93 – التعرض للإزعاج

نزل إدريس الحكيم من السماء، و بمجرد ما أن اقترب من الأرض حتى ظهرت الآلاف من الوحوش السحرية مرة واحدة، كانت تشمل ثلاث أنواع مختلفة

حدق إدريس الحكيم بها و تمتم "كما توقعت، لقد تطورت الوحوش السحرية أيضا، اقتراب شخص ما من اختراق المستويات الروحية يجعل هذا العالم قريبا من التحول من عالم سحري لعالم روحي"

كانت الوحوش تمتلك نية قتل مخيفة تجاه إدريس الحكيم، بدت كما لو أنهت اجتمعت لتصد المحتل و تقتله أو تخرجه من منطقتها

حصان مخالب الظلام ، الأسد الشيطاني، الكوبرا المجنحة، كلها وحوش يعلم عنها إدريس الحكيم جيدا، قبل سنين قليلة، لم تكن قوية كالآن، حصان المخالب الظلام الذي ازدادت هالته و حجمه أيضا، بدا كما لو أنه يتعرض لتغير تطوري، و كذلك الحال مع النوعين الآخرين

لم تكن هذه الوحوش تفوق حتى المستوى الخامس بالعالم الواهن، لكن إدريس الحكيم لاحظ هذا التغير الكبير في قوتها مؤخرا، هذه الوحوش ازدادت قوتها بكثير عما سبق و اخترقت للقسم الثاني من مستويات الاكتساب

مستويات الوحوش تختلف قليلا عن مستويات السحرة، فالوحوش يملكون حجر الأصل، بينما السحرة يملكون نقط الأصل

و الآن بعدما كانت هذه الوحوش في المستوى الخامس فقط، أصبحت الآن في المستوى التاسع و العاشر، تطورها هذا سريع للغاية، فكر إدريس الحكيم لقليل من الوقت

لابد من أن السبب يعود لاختراق أحدهم من العالم الواهن للقسم الثاني من مستويات الربط قبل فترة طويلة، و إلا لن تتطور هذه الوحوش لهذه الدرجة أيضا

أحاطت الوحوش السحرية بإدريس الحكيم من كل الجهات و هاجمته مرة واحدة، أحصنة مخالب الظلام استخدمت سحر الظلام و أحاطت به مخالبها و قرونها الأمامية ثم انقضت على إدريس الحكيم، و كذلك فعلت الأسود الشيطانية التي توهجت قرونها الرقيقة و ذيلها الثعباني ثم التهبت أجسادها، و أخيرا حلقت أفاعي الكوبرا المجنحة و رفرفت بأجنحتها مطلقة ريشها الغير منتهي و القاسي و المدعم بسحر الماء بحيث يمكنه اختراق الدروع السحرية الأقل منه مستوى من الهجمة الأولى

كلها انقضت على إدريس الحكيم مرة واحدة

وقف إدريس الحكيم مغلقا عينيه بثبات من دون تحرك، و في لحظة

*ووووووش*

فتح عينيه مطلقا نية قتل مرعبة جعلت كل الوحوش السحرية تتجمد في مكانها من الخوف و لم تستطع التحرك أبدا حتى خرجت كلمة واحدة من إدريس الحكيم "انصرفي"

*وووش* *ووووش* *وووش*

هربت الوحوش كلها في جميع الاتجاهات من شدة الفزع، نية القتل التي أخرجها إدريس الحكيم لوحدها كانت كافية لجعلها تقطع مئات الأميال مبتعدة عن مكانه، و في لحظات، كل الوحوش المحيطة بالمنطقة هرعت هاربة

أصبح المحيط المقدر بحوالي ألف ميل كله خال من أي وحش سحري تماما

حدق إدريس الحكيم في المكان بعناية ثم أغمض عينيه بعد التوقف في مكان محدد و جلس في الهواء متقاطع القدمين ثم صفق بيديه، فإذا بثلاث كرات بحجم رأس الإنسان ظهرت فوق رأسه بينما تحمل معها قوانين ملكية و تجعل الهواء ثقيلا بتحركها الدائري السريع، التفت حول الكرات حروف رونية تغيرت من دون توقف و بشكل لانهائي

و بينما تحيط به تلك الكرات ذات الهالة الملكية بينما يحلق في السماء، رفع يده اليمنى و ترك اليسرى في نفس الوضعية التي اتخذتها من التصفيق ثم أنزل اليمنى مرة أخرى فرسم خطّا روحيا على الأرض، و بعد ذلك استمر في فعل نفس الأمر مرارا و تكرارا و باتجاهات مختلفة مكونا نقوشا روحية بادئا عمله في بناء المصفوفات الروحية

*********

في هذه الأثناء، انفرد باسل بجدته في غرفة بمنزل الجنرال منصف و زوجته الأميرة سكارليت. تحدثوا حول الكثير من الأمور، و تمحور غالبها على باسل و أبيه جاسر

أحس باسل بالقرب من جدته 'رقية'، و أمضى بقية النهار معها، بعد أكلهما للغذاء، ذهبا للتحرك قليلا بينما يكملان حديثهما

