83 – إصلاح و إرادة

استمر العلاج لمدة أطول، و مع مرور الوقت، العظام التي كانت متحطمة تماما التأمت من جديد كما لو أنها لم تصب أصلا، رجع لحمه لما كان عليه من دون أن يخلف العلاج وراءه أي أثر للجراح العميقة

لكن، مع أن جسده قد شوفي تماما إلى أنه لا يزال يتقطع متألما بسبب عدم استقرار بحر روحه، من تجرأ و شرب إكسيري علاج مرة واحدة، غالبا ما سيتعرض لآثار جانبية تتمثل في عدم استقرار بحر روحه لمدة طويلة قد تصل لشهور، و يصطحب عدم الاستقرار هذا معه آلاما فظيعة تجعل الشخص يطلب الموت على تحملها، و بالطبع بما أن بحر الروح يكون غير مستقر، فكذلك تكون حالة سحره

لذا شرب باسل لإكسيري علاج مرة واحدة كان شيئا في غاية الجنون

اتخذ باسل وضعة القرفصاء و جلس ثم دخل في حالة الصفاء الذهني و الروحي، يجب عليه تهدئة بحر روحه إن أراد أن يقاتل كيف يشاء، غير هذا، لن يكون بإمكانه حتى استخدام السحر بشكل لائق

حدق الإمبراطور شيرو و البقية في هذا الفتى بغرابة، أما أنمار فجلست بجانب باسل بينما تحدق بوجهه من دون أن ترمش للحظة، كانت تراقب أبسط التعبيرات التي تظهر عليه

أما باسل، فانتقل بوعيه لداخل بحر الروح، هذا الأخير الذي كان دائما هادئا، لم يكن كذالك هذه المرة، عنصري السحر كانا مضربان كثيرا، الأربعة عشر كرة من كل عنصر بدأت تفقد شكلها، كما لو أنها تتشكل في شكل سحابة

هذه السحابة التي كانت تتشكل تكهربت و انتقل هذا التكهرب نحو نقاط الأصل بالجسم الأبيض الذي يتخذ شكل باسل، المسار الذي يربط نقط الأصل ببعضها كان يتقطع و يتصل مرة تلو الأخرى، مما يوضح عدم استقراره

و أخيرا، الفضاء الأزرق اللانهائي ظهرت عليه تشققات من كل مكان، و اهتز بشدة كبيرة، كما لو أن هناك عدة زلازل تحدث مرة واحدة، بدا كما لو أنه غاضب، غاضب من عدم الاعتناء به و جعله يمر بمثل هذه المعاناة

جلس باسل فقط و حدق في الجسم الأبيض الذي يتخذ شكل جسمه، أولا، عليه إصلاح المسار المتضرر، ثانيا، عليه تهدئة الكرات الأربعة عشر من كل جهة، أي تهدئة العنصرين، ثالثا، عليه استخدام العنصرين في إصلاح تشققات بحر الروح و تصفيته من الطاقة الشائبة

ما جعل بحر الروح يتزلزل هكذا كانت الطاقة التي غمرته فجأة، هذا الطاقة هي الخاصة بالإكسيرين، فحتى لو كانت الإكسيرات تصنع من مسحوق الأصل المصنوع من أحجار الأصل و التي لها طاقة تشبه الخاصة ببحر الروح، فهذا يسمح للساحر أن يزود بحر روحه بطاقة محدودة من الإكسيرات، إن فات الحدود، فحتى لو كانت طاقة الإكسيرات تشبه طاقة بحر الروح، فهذا الأخير سيبدأ برفضها، لأنها في النهاية تبقى تشبه طاقته فقط و ليست نفسها، مما يُوجِد حدودا لما يمكن للساحر أخذه من الإكسيرات

ركز باسل على الجسم الأبيض، هذا الأخير كان في الحقيقة جسم باسل، هذا الأخير يجد كل ما يتعلق به في بحر الروح عندما يدخل إليه بوعيه، و بالطبع جسده أيضا يكون هناك

لذا يكون بإمكانه التحكم في الجسم الأبيض بالتركيز عليه فقط، و عندما فعل هذا هذه المرة، ضاقت عينيه بشدة، و بدأ يصلح المسار المتضرر، إنه الآن يقوم بعملية تطابق المرحلة الثالثة من حالة الصفاء الذهني و الروحي، مرحلة 'العقل و نقط الأصل'

