52 - الموت المخادع و المتهور

52 – الموت المخادع و المتهور

[أتى الموت المخادع، فاندفع المتهور، كُشِفت الحقيقة، فجلبت معها يأسا، نتج عنه عذاب، تسبب في التخلي عن الإرادة في الحياة، فسُلِبت الأرواح]

ما ردة فعل الشخص عندما يدق الموت على بابه؟ هناك أشياء معدودة يمكنه فعلها، أن يرحب به بكل سرور، أن يحاول الهرب منه، أن يقاتله، لكن ليس الكل لديه الشجاعة ليرحب بالموت بفرح، أو الشجاعة لقتاله، فأغلبهم يطغى على قلبه الخوف، و الرعب من فكرة 'نهاية حياته'، الفزع الذي ينتج من هذه الفكرة لا يترك لهم أي مجال للتفكير في أي شيء سوى شيء واحد لا غير

'الهرب'

لكن، وا أسفاه، عندما يحضر الموت و يكون مؤكدا فليس هناك مهرب، بالتأكيد سيحاول، لكنه لن ينجح، لأن الموت عندما يطرق بابه، فإنه لا يطلب الإذن ليسمح له بالدخول، بل يُعْلِمه و يحذره فقط بقدومه ليحزم قراره

إن كان قد تخلى عن حياته، أو وجد أن موته أفضل من عيشه، فبالتأكيد سيكون من المرحبين، و إن كان شجاعا، و لديه هدف لا زال عليه تحقيقه في هذا العالم، فسيكون من المقاتلين، لكن إن كان جبانا و أعطى ظهره، فسوف يكون من الهاربين الميتين

الناس أنواع و أشكال، و قد يبدو من اللمحة الأولى أن عائلة غرين من المقاتلين، لكن هيهات هيهات، الموت الذي يدق على الباب في بعض الأحيان قد يكون مخادعا

قد يرى الشخص أنه سهل و في متناول اليد، يمكنه قتاله و التغلب عليه بسهولة، لكنه يفاجئه بالحقيقة القاسية، ثم بعدها سيقول، آه، لقد كنت من ذلك النوع، إنه 'المتهور'، الذي ليس مقاتلا شجاعا، و لا مُرحِّبا متخليا عن الحياة، و لا هاربا جبانا، و إنما ليس سوى متهورا لم يكن يعرف أن الموت الذي دق على بابه لم يكن سوى 'مُوفَد'

و الموت الحقيقي كان ينتظره ليأتي برجليه لعنده، فهو أرسل له مجرد مُوفَد ليغريه للخروج و من ثم يقتله ببطء، هذا النوع من الموت يكون دوما الأقسى من بين الكل، لأنه بخداعه يتسبب في يأس المتهور عندما يكتشف الحقيقة، و من ثم يقتله ببطء شديد. يخدعه و يجعله يقع في هاوية اليأس و يعذبه و عندما تختفي الإرادة في الحياة من على محياه، عندها يسلب منه الشيء الذي تهور و لم يحميه جيدا، يأخذ منه حياته التي لم يحافظ عليها جيدا

عائلة غرين خدعت بعدد الجيش الذي يهاجمها، و يبدو أن هذا كان هدف باسل، كان بإمكانه حشد جيش ضخم جدا، لن يهتم بنوعية الجنود، سوف يقوم فقط بزيادة العدد، لكنه لم يفعل، لأنه أراد أن يجعل من عائلة غرين 'المتهور'

ابتسم باسل من فوق السور العالي و قال "أيها المتهور، لقد طرق الطارق المخادع على بابك، فهيا أسرع و ابتلع الطعم، و سأنصحك أن تتلذذ به جيدا، لأنه سيكون آخر ما ستأكل في حياتك"

[أتى الموت المخادع، فاندفع المتهور، كُشِفت الحقيقة، فجلبت معها يأسا، نتج عنه عذاب، تسبب في التخلي عن الإرادة في الحياة، فسُلِبت الأرواح]

