35 – ظل يقترب

"يا أيها الناس، اجتمعوا، لدينا سلع جديدة على السوق، لا مثيل لها، لم يوجد مثلها من قبل، و لا يمكنك أن تصدق ماهيتها، بمجرد ما أن تعرف قيمتها لن تتجرأ على الذهاب من دون أخذها معك، هيا أسرع الآن و كن أول المستفيدين"

بعد وصول باسل و التاجر ناصر للسوق أمرا الخدم و مساعديهم في العمل بالبدء في تفريغ العربات و وضع السلع بالمتجر

بدأ التاجر ناصر كالعادة بجلب الزبائن مع كلامه المعسول و الذي يجعل الشخص يتساءل سواء أراد أم لا عن السلع التي تحدث عنها

اقتربت مجموعة من الناس في الحال بعد سماعهم بكلامه أمام المتجر، فوقف أمامهم التاجر ناصر كذلك و تكلم "أيها الناس، ما سوف تشهدونه سيكون شيئا غريبا للغاية، سيكون شيئا يغير الكثير من الأمور في عالمنا. العديد من السحرة يواجهون مشكلة عويصة في التواصل فيما بينهم، خصوصا داخل منطقة محظورة حيث كل لحظة يمكن أن تعتبر مهمة للنجاة. اليوم نحن عائلة كريمزون نقدم لكم الحل الأمثل لهذه المشكلة العويصة الأولى"

رفع التاجر ناصر يده بينما يحمل بها خاتما به جوهرة غريبة تبدو كحجر أصل صغير "ما أحمله الآن هو الحل المناسب لمشكلتكم هذه، هذا الخاتم الصغير الذي بيدي سوف يسمح لكم بالتواصل لمسافات تمتد لآلاف الأمتار، مما يعني عدم قلقكم مرة أخرى من فقدان التواصل ببعضكم البعض أثناء دخولكم لمنطقة محظورة"

صدِم الحضور ليبتسم التاجر ناصر ثم قال مع نفسه "أ صنعت أيضا مثل هذا الوجه عندما سمعت بكل الأشياء الغريبة من السيد الصغير باسل؟" ثم ضحك على نفسه و أكمل "إنه يسمى 'خاتم التخاطر الذهني و الروحي'، هذا غرضنا الأول، فمن يريد الإسراع في تجربته، نحن عائلة كريمزون نضمن لكم جودة هذه السلع التي سنعرضها عليكم، و إن وجدتم أي شيء غريب لن يكون سوى عارا على اسم عائلتي"

تحمس الجميع ثم تبادلوا النظرات فيما بينهم، خبر انضمام التاجر ناصر لعائلة كريمزون قد انتشر قبل شهر من الآن، لذا كلمته لا شك بها لاسيما أنه يضع اسم عائلة كريمزون على المحك، و بسبب عائلة كريمزون قد انخفضت أثمنة الأسلحة و الدروع، فكيف لا يمكنهم وضع ثقتهم بهم، ليس لديهم خيار آخر سوى إعطاء الأمر محاولة، فالفائدة ستكون عظيمة إن كان الأمر حقيقيا

قال ساحر من المستوى الثاني "أنا في المستوى الثاني الآن، هل يمكنني استخدام هذا الخاتم؟"

أجاب التاجر ناصر "بالطبع، أي ساحر يمكنه استخدامه، لأنه يوجد مستويات بهذه الخواتم أيضا، و كلما ارتفع الساحر و الخاتم في المستوى ارتفعت المسافة التي يمكن استخدامه منها"

قال ساحر المستوى الثاني "و كيف يمكنني استخدامه؟"

أجاب التاجر ناصر مرة أخرى "يجب أن تملك أولا 'خاتم تخاطر' أنت و الشخص المراد الحديث معه، بعدها يجب عليكما إيصاله ببحر روحكما، و من ثم قوما بجعل الخاتمين يتصلان ببعضهما عن طريق اللمس و عندها سوف يتكون بينكما رابط ذهني روحي يجعلكما قادران على إرسال أفكاركما من واحد للآخر بسهولة، بمعنى آخر، ستتمكنان من 'التخاطر' "