في هذه المرحلة يقوم المتدرب بإيصال نقط الأصل أولا بعقله، ثم يقوم بإيصال نقط الأصل ببعضها. هذه المرة لن يوصل نقط الأصل ببعضها، لكنه سيصلح المسار الذي يربطها

و القيام بهذا أصعب بكثير من إيصال نقط الأصل ببعضها، فسيكون عليه إزالة الطاقة الشائبة من المسار و إزالة الاضرابات ثم إصلاح التشققات لإيصال نقط الأصل ببعضها البعض بشكل جيد كما كانت في الأول

ركز باسل على المسار و بدأ في التنقية، هذا الأمر كان صعبا، فطاقة الإكسيرات الزائدة قد تحولت لطاقة شائبة و مرت بالمسار، لذا الآن قد شرع في تنقيتها، خطأ بسيط و يجعل هذه الطاقة الشائبة تهيج مما قد يسبب في تدمير المسار نهائيا، لذا كان عليه التركيز بشكل كلي و القيام بالعملية بحذر شديد، و كل هذا يجب عليه القيام به أثناء معاناته من الآلام التي يسببها بحر روحه

بعد مدة قصيرة بدأ المسار يخلو من التكهرب، لكن هذا الأمر لم يكن سهلا حقا، أحس باسل كما لو أنه يواجه خطر الموت في كل مرة يحاول بها إصلاح و إزالة الشوائب، خطأ واحد و يدمر المسار تماما

لكنه مع ذلك، في حالته المزرية، استطاع النجاح بهذا، و الآن وصل لمرحلة إزالة الاضطرابات، بعد إزالة الطاقة الشائبة، تبقى الاضرابات التي سببتها، و الآن كل ما عليه فعله هو جعل الطاقة النقية تجد طريقها عبر إزالة الاضطراب من المسار

كانت الطاقة النقية تتداخل مع بعضها و تضرب بجوانب المسار من دون الاتجاه في مسار محدد، لذا الآن بدأ باسل في التحكم بطاقته السحرية من أجل جعلها موحدة لتتخذ كلها طريقا و مسار واحدا

التضارب بدأ يقل مع الوقت، هذا الأمر يثبت قدرة الشخص في التحكم بطاقته السحرية، لو أنه قد امتلك تحكما سيئا في الطاقة السحرية، انسى أمر الطاقة النقية، لأنه لن يتجاوز حتى مرحلة إزالة الطاقة الشائبة و سيرتكب خطأ فادحا مدمرا بذلك مسار نقط الأصل

تحكم باسل في السحر كان جيدا للغاية، فشخص مثله قد وصل للكمال في التحكم بالأسلحة الأثرية، شيء مثل التحكم في طاقته السحرية كان أمرا في غاية السهولة بالنسبة له

و الآن وصل لمرحلة إصلاح التشققات، أزال الطاقة الشائبة، و جعل الطاقة النقية تتخذ مسارا موحدا، مما يُبقِي له عملا واحدا، إصلاح تشققات المسار من أجل تحصينه، فتعرضه لطاقة شائبة من كلا العنصرين و لطاقة نقية مضطربة قد جعله يتضرر كثيرا

هذه المرحلة لم تكن بتلك الصعوبة، لأن كل ما كان على باسل فعله هو تمديد المسار بالطاقة النقية قصد الإصلاح، لكن جودة الإصلاح تعتمد على المتدرب، فهنا يلعب التحكم الدور الرئيسي أيضا

و أخيرا، انتهى باسل من جعل نقط الأصل تتصل جيدا كما كانت قبلا، و الآن، مع احتفاظه بتركيزه على تحصين المسار، يجب عليه تهدئة العنصرين

لحسن الحظ، باسل قد مر من مثل هذه المرحلة سابقا، عندما توغلت الطاقة الخارجية لجسده، كانت عبارة عن سحابة من الطاقة الهائجة قبل أن يوصلها بنقط الأصل، ساحر آخر لن يمر بها إلا عند اكتسابه عنصر الثاني، لذا فقد كانت له أفضلية هنا نوعا ما، حتى أن تجربته مع تلك السحابة في الحقيقة هي أصعب من التجربة التي سيخوضها الساحر أثناء اكتسابه العنصر الثاني، لأن الساحر الطبيعي يكون قد اكتسب التحكم في الطاقة الخارجية و امتص هذه الأخيرة بنفسه، أما باسل، فكان عليه التعامل معها من دون اكتساب القدرة على التحكم بها لأنها قد دخلت لجسده وصولا لبحر روحه من دون إرادته