"أوه، إذا ماذا حدث بعد ذلك؟" سأل باسل

أجابت جدته رقية "هوهوهو، هذا يثير اهتمامك إذا"

حك باسل رأسه ثم قال بابتسامة "حسنا، هذا صحيح، فهذه أول مرة أسمع فيها كلاما كثيرا عن أبي هكذا، لم يكن بإمكاني تذكير أمي بهذا الأمر، لذا دائما ما تحاشيته"

حدقت رقية في حفيدها بحنان ثم أجابت "أقيمت مبارزة بينهما لتحديد الأقوى"

"هاهاها، هكذا إذا، من فاز بالأخير؟ العم أكاي أم أبي؟"

"هذا..." قالتها الجدة فأوقفها هرع جندي ما بينما يصرخ "سيدي، سيدي"

حملق به باسل و تكلم بنبرة حادة "ما الذي تريده؟ ألا ترى أنني مشغول؟"

"أرجوا المعذرة" نزل الجندي على ركبة واحدة و تكلم بينما يلهث "مبعوثين من الإمبراطورين شيرو و غلاديوس قد أتوا و لا يريدون المغادرة إلا بعد اللقاء بك، يبدو أنهم متأكدين من وجودك هنا، و الآن الجنرال منصف يوقفهم بينما يزداد الموقف سوءا مع مرور الوقت بما أن الجنرال منصف يخبرهم بالذهاب و هم لا يريدون"

ضاقت عيني باسل فقلقت جدته، تكلم مع الجندي "أين الموقع؟"

أخبره الجندي فالتف باسل لجدته ثم ابتسم لها و قال "يبدو أن كلامنا سيتأجل لبعض الوقت، آسف يا جدتي، سأحاول الاعتناء بهذا الأمر بسرعة و أعود لنكمل حديثنا" و بعدما انتهى قبل رأس جدته ثم ذهب

أمام البوابة الخلفية لمنزل الجنرال منصف، كان هذا الأخير يحملق في أشخاص يرتدون زيا غريبا أسودا ملتصقا على أجسادهم و يلفون حول رؤوسهم ضمادات سوداء و بدوا كالمومياء، هؤلاء كانوا الذين على اليمين، أما الذين باليسار، فكانوا يرتدون قمصانا بيضاء تصل لأسفل الركبة مع سراويل بنفس اللون، و هم كذلك كانوا يخفون وجوههم بأقنعة اتخذت شكل النمر

تكلم الجنرال منصف بغضب "سأكرر كلامي لمرة أخيرة، إن لم تنصتوا، سأستخدم العنف عندها. السيد الصغير باسل مشغول حاليا و لا يمكنه المجيء، انقلعوا"

حدق السود و البيض بالجنرال منصف و لم يتكلموا، كان الجنرال منصف شخصا عاقلا و لم يرد إحداث ضجة لا فائدة منها، هؤلاء مبعوثين من الإمبراطورين نفسهما، رفضهما فقط يمكن تسميته بالفعل الشائن تجاه الإمبراطورين، لذا لم يرد استخدام العنف، عندها سيكون يتحدى الإمبراطورين بفعله هذا، هذا الوقت مهم لهم و يجب عليهم الاتحاد فيما بينهم

حاول الجنرال منصف تهديدهم، لكنه لم ينجح، يبدو أنهم يعرفون ما يفعلون بالضبط

عبس الجنرال منصف من الموقف الذي أصبح فيه، عندها، تكلم صوت مألوف على مسامعه "أيها العم منصف، أحيانا سيكون عليك ألا تفكر في العواقب كثيرا، فعادة تكون مجرد وهم ينشأ من تجاربك السابقة"

حدق الجميع في الفتى القادم، و بمجرد ما أن شاهده السود و البيض حتى أدركوا هويته عبر الوصف الذي تلقوه ثم قالوا "قاتل الدم القرمزي"

تكلم الجنرال منصف بينما يحدق في باسل الذي يقترب "ما الذي تقصده يا سيدي الصغير؟"

ضيق باسل عينيه ثم قال "هذا ما أقصده"

*وووش*

*بووم*

اختفى باسل في لحظة و ظهر أمام الشخص الأمامي من السود و الذي بدا كقائدهم و لكمه على بطنه مسقطا إياه على الأرض مغميا عليه بينما تخرج الدماء من فمه

تفاجأ الجميع، لكنهم لم يدروا ما حدث حتى كان باسل قد اختفى من مكانه السابق و ظهر أمام قائد البِيض و لكمه جاعلا حالته مثل قائد السود

فتح الكل فمه من شدة الصدمة، تكلم واحد من السود "هل تعلم ما الذي تفعله؟"

أكمل بعده واحد من البيض "ستكون هناك عواقب وخيمة لما فعلته"

حدق فيهما باسل مما جعل جسدهما يقشعر ثم قال "عواقب وخيمة؟ ما هي يا ترى؟"

