98 – السجن المركزي

السجن المركزي

حراسة مشددة، معروف بأفضل و أسوء سجن بالعالم، ليس هناك أي سجلات عن هروب أي سجين منه، عرف كأفضل حاجز لأولئك الذي اتهموا بأشنع الجرائم في العالم، و اعتبر كأسوء كوابيسهم كذلك، من يدخله لا يحلم مرة أخرى حلما جميلا لبقية حياته التي يمضيها هناك، يحتوي على أشنع المجرمين إطلاقا بهذا العالم، من القتلة البسطاء إلى مرتكبي المذابح

علماء مجانين ارتكبوا جريمة عظيمة بمسهم للحرمة و أجروا التجارب على البشر، عصابات و قطاع طرق قتلوا السحرة و التجار من أجل إشباع رغباتهم و شهواتهم، و أشنع أنواع قراصنة البحر المعروفين في العالم بإبادتهم للعديد من القرى و المدن

كل هؤلاء المجرمين يدخلون لهذا السجن المركزي من دون الحلم بالنظر للسماء الزرقاء لمرة ثانية، كل هؤلاء المجرمين عبارة عن وحوش كانت فيما سبق بشر تخلوا عن إنسانيتهم، و الحكم عليهم لا يكون الموت، لأنه رحمة لهم، بل يتعذبون بشتى طرق التعذيب و أشنعها لطيلة حياتهم، يموتون آلاف المرات بعدد ما قتلوه من الناس

ليست هناك زيارات عديدة لهذا السجن، فمن يدخله غالبا لا يملك أي شخص ليزوره، و حتى لو كان، لن يستطيع الدخول سوى بموافقة المحكمة المركزية، لذا لن تجد سوى الشخصيات العظيمة من تستطيع زيارة هذا السجن، فيعيش السجناء في وحدة أبدية بغرفهم بقيود و قضبان من السحر تسجنهم

آخر زيارة لهذا السجن كانت قبل شهور بالفعل من طرف غرين كانديد لأخيه غرين هيملر، و الآن، بأمر من المحكمة المركزية، فتح السجن المركزي أبوابه لخمسة أشخاص مرة أخرى بعد أن كان محكم الإغلاق عن العالم الخارجي

انقسم هذا السجن لثلاث طوابق عميقا في الأرض

الطابق الأول كان به المجرمين الذين ارتكبوا جريمة قتل أو اثنتين أو ما عادل ذلك. هؤلاء، غالبا ما تلقوا عذابا تمثل في الإغراق بالماء الحارق و كسر العظام و نزع الأظافر و أجبروا على العمل ليل نهار

الطابق الثاني كان به المجرمين مثل العصابات و قطاع الطرق الذين قتلوا، اغتصبوا و نهبوا العديد من الأشخاص. هؤلاء، أجبروا على مرافقة الحراس في مهنتهم التي تتجلى في طعن السجناء برماحهم و تعليقهم بالمسامير على الحائط مع رش ملح أرخبيل البحر العميق عليهم مسببين لهم عذابا جسيما بالإضافة للتعذيب الذي يتعرض له سجناء الطابق الأول

الطابق الثالث و الذي احتوى على أشنع المجرمين في العالم، مرتكبي المذبحات و مدمري القرى و المدن، كالعلماء المجانين و المغتالين المشهورين إضافة لقراصنة البحر ذوي الاسم الثاقب، هؤلاء، وضع كل واحد منهم في زنزانة عازلة للصوت تماما بظلام أبدي غير قادرين على التواصل مع أي أحد بتاتا، و هذا الأمر يقودهم للجنون ببطء شديد، و بين الحين و الآخر، تفتح الزنزانة مما يجعلهم يظنون أنهم سيرون الضوء من جديد مرة أخرى، لكنهم يتعرضون لنفس التعذيب الذي يتعرض له الآخرون في الطابق الأول و الثاني مع اختلاف بسيط فقط بمردودية أكبر

