75 - خدعة

من كان ليتوقع حدوث مثل هذا الأمر؟ خصوصا بعد نهاية المعركة، من يمكنه أن يعتقد أن الكبير أكاغي سيتعرض للطعن في الظهر من عدو مجهول بسيف أثري؟

تقيأ الكبير أكاغي الدماء، و حدق في السيف الذي خرج من بطنه، كيف لهذا أن يحدث؟ ألم يفز ضد عدوه اللدود بالفعل؟ هذه الأسئلة اتخذت شكل تعبيرات بوجهه

كل من يوجد في الساحة بقي فاتحا فاهه من شدة الصدمة، هذا حقا غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى، بالطبع لا، فكيف يمكنهم حتى أن يتخيلوا وجود عدو بسيف أثري مثل هذا؟ و من خلال طاقته السحرية، فلا شك أنه في قمة المستوى السابع

كل القادة الكبار شحبت أوجههم، الجنرال منصف كادت الدموع تنزل من عينيه، لكنها لم تفعل و بقيت عالقة لأنه لم يرمش أبدا من المشهد المروع الذي أمامه

حدق الجميع في صاحب السيف الأثري، فظهرت صورته ليكون عبارة عن شاب في منتصف العشرينات، لم يستطع أي أحد التعرف عليه

لكن هذا الشاب ظهرت تعبيرات غريبة على وجهه مع إبقائه على إمساكه لسيفه الأثري، ثم بدأت الأفكار تراود ذهنه، ما هذا الشعور بالضبط؟ ثم عندها فهم ما حدث له

تراجع للخلف عدة خطوات ثم ضحك بجنون "هاهاهاهاهاهاهاهاها" وضع يده على جبهته ثم تكلم "لقد خدعت تماما" وجه نظره لجهة محددة ثم حدق بعينيه من بين أصابعه، أخرج نية قتل جعلت كل شخص موجود يرتعد منه، لا يهم إن كان جنديا أو واحد من القادة الكبار، كلهم ارتعبوا منه، بعد أن نظر لتلك الجهة، تكلم بصوت منزعج يحمل معه نية قتل مستهدفة الشخص الذي وجه إليه الكلام "إنها أنت أيتها الغرة، لم أتوقع وجود شخص مثلك هنا، بصراحة لم أكن أظن أو وضعت حتى احتمالية وجود شخص بسحر الوهم في من المستوى السابع"

"همم؟" استغرب الجميع و خصوصا القادة الكبار، ما الذي يتحدث عنه؟ التفوا جميعا نحو الشخص الذي وجه إليه نظره سابقا ثم حدقوا به، كلهم وجهوا نظرهم نحو أنمار منتظرين الإجابة

تكلم الجنرال منصف "ما الذي يعنيه بكلامه؟"

لكن صوت حنين على مسامع الجنرال منصف قد أجاب على حين غرة "لقد أنقذتني حفيدتي يا زوج ابنتي"

عندها ظهر الكبير أكاغي وسط الجموع، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لما هناك اثنين منه؟ واحد يقف أمامهم و صحته جيدة، أما الآخر فهو ساقط على الأرض و أصبح جثة بالفعل

"ما..." حاول الجنرال منصف التكلم لكن الرئيس تشارلي قال بارتعاب بينما يحدق في أنمار بعمق "ابن صديقي أكاغي لم يمت، لقد كان ذلك وهما، السيدة الصغيرة خدعتنا كلنا"

كان أول من اكتشف وهم أنمار بعد العدو الرئيس تشارلي، في هذه الأزمة التي حدثت أمام أعينهم، لم يستطع و لا واحد منهم التركيز بشكل مناسب ليكتشف وهم أنمار غير العدو الذي لا يبالي بهذه الأزمة

في الأصل هم لم يروا ساحر وهم من المستوى السابع في حياتهم، مما يعني أنهم لم يجربوا قوته أو وقعوا تحت وهمه من قبل، لذا لا يعلمون مدى تأثيره عليهم، و بسبب الأزمة، كان القادة الكبار قد خدعوا أيضا، فبغض النظر عن الجنود الذين لم يكن مخولا لهم اكتشاف هذا الأمر أصلا، يبقى أمر عدم اكتشاف القادة الكبار لوهمها أمرا في غاية اللاعقلانية

