95 - قاتل الدم القرمزي

95 – قاتل الدم القرمزي

بعد الخروج من القاعة الرئيسية و الركوب بعربة راقية يجرها خيل ملكي، سأل الجنرال منصف عن وجهتهم التي حددها باسل

أجاب باسل بينما يفكر في شيء ما "سنذهب لمبيت أخوا القطع، هناك يوجد أختهما الصغيرة، يبدو أنها لم تستيقظ حتى الآن، لا يبدو عليها أي علامات تشير لمعاناتها، لكن في المقابل، لا يبدو عليها أي علامات تشير لاستيقاظها، بغرابة، لم يحدث عليها أي تغير طيلة الشهور الماضية، مثل هذا الأمر غريب جدا"

فهم الجنرال منصف كلام باسل جيدا، فهو قد شاهد العديد من الأطباء المشهورين عالميا يأتون مرارا و تكرارا للنظر في حالة باسل، و بجانبه، كانوا ينظرون في حالة أخت أخوَيْ القطع الصغيرة، و أيضا، كما حدث لهم مع باسل، استعصى عليهم أمرها كذلك

بقي باسل يفكر في العديد من الأشياء، هناك الكثير من الأمور التي يجب عليه حلها، و في قمتها، يأتي 'حلف ظل الشيطان'، بطريقة أو بأخرى، سيجعل شاهين يتكلم

انطلق الخيل الملكي بسرعة كبيرة و قطع عشرات الأميال في مدة قصيرة جدا، دخلوا لوسط العاصمة التي عاد لها اسمها القديم عندما كانت عائلة كريمزون تحكم، 'مدينة السيف القرمزي'، بعد تولي عائلة غرين الحكم، أزالت هذا الاسم و بدلته بـ'المدينة المورقة'، لم يقتصر الأمر على الاسم فقط، بل حتى العلامات التي كانت تتميز بها مدينة السيف القرمزي قد اختفت

لكنها عادت الآن، ليست كاملة، لكنها تعود رويدا رويدا مع مرور الوقت، في مركز العاصمة، كان هناك القصر الإمبراطوري الذي اعتاد أن يحاط بشعار عائلة كريمزون و أعمدة نارية مشتعلة على طول الحائط المحيط بالقاعة الخارجية، و الآن بعد عودة عائلة كريمزون للحكم، عاد شعارها ليُزَخرَف على طول الحائط و التهبت الأعمدة بينما تطلق انفجارات بين الحين و الآخر كما لو أنها تحتفل بعودتها لمكانها القديم

كان شعار عائلة غرين عبارة عن شجيرة خضراء تقطر دما، و كان شعار عائلة كريمزون عبارة عن سيف قرمزي محاط بنار ملتهبة، شعار عائلة كريمزون أحاط العاصمة كلها من جديد، رفرفت الأعلام الحاملة لشعار عائلة كريمزون معلنة بذلك عن العودة الكبرى، تحولت المدينة المورقة لتصبح مدينة السيف القرمزي شيئا فشيء، و اللون الأخضر الذي كان يطغى بالمدينة المورقة، اختفى في مدينة السيف القرمزي و تحول للون القرمزي الملتهب

أثناء تحركهم، تحدث باسل مع الجنرال منصف "أيها العم منصف، أنا ألاحظ وجوها سعيدة هنا، إنها أكثر إشراقا عن قبل، عندما أتيت أول مرة إلى هنا، لم تكن هناك سوى الابتسامات المزيفة و بدا على الكل كما لو أنهم مقموعين، لذا لم يكن هناك أي خيار آخر لهم سوى التظاهر بالرضى بالرغم من شعورهم بالعكس لذلك تماما"

أجاب الجنرال منصف "هذا صحيح، فبعد كل شيء، لم يعد هناك أي شخص يأخذ منهم ضرائب غير معقولة، صار بإمكانهم صنع لقبهم الخاص، و التجارة أصبحت عادلة، ليس هناك أي شخص يحتكر الأسواق لنفسه فقط، و ليس هناك اختفاء غريب للناس و خصوصا الأطفال بعد الآن، قلت الجرائم مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على أداء مهامها جيدا بقيادة الجنرال رعد، هناك تغير إيجابي ملحوظ، فكيف للشعب ألّا يكون راضيا؟ قد يكونوا فوجِئوا بالحرب السابقة، لكن رؤيتهم لطريقة حكم عائلة كريمزون جعلتهم يتقبلون عودتها بكل سرور"