*وووش* *وووووووووش* *وووووووووووووش*

ظلال تزحف، جالبة معها نذير شؤم

خارج القصر الإمبراطوري الذي كان مركز العاصمة، كان الأمير الثاني الذي يتمركز بالجانب الشمالي جالسا فوق كرسي في حالة تأهب قصوى

و بعد قليل من الوقت أحس بالأرض تهتز، فنظر بعيدا، ليرى المنظر المهول، وقف على رجليه فاتحا عينيه على مصراعيهما آمرا بصوت مرتفع

[أمر لجميع الجنود، العدو قادم، تأهبوا، اجعلوا من أنفسكم وحوشا لا رحمة لها]

*اقتراب صوت جري*

[كونوا أصحاب إرادة فولاذية، نحن أصحاب اليد العليا، ليس هناك جيش لا يمكننا دحره، نحن الأقوى هنا، و من يعادينا سنكون له بالمرصاد]

*اقتراب صوت جري*

[إنهم ليسو سوى 50 ألف، نحن هنا بنا 80 ألف، ليسو حتى بخصوم لنا، سندافع بأرواحنا عن مُلكنا و لن يكون هناك من يخترقنا، سوف نقوم بإبادتهم عن بكرة أبيهم]

"هوووووووووووووووووووووووووووواه"

*وصول مسبب الصوت*

*التقاء*

و

*بووووووووووووم*

وصل جيش الانقلاب و أخيرا اصطدم بالعدو، و في الحال قتل جنود من جهة العدو بسرعة خيالية، حدث الأمر بسرعة كبيرة جدا، لم يكن لدى جنود الأمير الثاني أي فرصة لرد الهجوم لأنه ببساطة كان فوق طاقتهم، كان يتقدم هذا الجيش ذلك الجنرال الأسود، لقد كان الرئيس 'كورو هِيْ'

الأمير الثاني لم يعرف ما حدث له، لكن الواجهة التي أمامه قد أصبحت ظلاما فجأة و اختفى العدو من ناظريه

*قطع* *حرق* *تجميد*

جميع الهجمات نزلت على جيش الأمير الثاني، و في لحظات و من دون أن يدري، و بعد أن اختفى الظلام، وجد جيشه قد دُمِّر ربعه

"ما.........ذا؟"

لم يجد الأمير الثاني ما يقوله، لم يكن لديه الوقت ليفكر، كيف حدث هذا؟ و أثناء صدمته ظهر أمامه الرئيس 'كورو هِيْ' بينما يهمس بشيء ما

في الحقيقة الرئيس 'هي' لم يكن يهمس، و إنما الأمير الثاني هو الذي لم يكن مركزا سمعه على ما يقوله، لأن المنظر الذي أمامه لا يصدق ببساطة

".......ماذا تقول أيها الأمير الثاني؟"

هذه هي الجملة الوحيدة التي وصلت لأذان الأمير الثاني، فالتفت أخيرا ليرى الشخص الذي نطق اسمه، فوجد الرئيس 'هي'

"الرئيس كورو هي؟ أنت أيضا انضممت لعائلة كريمزون؟ ظننت أنك و عائلتك في موقف محايد"

بدأ الأمير الثاني يتحدث مع الرئيس 'كورو هي' بادئا بتساؤل بينما معركة طاحنة بين الجيشين تدور حولهما، لكن الغريب في الأمر أن هذه المعركة كانت من جانب واحد، لقد كانت مجزرة

تكلم الرئيس 'هي' "معك حق، نحن كنا في موقف محايد دائما، لكن، سأقول لك شيئا، عندما يأتي صديق لك يطلبك، هل سترفضه؟"

"صديق؟" تعجب الأمير الثاني و قال سائلا "أتقصد الرئيس مارون؟"

"همف" تهجن الرئيس 'هي' و قال "حسنا، نهاية الكلام عني، فلتجبني عن سؤالي السابق"