كان مجرمي الطابق الثالث أسوء الشخصيات في العالم، و غالبا ما تلقوا التعذيب من مساعدي آمر السجن الخمسة بنفسهم، و تعذيبهم يكون عن طريق السحر. بعد دفعهم لحافة الجنون بالوحدة الأبدية، يُمنَحون أملا مزيفا عن طريق فتح البوابة، ليتفاجؤا باليأس الحقيقي

قبل مجيء باسل إلى هنا، أمر القاضي الأكبر آمر السجن بتجهيز غرفتين خاصتين لباسل بناء على طلب ذلك الأخير، غرفة يضع بها غرين شارلوت و أخاها، و أخرى يضع بها شاهين

بالطابق الثاني، بجانب المصعد الخشبي الذي يربط الطوابق معا

"ماذا...؟ إلى أين تأخذونني، لا، لأ أريد، أرجعوني لزنزانتي، لا أريد مغادرة الزنزانة، أريد الرجوع لها، لا تفعلوا، ألا تعلمون من أنا؟ إنني الأمير الأول و الإمبراطور القادم غرين هيملر، أبعدوا أيديكم القذرة عني، سأحكم عليكم بالإعدام، ألا تصدقوني، سو..."

*دوو*

ركل واحد من الحارسين اللذين يجران غرين هيملر بطن هذا الأخير حتى تقيأ الدماء ثم تكلم "أصمت أيها الحثالة، سأخبرك بشيء ممتع جدا، أنت لا تعرف هذا، لكن عائلتك قد أبيدت بكرة عن أبيها من دون بقاء أي أحد منها على قيد الحياة سوى شخص واحد و هو أختك التي انضمت إليك إلى هنا قبل شهرين، و أتعلم ماذا؟ الشخص الذي قام بإبادة عائلتك و الذي أصبح قائد جيوش الإمبراطورية الأعلى 'قاتل الدم القرمزي باسل' قادم بنفسه إلى هنا لزيارتك" تكلم الحارس بينما يحتقر غرين هيملر بنظراته و يضحك على حاله بشدة

"باسل... ! ؟" تردد هذا الاسم بمسامع غرين هيملر فجعله هذا الأمر يصرخ بجنون بينما يحاول التخلص من القيود و الحارسين "أفلتوني، أرجعوني للزنزانة، أرجعوني، لا أريد مقابلته، سوف أقتلكم، أنا الأمير الأول، أطلقوا سرا..."

*دوو*

ركلة أخرى في بطنه مسكتة إياه من الصراخ جاءت من الحارس الآخر الذي تكلم بعدما بصق في وجه غرين هيملر "أصمت أيها الحثالة" ثم قام هو و رفيقه بجره نازلين للطبق الثالث عبر المصعد الخشبي

أما غرين شارلوت و شاهين، فكلاهما كان بالطابق الثالث بالفعل، لذا قام الحراس بنقلهم للغرفتين المقصودتين

قُرِعت الأجراس معلنة بذلك عن مجيء شخصية مهمة لزيارة السجن، و بمجرد ما أن وضع الخمسة أقدامهم بالداخل حتى سمعوا الصراخ يأتي من جميع الجهات بينما يرمي السجناء أنفسهم على القضبان الحديدية و يحدقون بالآتي بعيون حمراء، كانوا يمدون أيديهم محاولين الوصول لأولئك الأشخاص الذين أتوا بألسنة متدلية، لكن كلهم تعرضوا للطعن برماح الحراس جاعلين إياهم يقذفون لداخل زنزاناتهم

البعض منهم استمر في الانقضاض مرة تلو الأخرى بالرغم من الطعنات التي يتعرض إليها محاولا الوصول لتلك الفتاة التي كانت كملاك زار الجحيم، و امتدت نظراتهم و أصواتهم المتلهفة لجسدها المثير

كان هناك العديد من السجناء يقومون بالعديد من الأعمال الشاقة، من الحدادة و صناعة الأسلحة إلى التنقيب عن المعادن مع جَلْدهم من طرف الحراس باستمرار