ابتسم باسل و أغمض عينيه ثم استمع لضحكات الناس الغير متصنعة و النشاط الذي أصبح يتخلل العاصمة، بدا كما لو أنها قد ولدت من جديد

أخذت عائلة غرين، عائلة غين، عائلة هويز، و عائلات أخرى تابعة لعائلة غرين الضرائب من القرويين الفلاحين، كذلك فعلوا مع التجار، هيمنوا عليهم و لم يتركوا أي أحد يتنفس الصعداء. احتقروهم و عاملوهم بعلو كعائلات نبيلة بلقب عظيم. كان هناك تحكم بأثمنة السلع و ليس هناك أي شخص قادر على معارضة الثمن المقرر من طرف غرين هيملر (الأمير الأول سابقا). كان هناك اختفاء للناس و خصوصا الأطفال، مثل هذه الجرائم لم تعد توجد أبدا بغياب مسببها 'غرين شارلوت'، و مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على عدم ظهور شخص آخر مثلها، كانوا قد نجحوا في بث الأمان في قلوب الناس

و أثناء تصنت باسل على الأجواء الهنيئة بمدينة السيف القرمزي، سمع بعض الهمسات بين الناس و من الواضح أنهم يتكلمون بخفاء، حواس باسل أصحبت حادة جدا كفاية ليسمع همساتهم بوضوح، هذه الهمسات جعلته يأمر سائق العربة بالإبطاء من السرعة كفاية ليستطيع سماعهم

تكلم رجل في منتصف العمر بينما يحيط به عدة أشخاص من أعمار مختلفة "هل سمعتم؟ يبدو أن قاتل الدم القرمزي قد ظهر مرة أخرى، يقال أنه رفض مقابلة الإمبراطورين شيرو و غلاديوس"

تفاجأ أحد منهم "ماذا؟ لقد كان متخفيا لأكثر من شهرين، هل ظهر أخيرا؟ هل يمكن أنه ينوي على شيء خطير؟ كيف له أن يرفض اقتراح الإمبراطورين؟ هل جُن؟"

تمتم واحد آخر منهم "لكن، يقال أنه في المستوى السابع، و كان قادرا على هزيمة الآلاف من جيش العدو في الحرب سابقا، و ليس هذا فقط، بل حتى أنه قد قتل دم عائلة غرين بالكامل من دون ترك أي واحد منهم حي على الإطلاق"

شخص بجانبه دعم كلامه "نعم نعم، لقد سمعت بهذا أيضا، يقال أنه شخص لا يرحم أبدا و يقتل كل من يقف في طريقه و يعارضه من دون النظر إلى وجهه حتى، إنه القائد الأعلى لجيوشنا الحالية"

تكلم شاب في مقتبل العمر بارتعاد "الرحمة الرحمة، مثل هذا الشخص الخطير هو القائد الأعلى لجيوشنا، لنتمنى ألّا يجلب بلاء عظيما علينا"

تكلم الرجل الذي تحدث بالبداية "هذا صحيح، حتى أنه الآن يرفض اقتراح إمبراطورين للقائه، مثل هذا الشخص الخطير يجعلني فقط أخاف إن كان سيتسبب في جلب كارثة علينا بأفعاله هذه، ماذا لو أنه قام بشيء وقح تجاه الإمبراطورين مرة أخرى؟ ألن يكون سببا في اندلاع حرب عظيمة كالتي انتهت قبل 150 سنة؟"

تمتم الشاب الذي في مقتبل العمر مرة أخرى "الرحمة الرحمة، يجب أن نصلي لسلامتنا"

تساءل واحد منهم "لكن، ما هو أصل قاتل الدم القرمزي هذا على أي حال؟ ما اسمه الحقيقي؟ و لماذا ينادوه بقاتل الدم القرمزي؟"

استمرت الهمسات على طول طريقهم، و عندما سمع باسل هذه الأسئلة، أمر سائق العربة بالتوقف ثم تصنت لهمساتهم بعناية، و بدا عليه كما لو أنه رأى شيئا مثيرا للاهتمام

"أصله غير معروف حتى الآن" أجاب الرجل الذي تحدث بالبداية "لكن يقال أن اسمه الحقيقي هو باسل، لقد قام بقتل دم عائلة غرين بالكامل، لم يهتم بالصغير أو الكبير، لذا لقبوه بـ'قاتل الدم القرمزي'، فقط لقبه يجعلك ترى مدى قسوته"