استغرب الأمير الثاني و قال "أي سؤال؟"

حك الرئيس هي رأسه و قال "ألم تستمع لما كنت أقول؟ حسنا، في هذا الموقف أنا أعذرك، سأعيد كلامي، الرئيس كريمزون أكاغي طلب مني توصيل رسالته لك، و التي هي كالتالي 'أيها الأمير الثاني، إنك الشخص الوحيد المستقيم في عائلة غرين، و لم أرى من جهتك أي عداوة، لذا قررت منحك فرصة، ستنضم لي و تنجو، أم تقوم أخيرا بمعاداتي عن طريق الوقوف في جانب عائلتك و تفنى، ماذا تقول أيها الأمير الثاني؟' "

فقد الأمير الثاني أخيرا هدوءه و قال "أنا أتعرض للتهديد؟ أنا أحاصر في الزاوية؟ سأجيب عن سؤالك أيها الرئيس 'هي'، و أتمنى أن تبقى حيا لتوصل رسالتي التي هي كالتالي 'دم غرين يمر في عروقي، تهديد كان أم حصار، لن أتخلى عن دمي أبدا، لقد هددت الشخص الخطأ أيها الرئيس أكاغي، و الآن سوف تواجه عاقبة أعمالك'، أما أنت أيها الرئيس 'هي' فسوف أحرص على أن تموت بعد أن توصل رسالتي على أكمل وجه"

حك الرئيس هي و قال "آه، بشأن هذا لا تقلق، فعندما كنت تقول الرسالة كنت أنقلها للرئيس أكاغي، و الآن فلنرى مدى قدراتك التي تعتبرها قادرة على قتلي"

غضب الأمير الثاني بشدة فاستل سيفه و صرخ "هاوية الأرض المدببة"

بمجرد صراخه و تلويحه بالسيف، انقسمت الأرض من تحت الرئيس 'هي'، فوجد نفسه في الهواء و تحته جرف عميق مليء بأنياب عملاقة حجرية، كانت تغلق و تفتح، و لو سقط في داخلها سوف يصبح لحما مفروما لا محالة، كانت الأرض أسفله تغلق و تفتح، كانت كفم لوحش لا يتوقف عن إغلاق فمه و فتحه لأنه لا يستطيع انتظار الفريسة ليأكلها

قبل أن يسقط الرئيس هي صرخ قائلا بينما يلتف حول يده بخار أسود "رمح الظلام"

*بووووووووم*

ظهر من يده سحر الظلام، و عندما وجه يده على شكل رمح تمدد البخار الأسود ليخترق الأرض و يدمر الجرف العميق الذي كان أسفله

وقف الرئيس 'هي' و قال "يبدو أنك استهنت بي حقا أيها الأمير الثاني، سوف أوقظك من نومك و أحلامك، أنت يسيطر عليك الغضب و لست هادئا لذا لم تلاحظ، لكن أنظر حولك جيدا"

فعل الأمير الثاني كما طلب منه الرئيس 'هي' و إذا به يرتعد من المنظر الذي يشاهده، نصف جيشه انمحى من الوجود بالفعل، كان في صدمة كبيرة لذا تحدث بارتعاب

"ما هذا؟ كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ أنا متأكد من أن جيشكم لا يتجاوز ال50 ألف، انتظر لحظة، لماذا الـ50 ألف كلها هاجمت جهتي أنا؟ و مع ذلك، أنا جيشي كان قدره 80 ألف، فكيف لجيشكم المكون من 50 ألف أن يهزم نصف جيشي بالفعل؟"

هنا ظهر فتى قرمزي من الظلال و تكلم بصوت حاد "أيها الأمير الثاني، كل هذا لا يهم حاليا، فأنت لا تحتاج لمعرفة الجواب، و السبب بسيط، لأنك ستموت هنا و الآن لا محالة"

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/08/13 · 1,208 مشاهدة · 1302 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024