لم يصدق الجميع ما سمعوه ثم سأل أحد من الحضور بتحمس "ألا يمكن أن يقوم بهذا أكثر من شخصين؟"

أجاب التاجر ناصر بابتسامة "بالطبع يمكن، لكن يبقى هناك شروط، فساحر من المستوى الأول لن يكون بإمكانه التخاطر مع أكثر من عشرة لأنه يمكنه استخدام خاتم من المستوى الأول فقط و الذي تعتبر حدوده هي الاتصال مع عشرة خواتم أخرى، لكن كلما ارتفع الساحر في المستوى ازداد العدد بعشرة أخرى" التف التاجر ناصر للساحر من المستوى الثاني من قبل و أكمل "أنت يا ساحر المستوى الثاني سيكون بإمكانك القيام بإيصال خاتمك مع عشرين خاتم آخر. هذا كل شيء حول الخاتم، أتمنى أن تكونوا قد فهمتم فائدته الكبيرة"

قال ساحر المستوى الثاني بعد أن اتفق مع رفيقه الذي كان بجانبه "أنا مستعد لشراءه، كم تطلب؟"

و أخيرا، لكن يحن الوقت للارتياح بعد، بعد أن يجرب هذان الاثنان فعاليته سوف تتأكد صحة السلعة، عندها سترى الإقبال الذي تحدث عنه باسل

أجاب التاجر ناصر "الخواتم بمستويات و لائحة بيعها هي كالتالي"

المستوى الأول ب قطعة أصلية ذهبية

المستوى الثاني ب قطعيتين أصليتين ذهبيتين

المستوى الثالث ب 3 قطع أصلية ذهبية

المستوى الرابع ب 6 قطع أصلية ذهبية

المستوى الخامس ب 12 قطعة ذهبية

المستوى السادس ب 24 قطعة ذهبية

صدم الجميع من الأثمنة، لكن ليس من تكلفتها، على العكس، بل من بخسها، ظنوا أن التاجر سيطلب ثمنا خياليا، و هل هذا ممكن؟ نعم إنه كذلك، عندما تظهر سلعا جديدة غير معروفة طريقة صنعها و مما صنعت، لا يمكنك تقدير ثمنها الأصلي، و بالتالي سيكون بإمكان البائع طلب أي ثمن يريد

لكن التاجر ناصر قام بما لم يتوقعوه. تكلم ساحر المستوى الثاني "سآخذ اثنين، لي و لرفيقي و أجربه الآن معه"

أخذ التاجر ناصر 4 قطع ذهبية و مرر خاتمين من المستوى الثاني

ارتدى الاثنان الخاتم فأحسا باهتزاز في بحر روحهما، ثم قاما بلمس خاتم الطرف الآخر و إذا بهما يجربان التحدث عن طريق التخاطر

(هذا لا يصدق، هل أنا أتحدث معك الآن عن طريق التخاطر؟) سأل ساحر المستوى الثاني ليسمع الآخر أفكارا كأنها كلام بداخل رأسه تأتي من جهة رفيقه

أجاب رفيقه على سؤاله بنظرة تفاجؤ (يبدو أن الأمر كذلك، هذا الشيء حقيقي، إنه حقا حقيقي، هذا لا يصدق)

التف الاثنان للتاجر ناصر ثم قالا بحماس كبير "يبدو أن هذا الشيء حقيقي"

"أووووووووه" تحمس الجميع فأصبحت ترى الجميع في عجلة من أمرهم "أبلغ عن هذا الأمر لرئيس العائلة في الحال" "أعطني عشرون من المستوى الثاني و عشرة من المستوى الثالث" "أنا سآخذ واحدا للرئيس ليجربه، أعطني واحدا من المستوى السادس و واحدا من المستوى الأول" "أنا سآخذ خمسة آلاف و واحد، ألف من كل مستوى، و الأخير بالمستوى السادس"

تهافت الزبائن على التاجر ناصر بالطلبات ليبدأ الخدم و المساعدين في التحرك أخيرا و تلبية الطلبات التي يبدو أنها لن تنتهي عما قريب

