الألم ؟؟؟!!..

ما هو الألم في نظرك ؟. هل هو ما تشعر به حين تواجه العديد من الأوجاع و الأمراض في الحياة اليومية المليئة بالتجارب والمحن ؟؟.

أم هو هذا الإحساس المزعج المختلف عن غيره من الأحاسيس . هذا الإحساس الذي طالما ارتبط اسمه بالشر و العذاب والمئاسي ؟؟!!...

..

أغلب المظاهر التي يمكن رؤية تجسيد هذا الشعور من خلالها تتشكل من الحوادث والمجاعات .. من الكوارث و الزلازل .. من التعذيب .. من الحروب وعمليات الإبادات واسعة النطاق , عمليات القتل وحمامات الدماء الجماعية ..

..

هل الألم مجرد شقاء وتعاسة للإنسان ؟؟.

ماذا يمكن للألم أن يقدمه لنا سوى المزيد من الألم ؟..

..

بالنسبة الى مازينو . لقد تجاوز أي شيء يسمى بالألم منذ زمن . منذ تلك اللحظة التي شعر فيها بمعنى الألم في أشد و أبهى صوره . لقد كانت تلك هي الخسارة الحقيقية بالنسبة له !!...

خسارة الأم ليس بعدها أي خسارة على الإطلاق .

..

يفقد الشخص كل معاني الحياة . الحياة نفسها تفقد مذاقها ومع رحيل الأم يرحل معها كل شيء . ترحل على الأقل تلك السعادة التي كنت تشعر بها حين كانت لا تزال حية . فالسعادة التي يتحدث عنها أغلب الناس لم أرى منها شيئا على الإطلاق .

كان مازينو وهذا الفتى الفاقد للوعي أمامه على نفس القارب .

..

رحيل هذا الشخص الإعجازي من حياة الفرد هكذا فقط . يترك خلفه فقط الحسرة والمرارة . الندم والكراهية . الظلام والظلام . لا يمكن وصف هذا الشعور على الإطلاق بمجرد كلمات عابرة . وكما يقول المثل , لن يشعر بقساوة الضربة , إلا من تلقاها على وجهه مباشرة .

لن تشعر بقساوة الحياة البشعة إلا حين تفقد هذا الشخص العزيز . وكن متأكدا الجميع سيمر من هذه اللحظة . وحتى من يملك قلوبا متحجرة لا يمكن أن يتجاوزوا هذه المرحلة من الحياة بسهولة على الإطلاق .

..

..

لقد كانت هذه هي حقيقة المعركة التي يناظل فيها هذا الطفل الصغير أمام مازينو , طفل بمثل حالته لم يملك أي شيء من الأساس . سيفقد سببه للإستمرار على قيد الحياة مع فقدان الأم .

..

لم يملك مازينو أي شيء ليقدمه الى هذا الفتى سوى بضع كلمات قبل أن يقوم من مكانه ويغادر :

" كما قال فلاسفة كوكبنا اللعين . جميعنا يواجه صعوبات قد تبدو مستحيلة التجاوز . جميعنا يتعرض للعثرات , وحين يحصل لنا هذا ...

غالبا ما نكون مدفوعين الى الإستسلام .................."

توقف مازينو قليلا حيث شعر ببعض الحركة من الطفل . والتف لينظر الى هذه الكتلة الصغيرة من اللحم قبل أن يعطي نصيحة لم يقدمها لأي شخص من قبل . شخصية مازينو لا تقبل بمثل هذه التصرفات على الإطلاق .......

هو نفسه لا يعلم لما يتصرف بهذه الغرابة منذ أن التقى بهذا الطفل ..

..

" الألم يعلم الإنسان الكثير !!!!..

وما تعلمته من تجربتي الشخصية هو أن ما لا يقتلك يجعلك أقوى ... و أقوى ... وأقوى !.

لكن هذا الشيء لا ينطبق على الجميع بالطبع . أنا متشوق لرؤية أي صنف من الناس تنتمي إليه ............"

..

..

