بدأ يتذكر 'براون' الابتسامة الخبيثة التي كانت على وجه 'شيطان اليأس' فعقد حاجبيه و قال "لقد كان ذلك شيطانا" ثم جمع شتات نفسه و أكمل حديثه "آه، على ما أتذكر لقد ناداه الرجل النملة الذي سبق و أخبرتكم عنه بالقائد"

"القائد؟ هل هذا يعني أنه واحد من قادة الجيوش التي هاجمت الإمبراطورية، لا أحد غيرك التقى بقائد آخر و لهذا ان كان هذا صحيحا فهذا يعني أن هناك آخرون بمثل قوته او ربما أكثر" أجابه هذه المرة رجل عجوز لكنه كان مفعما بالحياة و يرتدي درعا فضيا هو الاخر

أجاب براون "بالتفكير في الأمر قد يكون هذا صحيحا أيها المعلم 'تشارلي' "

بعد سماع كلامه جميع الحاضرين صدموا و عم الصمت مرة أخرى في القاعة الكبيرة، فقط التفكير في أن وحشا مثل هذا موجود جعل الجميع يرتعب خوفا و لكن أن يكون هناك العديد من مثله، ما هذه اللعنة التي أنزلت عليهم. أكمل شخص آخر بدرع فضي أيضا "لكن كيف يمكن أن يحدث هذا، نحن نعلم جميعا نعلم أن 'حاجز الحماية السماوية' يحيط بجميع أماكن تواجد الوحوش، و لا يمكن أن يُخترق الحاجز، فهذا ما كان عليه الأمر لملايين السنين"

بينما الجميع يتناقشون قام أحد ما بالطرق على الباب ليقوم أحد الخادمين بفتحه فوجد جنديا "ماذا تريد هناك اجتماع مهم الان"

"لا في الحقيقة التقرير عاجل و يجب أن يعلم به جلالة الإمبراطور و الجنرالات في أسرع وقت ممكن"

"اتركه يدخل" جاء الصوت من الإمبراطور و مباشرة قام الخادم بالانحناء قائلا "سمعا و طاعة"

دخل الجندي و ركع قليلا أمام الحضور على ركبة واحدة ثم قال مباشرة "لقد وردتنا أخبار عن تلقي إمبراطوريتي 'الرياح العاتية' و ''الأمواج الهائجة' هجوما البارحة و ليس هذا فقط بل أن من هاجمهم كانت وحوشا غريبة "

"ماذا قلت هل هذا صحيح؟" قام الجنرال 'تشارلي' من السابق بالتحدث مجددا مكملا "هذا يأكد لنا أن هجوم البارحة لم يكن مدبرا بطريقة ما من واحدة منهما، أتقول لي أن شخصا ما لديه الجرأة الكافية ليهاجم الامبراطوريات الثلاث التي تحتل العالم؟ أليس هذا كما لو انه يهاجم العالم أجمع؟ لكن من هذا الأحمق بالضبط الذي يتجرأ على فعل هذا؟"

"و أيضا" أكمل الجندي تقريره " قال بعض الناجين من الهجوم أنهم رأوا شيئا دائريا غريبا في السماء و ظلال كثيرة بدأت تظهر من خلاله قبل الهجوم مباشرة، و الأخبار التي أتت عن الإمبراطوريتين تقول أيضا أن هناك بعض الناجين قالوا نفس الشيء"

صدم الجميع تماما، و بصوت مذعور قال الجنرال 'تشارلي' "قد نكون نواجه شيئا أكبر مما نتخيل، جلالة الإمبراطور، أقترح أن نسرع في طلب لقاء مع كلا الإمبراطوريتين و التحدث بشأن هذا معهما، فإن كان هناك عدوا يتجرأ على مهاجمة الإمبراطوريات الثلاث وقتما شاء فيجب علينا الاستعداد جيدا"

بدأ الإمبراطور يفكر قليلا ثم بعد دقائق معدودة أعطى الأمر "أرسلوا مبعوثا لكلا إمبراطوريتي 'الأمواج الهائجة' و 'الرياح العاتية'

(في قرية بأقصى جنوب إمبراطورية 'النضير الوهاج' قرب الحدود المشتركة مع إمبراطورية 'الأمواج الهائجة')

'استهلال.....استهلال.....استهلال' (صوت الطفل عند الولادة)

كان هناك منزل مهترئ يأتي منه صوت بكاء رضيع بينما أمه تحمله، بعد دقائق بدأ يشع بنور ساطع فجأة فأجبر كل من الأم و سيدة كانت معها على إغلاق عينيهما لكن و بعد دقائق، النور ضعُف شيئا فشيء الى أن أصبح باهتا جدا و بمجرد حدوث هذا دخل لمنزلهم الذي بالكاد يمكنك تسميته منزل رجل عجوز له تجاعيد كثيرة و ذو شعر و لحية طويلين و حاجبيه نميا حتى وصلا لوجنتيه الفارغتين

قامت تلك السيدة بالذهاب له و سألته "ماذا تريد أيها الجد"

لم ينظر لها العجوز أبدا و بدلا من ذلك كان ينظر للطفل الذي كان في حضن والدته بينما يتمتم بشيء لم تفهمه تلك السيدة

"أيها الجد، هل أنت ضائع؟ آسفة و لكن يمكنك الانتظار قليلا فأنا مشغولة كثيرا فكما ترى لقد رزقنا بمولود جديد"