دخل التاجر ناصر للمتجر و تكلم مع باسل "أيها السيد الصغير، لقد بدأنا العمل، متى نخرج الأغراض الأخرى؟"

أجاب باسل "سأترك هذا الأمر عليك، قرر الوقت المناسب بناء على حكمك على الوضع. أنا ذاهب لألقي نظرة على الجنود، يجب أن أرى مدى تطورهم"

أماء التاجر ناصر رأسه موافقا مع قوله "حاضر"

غادر باسل و ترك مثل هذا العمل الضخم و المهم بين يديه، لن يخيب آمال سيده الصغير أبدا

بينما باسل يتجه نحو القصر كان يهمهم و يأكل جزرة مرة أخرى، و عند وصوله لمنعطف

*ووووووش*

*دوو* *دوو* *دوو*

ظهرت ثلاث ظلال فجأة و ركل الظل الأول باسل الذي دافع في آخر لحظة بيديه ثم جاءته الضربة الثانية من الظل الثاني من الوراء مستهدفه ظهره فأعطى لها جانبه الأيسر بينما ذراعه و رجله يشكلان درعا يحميه من الضربة، و في الأخير لكمه الظل الثالث بجانبه الأيمن فدافع عنه بنفس طريقة دفاعه عن الجانب الأيسر

قفز باسل للخلف مبتعدا عن الظلال الثلاثة ثم قال "لهذا لا أحب الطرق المختصرة، لا بد لك من مواجهة نوع من الإزعاج" ثم حدق في الأشخاص الثلاثة المرتدين الأسود بالكامل و أكمل "و من أنتم أيها السود اللعينون؟"

لم يجبه الثلاثة السود و تفرقوا بسرعة ثم أحاطوا به، قال باسل "هيه، لا إجابة؟ لا بأس، ليس علي إلا إجباركم" ثم فعل سحر التعزيز في كامل قوته و قال مع نفسه "من ضرباتهم السابقة أنا متأكد أنهم على الأقل سحرة من المستوى الرابع، هل يمكن أنهم بالمستوى الخامس؟ لكن من أرسلهم إلي بالضبط؟ هل هو الأمير الثاني؟ لا، لا أظن، هو لن يفعل شيئا غبيا كهذا، هل هي تلك الع**** مرة أخرى؟"

توقف باسل عن التفكير و استعد لأي هجوم قد يأتي من الثلاثة السود

*ووووش*

*بانغ*

أخرج الأسود الأول يده من معطفه و استل معها سيفه ثم لوحه في اتجاه باسل من الأعلى نحو الأسفل، و إذا بالسيف يخرج منه كتل ثلجية قاسية و نزلت على باسل

راوغ باسل الهجوم و بمجرد أن فعل سطع فجأة ضوء ساطع جدا من جهة الأسود الثاني أرغمه على إغماض عينيه ثم أرسِلت له كرة بيضاء مشعة كثيرا و حرارتها مرتفعة جدا و كان قطرها يصل لمترين

هذه المرة لم يستطع مراوغة هذا الهجوم و تلقاه، كانت الكرة الضوئية حارقة للغاية و لولا سحر التعزيز لتعرض باسل لأضرار وخيمة أكثر من التي حدثت له

لقد أرسل لعدة أمتار محلقا ثم اصطدم بحائط، وقف على قدميه ببعض الخدوش على جسده، و إذا برياح سوداء على شكل شفرات سبَّبها الأسود الثالث هاجمته من دون تركه يرتاح

راوغها باسل، ثم هاجم بينما يراوغ الكتل الثلجية و الكرات الضوئية و الرياح السوداء التي استهدفته بلا توقف، و عندما اقترب من الأسود الأول ركله لكنه أحس بمقاومة

"درع سحري؟ أن يصد هذا الهجوم لا بد أن يكون من المستوى الخامس، إن هذا غير معقول" بعدما فكر باسل بهذا هوجم من طرف الأسودين الثاني و الثالث بهجمة مزدوجة

