99 - التعذيب

قام باسل بتعليق الحوض المائي بالسقف مع إيصاله ببعض الأنابيب الرقيقة فكون ممرا للماء بين الحوض و الأنابيب الرقيقة، ثم وضع الكرسيين اللذين كان طول أرجلهما يصل لثلاثة أمتار أسفل الأنابيب الرقيقة تماما، و كان الكرسيين مندمجان مع الأرض تماما بسبب حفر مكان لهما و تثبيتهما عميقا

حتى الآن، لا يعرف أي أحد ما الذي ينوي باسل فعله غير أنمار التي جلست بهدوء مغمضة عينيها من دون التحرك بينما ينتظر أخوا القطع و الجنرال منصف الإشارة من باسل

قام باسل بالتكلم "اربطاهما بالكرسيين"

تحرك أخوا القطع و حملا غرين شارلوت المرتعدة و وضعاها على الكرسي ثم ربطاها، و كذلك فعل الجنرال منصف لغرين هيملر

جلس باسل ثم تحدث "من طريقة سردكما لما حدث لكما، أظن انه حقا كان تعذيبا مرعبا بالنسبة لكما، لكن بالنسبة لي، التعذيب الذي تختفي آثاره بهذه السهولة ليس بذلك الشيء الكبير، ستجربان معاناة مئات الناس الذين قتلوا من طرفكما في سبيل أهدافكما التافهة، التجارب على البشر و تحويلهم لوحوش، هل تعرفين العذاب الذي يمر عليهم؟ لا، لا أظن، فبعد كل شيء أنت لم تجربين آلام بحر الروح من قبل، بعد التعمق في البحث أكثر، وجدت أنك أنتَ يا أيها الحثالة من كان يغطي على اختفاء الناس الذي تسببه أختك"

"...أختك بقيت على قيد الحياة لسببين، أولهما، استخلاص المعلومات منها بينما هي في جانبك لأحرص على ربط النقاط كاملة و أستأصل المشكلة من جذورها، ثانيهما، جعلها تمر بكل ما مر به من أشخاص قامت بالتجارب عليهم"

"...بعد التفكير جيدا، لم يكن من المناسب ترككما تنجوان بأفعالكما ببساطة، 'الدم بالدم'، هذه الجملة تتردد بعالمنا كثيرا، لكنكما للأسف اقترفتما خطايا أكثر مما يمكن للدم وحده احتواؤها"

تحدث باسل مع الاثنين اللذين ربط رأسهما مع قمة الكرسي مما جعل جبهتهما موجهة نحو الأنبوبين الرقيقين الموجهين نحوهما، و هذا الأمر جعلهما يرتعدان كثيرا، فليس هناك ما هو أكثر إخافة من المجهول

"...لقد تعلمت الكثير من التقنيات لجعل الشخص يتكلم، بعضها لا يترك الشخص عاقلا بعد تجريبه لها لمدة قصيرة فقط و فتكها لجسده، لكني لست مولعا بها لنقص جماليتها، لكن كانت هناك طريقة جذبت انتباهي أكثر من الأخريات، كانت طريقة بسيطة، سهلة، غير مرهقة، سريعة و ليست قبيحة. كانت تجاربي الهادفة لتعليمي تقام على الوحوش السحرية، و عندما جربت هذه الطريقة لأول مرة، أتعرفين بماذا شعرت؟"

حدقت غرين شارلوت بـباسل الذي حملق بها بحقد ثم قال "لقد شعرت بالاشمئزاز التام حتى من هذه الطريقة التي اعتبرتها الأفضل من جميع النواحي، كيف لشخص أن يقوم بمثل هذه الأعمال المتوحشة؟ القتل أسهل من ذلك بكثير، لكني مع ذلك تعلمتها كلها، لأنني أخبِرت بأنني سأحتاجها في يوم من الأيام، سيأتي يوم أكون شاكرا لتعلمي إياها، لكن للأسف، حتى الآن لا زلت أشعر بالاشمئزاز فقط"

"...فكيف لكي أن تشاهدين كل أولئك الناس تتعذب من دون أن تشعرين بأي شيء؟ قد لا أكون شاكرا حتى الآن لتعلمي هذه الطرق، لكني أعترف بأنني سأحتاجها بين الحين و الآخر، فلا أظن أن هناك طريقة أخرى لجعل حثالة مثلكما يمران بعقاب مناسب لهما، لذا سأضطر للشعور بالاشمئزاز من فعل مني في كل مرة أقوم بها"

وقف باسل ثم تحدث "هناك ذلك المثل، قطرات الماء تنحت الصخر، ليس بقوتها لكن بتواصلها، و من خلالها أتت فكرة التعذيب هذه، قطرة قطرة، و مع كل واحدة، تقترب الضحية من الجنون قبل أن تصل للموت، هناك مثل طريقة التعذيب هذه، استعملت على الناس العاديين فقط، ربطوا و أجبروا على مشاهدة قطرات الماء المتواصلة تنزل على جبهتهم، و بما أنها تأخذ وقتا طويلا، فغالبا ما وصلت الضحية للجنون قبل أن تموت عبر الحفرة المصنوعة بجبتها بسبب قطرات الماء المتواصلة"