همس الشاب الذي في مقتبل العمر خائفا "الرحمة الرحمة، فلنتوقف عن الحديث عنه، من يعلم؟ قد يسمعنا أحد توابعه و نقع في مشكلة كبيرة"

دعم رأيه واحد آخر "هذا صحيح هذا صحيح، لنتوقف عند هذا الحد"

"لا، لما لا تكملوا؟ أريد معرفة بعض التفاصيل حول هذا الشأن" عندها اقترب منهم فتى يبدو في عمر يناهز الخامسة عشر. حدقوا كلهم به بغرابة

تكلم الشاب الذي أراد إنهاء الموضوع لخوفه بلهجة تعاطفية "هيا هيا، أيها الفتى، من الأفضل لك أن تتوقف عن البحث أكثر في هذا الأمر، من المؤسف أن يكون هذا سببا في موت شخص في مثل سنك"

ابتسم الفتى و تحدث بهدوء "لما سأموت فقط لأنني سألت؟ أليس هذا شيء غير طبيعي؟ هيا لا تكن هكذا أيها الأخ الأكبر و نور أخاك الأصغر الجاهل"

تكلم الرجل الذي بدأ هذا الموضوع من الأول "معه حق أيها الفتى، أنا أيضا لا أريد الحديث في هذا الأمر أكثر، لا أريد أن أجد رأسي غير موجود بمكانه"

ابتسم الفتى و تكلم مع الحفاظ على هدوءه "لا تقلق، أنا لا أظن أن قاتل الدم القرمزي الذي تتحدثون عنه سيقتلنا فقط لأننا تحدثنا عنه، أنا مجرد قروي أتى للدخول لأكاديمية السحر و لا أريد أن أبقى جاهلا، نوروني أيها الكبار من فضلكم"

هدوء هذا الفتى الغريب و إلحاحه المستمر جعلهم يغضبون، حتى أن الشاب الخائف أسرع و تدخل جاعلا الفتى يبتعد عبر جره بعيدا بلطف بينما يتحدث "لا تسألهم أكثر من هذا، سوف تتسبب في إيذاء نفسك فقط بإغضابهم، بالرغم من مظهرهم العادي حاليا، لكنهم سحرة بالمستوى الثاني و قد أتوا لتأدية الاختبار الذي افتتحه تشكيل قاتل الدم القرمزي للانضمام إليه"

"هكذا إذا" وضع الفتى يده على ذقنه و تحدث "إذا لما لا تخبرني أنت، أنت لن تؤذيني، أليس كذلك أيها الأخ الأكبر؟"

"هذا..." لم يستطع الشاب الخائف التكلم، فخوفه جعله يوقِف أولئك الكبار عن التكلم حول هذا الموضوع، كيف له أن يبدأه بنفسه من جديد؟

عبس الشاب الخائف الذي أصبحت تعبيراته جدية و بدا كما لو أنه قد أصبح شخصا مختلفا تماما ثم تكلم "أيها الفتى، قلت أنك قروي من قبل، لكن من ملابسك فلابد من أنك من عائلة نبيلة، لا أعرف ما أهدافك، لكن من الأفضل لك التوقف عن البحث في هذا الأمر حقا"

"أمم..." ابتسم الفتى ثم قال "أنت أيضا أيها الأخ الأكبر تبدو كما لو أنك شخص آخر تماما عن الشخص الذي كنته قبل قليل"

تفاجأ ذلك الشاب، لكنه في الحال وضع يده على رأسه و حكه ثم قال بينما يضحك "لست سوى شخص خواف و جبان"

"هيه ! " تعجب الفتى من تصرفه ثم قال له "قد تكون قادرا على خداع أولئك السحرة هناك، لكن لن يكون بإمكانك فعل المثل معي، ساحر في مثل عمرك بالمستوى الثالث بالفعل، كيف لشخص موهوب مثلك أن يكون مجرد جبان؟"

صدم ذلك الشاب تماما، يده التي كانت تتحرك باستمرار حاكّة* رأسه قد توقفت و توجهت نظراته نحو عيني الفتى اللتين رأتا من خلاله، فجأة، تغير الجو حول ذلك الشاب، نظراته الخائفة أصبحت تحمل معها جدية غير معقولة

[حاكة = مؤنث 'حاكّ' من فعل 'حكّ]

سأل الشاب بعد إزالة يده عن رأسه بنبرة حادة عن التي اعتاد الحديث بها "من أنت أيها الفتى؟" كان صوته في طريقة سؤاله كما لو أنه لشخص آخر تماما

