4 - باسل و المعلم

(قبل ثلاث سنوات، بعد اثنتي عشر سنة من هجوم الشياطين)

في غابة قرب قرية بجنوب إمبراطورية 'النضير الوهاج'. كان هناك فتى في الثانية عشر من عمره يجري و يبدو كأنه مطارد من شيء ما

"لهث،لهث،لهث،لهث، تبا إلى متى سيلاحقني هذا الوغد" قام الفتى بالاختباء وراء شجرة و بدا مضطربا كما لو أنه مطارد من قبل وحش ما

"تبا، لماذا دخلت إلى منطقتها، إن كنت أعرف أن هذا سيحدث لكنت قمعت فضولي، من الجيد أنني لم أتعمق كثيرا و لاحقني واحد فقط، لكن ماذا أفعل الآن..."

'بوووووووووووووم'

أوقف تفكيره ضربة جاءت من وحش اخترقت الشجرة جعلته يحلق نحو جرف كان أمامه و بدأ يتكور حتى توقف بسبب اصطدامه بحجر كبير *كااخ* تقيء الفتى القليل من الدم و عندما فتح عينيه رأى قردا ضخما محلقا في السماء متجها نحوه نتيجة لقفزه

'آآآآهه، يا لها من حياة قصيرة و مملة، مع أنني كل ما أردت فعله هو رؤية أشياء جديدة و مثيرة تبعد عني ضجري' بعد قوله هذا فقد الوعي

'فسسسسسسسسسسسس'

قام شيء ما قطع القرد الضخم و هو في السماء قبل وصوله للفتى

(داخل كوخ ما)

"همم، آه هذا مؤلم، جسدي بأكمله يؤلمني، ما الذي يحدث؟ أين أنا؟ على ما أذكر كان القرد الأزرق الضخم يلحقني و....آه"

دخل رجل عجوز للكوخ بينما يضغط الفتى على رأسه من الألم "أووه، لقد استيقظت أيها الفتى، خذ فالتشرب هذا الدواء سيجعلك تتحسن"

أجابه الفتى بينما يتألم "امم، من أنت أيها العجوز"

"فالتشرب أولا الدواء و من ثم نستطيع التحدث"

'بلع بلع بلع'

"هممم، أوه لقد اختفت الضوضاء من رأسي، شكرا أيها العجوز، إذن من أنت و لماذا انا هنا؟"

" أنا الشخص الذي أنقذك من ذلك القرد" أجابه العجوز بينما الفتى يحدق فيه بعمق

أجابه الفتى و نظرة تعجب على وجهه "آه، بما أنك ذكرت الأمر، بدأت أتذكر، آه، لقد كنت على وشك أن أقتل من طرف القرد الأزرق الضخم ثم فقدت الوعي، إنتظر لحظة، كيف قمت بالهروب و أنت تحملني؟"

أجابه العجوز "هوهوهو، أهرب؟ لماذا أفعل هذا؟"

فقال الفتى "هاه، ما الذي تتحدث عنه، ماذا؟ أتحاول القول لي أنك قتلته أم ماذا؟ "

"أجل" قالها العجوز بكل برودة

عندما سمع الفتى رده تفاجأ و بدأت عيناه تشتعل حماسا "أيها العجوز هل يمكن أنك ساحر؟"

بينما ينتظر الفتى الرد متحمسا أجابه العجوز "أجل، ماذا؟ هل لديك اهتمام في السحر أيها الفتى"

قفز الفتى من مكانه ناسيا آلامه واقفا أمام العجوز و قام بلف أحدى يديه على الأخرى التي كانت على شكل قبضة و انحنى قليلا ثم قال " بما أنك ساحر، أيمكنك أن تكون معلم هذا الشخص الجاهل هنا أيها المعلم" كانت على الفتى نظرة حزم و إصرار مع توتر قليل منتظرا جواب الرجل العجوز

"أيها الفتى، قبل أن نتطرق لموضوع غدوك تلميذي أم لا، لنتحدث قليلا"

بدى على وجه الفتى تعبير استغراب لكنه قال في الحال "حسنا، أيها المعلم"

فأجابه العجوز "أنت، لم أصبح معلما لك بعد، لماذا تناديني بهذا؟"

أجابه الفتى بنظرة احترام كبيرة على وجهه "حسنا، شخص عظيم مثلك لا يجب مناداته بغير هذا"

بدأ العجوز يضحك "هوهوهو" ثم أكمل قائلا "إنك فتى مثير للاهتمام، ما إسمك؟"

قال الفتى و هو فرح "باسل"

سأله العجوز "حسنا أيها الفتى 'باسل'، لماذا كنت ملاحقا من قبل ذلك القرد؟ هل دخلت إلى منطقته بالخطأ؟ "

