كان هذا المشهد شيئا يحبس الأنفاس , فقط كون كل هذه الأعداد التي شكلت مدا لا ينتهي من الكائنات الحية راكع في خشوع تام أمام رجل واحد !!؟
فقط الى أي مدى وصل خوف وإحترام هؤلاء الناس لذلك الرجل ؟؟ ليس هذا فقط وإنما خارج هذا المكان الذي كان هو النطاق الداخلي , كانت هناك جيوش جرارة بأعداد أكبر بكثير من هذه التي هنا . ونفس الشيء تكرر في كل مكان , الجميع كانوا راكعين حتى بدون أن يلتقوا بهذا الرجل , كانوا قادرين على الشعور به والشعور بالتقدم الذي يحققه دائما . لذلك كان هذا الرجل في بالهم طوال الوقت ولم يفارقهم أبدا .
رجل إحترمه وخشيه الجميع !!, حتى من كيانات قديمة جدا مثل ملوك عرق الكارثة لم يكونوا إستثناء ؟؟
فقط ما الذي رآه هؤلاء الناس في هذا الإنسان لكي يرفعوا من مقامه الى هذه الدرجة التي لا تصدق ؟؟...
* * * * * * *
بينما كان يقف فوق هذا النعش , زيغان الذي تخلى عن آخر شيء ورثه من والدته . في الحقيقة الشيء الوحيد الذي تبقى له من تلك الأم كان بضعة ذكريات بالإضافة الى ذلك الإسم الذي منحته إياه , يوريك مازينو .
والآن في سبيل الهدف الأسمى الذي يسعى له زيغان , لقد كان عليه أن يتخلى عن أي نقطة ضعف ممكنة وأن يغلق أي ثغرة ضعف من الممكن أن تنزل من قوته ولول قليلا !!. والدته طالما كانت نقطة ضعفه , ولكنها توفت منذ زمن , وآخر شيء بقي لمازينو من تلك الإنسانة كان مجرد ذكريات !!. لكن الغريب أنه حتى تلك الذكريات لم يستطع حمايتها !!.
الحامل السابق للشعلة الأبدية ذاك تمكن من حرق تلك الذكريات لولا أن تدخل مازينو في اللحظات الأخيرة . لقد قرر بما أنه لم يستطع حماية حتى مجرد ذكريات , قرر حرق تلك الذكريات بنفسه والتخلص من نقطة الضعف تلك بنفسه . لما سيسمح لشخص آخر أن يفعل هذا عوضا عنه .
بهذه الخطوة ومهما كان الأمر مؤلما بالنسبة له , لقد تخلى عن آخر شيء يتذكره حول والدته , وتخلى عن آخر الروابط التي تجمعه مع تلك الإنسانة . تخلى حتى عن إسمه لكي يبقي هذا الماضي حبيس النعش أسفل قدميه .
لقد قرر الأمر برمته بعقله , وكما جرت العادة زيغان الذي هو مازينو , ليس شخصا يقرر الأمور بقلبه وليس بشخص يترك أي مجال للعاطفة لكي تتحكم به . إنه شخص عقلاني بالكامل . بهذه الخطوة قلبه تحجر بالكامل , لقد كان الآن شخصا خاليا من أي نقاط ضعف عاطفية , شخص مستعد لكي يضحي بأي شيء أو أي شخص في سبيل القوة التي ستمكنه من الوصول الى هدفه ...
فقط البرودة التي كانت تصدر من زيغان في هذه اللحظات كانت كفيلة بأن تحرك قلب أي شخص في هذه الساحة . ليس هذا فقط ؟ وإنما بشكل عام لقد كان الأمر كما لو أن الشخص الذي يقف أمام الجميع ليس مازينو الذي يعرفونه ولكنه شخص آخر مختلف . إنه الآن زيـــغان !!.
الأمر الذي أصدره مازينو قبل قليل تم طباعته في قلوب كل كيان حي ينتمي الى عشيرة الأكاغي . حيث إختفى إسم مازينو أدراج الرياح , وبدله أصبح هذا المارشال معروفا من جديد بين الجميع على كونه زيغان !!.
هذا النعش الذي كان في البداية عبارة عن مجرد لهب أبيض لا يملك أي حرارة مضرة , إشتعل فجأة بقوة منفجرة حيث بدأ هذا الشيء يبعث بحرارة هزت كل شيء في هذه القارة !!.