بالطبع هذه الكلمات المفاجأة قد وصلت الى مسامع الطفل الذي كان يتلخبط بين هذه المشاعر المتضاربة في هذه اللحظات . صورة والدته الملقاة على الأرضية القاسية لا تكاد تغادر مخيلته .

..

غادر مازينو هذا المكان الذي كان بيته الخاص في تشكيل التجمع السكني للفرع الخارجي من معهد الظلام .

في الخارج حدثت الكثير من التغييرات مع انتشار آخر هذه الأخبار حول مازينو . كما استيقظ أغلب التلاميذ الذين تعرضوا للتعذيب على يد مازينو . حيث لم يقم بأي شيء يؤثر على تدريبهم الخاص . لأنهم جميعا في المستقبل سيصبحون جنود مخظرمين من عشيرة الأكاغي .......

لقد كان فقط يثبت مكانته كحاكم لهذه العشيرة بالقوة الغاشمة

..

..

بصراحة حتى بعد خروجه من ذلك البيت الخاص , لايزال مازينو يلقي بنظرة أخيرة على باب المنزل . هذه أول مرة يتعاطف مع شخص منذ اليوم الذي فقد فيه والدته على كوكب الأرض . حتى أنه لا يعلم كم مرّ من الوقت بالضبط على حدوث ذلك .

..

لم يتكلم كثيرا في هذا الشأن , لأن الجميع يتحدث ويكتب عن الألم . بينما في الحقيقة ... الألم الحقيقي لايمكن التعبير عنه بأي وسيلة ..

..

بينما مازينو ينظر الى هذا الباب , خرج الطفل الصغير من هناك فجأة . بينما كانت ملامح وجهه مصدومة . وعينه ميتة تماما . هالته كانت تبعث شعورا خافتا لنية قاتلة اتجاه أي شيء . هذا الطفل عرف بكل تأكيد أن مازينو مميز عن غيره من البشر منذ اللحظة التي سقط فيه بصره عليه .....

..

أول ما انجذب الطفل إليه هو عيون مازينو التي كانت هاوية يصعب الهرب منها بطريقة غريبة للغاية . لأول مرة يشعر هذا الفتى أنه يلتقي شخصا يتعامل مع العالم كما يجب .....

كان الفتى ينظر الى ظهر مازينو الذي كان يمشي بكل حرية في أراضي معهد الظلام . ومن هنا لاحظ أخيرا شيئا ما . كان هذا الفتى يتبع مازينو من الخلف بكل بلاهة في لحظة دهشة .

..

لطالما عاش حياته في خوف ورعب من التلاميذ من معهد الغيوم . لكنه اليوم يشاهد العكس تماما . هذا الشخص أمامه يمشي بكل حرية على الأرض بينما يتصرف كأنه الملك ...

في حين كان كل من حوله يرتعد من شدة الخوف . ولم يملكوا حتى القدرة والشجاعة على رفع رؤوسهم في حظوره .

..

..

ازداد إعجاب الطفل بمازينو الى أقصى الحدود . وفهم أخيرا ما تتطلبه هذه الحياة . لقد فهم أن ما يعطي هذه الوضعية لمازينو هي قوته الخاصة لا غير . لو أنني امتلكت القوة أيضا . لما حدث لي أي شيء من هذا الماضي البئيس

..

لو أنني امتلكت القوة لما كنت عبدا ضعيفا منذ البداية .

لو أنني امتلكت القوة لما تعرضت والدتي الى كل ذلك ال..

..

..

توهجت هذه العيون السوداء من وسط كل هذا الشعر القذر الخاص بالطفل . بينما يتذكر آخر كلمات أمه قبل وفاتها ..

لطالما همست في أذنه : لست قويا بما يكفي للوقوف في وجه العاصفة !!..

..

واليوم هذا الطفل مسح من على خذه آخر دمعة بينما يهمس هو الآخر ويقول لطيف هذه الأم الذي لا يفارقه :

" أنا العاصفة ............................................."

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بصراحة تحمست من تعليقات الفصول الماضية وقررت أن أضيف هذا الفصل . شكرا لكل شخص دعمني منذ البداية .

2020/06/03 · 1,812 مشاهدة · 996 كلمة
El Marchel-Z
نادي الروايات - 2025