بسرعة قام باسل بتهدئة عنصر النار بما أنه العنصر الأساسي، و في الحال انتقل لعنصر التعزيز، عند إنهاءه هذه المرحلة، انتقل للمرحلة الأخيرة و التي قد سبق و مر بها أيضا

فعند توغل سحابة الطاقة الخارجية سابقا لجسده عنوة، تسبب هذا له في جعل بحر الروح يتصدع و يهتز، مع أنه لم يكن بمثل هذه الشدة كالآن، لكن يبقى أمر مروره بها و تجربته إياها مع أنها كانت بشدة أقل أمرا جيدا

شدة تصدع بحر الروح كبيرة عن المرة السابقة، لكن في المقابل، قوة باسل كبيرة بكثير عما كانت عليه عندها

الآن، تحكم في عنصريه الاثنين و وجه طاقته السحرية نحو التشققات التي ظهرت في بحر الروح، أصلحها كلها واحدة تلو الأخرى، هذا الأمر قد استنزف منه طاقة سحرية وفيرة، لكنه لا يملك خيارا آخر، أصلح جميع التشققات

لكن، تزلزل بحر الروح لم يتوقف حتى الآن، آلامه لم تتوقف حتى الآن، فكر باسل بهذا لمدة طويلة بتركيز كبير. في الخارج، كانت أنمار تحمل نظرات قلق على تعبيرات باسل

كان من الظاهر أن باسل يعاني كثيرا، لم يسع أنمار سوى أن تشعر بالقلق أكثر و أكثر كلما مر الوقت، أثناء انتظاره، تغيرت تعبيراته من الجيد للأسوء، ثم من الأسوء للجيد، تقلبت طاقته السحرية بجنون، لكن كل ما كان بإمكانها فعله هو إمساك يده بإحكام عبر لف يديها المكسورتين حولها و الدعوة له بالأفضل

حدق الإمبراطور شيرو طويلا في باسل، و الآن ما يفكر به ليس معاناة و حالة باسل السيئة، و إنما طاقة هذا الفتى الصغير المرعبة، مثل هذا الوحش موجود حقا، لقد شاهد قوة الأقدم الكبير، و بالطبع عرف أنها تفوق المستوى السابع بكثير، فحتى كل أولئك الأشخاص الأقوياء من المستوى الخامس و السادس و السابع لا يزالون غير قادرين على مواجهته أبدا

مع قوة باسل الكبيرة في مثل هذا العمر، و قوة الأقدم الكبير المخيفة، فهم أخيرا أن المستوى السابع الذي كان يعتقد أنه أعلى مستوى في الوجود، هو في الحقيقة مجرد مستوى وسط مستويات أعلى و أقل

لقد مرت مدة طويلة حتى الآن، و حالة باسل لم تتغير طوال هذه المدة، طاقته و هالته توقفت عن التغير و ثبتت، تعبيراته لا زالت سيئة، لا زال يتألم بشكل كبير

و بعدها بقليل، اختفت تعبيرات الألم تماما و أصبحت طاقة باسل هادئة بشكل مخيف، ظهرت تعبيرات الفرح على وجه أنمار و تلهفت لرؤية باسل يفتح عينيه، و الآن، إنها تنتظره بفارغ الصبر، و مع ذلك، لا زال باسل لم يخرج

داخل بحر الروح، ابتسم باسل و قال "يبدو أن المعلم قد أخفى عني مثل هذا الأمر المهم، لا، أظن أن حتى المعلم نفسه لم يتوقع أن مثل هذا الأمر سيحدث لي، لهذا لم يخبرني، حتى لو أخبرني لم أكن سأفهم على أي حال، من كان يعلم أن لبحر الروح في الحقيقة إرادة؟"

"لكن..." استغرب باسل، حدق في الجسم الأبيض، و رأى أن هناك قطعة أرضية صغيرة قد ظهرت تحت قدميه، قطعة أرضية مكونة من التراب فقط، كانت صغيرة لدرجة أنها كانت كافية فقط للقدمين

"لما ظهرت مثل هذه القطعة الأرضية في بحر روحي؟" تساءل باسل

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/10/09 · 1,193 مشاهدة · 1514 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024