6 - شريك التدريب

*بوووم، بوووووم، بوووووووم*

لكمات متتالية من طرف القرد الأزرق الضخم تلحق باسل الهارب

"آآآه، لماذا علي المرور بكل هذا من أجل تعلم السحر فقط، أليس هذا غريبا" كان باسل يشتكي بلا توقف بينما يراوغ لكمات القرد الذي يهاجمه تحت أوامر المعلم

كان باسل بمجرد ما أن يراوغ اللكمة الأولى تأتيه الثانية مباشرة من دون وقت للراحة و يستمر الوضع هكذا حتى يغيب عن الوعي، لكن بعد أيام استطاع إنهاء التدريب المعطى له بدون فقدان الوعي، استمر الأمر هكذا حتى بدأ يستطيع مواكبة اللكمات الموجهة له بارتياح قليلا.

عندما أصبح يستطيع تجنب جميع لكمات القرد بسهولة، قام المعلم برمي الأثقال الخاصة بيديه و رجليه أمامه في اليوم التالي مما جعله يعود لنقطة البداية، و في كل مرة يتحسن في تجنب القبضات ترمى أمامه أوزان أكثر ليرتديها حتى وصل ما يحمله لعشر كيلوجرامات بيديه و عشرة أخرى برجليه

و مرت الأيام

أمر المعلم باسل بإزالة الأثقال و التوقف عن الهرب و محاولة مواجهة القرد في مباراة مباشرة هذه المرة

فعل باسل ما أمره به المعلم و اتخذ وضعية استعداد بينما ينتظر القرد القيام بالحركة الأولى

في الأيام الأولى كان باسل خائفا جدا من القرد و هذا ما كان يجعله قادرا على الاستمرار في الهرب، لكن مع الوقت بدأ باسل ينسى تجربته السابقة التي كان فيها على حافة الموت. و عندما واجه القرد الأزرق الضخم كل هذه الأيام، بدأ شعوره بالخوف منه يقل

أمر المعلم القرد بعدم الهجوم إلا عند دخول باسل لنطاق ضرباته و التركيز على الدفاع فقط و الرد على الهجوم

و لهذا بدل الانتظار اندفع باسل في اتجاه القرد الضخم و عندما اقترب من نطاق هجومه اتجهت نحوه لكمة بسرعة لكنه استطاع مراوغتها بسهولة

راوغ باسل الهجمة و اتجه يمينا و بينما ذراع القرد اليسرى كانت موجهة نحو مكانه السابق، قام باسل بإلقاء لكمة نحو جانبه، أصابت قبضته الجانب الأيسر للقرد لكنها لم تعطي نتيجة مقبولة

قفز باسل متراجعا للوراء و بدأ ينظر في لكمته و يتذكر سرعته عند مراوغته لكمة القرد و أيضا حتى عندما قفز قبل قليل للخلف، رأى أن لكمته أصبحت أقوى و سرعته أصبحت أكبر و قدرة قفزه ارتفعت، لاحظ أن جميع قدراته ازدادت بشكل كبير، حتى عندما لكم القرد كانت فقط لكمة للتجربة لكنها أخرجت قوة أكثر مما كان يتوقع مثلما حدث مع سرعته في المراوغة و مدى قفزه

لم يحظى باسل طوال الأسابيع الماضية بفرصة ليجرب فيها لياقته، كان كلما ينتهي من التدريب يعود إلى المنزل منهكا جدا، و لهذا لقد تفاجأ من مدى تطوره

أحكم باسل قبضته قائلا مع نفسه "أستطيع فعلها"

بمجرد ما أن انتهى من كلامه مع نفسه اندفع مرة أخرى صوب القرد لكن هذه المرة لم يدخل لنطاق هجومه و بدأ في الدوران حوله منتظرا ثغرة ما

رأى باسل أخيرا ثغرة في دفاع القرد و اندفع صوب رجله اليسرى مستهدفا وراء الركبة و عندما كاد أن يضربها قفز صاحبها نحو السماء و عندما وصل من تحته باسل ركله نحو الأرض

'كااااخ'

تقيء باسل القليل من الدماء جراء الضربة و اصطدامه بالأرض لكنه نهض بسرعة و تراجع هروبا من رجل القرد الأخرى التي كانت تستهدفه

"يبدو أن هذا لن يكون سهلا كما توقعت" كان يقولها باسل بينما يمسح الدم من فمه و يبتسم ابتسامة متحمسة

'هه...هه...هه يلهث، يلهث'

"في الأخير لم أستطع إصابته بضربة أخرى" كان باسل مستلقيا فوق الأرض و يتنفس بصعوبة و يقطر عرقا

