عند مدخل الميتم سقط سين متهالك الأطراف و مدمر الجسم ، نظر له أخوته من الميتم وصاحوا وبكوا ظنوا أن الموت منه قد اقترب او اخذه بالفعل ، ولكن اوتوا اقترب وتأكد من تنفسه ، عندما لاحظ أنه لايزال يتنفس نادى على أخوته وحملوه للداخل ثم انطلق اوتوا مسرعا راغبا في جلب طبيب أو مساعدة على الأقل .

ذهب يركض عبر الأزقة والشوارع لعله يجد مساعدة من شخص ما ، ذهب إلى منزل أحد الأطبة ولكنه قوبل بالشتم والضرب وهكذا كان قد مر على عدة منازل طالبا المساعدة ولكن لم يقبل أحد مساعدته أو حتى يسمع لكلامه .

بعدما يأس من طلب المساعدة عاد لجانب أخيه سين ، كان وجهه قد تورم وعينيه قد احمرتا من البكاء المستمر ، عندما وصل لباب الميتم فتح الباب ليخرج سين وهو يهرع مبتعدا .

سين استيقظ بعد ساعة أو أكثر قليلا وفوجئ بأن جراح جسده قد شفيت بالكامل ولكن جرح قلبه عندما أخذت الآنسة نادية لم ولن يشفى إلا بإرجاعها ، عندما تذكر ما حدث له قبل وصوله إلى الميتم أمسك السوار وبدأ يحاول خلعه ، أمسك وسحبه ولكنه لم يتزحزح ، فما كان بالإمكان إلا الاستعانة بشيء حاد ، هرع للمطبخ وأمسك سكين وحاول إخراجه ، ولكنه جرح نفسه ولم يفلح الأمر بل لم يترنح أو يبدي أي حركة بل بقي ثابتا .

حاول طويلا خلعه لعله يبيعها مرجعا الآنسة عندما مر الوقت ولم يستطع هرع خارج الميتم متجها للحفرة التي سقط بها ووجد السوار لعله يجد ذهبا أو شيئا ثمينا وبينما هو خارج فوجئ بقدوم اوتو ولكن لم يتوقف بل أسرع أكثر .

عند وصوله للزقاق الضيق الذي سقط به سابقا تفحص الأرض وتجهم ووجه غرق في ظلمة وأصبح يائسا ' أين الحفرة أنا متأكد انها هنا هل هي تحاول اللعب معي ' بدأ يلكم الأرض ويبكي كطفل سرقت مصاصته .

كان هناك من يمشي بالقرب من هنا رجل بشعر بني يبدو أن المشط لم يمسه منذ أمد وعينين بنيتين وأنف متوسط الحجم عينيه صغيرتين نسبيا و أذنه اليسرى قطعت قليلا من الأسفل ووجهه المكشر الذي يبدي للغير أنه وحش وهو يبحث عن فريسته ومن وراءه تجمع بعض الجنود ارتدى هذا الرجل درعا فضي اللون وطوله وصل بالفعل إلى ١٩٠ سنتمتر كان مسلح بسيف على خصره وبدى أنه يبحث عن شيء .

مر بالزقاق الذي كان يبكي به سين ويضرب ، يداه قد تحطمتا وتشوهتا بالفعل أصابعه تهشمت وعينيه احمرت ، واسنانه التي صرت بشدة قد تصدعت والدماء من فمه ويديه لم تتوقف عن النزيف ، قام من مقامه وركض باتجاه المكان الذي أخذو فيه الآنسة ولكنه لم ينتبه لأمامه أو مساره وظل يركض واثناء ركضه اصطدم بالجلمود الضخم منصور وقع وحاول النهوض ليتفاجأ بوجه وحشي أمامه يسأله بابتسامة بدت كابتسامة الشياطين " هل تعرف من أين الطريق لفرع الجيش العام هنا ؟" استيقظ سين وأجابه " أنا أعرف لكني غير مهتم بإخبارك والآن علي المغادرة " ما إن انهى كلامه حتى انطلق مجددا ومنصور من خلفه ينادي " انتظر من فضلك ، هيي انتظر " أمر رجاله ولاحقوه .

سين ظل يركض حتى وصل لمنطقة فارغة وبها بيت واحد فقط ، إنه بيتهم إنه منزلهم هؤلاء الأوغاد ، امسك بحجر ضخم بالقرب منه ثم انطلق للباب وكسره محطما مدخل البيت وجاعلا إياه قطع صغيرة ،انتبه الرجال له واتوا مسرعين ليروا سبب الجلبة ، عندما رأوا سين الملطخ بالدم ظنوا أنهم رأوا وحشا أو حيوانا مقطر الدم ولكن وبعد تدقيق عرفوه إنه السارق الصغير سين .