حتى إن أزحنا الرئيس كورو، الرئيس براون و الرئيسة موراساكي، فيبقى الرئيس تشارلي و الجنرال منصف اللذين اخترقا المستوى السابع بالفعل، الجنرال منصف في القسم الأولي و الرئيس تشارلي في القسم المتوسط، لكنهما مع ذلك لم يكتشفا أمر هذه الخدعة، و عندما فعل أحدهما، كان ذلك بعد انكشافها

حركت أنمار يدها بهدوء فاختفى الجسد الميت الخاص بالكبير أكاغي مع كل الدماء المحيطة به، و عند مشاهدة هذا الأمر، فهم كل شخص موجود بالساحة ما حدث

لكن، بكل جدية؟ أكان ذلك وهما، تلك التعبيرات التي رسمت على الكبير أكاغي، أو يجب أن نقول وهمه، كانت حقيقية، كل شيء كان حقيقي، صراخه، تقيؤه الدماء، تعبيراته، أيمكن لشخص أن يستطيع صنع وهم كهذا؟ لا يمكنك مفارقته عن الواقع

ارتعد الكل من أنمار، مثل هذه الفتاة في مثل هذا العمر، لا يمكن لأي شخص صنع وهم بهذه التفاصيل بعبقريته فقط، نعم العبقرية هي العامل الأساسي و المهم في هذا كله، لكنه إن لم يكن يفهم الحالة التي يريد تجسيدها فهما كاملا و شاملا، فلن يكون باستطاعته صنع مثل هذا الوهم الواقعي

لم يعرف غالب الأشخاص هنا عن أنمار، لم يعلم أحد عن قوتها الحقيقية سوى التاجر ناصر و الجنرال منصف، لكن هذا الاثنين لم يشهدا وهمها مباشرة، فبعد حضورهما سابقا، كانا قد وجداها تعذب الأميرة الخامسة فقط، لذا حتى لو كانا قد علما أنها من المستوى السابع، لم يكن لديهم الوعي بهذا بما أنهما لم يجربا قوتها مباشرة

ببساطة، كل شخص موجود هنا قد خدع من قبل أنمار، هذه الأخيرة جعلت طاقتها السحرية تهدأ قليلا، فبعد كل شيء، لقد اضطرت لاستخدام طاقة سحرية كبيرة من أجل تشكيل وهم قادر على خداع كل الموجودين هنا، خداع أكثر من مائتي ألف وحده كان عملا شاقا، و عند إضافة إليه القادة يزداد الأمر صعوبة، أما عند إضافة ذلك العدو ذو الحواس القاتلة، فكان الأمر مرهقا لخداعه ريثما يتخذ الكبير أكاغي موقعا آمنا

بالطبع، الكبير أكاغي قد اختفى من الوجود بالنسبة للآخرين، لكنه كان الوحيد غير أنمار الذي عرف ما الذي يحدث أثناء تنفيذ الوهم، لذا أسرع في الهروب، فنية القتل التي يحملها ذلك الشاب الذي حاول قتله، جعلته يبتعد عنه في أقرب أمكن له، لم يستطع تحمل ضغطه لوقت أكثر

و بمجرد ما أن ابتعد الكبير أكاغي، حتى شعر الشاب الذي هاجمه باختفاء حضوره، عندها شعر بأن شيئا ما غير صحيح، فرأى من خلال وهم أنمار

تكلم الكبير أكاغي "صغيرتي أنمار...أنا..."