جاء معلمه و قال له "كما لو أنك ستفعل، إنه مخلوق عاش حياته كاملة في البرية و خبير في المعارك، أ ظننت أن غرا مثلك سيستطيع إصابته من الأول؟"

أجابه باسل "لكنني أصبته في المرة الأولى"

أكمل المعلم "صحيح أنك أصبته، لكن هذا حدث فقط لأنه كان متفاجئا من ازدياد سرعتك المفاجئ لأنك أزلت الأثقال، لكن عندما أقاس سرعتك لم تكن لك أي فرصة أمامه"

"حسنا هذه مباراتك الأولى ضده، لا تقلق، لقد أبليت حسنا بالنسبة للمرة الأولى" مدحه المعلم ثم قال له "ارتح قليلا، و اشرب هذا الدواء سيسرع من إرجاع طاقتك"

تفاجأ باسل و قال "أ كان لديك هذا الشيء المفيد و لم تعطه لي من قبل أيها المعلم؟"

أجابه المعلم بينما يضحك "هوهوهوهو، حسنا لقد كان لدينا وقت كاف لتركك تتعافى طبيعيا، لكن الآن بما أنني وعدتك بتعليمك السحر بعد سنة من الآن فيجب على الإيفاء بوعدي، و لهذا سيكون عليك أن تكون كل يوم في حالة جيدة لتستطيع اتباع التدريب"

"عندما ترتاح جيدا، فالتأتي لتأكل معي إنني أنتظرك في المكان المعتاد"

شرب باسل الدواء الذي أعطاه له معلمه و بعد مرور دقائق أحس أنه يستطيع التحرك قليلا، ذهب ليشارك معلمه الطعام و بعد الانتهاء قام بتوديعه و ذهب للمنزل

عندما دخل باسل للمنزل تفاجأت أمه، كلما عاد باسل للمنزل يكون منهكا تماما و لا يقدر على التحرك، لكن هذه المرة مع أنه يبدو عليه التعب لكنه يبدو نشيطا بالمقارنة مع الأيام السابقة

كان باسل يتحدث مع أمه بينما يأكلان، و فجأة تحولت نظرته لواحدة حزينة

"أمي، ألا تواجهين أي مشكلة، أنا آسف، أذهب بالصباح و لا أعود إلا عند الغروب، في الشهرين الأخيرين لم أعد أمكث بالمنزل، أنا أعرفك يا أمي أنك لن تطلبي مني القيام بشيء، لكن أتمنى أن تقولي لي أي شيء قد تحتاجينه و سأقوم به"

رأت 'لطيفة' أم باسل ولدها يشعر بالذنب و لهذا حاولت التخفيف عنه " آه لا تقلق، إن أنمار تأتي لمساعدتي غالبا، و أقضي غالب وقتي معها هي و والدتها 'سميرة' و لهذا لا أشعر بالوحدة كثيرا، لهذا لا تقلق و افعل ما تريد، لكن عدني بشيئين اثنين"

فرح باسل لسماع أخبار أمه و كان مستعدا لقبول أي شيء تقوله

"أولا، لا تقم بأي شيء خطير يعرض حياتك للخطر، ثانيا، عندما تلتقي بأنمار لا تهرب منها فقط و لكن قم بتحيتها على الأقل، فهي صديقتك منذ نعومة أظافركما، و طريقة تصرفك معها سيئة للغاية"

عندما كان باسل يستمع لأمه، أماء رأسه موافقا على كل شيء تقوله، لكن عندما قالت أنمار توقف، لكنه مع ذلك كان قد سبق و قرر أنه سيوافق على كل ما تطلبه أمه و لهذا وافق على شرطها الثاني أيضا

استيقظ باسل باكرا اليوم أيضا و أكل فطوره كالعادة مع أمه، و عندما انتهى كان خارجا من المنزل فصادف أنمار أمام الباب، حاول الهرب لكنه تذكر وعده مع أمه و لهذا نظر للجانب الآخر بينما يقول بصوت منخفض بالكاد يسمع "صباح الخير" و ذهب في طريقه بسرعة

عندما سمعت أنمار تحية باسل تفاجأت و قالت "هل فقط قبل قليل..." ثم دخلت للمنزل "صباح الخير يا عمتي لطيفة"

أجابت أم باسل "صباح الخير يا صغيرتي أنمار"

أنزلت أنمار قماش به القليل من الخضر ثم قالت "ظننت أنه لم يكن بالأيام السابقة في المنزل محاولا تجنبي فقط، لكن لا يبدو أن ليس هذا ما في الأمر، عمتي لطيفة، أين يذهب باسل طوال اليوم؟"

أجابتها الأم "آه، لقد قال أنه يذهب للتدرب على السحر مع صديق ما"