بدأ الأخ و الأخت يرتعدان أكثر مما كانا عليه و يترجيان باسل على حياتهما، حملق بهما باسل ثم قال "ها أنتما ذا، سأذكركما بشيء ما، هذا الشيء هو الذي يجعلني لا أرحمكما مهما أصبح شكلكما مزريا، كم مِن مرة استنجد مِن المئات التي عذبتما بنفس طريقتكما هذه؟"

صمت الأخ و الأخت تماما بينما بدأت تنهمر دموعهما، فتكلم باسل "بالطبع لا تذكران، لكني بعد بحثي الطويل، كنت قادرا على تقريب العدد، لقد قمت أيتها العاهرة بالتجارب على 450 شخص، منهم 300 طفل، و أنتَ أيها الحثالة تسترت على أفعالها، كما قتلت الكثير من التجار عبر استخدام قطاع الطرق و العصابات، و لا أعلم حقا كم من شخص قد قتلت، لكنه لن يكون أقل مما فعلت هذه العاهرة على الأغلب بما أن عمرك أكثر منها بكثير"

"...و الآن، لنعد لموضوعنا، تلك الطريقة استعملت على الناس الطبيعيين، لكنها لن تنجح على السحرة المتفوقين جسديا و ذهنيا على الناس الطبيعيين، لذا ما رأيكما بهذا؟ قطرات من الماء الممزوج بالطاقة الخالصة، ستتوغل عبر نقطة أصلكما الموجودة بجبهتكما لتسبب عذابا جهنميا في مسار نقطكما الأصلية و بحري روحكما، و بالطبع بعد تجربتكما لهذا الألم، انتظاركما للقطرة القادمة و خوفكما من قدومها مرة تلو الأخرى سيقودكما للجنون التام، عندها سيكون التعذيب ذو مفعول حتى على ساحر، و على عكس الطريقة الطبيعية التي تأخذ وقتا طويلا، فهذه الطريقة المطورة تأخذ وقتا أقصر بكثير حتى على ساحر"

"...إن أردت تعذيب ساحر ما نفسيا و جسديا من دون إرهاق نفسك، فعليك بهذه الطريقة، فهي الأكثر راحة و قسوة، الأكثر راحة لمطبقها، و الأكثر قسوة للمطبقة عليه، و الآن بعد فهمكما لما سيحدث لكما، لما لانبدأ في التطبيق، فكما تريان، القاعدة الأولى في تنفيذ هذا التعذيب، هو شرحه الكامل للضحية، هكذا يبدأ هذا التعذيب"

بعد انتهاء باسل صرخ الأخ و الأخت بجنون، حاولا كسر الكرسيين لكنهما لم ينجحا في ذلك، حتى أنهما نسيا أن سحرهما مقيد فحاولا استخدامه، اهتزا بشدة من الرعب، و مع ذلك، لم يتحرك قلب باسل و لو قليلا، قد يكون يشعر بالاشمئزاز من التعذيب الذي ينفذه، لكن هذا لم يمنعه من القيام به لشعوره بضرورته

"لماذا تفعل هذا؟ لماذا؟ ليس و كأن لك علاقة بهم" تحدثت غرين شارلوت بعدما فشلت كل محاولات استنجادها

دعم أخوها كلامها "هذا صحيح، أنت لم تأت للعاصمة إلا قبل أقل من عام، لماذا تهتم لهذه الدرجة بمن قتلنا أو عذبنا؟ نحن لم نقترب منك حتى"

حملق بهما باسل ثم تحدث بلهجة باردة و خالية من المشاعر "معكما حق، حتى أن إزعاجك لي أيتها العاهرة قد تم تسويته من قبل أنمار، أما أنت أيها الحثالة فلم تزعجني، لأنني أنهيت أمرك قبل أن تفعل"

صرخ الأخ و الأخت عاليا "إذا لماذا؟ اتركنا و شأننا إن لم يكن لديك أي شيء تجاهنا"

حملق بهما باسل ثم أجاب "أتفق معكما أن لا علاقة لي بالناس الذين آذيتهما، لكني لا أتفق معكما في أنني ليس لدي أي شيء تجاهكما"

عبس الأخ و الأخت و صنعا وجها متسائلا

ازدادت نظرات باسل خلوا من المشاعر ثم قال "اثنان لا يبلعان لي مهما حدث، الجزر المرّ و الحثالة مثلكما"

صمت الأخ و الأخت بعد جواب باسل تماما

شحذ باسل طاقته السحرية الخالصة بإصبعي السبابة من كلتا يديه ثم ضرب نقط أصل غرين شارلوت كلها بنفس الوقت بسرعة فائقة، و كذلك فعل مع أخيها تباعا لها