تكلم الفتى "هيا، لا تأخذ حذرك فجأة هكذا، نية قتلك بدأت تتسرب منك، لا يجب عليك أن تفقد هدوءك هكذا، غير ذلك، سوف تضيع تمثيليتك هباء بعد كل العناء الذي بدلته من أجل صنع تلك الصورة عنك"

لاحظ الشاب أنه بالفعل قد فقد هدوءه للحظات، لكن بعدما ضبط نفسه، أعاد نفس السؤال مرة أخرى بينما يحدق في الفتى الذي أمامه بعمق محاولا الرؤية من خلاله كما فعل له

ابتسم باسل ثم قال "أليس من الآداب تقديم نفسك قبل سؤال الشخص عن أصله؟"

عبس الشاب، لكنه أدرك أن الفتى معه حق، و بعد كل شيء، لا يبدو أن الفتى سيقدم نفسه له إن لم يفعل هو أولا، قال بعبوس "أنا من عائلة عامية من مدينة بجنوب العاصمة و اسمي 'أبهم'، ماذا عنك؟"

"أوه" تعجب باسل و قال "أصلك طبيعي و مع ذلك أنت ذو موهبة مذهلة، لقد أعجبتني أكثر، حسنا، أنا..."

"باسل، ألا زلت لم تنتهي؟" عندها نادت الفتى فتاة بجمال خلاب ظهرت من عربة بخيل ملكي، بوقوفها بجانب الخيل الملكي، كونت صورة مثالية من الجمال، و كانت كافية لتجعل قلب أي رسام يقفز، سيتقافز الرسامون من أجل الحصول على فرصة لرسم هذا المشهد الذي صنعته تلك الفتاة بوقوفها بجانب الخيل الملكي بينما يُقذف الماء من النافورات

في لحظة، توجهت نظرات الجميع نحو تلك الفتاة التي تحدثت، و جعلت الكل في صمت تام من شدة تأثرهم، أما 'أبهم'، فقد بقي مندهشا تماما حتى تكلم الفتى "لقد سمعت اسمي، و أنا قروي كما سبق و أن قلت لك، حسنا يا أبهم، سوف أتركك للآن، لدي أعمال يجب أن أنهيها، لكني سأقابلك مرة أخرى"

التف الفتى و ذهب في اتجاه الفتاة التي نادته، رجع 'أبهم' لصوابه فسأل الفتى "كيف ستجدني؟ ليس و كأنني أمضي وقتي هنا، إنني لست حتى من العاصمة"

تكلم الفتى من دون الالتفاف "يبدو أنك قد أتيت لاجتياز اختبار التشكيل، هذا كاف، و لقد أعطيتني اسمك أيضا"

ركب الفتى و الفتاة العربة التي تحركت بعد فعلهما لذلك

بقي أبهم متجمدا في مكانه، بالنظر للعربة التي ركبها، فلا بد من أنه شخصية عظيمة، من هو ذلك الفتى بالضبط؟ فكر لقليل من الوقت "يبدو أن اسمه باسل، أتساءل من يكون؟"

ثم بعد أن التف ليعود إلى تلك الجماعة من قبل حتى توقف في مكانه و فتح عينيه على مصراعيهما من شدة الصدمة "باسل؟"

صرخ بهذا الاسم من دون أن يشعر حتى جعل واحدا من تلك الجماعة يقترب منه و يقول "ما بك؟ هل قاتل الدم القرمزي قد أخافك لدرجة صراخك باسمه ! ؟"

عاد الجو الطبيعي الخاص بالشاب الخواف الذي كان يحيط بـ'أبهم' من جديد ثم وضع يده على رأسه بينما يجيب "هيهيهي، قد لا أنام جيدا في الأيام المقبلة ! " بينما يفكر بداخله "يجب أن تكون مصادفة فقط"

تكلم معه ذلك الشخص "إنك حقا لجبان كثيرا يا أبهم"

ضحك أبهم من دون الإجابة و تبع ذلك الشخص عائدين لجماعتهما بينما يفكر بداخله "لكن ماذا عنى بأنه سيجدني بما أنني سأذهب لاجتياز الاختبار؟" لم يفهم أبهم ما الذي قصده ذلك الفتى

و في الأخير بدأ الشك يتخلله "هل يمكن أنه حقا...؟"

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/11/05 · 1,126 مشاهدة · 1977 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024