ركب الخمسة بالمصعد الخشبي و نزلوا للطابق الثالث حيث كان الهدوء هناك قاتل لدرجة مخيفة، لو أنك رميت إبرة على الأرض فسيسمع صداها مرات عدة و بشكل واضح

توجه الخمسة معا عميقا في الطابق، و أينما رميت نظرك، فسوف تجد زنزانات سوداء تماما كما لو أنها صندوق من دون مدخل أو مخرج، لا للصوت و لا للهواء، كل شيء معزول بتلك الزنزانات تماما، حتى عن السجن المركزي نفسه الذي تقع بداخله

بعد التحرك لمدة من الوقت، وصل أخيرا باسل و البقية للغرفتين المقصودتين حيث كانتا بجانب بعضهما البعض

دخل الخمسة للتي على اليمين، و بمجرد ما أن فتحت البوابة و وضع باسل قدمه بالداخل، حتى صرخ غرين هيملر بجنون "لا، أبعدوا هذا الوحش عني، لا أريد لقاءه"

كما صدمت غرين شارلوت و انكمشت في الزاوية التي كانت منكمشة بها بالفعل بينما تحدق بأنمار و باسل باستمرار بنظرة غارقة في اليأس و تمتم "أنا آسفة، أنا آسفة، لن أعيدها مرة أخرى"

حدق الحراس في حالتهما بتفاجؤ ثم غادروا بعدما كلمهم الجنرال منصف و أغلقوا الأبواب وراءهم بناء على طلب باسل

انطلق شعاع قاتل من أربعة أعين، شعاع أتى من أعين أخوا القطع و اخترق جسد غرين شارلوت جاعلا القشعريرة تصعد مع جسمها من شدة الرعب. أمامهما الشخص الذي تسبب في معاناة أختهما الصغيرة ذات العشرة سنوات، الشخص الذي عذبها بتجارب شنيعة، الشخص المتسبب في حالة أختهما الصغيرة حاليا، أرادا أن ينقضا عليها في أي وقت بعدما يسمح لهما باسل بذلك

و في الجانب الآخر، حدق الجنرال منصف بغرين هيملر باحتقار، كم من امرأة جعلها ثكلى أو أرملة أو الاثنين معا؟ و كم من طفل يتمه؟ و كم من الناس و العائلات أضاع لهم حياتهم؟ فقط برؤيته، رجعت الذكريات للجنرال منصف عندما تجرأ هذا الوغد على لمس زوجته، و أخيرا أتت فرصته في أخذ انتقامه بالكامل

أخرجت أنمار كرسيا و كوبا من الشاي من مكعب التخزين ثم ذهبت للجانب بعيدا و جلست بهدوء بينما تشرب رشفة تلو الأخرى

أما باسل، فاقترب من غرين شارلوت و حدق بها باستمرار، ثم ذهب و فعل المثل مع غرين هيملر، جعل هذا الأخير ينضم لأخته الصغرى ثم أخرج كرسيا و جلس، وضع يديه على جانبي الكرسي كما وضع رجلا فوق الأخرى و تكلم بهدوء لكن بنبرة جعلت جسدي الأخ و الأخت من عائلة غرين يرتعد "حسنا، أخبراني عن ما مررتما به من تعذيب في هذا السجن"

"همم؟" تفاجأ الأخ و الأخت من الطلب، أيريد منهما تفسير ما مرا به؟ كيف لهما أن يتكلما عنه؟ فقط تذكرهما لذلك يجعلهما يقعان في يأس عميق، و كيف لهما أن يتحدثا عنه؟

لم يتكلما و انكمشا في مكانهما، فتكلم باسل مرة أخرى "كما تريان، ورائي أشخاص غير صبورين مثلي، و إن لم تتحدثا بسرعة، فلا أعلم ما قد يفعلونه بكم ! "