قاطعته أنمار ثم قالت "نصف شكرك يجب أن يذهب لباسل"

قبل بداية المعركة الأخيرة و مغادرة باسل، كان قد ترك ذلك الأخير بعض الكلمات قبل مغادرته "أنمار، أريد منك الحفاظ على قوتك قدر المستطاع، حاولي عدم التوغل في جو المعركة بالكامل، و حتى بعد نهاية المعركة لا ترخي دفاعاتك و لو للحظة واحدة، و إن حدث أي شيء غريب قومي بالتعامل معه بما هو مناسب لك، و لا يجب عليك إيقاف حواسك الخارقة حتى أرجع و ننتهي كليا من هذا الأمر، ليس حتى يطمئن قلبي، و يذهب عني هذا الوخز من ظهري"

تعجبت أنمار "هل هو حدسك؟"

عبس باسل ثم قال "نعم، في مثل هذه الأوضاع، عندما تكون هناك قطعة مفقودة، قد لا يكون بإمكاني إيجادها، لكني على الأقل أكون أعلم بأنها مفقودة، و كل ما أحتاج لفعله هو الاستعداد لها، أنا سأترك لك هذا الأمر هنا"

أماءت رأسها فذهب و اقترب من الكبير أكاغي ليخبره أنه ذاهب

بالعودة للأحداث الحالية

"لا يمكنني سوى الشعور بأنني لا يمكنني رد دينكما بما تبقى لي من العمر" تكلم الكبير أكاغي

ردت عليه أنمار "أنا لا أهتم بأي شيء موجود في هذا العالم عدا اثنين، أولهما باسل، و ثانيهما العائلة، لا تقل مثل هذا الكلام، نحن لا ننتظر منك رد دينك لنا يا جدي"

غمرت الكبير أكاغي السعادة و كادت الدموع تنهمر من عينيه، و في هذه الأثناء، لم يسع الجنرال منصف سوى تذكر صورة باسل المشتعلة أثناء تدربهم بشهر الانعزال

أما الآخرين، فقد أصبحوا يقدرون قيمة باسل و أنمار أكثر، الأمر لا يقتصر فقط على القادة، و إنما على كل الجنود هنا

لكن مع فرحتهم هذه نسي الجميع ذلك الشاب من قبل، ذلك الشاب الذي في قمة المستوى السابع تحدث بنبرة حادة "أمم، يا له من لم شمل رائع، لكن يبدو أنه سيتشتت مرة أخرى"

شحذ طاقته إلى أقصاها، جعل كل الموجودين في الساحة يرتعدون من قوته، حاليا، قد لا يكون هناك أي شخص موجود هنا لمجابهته، شحبت وجوه كل الموجودين، و بسرعة كبيرة، عن طريق حواسهم الحادة التي أخبرتهم بالخطر المحدق قام القادة الكبار بشحذ طاقاتهم كذلك، قامت أنمار بإشهار سيفها مع تمرير طاقتها إليه

حدثت حالة سكون لثوان، انكسر هذا الصمت العميق بجملة من ذلك الشاب "حسنا، لما لا نبدأ بك أيتها الغرة"

استعد للانطلاق، و عندما أراد أن يفعل، فجأة، في السماء ظهر حضور أجبر كل من يقع أسفله يشعر كما لو أن هناك جبلا يضغط عليهم

شخص بعربة يسوقها وحشين هائلين، فقط بمجرد وقوفهما في السماء جعلا كل شيء تحتهما يخضع لهما، أجنحتهما جلبت معها عواصف مع رفرفتها، بجسد كالأسد، إلا أن القدمين الأماميين و الرأس كانوا مأخوذين من الصقر الملكي، التفت حولهما هالة قاتلة، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول أنه قادر على ترويضهما

لكنهما كانا يجران معهما عربة يركبها شخص ما، هذا الشخص كان صاحب ذلك الحضور سابقا، فبمجرد ما أن وصل، حتى توقف الشاب عن محاولته الهجوم، حدق في السماء و تمتم "لقد وصل الأقدم الكبير أخيرا، لكن، كما هو متوقع منه، دخوله غير اعتيادي، أن يجعل وحشي الفَتْخاء ('غرفين'، إن لم تعرفه، ابحث عن هذه الكلمة في غوغل) يقودانه إلى هنا، كما هي طبيعته، مبهرج في كل الأحوال"

تلونت وجوه جميع الموجودين هنا غير أنمار فأصبحت زرقاء، تحت هذا الضغط المهيب، لم يكن بإمكانهم التحرك قيد نملة حتى، ما هو هذا الشخص الموجود بالضبط هنا؟

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/09/25 · 1,132 مشاهدة · 1404 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024