فإذا بنقط أصلهما تشع كثيرا، و بما أنهما مقيدان، فليس لهما تحكم فيهن، شاهد باسل هذا الأمر و تكلم "هذه أول مرة أطبق فيها هذه التقنية، لم تكن لدي من قبل السرعة الكافية للقيام بها من قبل، إنها تقوم بتهييج نقط الأصل و جعلها غير محصنة، لكنها لن تنجح إلا إذا تم ضرب جميع نقط الأصل كلها مرة واحدة، و حتى لو نجحت، فسيقوم الساحر بإعادة ضبطها و جعلها تهدأ، لذا لا تنفع إلا في التعذيب، عندما يكون الساحر مقيدا، فليس هناك أي احتمال لمراوغته أو ضبطه لنقط أصله"

وجه باسل طاقته الخالصة و مزجها مع ذلك الماء الذي بالحوض ثم قال "هذا ماء من منطقة محظورة، و هذا يجعله أكثر قابلية للاندماج بالطاقة الخالصة، لذا عندما ستلتقي قطرة من هذا الماء بنقطة أصلكما، عندها ستشعران بآلام بحر الروح، عندها ستشعران بآلام كل الأشخاص الذين جعلتهما يمران بمثل ما ستمران به، و إليكما كلمتي كشخص مجرب لآلام بحر الروح، ستشعران أنكما تموتان مئات المرات في لحظات"

انتهى باسل من توجيه طاقته السحرية الخالصة ثم حمل حبلا متصلا بالحوض المائي و سحبه قليلا و أرخاه، فإذا بقطرتين من الماء تبدأ بالمرور من الحوض المائي للأنبوبين الرقيقين

حدقت غرين شارلوت بالقطرة القادمة بالأنبوب ببطء شديد، و هذا الأمر زاد من عذابها فقط على المستوى الذهني و العقلي، و بالطبع، لم يكن أخوها في حالة أفضل منها، فلقد بلل سرواله بالفعل من شدة الفزع

خرجت القطرتين الأوليتين من الأنبوبين و نزلت مباشرة نحو جبهتي غرين شارلوت و أخيها غرين هيملر اللذين حدقا بالقطرة بينما تكبر صورتها بالنسبة لهما شيئا فشيء بسبب اقترابها من أعينهما حتى التقت بجبهتهما

نزلت القطرة على نقطة الأصل و سُمِع صوت كنزول قطرة من الماء في بركة، و تواليا مع هذا الصوت، دوى صوت آخر، كان صوت الأخ و الأخت اللذين صرخا بجنون

اهتزا في كرسيهما و تحركا بجنون و بطريقة مروعة في مكانهما من دون التوقف و لو للحظة عن الصراخ من الآلام، توغلت تلك القطرة لنقطتي أصلهما بالجبهة و جعلت مساري نقط أصلهما مضطرب كليا مما تسبب في اضطراب بحر الروح تباعا لذلك ليبدآ بالشعور بآلام جهنمية لا يستطيع الشخص الطبيعي تحملها و لو قليلا

استمر الأخ و الأخت في الصراخ قبل أن يهدآ أخيرا بعد مدة من الوقت بسبب معالجة بحر روحهما التلقائي و تنقيته للطاقة الخالصة الغريبة، و عندما حدث هذا الأمر، سكت الأخ و الأخت أخيرا، لكن نظرتهما تغيرت من المرتاحة للمرتعبة مرة أخرى بعدما ريا قطرتين أخريين نازلتين عبر الأنبوبين الرقيقين، بدآ يصرخان و يتحركان بشكل غريب، لكنهما مهما حاولا، كان الكرسيين ثابتين و وجههما موجه للأعلى لترى أعينهما اقتراب القطرة القادمة مرة أخرى و يغرقان في اليأس في كل مرة يحدث ذلك

صرخاتهما تسببت في ثقب آذان الناس، و لولا كونهم في غرفة عازلة للصوت تماما، لبلغ صوتهم خارج السجن المركزي

حدق باسل بهما بنظرة غير مرتاحة بتاتا، ذات يوم أخبره معلمه أنه سيحتاج للقيام بمثل هذه الطرق مع بعض الأشخاص، ذات يوم سيكون شاكرا لتعلمه مثل هذه التقنيات، لكن باسل حاليا لم يكن يعتقد أن هذا اليوم سيأتي أبدا، فحتى لو اعترف بأنه سيحتاج لمثل هذه الطرق، لا يعتقد أنه سيكون شاكرا لذلك أبدا

و هكذا، أصبح مزاج باسل أكثر سوءً مما هو عليه حتى الآن، لكنه مع ذلك، حتى لو اشمأز من هذه الأسلوب الذي ينفذه، إلى أنه لا يعتقد أن غرين شارلوت و غرين هيملر لا يستحقانه، فلو كان كذلك، لم يكن ليجعلهما يمران به

كره باسل أي نوع من التسلط و التحكم، و خصوصا إن كانا يطبقان عليه، لذا كره حتى هذه الحالة التي جعلته مضطرا أن يقوم بشيء يكرهه، و لم يجد جوابا آخر غير استئصال مثل هذه المشاكل من جذرها تماما و عدم السماح لها بالحدوث ثانية كي لا يضطر للقيام بشيء يزعجه مرة أخرى

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/11/13 · 1,107 مشاهدة · 1682 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024