5 - باسل و المعلم (2)

كان العجوز يشرح لباسل و هو جالس جلسة تربيعة

"هذا صحيح، و عندما تفتح نقط الأصل، يبقى الشخص يحتاج فقط لدفعة تجعل طاقته السحرية تتفعل، ويجب أن تكون من طرف شخص لديه تحكم لا بأس به في السحر و إلا سيدمر جسد المطبق عليه العملية"

قال باسل و بصوت منخفض متقاطع و يبدو من خلاله أنه يعاني "*يلهث، يلهث*.....هوه، هكذا إذا، و..ما..هي..هذه..الدفعة..يا معلمي؟ 'يلهث..يلهث' كان العرق يملأ جسم باسل

أجابه العجوز "ركز الآن على تدريبك الحالي، فعلى ما يبدو، لا يزال أمامك طريق طويل لتقطعه حتى تصل لتلك المرحلة، هوهوهو"

كان العجوز في الواقع جالسا فوق ظهر باسل الذي كان في الهواء فوق الوادي العميق و لديه دعامتين خشبيتين على شكل أفقي فقط، عصى طويلة في جهة يديه تمتد على عرض الوادي و أخرى في جهة قدميه وإذا فقد توازنه و لو قليلا سيكون طعاما لأصحاب الأصوات المخيفة بالأسفل

مرت مدة و قال العجوز "حسنا، يكفي لليوم أيها الفتى"

قال باسل للمعلم "أيها المعلم هذا اليوم العاشر و لا زلت لم تبدأ في التعليم العملي للسحر، إلى متى سأبقى أقوم بهذه التدريبات القاسية من دون البدء في تعلم السحر؟"

أجابه العجوز "إلى أن تصبح مستعدا"

"و متى سأصبح مستعدا أيها المعلم؟ " كان باسل يطرح على المعلم نفس الأسئلة كل يوم و مع ذلك يتلقى نفس الإجابة

"عندما أقول أنك أصبحت كذلك، و الآن كفى من الأسئلة و اذهب للمنزل ثم عد غدا باكرا" أمر المعلم باسل بالعودة و عندما اختفى ظل الفتى قام العجوز بالقفز لداخل الوادي بينما يقول "و الآن لنحصل على عشاء اليوم"

(في منزل باسل)

كانت 'لطيفة' أم باسل تطبخ العشاء بينما كان الابن في غرفته و مستلقيا على سريره منغمس في تفكيره (لماذا المعلم لا يبدأ في التعليم التطبيقي للسحر، كل يوم كل ما أفعله هو قطع الخشب بينما أحمل أوزانا بيدي، و الجري لساعات بينما أحمل أوزانا برجلي، و القيام بتمارين الضغط، و في الأخير يجعلني أستلقي فوق ذلك الوادي المخيف بينما يجلس فوقي و يتحدث لي عن السحر، و بسبب هذا كل يوم أصبح جحيما، حسنا، لقد وعدته بفعل كل ما يطلبه، نعم، و أيضا معلمي شخص عظيم لا بد و أن ما يجعلني أفعله له معنى كبير وراءه" بينما باسل يفكر سمع أمه تناديه ليأتي ليتعشى

"أين كنت تذهب اليوم بكامله للعشرة أيام السابقة، و أيضا تعود متعبا جدا، ما الذي يحدث معك مؤخرا، لا تقل لي أنك تذهب للمناطق المحظورة" كانت الأم تسأل ابنها بنظرة انزعاج ممزوجة مع قلق

"آه، إنني..." عندما كان باسل يحاول شرح ما يحدث معه لأمه تذكر وعده للمعلم ثم قال "لا، إنني...لقد أصبح لدي صديق و نحن نتدرب معا طوال اليوم، يبدو أنه يريد أن يصبح ساحرا هو الآخر"

تعجبت الأم من ابنها كاره الصداقات، المهتم في الكتب فقط و الذي ليس لديه أدنى اهتمام في الآخرين قد أصبح لديه صديق