بدأ 'باسل' بحك رأسه "آه، هذا" ثم أجاب "في الحقيقة أردت اكتشاف تلك 'المنطقة المحظورة' فقط، فلقد كان لدي اهتمام بها منذ وقت طويل، لكنهم يقولون أن 'المناطق المحظورة' خطيرة و لا يجب على الناس العاديين دخولها"

حك العجوز ذقنه ثم سأله من جديد "و لماذا تريد أن تصبح ساحرا أيها الفتى باسل"

لم يجب باسل فورا و بدا كما لو أنه يفكر في شيء ما و بغضب قال "لقتل الشياطين الملاعين و حماية المقربين مني في وقت الحاجة"

كانت نظرة غضب غير طبيعية في عيني الفتى الصغير مما جعل العجوز يتفاجأ قليلا لكن باسل أكمل "مع أنني أظن أن سببي الأكبر يأتي من فضولي حول السحر فقط، فإن كنت ساحرا يمكنك دخول 'المناطق المحظورة' و اكتشافها كما تشاء، هاهاها"

بدأ العجوز يفكر في شيء ما لثواني ثم أجاب "حسنا سأعلمك، لكن بشروط" أماء باسل موافقا ثم أكمل المعلم كلامه "لا تعلم شخصا آخر ما أعلمك و لو كان أقرب المقربين لك من دون موافقتي، لا تخبر أي شخص عني، أن تقوم بكل ما آمرك به بدون مناقشتي في الأمر لمرة ثانية، إن كنت توافق على هذا فسوف أعلمك"

فأجاب باسل مباشرة من دون أن يفكر لثانية واحدة "أنا تحت رعايتك أيها المعلم الموقر"

"حسنا، إذهب لمنزلك و ارتح جيدا، بالنظر لإصابتك سيأخذ الأمر منك أسبوعا على الأقل لتشفى، بعد هذا، فالتأتي لهذا الكوخ ستجدني أنتظرك"

أجاب باسل "حسنا، أيها المعلم، أنا ذاهب الآن"

أوقف العجوز باسل و قال له بينما يعطيه ورقة مرسوم عليها مسار ما "إنتظر لحظة، إتبع هذه الخريطة في عودتك لتجد هذا الكوخ" لكن بينما يحاول العجوز إعطاءه الخريطة أجابه باسل قائلا "إنني أعرف هذه المنطقة كراحة يدي إن استثنيت المناطق المحظورة و لهذا لا تقلق سأعرف طريق العودة لهذا الكوخ"

نظر إليه العجوز ثم قال "ألم تكن ستقوم بأي شيء من دون مناقشة في الأمر لمرة ثانية"

وضع باسل يده على رأسه و بدأ يحكه قائلا "آه، هذا صحيح، آسف أيها المعلم، سآخذها"

قال له المعلم "لقد أعطيتك هذه الخريطة ليس لأنك لا تعرف الطريق، ولكن لكي تجد هذا الكوخ عند عودتك لأنني سأغير مكانه، و أنا قد سبقت و رسمت الموقع الذي سأنقله له"

تفاجأ باسل ثم قال "آسف أيها المعلم، تلميذك كان جاهلا" بعد قوله لهذا الكلام أخذ الخريطة و ذهب في طريقه للمنزل

كان العجوز يراقبه إلى أن اختفى ظله و هو يقول "كنت أنوي تركه ليستعد طبيعيا من دون تدخلي، لكن لا ضرر في تسريع الأمر، فببنيته هذه سيكون مستحيلا عليه البدأ في استخدام السحر، و لهذا سأحاول الإسراع من جعلها مستعدة، لكن..." تذكر العجوز نظرة الفتى الغاضبة

"يبدو أن تدريبه سيكون صعبا قليلا من جهة العقل، فالعقل هو كل شيء في السحر، ذلك الغضب قد يكون عائقا لنموه بالمستقبل، إنها مهمة صعبة التي تركتها على عاتقي يا 'جلالة الملك الأصلي'، لكن تابعك هذا سيكمل واجبه على أكمل وجه، و أيضا شخصيته قد أعجبتني بعد كل شيء"

مرت الأيام بسرعة و كان باسل يأكل الفطور مع أمه فدخلت فتاة مرسوم على وجهها ابتسامة مع عينين مغمضتين "صباح الخير يا عمتي 'لطيفة'، صباح الخير يا باسل"

أجابتها 'لطيفة' "أوه مرحبا بك يا أنمار" لكن عندما رأى باسل تلك الفتاة أصدر صوتا منزعجا 'غيي' ثم وقف مباشرة من على كرسيه و قال "أمي أنا ذاهب الآن" و خرج مسرعا نحو الغابة

قالت أنمار بإحباط "آه آه، لقد هرب مرة أخرى، يا له من شخص خجول"

"آسفة يا صغيرتي أنمار، عندما يرجع سأتكلم معه بشأن هذا" قالتها الأم و نظرة أسف على وجهها

عندما رأتها أنمار أجابتها "آه، لا تقلقي يا عمتي، إنه الأمر المعتاد فقط"

(في الغابة)