كل منهم انطلق ليضربه ويعلمه مع من هو يتعامل ولكنهم توقفوا بعد صياح أحدهم " ألم نحطم عظامه كيف وصل لهنا " تقدم سين وزئر " أين الآنسة " تقدم خطوة بعدها خطوة ثم تلتها خطوة ثم تابعتها خطوة ثم ألحقها بخطوة ثم أسلفها خطوة ثم أضاف لها خطوة ثم سقط مغميا عليه فلقد فقد من الدم قدرا ليس يسيرا .

بعد رؤيته يسقط الشجاعة في قلوب الرجال ارتفعت والجراءة وجدت لها مكان والقوة في عروقهم قد جرت مجرى الدم ، تقدموا وبدأوا يضربونه ويشتمونه " أيها اللعين من تظن نفسك " " هل تعرف من نحن بالتأكيد لا لأنك مجرد جبان حقير " " أيها الوغد قد أخصيتني والآن حان الوقت لرد الاعتبار " ما إن انهى الرجل كلامه رفع يده ليضربه ويريه الويل ويعلمه معنى كلمة ألم ويبقيه مخصيا لبقية حياته ، ولكن في تلك اللحظة أمسك منصور يده رماه ، أمسك الثاني وسواه ، الثالث لكمه ، الرابع ركله والخامس لوى يديه ، حتى أصبحت كالمعجون .

تقدم منصور للأمام ثم تكلم بصوت عالي تردد صداه في الأنحاء " اقبضوا على جميع هؤلاء الرجال " تقدم للأمام واراد التقاط سين حين سمعه يتمتم وهو مغمى عليه " نادية .... آنسة .... نادية ....أرجوكم ....لاا..."

أشار منصور لجندي قريب وقال " اذهب و اعثر على الآنسة نادية " الجندي فور سماعه للأمر اومأ واجاب " حاضر سيدي " ثم ذهب داخل المنزل وبدأ البحث .

بعد أقل من عشر دقائق كان قد عاد ومعه الآنسة وهي في حالة مزرية وملابسها العلوية مقطعة ، ووجه شاحب وجسم مرتجف ، سألها منصور " آنسة ، هل أنت بخير ؟ هل تأذيت ؟ " لم ترد الآنسة بل سارعت لاحتضان سين وبدأت البكاء .

بعد انتهاء فورة البكاء قالت " لم أتأذى قبل أن يفعلوا اي شيء ، جاء صوت من الخارج وبسبب سين قد نجوت " ارخت كتفيها وبدأت تقوم وأرادت حمل سين ولكن منصور قام بحمله وقال " هذا سيأتي معي " الآنسة بدى عليها ملامح الحزن الغضب والكثير من الخوف " لماذا ؟ مالذي فعله ؟ ."

هز منصور كتفيه وقال " هو سيأتي معنا عاجلا أو آجلا فنحن بدأنا عملية تجنيد إجباري ، لقد دخلنا في وضع حرب يا آنسة ، ارجوك تفهمي موقفي " هنا جائه الرد من المحمول بين يديه " هل سأحصل على المال إذا ذهبت معك " رد منصور بعد ضحكة طويلة " إن نجوت لك المجد والمكافآت وإن مت لعائلتك التعويضات " .

ثم قام بإيصال الآنسة وسين للميتم بعد سؤاله عن فرع الجيش العام قبل أن يرحل قال لها " يجب أن يأتي في غضون ثلاثة ايام ، بعد ثلاثة أيام سننطلق إلى الحدود ، بالمناسبة لم اعرف نفسي أنا منصور " وترك اسمه ورحل .

سين فقد خلال هذا اليوم مالم يفقده طيلة حياته بدى شديد الشحب ، لكن الأمل لم يفارقه فهو سيذهب للجيش من أجل دفع المال للميتم .

******

في القصر الأخضر المظلم ظهرت فتاة وقالت " ألن تقتله فهو يخطط من ورائك ويلعب الحيل والمكائد " رد الوجود في الظلال " لا ، فمنذ مدة لم أحظى بمتعة ، أيضا ايتها الفتاة اذهبي للعب خارجا لا تزعجيني طوال اليوم "


ردت الفتاة بنبرة لعوبة " إذا إلى اللقاء أتمنى لك موت عشيرا أيها العجوز " رد الوجود في الظل " حقا تستحقين لقبك الأميرة الوحش " .

في القصر

2018/08/19 · 515 مشاهدة · 1078 كلمة
Mahmoud
نادي الروايات - 2024