"هاه...صديق؟" تفاجأت أنمار مما سمعت قبل لحظات

أجابتها الأم و هي فرحة "نعم، كان هذا قبل شهرين عل ما أذكر، أ ليس هذا مفاجئا؟ أن يصنع باسل صديقا آخر غيرك"

قالت أنمار بينما تبتسم بتصنع "نعم، إن هذا مفاجئ بحق" ثم أكملت مع نفسها "كما لو أن هذا ممكن، أنا أكثر من أي شخص أعرف مدى عدم اهتمام ذلك الولد بأي شيء آخر غير السحر و الكتب و الاكتشافات الجديدة، صديق؟ لا تمزح معي"

(في المنطقة المحظورة)

كالعادة لم يكن باسل يستطيع توجيه أي لكمة للقرد و يتلقى فقط العديد منها في كل مرة يحاول أن يضربه

استمر الأمر هكذا لأسبوع حتى استطاع أن يضرب القرد الضخم

"وااااه، أخيرا استطعت فعلها، لقد استطعت فعلها يا معلمي" كان باسل فرحا جدا و أخيرا اللكمة التي كان يحلم بها لمدة أسبوع قد استطاع القيام بها

'ططن'

"على ماذا أنت متحمس أيها الأحمق" قام المعلم بضرب باسل على رأسه ثم أكمل قائلا "كل ما فعلته هو تحقيق لكمة واحدة فقط، لا تفرح بهذا فقط"

قاطع المعلم فرحة باسل ليعود هذا الأخير للواقع المر و هو أنه بعد أسبوع كامل من المواجهة مع القرد قد استطاع لكمه مرة واحدة فقط، مما جعله غاضبا عندما فكر به و استأنف التدريب من جديد

استمر على نفس المنهاج لمدة شهر آخر

تكلم المعلم فجأة بينما كان يشاهد باسل يقاتل القرد الأزرق الضخم "أووه، يبدو أنه أخيرا بدأ يستطيع مجابهته قليلا"

كان باسل يتبادل اللكمات بشكل متتالي مع القرد الأزرق الضخم

كان يراوغ ما يستطيع من اللكمات و يدافع بيديه ما لم يلحق مراوغتها، بعدها يهاجم بسلسلة من الهجمات المختلطة باللكمات و الركلات

"يبدو أن الإحباط من عدم استطاعته تحقيق غير تلك اللكمة فقط في أسبوع استطاع التقدم به للأمام"

"حسنا، لقد مرت مدة، لنجعله يرتديهم مرة أخرى"

نادى المعلم باسل و ألقى أمامه الأثقال، أخذها باسل و وضعها عليه هذه المرة من دون أن يتذمر و رجع ليقاتل القرد، بسبب حمله الأثقال أصبحت حركاته بطيئة، لكنه لم يترك هذا يحبطه

بقي كل يوم يزيد من وزن الأثقال إلى أن وصل إلى 15 كيلوجرام في يديه و أخرى برجليه بعد أن كانت 10 كيلوجرام

بدأ يستطيع القتال ضد القرد بسهولة بينما يحمل الأثقال، عندها أمره معلمه بإزالة الأثقال، و أمر القرد الضخم بالهجوم أيضا بدل الاكتفاء بالدفاع و رد الهجوم فقط

اتخذ باسل وضعية القتال و حاول الاندفاع صوب القرد لكن هذا الأخير سبقه هذه المرة في الهجوم و انقض عليه باللكمات

*بوووووم، بووووووووووم، بووووووم*

وثب القرد لاكما باسل عدة لكمات لكن و لا واحدة قد أصابته ، راوغها جميعها بكل سهولة و عندما رأى القرد أن لكماته لا تنفع، غضب و قفز للسماء محاول النزول على باسل و غرسه في الأرض

باسل رأى من خلاله و لم يترك هذه الفرصة تضيع، عندما اقتربت رجل القرد منه راوغها بسرعة و بمجرد ملامستها للأرض ركل وراء ركبتها فسقط صاحبها على الأرض ليكمل باسل هجومه بلكمة في منتصف ظهر القرد "غوااه" و يبدو أن هذه المرة قد أثرت كثيرا لدرجة جعلته يصرخ من الألم، قفز باسل و لوح برجله في اتجاه رأس القرد

*بوووم*

سقط القرد مغميا عليه على الفور بدون أن يصيب باسل حتى بهجوم واحد

"واااااااااااااااااااااااااه"، صرخ باسل صرخة النصر كما لو أنه جنرال يعلن الفوز في حرب ما، ثم قال للقرد المغمى عليه "شكرا لك، لقد كنت شريكا جيدا في التدريب"

من تأليف Yukio HTM


أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/06/03 · 1,805 مشاهدة · 1614 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024