"هذا..." لم يكن أحد قادر على إجابته

تكلم باسل بنبرة حادة "سأقول شيئا واحدا لكم و بلغوه لمن أرسلكم، 'أنا مشغول حاليا، عندما يصبح لدي وقت فراغ، سأفكر في منح القليل منه لك'، و الآن انقلعوا"

"أيُّه..." حاول واحد من السود الصراخ لكنه توقف بعدما وضع شخص يرتدي درعا فضيا يده على كتفه، ثم تمتم باسم من أوقفه "الجنرال أصيل ! " كان هذا الشخص واحد من الجنرالين اللذين كانا مع الإمبراطور غلاديوس

تكلم الجنرال أصيل بهدوء "آسف على الإزعاج، لكن ألا تظن أنك تماديت في الأمر قليلا؟"

حملق به باسل و أجاب "لا"

تنهد الجنرال أصيل ثم قال "متى سيكون بإمكانك لقاء سيدي؟"

أجاب باسل "عندما أقرر أنا ذلك، أنا أتذكر ديني تجاه الإمبراطورين شيرو و غلاديوس، هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنعني من التمادي في الأمر، لذا سأريد منكم التوقف عن إزعاجكم هذا في المقابل، غير ذلك، سأتمادى عندها"

"هكذا إذا" تكلم الجنرال أصيل ثم التف و قال "سننتظرك إذا بفارغ الصبر"

غادر فتبعه السود أيضا بعد حملهم لقائدهم

حدق باسل في البيض ثم سألهم "ما هي خطوتكم القادمة؟"

بلع البيض ريقهم ثم حملوا قائدهم و قال واحدا منهم "نحن متأسفين على الإزعاج، سنبلغ رسالتك لسيدنا"

سارَعوا في الذهاب أيضا، فتنهد الجنرال منصف و قال "أخيرا ذهبوا" ثم أكمل سائلا باسل "سيدي الصغير، متى تنوي الذهاب للقائهم؟"

أجاب باسل "لا زالت لدي بعض الأعمال الغير مكتملة يجب علي إنهاؤها، بعدما أقضي بعض الوقت مع جدتي، سأذهب للسجن المركزي لاستجواب شاهين و تلك العاهرة"

"هكذا إذا" فهم الجنرال منصف ما تحدث عنه باسل، هذا الأخير سيستجوب شاهين بخصوص حلف ظل الشيطان، يجب عليه استخراج بعض المعلومات منه، فحتى الآن، بعد كل التعذيب الذي مر منه بالسجن المركزي، لا زال شاهين لم يفصح عن أي معلومة، و لم يقل أي حرف واحد، لكن في المقابل، لا زال لم يعرف حتى الآن لم يحتاج باسل لـغرين شارلوت

عرف باسل الأحداث التي مرت خلال غيابه عن الوعي من أنمار أثناء طريقهم إلى هنا، و أول ما سأل عنه كان شاهين و غرين شارلوت، فهذان يعتبران وسيلة مهمة له لقضاء بعض الأعمال

علم أيضا عن التغيرات التي حدثت برجوع عائلة كريمزون للحكم، و كما وعد الكبير أكاغي، أصبح كل شخص بإمكانه تلقيب نفسه، مما جعل النبلاء يثورون كثيرا و يزعجونه، لكن الكبير أكاغي تجاهلهم فقط حتى الآن، و لا زال لم يقم بالاعتناء بهذا الأمر، و خلال هذين الشهرين، بدأت تظهر بعض العلامات على عدم رضى بعض العائلات بالوضع الذي أصبحت عليه الإمبراطورية

أصبح أبناؤهم يدرسون في أكاديمية السحر مع القرويين و الناس العامة من دون التفرقة بينهم أبدا، أصبح كل شخص يمكنه أن يتلقى الدروس من نفس معلمي التلاميذ من العائلات النبيلة، مثل هذا الأمر لم يكن له سابق في التاريخ، حتى أثناء حكم عائلة كريمزون سابقا لم يكن مثل هذا الأمر موجودا

اعتزاز النبلاء بأنفسهم و معاملة الطبقى السفلى من المجتمع كالحشرات كان شيئا طبيعيا في هذا العالم، و بما أنه الشيء الطبيعي، محاولة تغييره ستجعل الكثير لا يقبل ذلك، مما سيتسبب في ثورة كبيرة

تكلم باسل مع الجنرال منصف "غدا سأتكلم مع الكبير أكاغي حول وضع الإمبراطورية الحالي، يجب عليه معالجة هذا الأمر بسرعة من أجل التركيز على حلف ظل الشيطان"

أماء الجنرال منصف رأسه ثم ذهب نحو الفناء الذي تجلس به زوجته و أمها، و أنمار و الصغير كارماين. كما اتجه باسل نحو مكان جدته بينما يفكر في شيء ما "قاتل الدم القرمزي ! ؟"

من تأليف Yukio HTM

سأتوقف عن النشر لبعض الوقت من أجل ترتيب أفكاري، سأحاول الإسراع في الأمر قدر المستطاع، آسف حول هذا الأمر

و أتمنى أن يعجبكم الفصل، أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/10/27 · 1,120 مشاهدة · 1668 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024