قام العجوز برفع يده اليمنى و تمريرها من فوق وجه السيدة لتفقد هذه الاخيرة الوعي مباشرة، ثم قام بالاتجاه صوب الأم التي كانت مصدومة مما حدث قبل لحظات بينما تنادي اسم المرأة التي سقطت أمامها "سميرة؟" قامت باحتضان طفلها بشدة و هي ترتعد بينما تقول "أرجوك لا تفعل شيئا لابني سأفعل أي شيء، إلا ابني أرجوك، أرجوك لا تؤذه "

لكن العجوز لم يصغي لها أبدا هي الأخرى، و بينما هي تتوسل كان هو يتقدم ببطء الى أن وصل إليها، قام العجوز برفع يديه في اتجاهها و قام بلمس جبهتها بسبابة يده اليمنى فأغمي عليها أيضا، ثم وضع نفس اليد على رأس الطفل ليبدأ المولود بالسطوع مجددا لكن هذه المرة أقوى بكثير من السابق، بدأ العجوز بقول شيء ما كأنه يرتل تعويذة ما

"يا أيها المختار، الطفل الاخير، هذه القوة ستجلب لك معها السراء و الضراء، مع ذلك سيكون عليك التحمل، كل هذا من أجل الحفاظ على التوازن"

بعد أن أنهى كلامه صرخ قائلا "ختم"، بدأ يتجمع كل النور الذي كان يحيط بالرضيع حول يد العجوز ثم دخل مرة واحدة بجسده عن طريق جبهته

"من بين كل الأماكن، أن يكون شخصا من العالم الواهن أضعف عالم على الاطلاق من العوالم الرئيسية، يا له من أمر ساخر، سنلتقي مرة أخرى عندما تكون مستعدا، إلى اللقاء أيها المختار"

استدار العجوز و اختفى في رمشة عين

بعد 15 سنة

"حسنا، أنا ذاهب يا أمّي." جاء الصوت من فتى يحمل حقيبة على ظهره وشعره قرمزي، بعينين حمراوين.

"رافقتك السلامة يا 'باسل'. واهتم جيدا بـ' أنمار'، فهي صديقة طفولتك العزيزة. آه، أظن أنّها الصديق الوحيد الذي تملك على أيّ حال، هوهوهوهوهو"

قام الفتى بإجابة أمّه و نظرة ملل على وجهه: "أنا لا أحتاج أيّ أصدقاء. وأيضا هي ليست صديقتي. إنّها فقط تلحقني منذ نعومة أظافرنا."

"هذا صحيح، يا عمّتي نحن لسنا صديقين، نحن خطيبان متعهّد كل واحد منّا للآخر بالزواج منه." أجابتها هذه المرة فتاة جميلة بشعر ذهبي طويل يأخذ الأنفس و عينين زرقاوين كالسماء الواسعة.

اختفت نظرة الملل من على وجه باسل لتتحول الى نظرة تفاجؤ: "هاه؟ ما الذي تقولينه أيتها الحمقاء المتخيّلة؟ متى وعدتك أنا بشيء مثل هذا؟"

أجابته 'أنمار' بابتسامة خفيفة مغمضة العينين: "هيّا، هيّا. هل تدّعي الجهل؟"

بدأ باسل ينزعج و أجابها بصوت مرتفع: "هاه؟ أيّ جهل تتحدثين عنه؟ ما لم يحدث لم يحدث، ولهذا توقّفي عن إخبار الناس بهذا الهراء."

بدأت الدموع تتجمع في عينيْ 'أنمار'، وعند رؤية الأم لذلك صرخت في وجه باسل قائلة: "يا باسل، أعرف أنك ستشعر بالخجل إن قيل لك هذا أمام شخص آخر، و لكن لا ترفع صوتك بهذه الطريقة في وجه شخص وعدته بالزواج." وبدأت الأم تربّت على رأس أنمار لتخفّف من ألمها، ولكن في تلك اللحظة ظهرت ابتسامة عريضة على وجه 'أنمار'

فرد باسل بينما يشير بإصبعه نحو أنمار: "انظري يا أمي. إنّها تضحك. إنّها تخدعك. إنّها لا تبكي. إنّها دموع التماسيح فقط."

نظرت الأم لباسل و قالت له بغضب: "ألا تخجل من نفسك؟ أن تبكي زوجتك المستقبلية وبدل مواساتها تناديها بالمخادعة. لا أتذكّر أنّني ربيتك هكذا."

عادت نظرة الملل إلى وجه باسل واستسلم عن محاولة تصحيح الأمر، ثم تمتم: "أناديها بالمخادعة؟ مناداتها بالمخادعة كلمة لطيفة عندما نتطرّق لوصفها." ثم قال: "حسنا لا يهم، لقد تأخرنا، لنذهب الآن."

"حسنا." أجابته 'أنمار' بالموافقة لتكمل الأم: " سأقولها مرّة أخرى. اهتم بـ'أنمار' جيّدا؛ فالإنسان لا يعلم قيمة الشيء الحقيقيّة إلّا بعد فقدانه." قالتها الأمّ و هي تضع 'أنمار' على صدرها وتعاملها بحنان بينما تعتلي نظرة حزينة وجهها.

"إذن إلى اللقاء يا أمي." "إلى اللقاء يا عمتي."

أجابتهما الأمّ والدموع بعينيها: "إلى اللقاء يا طفليّ العزيزين، فلتحترسا."

من تأليف Yukio HTM

2017/05/29 · 2,333 مشاهدة · 1224 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024