عندما رآها باسل قال منزعجا "ماذا، حتى أنا يمكنني على الأقل إنشاء صداقة واحدة" ثم أكمل طبقه و ذهب للنوم

غدا فجرا استيقظ باسل و وجد أمه قد استيقظت بالفعل، أكل الفطور الذي أعددته و ودعها منطلقا نحو الغابة

التقى باسل بمعلمه و بدأ في تقطيع قطع الخشب و بعد مدة أزال الأثقال من يديه و وضع الخاصة برجليه ثم بدأ يجري وفق المسار الذي حدد له و الذي كان مملوءا بالعقبات الصعبة، و من ثم بدأ القيام بتمارين الضغط، بعدما انتهى، حمل الدعامتين الخشبيتين و ألقاهما فوق الوادي و اتخذ وضعيته مثل السابق ثم جلس المعلم فوقه من جديد بينما يعطيه دروسا حول السحر

استمر الأمر هكذا لمدة شهر آخر

"حسنا، يبدو أنه حان الوقت"

عند سماع باسل لمعلمه يقول هذا، تعبيره الممل على وجهه تحول لآخر متحمس و قال

"أووه، أخيرا سأبدأ في تعلم السحر"

نظر إليه المعلم و تنهد ثم قال "آسف لتخييب ظنك و لكنك لا زلت غير مستعد، ما قصدته بآوان الوقت هو أنه قد حان وقت الانتقال للمرحلة الثانية"

عند سماع باسل معلمه هذه المرة حدث عكس السابق و رجعت نظرة الملل على وجهه و قال "حسنا أيها المعلم، لكن...."

لاحظ العجوز تعبير باسل و تنهد مرة أخرى بينما يفكر مع نفسه "يبدو أنه يحتاج لمحفز، حسنا"

"أيها الفتى باسل، لا تقلق، إن كل ما تفعله له سبب مقنع و هدف ثابت، ستكون مكافأتك من هذا عظيمة" مع أن العجوز حاول مواساته لكن تعبير باسل لم يتغير و لهذا قال "إن استعطت المواكبة مع التدريب الذي سأمنحه لك و إكماله سوف أشرع في تعليمك السحر"

عندما سمعه باسل عاد مرة أخرى وجهه المتحمس "أووه، إذا كم من المدة سيستمر هذا التدريب؟"

أجابه المعلم" سنة واحدة"

"هاه، سنة كاملة؟ هل تقول أنه يجب علي الاستمرار في المعاناة هكذا من دون تعلم السحر لمدة سنة كاملة" انصدم باسل من المدة فهذه الأسابيع السابقة كانت جحيما كفاية ذهنيا و جسديا لكن المعلم يقول أنه سيستمر في هذا لمدة سنة أخرى و أيضا قال إن استطاع المواكبة في هذا التدريب، ألا يعني هذا أن معاناته ستزداد فقط

"لا تتفاجأ هكذا، فإن استمررت في التمرين العادي سيأخذ منك الأمر سنتين على الأقل، لكن بما أنك متسرع لهذه الدرجة قررت الإستعجال في التدريب، و أسرع من وتيرته، و إن كنت لست مهتما إنس أمر تعليمي لك السحر، فواحد من شروطنا كان الموافقة على كل أوامري"

بقي باسل يفكر في الأمر مدة طويلة "ممم، لقد التقيت أخيرا بساحر ليعلمني، لا يجب علي رمي هذه الفرصة، إن كنت سأدخل لأكاديمية السحر بعاصمة الإمبراطورية، يجب أن أكون قد سبق و دخلت للمستوى الأول، بهذا سأكون قادرا على تلقي منحة، بقي لي حوالي ثلاث سنوات لأصل للسن الأدنى للقبول، أنا أعيش في قرية في جنوب الإمبراطورية بعيدة عن كل المدن و لهذا الالتقاء بساحر آخر في ظرف هذه المدة قريب للمستحيل" بقي باسل يفكر هناك لدقائق، لكنه قرر أخيرا و قال لمعلمه "آسف أيها المعلم للتأخر، فالنبدأ هذا التدريب الذي تحدثت عنه"