تعرض باسل لكرة ضوئية مثل السابق لكن هذه المرة أتت تحمل معها رياحا سوداء. بعد أن تعرض لهذا الهجوم دافع باسل مرة أخرى بسحر التعزيز لكن هذه المرة كان في كامل قوته، لأنه لو لم يفعل سيموت لا محالة من قوة هذه الهجمة

في الحالات الطبيعية كان باسل ليكون قد هُزم بالفعل، هؤلاء الثلاثة السود سحرة في المستوى الخامس، مجهزين بالكامل بدروعهم و أسلحتهم بينما هو لا يملك الوقت ليرتدي درعا سحريا، فحتى لو كان بإمكانه أن يخرج سيفا سحريا من مكعب التخزين لن يكون كافيا للإجهاز عليهم، لكن هذا في الحالات الطبيعية فقط، و باسل ليس بطبيعي

لكن في هذه اللحظة شاهد باسل شيئا غريبا للغاية، كان واحد منهم لديه خاتم تخاطر يتحدث من خلاله مع شخص ما، و بعد أن انتهى من التحدث تراجعوا كلهم و اختفوا

"هل كان لديه قبل قليل 'خاتم تخاطر'؟ كيف لهذا أن يكون ممكنا؟ نحن لم نبدأ في بيعه إلا قبل قليل، إذا كيف بإمكانه الحصول عليه؟" و هنا جاءت فكرة في عقل باسل "هل هناك أي فرصة أن يوجد خائن بالعائلة؟" ثم رفض هذه الفكرة مباشرة "لا، لا هذا غير معقول، لقد بحثت في أمر كل واحد من العائلة و وجدت عليهم الإخلاص التام و لم تكن هناك أي علامات على وجود خائن، إذا من أين حصلوا هؤلاء الأشخاص على الخاتم؟"

توقف باسل عن التفكير و فعل خاتم التخاطر الذهني و الروحي (أيها المعلم، إنني أريد التحدث معك في أمر مهم)

(تحدث أيها الفتى باسل، أنا مستمع) أجاب المعلم

(لقد وجدت شخصا ما يستخدم خاتم التخاطر قبل أن ينتشر حتى، هل توجد أي فرصة أن يكون هناك شخص آخر من عالم آخر موجود هنا يُعلِّم التقنيات التي علمتها لي لبعض الأشخاص أيها المعلم؟)

(همم) تعجب المعلم و قال (هذا غريب، لقد أمرني جلالة الملك الأصلي بالقدوم إلى هنا لوحدي، و هذا ما فعلته، و ليس هناك أي فرصة ليُسمح لشخص ما بالدخول لعالم آخر من دون إذن، و إن حدث هذا سأكون معلوما، لو كان أحد يستطيع الدخول عنوة إلى هنا فسيكون ينتمي للشياطين أو يعمل معهم أو لديهم، لكن...)

(الشياطين؟ ألم تقل أن الحرب أصبحت في حالة هدنة بسبب اتفاق يقوم على عدم دخول أي شيطان لعالم آخر؟ و بهذا يمكن للاتفاقية التي بين الملك الأصلي و ملك الشياطين أن تظل صالحة)

(نعم لقد قلت هذا، فهذا ما وصلني من أخبار بالسنة الماضية، لكني لم أستطع استيعاب هذا الأمر بنفسي، كيف لملك الشياطين ذاك أن يقبل بمثل هذا الاتفاق و يظل ثابتا دون القيام بأي شيء؟ المهم، ابحث في هذا الأمر بسرية و دون التدخل بشكل مباشر، فأنا لا يمكنني البحث في هذا لكي لا أكشف عن وجودي، و تذكر، يجب أن يبقى أمري في هذا العالم سريا كي لا يشك ملك الشياطين في أي شيء، فإذا عرف عني سيعرف عن سبب مجيئي لهنا)

(حاضر أيها المعلم، إلى اللقاء) انتهى باسل من الكلام و أكمل الطريق نحو قصر عائلة كريمزون

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/07/24 · 1,357 مشاهدة · 1822 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024