كان باسل يحمل الخريطة و يتبع الطريق المرسوم عليها حتى وصل إلى الكوخ "و أخيرا وصلت، لماذا غير مكانه لهذا العمق في الغابة"

بينما باسل يتساءل قام أحد بإجابته على حين غرة من وراءه "لكي لا يلاحظنا أحد بينما أدربك"

التف باسل ليجد العجوز ثم قال له "صباح الخير أيها المعلم"

"صباح الخير أيها الفتى باسل، إتبعني" أمره العجوز فأجاب باسل قائلا "حسنا أيها المعلم"

قام الاثنان بالغوص عميقا في الغابة بينما يتحدثان

"ماذا تعرف عن السحر أيها الفتى باسل" سأله العجوز فرد باسل قائلا "السحر هو عبارة عن طاقة الإنسان الكامنة التي يمكنه استعمالها بعد التدرب على كيفية التحكم بها، و هناك مستويات تبتدأ بالمستوى الأول و تنتهي بالسابع، و كل مستوى ينقسم لثلاث أقسام

القسم الأولي، القسم المتوسط و القسم النهائي

يقال أن الساحر لديه قوة بدنية تفوق الشخص العادي بكثير و في كل مرة يرتفع الشخص بالمستوى تتمدد حياته لعشر سنوات أخرى، و لهذا السحرة معروفون بطول العمر حيث هناك من وصل لمائة و سبعين سنة "

"همم" وضع العجوز يده على ذقنه ثم قال "ليس سيئا"

تعجب باسل فسأل معلمه "لماذا أيها المعلم، فأنا قرأت كل الكتب الموجودة بمكتبة القرية التي تتحدث عن السحر"

أجابه العجوز "هذا صحيح، ما قلته لم يكن خاطئا، و بالنسبة لعمرك و موارد بحثك فهذا جيد بالنسبة لك، لكن ما تعلمته من المكتبة لا يقدر بـسوى نسبة واحد من المائة عن السحر، فبالنسبة للطاقة الكامنة التي تحدثت عنها هي طاقة حياة الشخص نفسها و التي يمكنه استخدامها إلا بعد تدرب طويل في جعل عقله متصل بكل 'نقط الأصل' الموجودة بجسده و التحكم بها، أي فهم 'أحجية لغة جسده' الفريدة من نوعها و فكها، عند فعل هذا سيمكنه فتح نقط الأصل و بهذا سيكون قادرا على استخدام طاقة حياته و التي هي السحر، لكن مع أن إسمها طاقة الحياة لا يعني أنها تستهلك حياته الخاصة"

كان باسل ينصت بكل تركيز و اهتمام و الدهشة تزداد في كل كلمة يقولها معلمه "إن رأيي كان صائبا، إنك حقا مذهل أيها المعلم"

أجابع المعلم "مذهل؟ هوهو، هذا لا شيء سوى بداية البدايات، عندما تصل ل'المذهل' بحق عندها سترى ما أعني بكلامي، و بما أنك ستتعلم تحت يدي سأتأكد من تمرير معرفتي كاملة لك"

بدى على وجه باسل تعابير التحمس و الفرح لكنه لاحظ أنهم بدأوا في الدخول لمنطقة محظورة "حسنا أيها المعلم، لكن إلى أين نحن ذاهبين، لقد تعمقنا كثيرا في الغابة"

"آه، لمكان جميل للتدرب، هوهوهو" قالها العجوز و نظرة شيطانية على وجهه، و عندما رأى باسل وجه معلمه صعدت قشعريرة مع جسده بينما يقول "لدي شعور سيء حيال هذا"

"حسنا، كما قلت لك سابقا، سيكون بإمكانك فتح نقطك الأصلية عن طريق فك أحجية جسدك، و لهذا سيكون عليك التحكم في كل مشاعرك و عواطفك و تخلي عقلك من الأفكار لتصل لحالة 'الصفاء الذهني و الروحي'، عند إتمامك لهذا سيكون يإمكانك رؤية تلك النقط و فتحها واحدة تلو الأخرى، مع أن هذه العملية لا تتم بكل سهولة فهناك أشخاص أمضوا بها شهورا و آخرين أعواما و هناك من لم يصل لنتيجة أبدا"

قام العجوز بتعليم باسل عن السحر في طريقهم إلى أن وصلوا إلى واد عميق بحيث لا يمكنك رؤية قعره، و أصوات زمجرة تصدر منه، و عند مشاهدة باسل لهذا المكان قام بسؤال معلمه و ابتسامة فاقدة للأمل مرسومة عل وجهه "معلمي، لا تقل لي أن هذا مكان تدريبي"

قام العجوز بنظرة شيطانية مبتسمة مرة أخرى و هو يضحك "هوهوهو، هذا صحيح، سأجعلك تتمنى الموت على التدرب تحت يدي"

من تأليف Yukio HTM

2017/05/30 · 2,363 مشاهدة · 1629 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024