كان الجنرال منصف و أخوا القطع غايرو و كاي يريدون الانقضاض عليهم كالمفترس لذي تربص بفريسته لمدة طويلة حتى أتت اللحظة المناسبة لاندفاعه

بدأ غرين هيملر بالتكلم أولا، بينما يتعذب نفسيا في كل كلمة يخرجها عبر فمه حيث تُذكره بما مر به، و أكثر ما ركز عليه كان الرش بملح أرخبيل البحر العميق الذي يحرق الشخص عبر الجروح التي يلقى عليها و يجعل السجين يمر بجحيم لا يطاق، كان الشخص الذي يتعرض لهذا التعذيب يشعر بأن جسده يُحرق بنار شديدة الحرارة باستمرار من دون أن تخلف آثار الحرق، مما يتيح إمكانية التعذيب بالحرق من دون الحرق الفعلي لمدة طويلة

بينما يشرح غرين هيملر ما مر به، بدأ يعض أصابعه و ينكمش في مكانه من شدة الفزع، بعد قدومه إلى هنا، هو الشخص الذي لم يجرب آلاما قاسية في حياته، كان هذا المكان كالجحيم بالنسبة له

بعدما ما انتهى غرين هيملر سأله باسل بهدوء "هكذا إذا، أهذا كل شيء؟"

"ها؟" تفاجأ غرين هيملر من ردة فعل باسل، ما الذي يقصده بكلامه؟ ألم يسمع ما الذي مر به من تعذيب جهنمي؟ حير سؤال باسل غرين هيلمر، فقام هذا الأخير بإيماء رأسه بعدما حملق به باسل

أزاح باسل نظره عن غرين هيملر ثم نظر لـغرين شارلوت التي بمجرد ما أن التقت عينيها بالخاصتين بباسل، حتى حنت لرجليه بينما تترجى "أرجوك، سأفعل أي شيء، أرجوك ارحمني"

حدق بها باسل و بحالتها المزرية، اشمأز منها ثم ضربها برجله بينما يقول "ابتعدي عني، لو أردت منك شيئا فستفعلينه مهما حدث، و الآن، اشرحي لي كما فعل هذا الحثالة"

ارتعدت غرين شارلوت في مكانها ثم بدأت بالتكلم بصوت منخفض، فكلمها باسل "فليكن صوتك واضحا" مع أن باسل يمكنه سماعها، إلى أن هدفه من جعلها تتحدث عن ما مرت به من تعذيب ليس لأنه يريد أن يعرف، فقد رأى خلال طريقه إلى هنا بعض السجناء يتعذبون

شرحت له كل ما عانته هنا طيلة الشهرين الماضيين، و من دون أن تشعر، بينما تتحدث، نظرت لجهة أنمار الجالسة بعيدا ثم تذكرت ما فعلته بها، مقارنة بتعذيبها من طرف أنمار، فالتعذيب الذي مرت به هنا لا شيء، لكن لا يعني هذا أنه لم يأثر بها، فلم تخرج أي كلمة من فمها إلا و أخذت معها جزءا من روحها

وقف باسل ثم تكلم "كما توقعت، هناك التعذيب الجسدي و النفسي فقط، حسنا"

أخرج باسل بعض الأدوات الغريبة، من بينها كرسيين بقيود سحرية، و حوض مائي، مع بعض الأنابيب الرقيقة

شاهده الأخ و الأخت من عائلة غرين و حدقوا في ما يخرجه باسل بغرابة، بعد مدة من الوقت سألا باسل "هل انتهينا؟" و كانا يسألان بهذا غير مصدقان لذلك

حدق بهما باسل ثم قال "أظن أنكما أخطأتما في السؤال بسبب خوفكما، أقصدتما هل بدأنا؟"

ظهر الرعب مرتسما على وجهي غرين شارلوت و أخيها، ثم صرخا مع في نفس الوقت من شدة الرعب

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/11/11 · 1,118 مشاهدة · 1741 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024