أجابه المعلم في الحال و كأنه قد توقع إجابته مسبقا "يبدو أنك اتخذت قرارك، حسنا إتبعني"

ذهب الإثنان عميقا في الغابة و بدآ يقتربا من مكان لدى باسل ذكرى مرسوخة عنه في ذاكرته و عندما وصلا خطى العجوز خطوة لداخل حاجز غير مرئي، لكن باسل الذي كان وجهه مرعوبا قال له

"أيها المعلم أليست هذه المنطقة المحظورة الخاصة بالقرود الزرقاء الضخمة، لماذا أتينا لمثل هذا المكان؟"

أجابه العجوز " 'لماذا' أنت تقول؟ أليس هذا واضحا؟ للتدريب بالطبع"

سأل باسل مرة أخرى "هاه، و لماذا سندخل إلى المنطقة المحظورة من أجل التدرب فقط؟"

أجابه العجوز بابتسامة خفيفة "حسنا، ستعرف هذا عندما نصل لوجهتنا"

(داخل المنطقة المحظورة)

كان الإثنان يمشيان بينما باسل كان خلف معلمه و ينظر يمينا و يسارا ويلتفت للخلف ليرى إن كان هناك أية وحوش قادمة و بمجرد مرور ثلاثة دقائق على دخولهما إلا أنهما قد صادفا وحشا و الذي بدوره عندما شاهدهما زأر بشراسة و انقض عليهما

كان قردا أزرقا ضخما، لكن ليس كأي قرد أخر لقد كان كبيرا كما يوحي اسمه بطول حوالي ثلاثة أمتار و كبير الحجم مع أنياب عملاقة إن عضت شخصا ما لن يبقى منه شيئا

باسل شاهده ليقول بصوت مرعوب كونه قد مر بتجربة قاسية المرة الماضية "أيها المعلم، ماذا نفعل إنه آت في اتجاههنا"

أجابه المعلم بكل برودة "آه، لا تقلق، لا تنسى أنني أنقذتك من واحد مثله سابقا"

تذكر باسل قول المعلم كونه قتل ذلك القرد من ذلك الوقت و أنقذه، عندها ارتاح باله قليلا لكنه بقي مستعدا لأي شيء قد يحدث

كان القرد الأزرق الضخم متوجها نحوهما لكنه توقف فجأة في السماء و لم يعد يستطيع تحريك إصبع واحد

صدم باسل مما يرى أمامه، ذلك القرد الضخم لا يقدر على فعل شيء، لكن ما فاجأه أكثر كانت الرياح المحيطة به، كانت أول مرة يشاهد فيها السحر، السحر الذي قرأ عنه في الكتب فقط، فرح باسل كثيرا عندما رآه لأول مرة في حياته، سأل معلمه عدة مرات ليستخدمه لكنه كان يتلقى إجابة الرفض في كل مرة و يحثه المعلم على التركيز في التدريب

و بينما باسل كان متأثرا بما حدث، كانت الرياح تحمل القرد مقيدة حركته و آتية به في اتجاههما، و عندما وصل القرد أمامهما، أنزله العجوز من السماء من دون فك قيده المصنوع من الرياح الذي كان يحيط بيديه و رجليه

اقترب العجوز منه و وضع يده فوق رأسه و قال له "الآن يجب أن تكون تفهمني، لدي شيء واحد فقط سأطلبه منك، إن فعلته سأعفو عن حياتك، إن لم تفعل سأقتك فقط و أبحث عن غيرك، موافق أم لا"

"كي كي...*قهقهة* " (صوت القرد)

"حسنا لقد تفاهمنا، إن حاولت الهروب أنت تعرف ما سيحدث لك، و لهذا لا تفعل شيئا غبيا"

"كي كي"

التفت العجوز إلى باسل ليقول له "حسنا، يبدو أننا وجدنا لك شريكا مناسبا في التدريب"

"هااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا"

من تأليف Yukio HTM


***********


أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/06/01 · 1,846 مشاهدة · 1383 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024