بووووووم !!~~ شوى !!~~
موجة عملاقة من الحرارة التي كانت على وشك صهر كل شيء ببعضه البعض !!. حتى من المقاتلين كانوا في حاجة لحماية أنفسهم بواسطة الطاقة القتالية من هذه الموجة , لقد كانت هذه هي القوة الحقيقية لما يطلق عليه باللهب الأبدي !!. لهب قادر على الإحتراق بنفس القوة والحرارة الى مالانهاية .
بدأ الجميع في الإبتعاد عن هذا النعش بشكل خطير لأن القوة التي كانت تصدر من ذلك الشيء كانت هائلة جدا وقادرة على حرق أي شخص أضعف من زيـــغان في بضعة أنفاس, وفي هذا المكان لقد كان زيـــغان الأقوى بدون أي منازع !!.
طبعا بإستثناء الملوك وشيوخ العشيرة .
ظهرت كذلك خطوط غريبة لقانون الظلام الذي شكل ختما غريبا على هذا النعش حيث دفن زيغان ماضيه بالكامل . هذا الختم إرتبط تحت تحكم زيـــغان بعلامة عرق الكارثة التي تتواجد في مركز النطاق الداخلي . وبهذا إمتدت قوة النطاق الداخلي اللانهاية الى هذا الختم ليصبح بذلك حتى أشخاص مثل الملوك من المستحيل عليهم كسر هذا الختم بقوتهم الحالية !!؟
لقد كان هذا القرار شيئا لا رجعة فيه بالكامل .
الهاوية الصغير كان لمعان الحب الشديد ينبع من أعماق عينيه وهو يرمق زيغان بنظرات كلها عاطفة !!. تحول هذا الوحش القديم الى وضعه الصغير حيث أخذ على الفور مكانه على كتف زيغان وإستقر تماما على الفرو الناعم الخاص بمعطف زيغان بينما كان وجهه يلقي بنظرات كلها عنف وعدوانية اتجاه أي شخص آخر عدى زيغان في هذا المكان !!!. لم يخف هذا الوحش من أي شخص آخر غير زيـــغان لدرجة أنه كان ينظر بهذه العدوانية الى الملوك حتى !!؟...
فجأة قبض زيغان على يده ليبدأ بذلك سلاح غريب بالتشكل أمام كل هؤلاء الأكاغي !!, لقد ظهر سلاح عملاق للغاية , حيث كان هذا الشيء يملك شكلا أشبه بالرمح .
مقبض بطول أربعة أمتار , مقبض أسود بالكامل يملك شكلا غريبا جدا !!. هذا المقبض كان مشكلا بالكامل من جماجم صغيرة منصهرة مع بعضها البعض حتى شكلت هذا العمود الطويل أسطواني الشكل والذي كان مقبض الرمح .
في مقلة عين كل جمجة , كانت هناك شرارة بيضاء من النيران التي تحترق بإستمرار وترسل نوعا لا يصدق من الضغط سواء الضغط الروحي أو الضغط القتالي !!؟
في قمة المقبض , كانت هناك جمجمة كبيرة مقارنة مع بقية الجماجم التي شكل منها المقبض , وعلى عكس كل الجماجم , فهذه الجمجمة تعود الى مخلوق غريب للغاية , حيث كانت الجمجمة تبدو مثل شيء صنع من دمج ثلاث جماجم بشرية في نفس الوقت ؟؟
لكنها كانت تملك ترابطا غريبا للغاية مع الشيء المرعب الذي يفترض أن يكون نصل الرمح !!؟
إمتد من هذا الجمجمة على رأس المقبض قرون أشبه بعدة مخالب إتخذت شكلا لولبيا , حيث إحتوى هذا المخلب الغريب النصل !!. هذا النصل كان عبارة عن شوكة أشبه بقطة كريستال منقطعة النظير !!.
لكن ضخامة هذا الشوكة كانت لا تصدق , حيث إمتدت في الطول الى ما يقارب الستة أمتار . شوكة كانت محاطة باللهب الأبيض الحارق من جهة , بينما كانت البرودة المتجمدة التي تقشعر لها الأبدان تحيط الشوكة من جهة أخرى ؟؟ ليس هذا فقط . وإنما كان هناك خط مظلم غريب يمتد من مقبض الرمح وصولا الى قمة النصل على الشوكة .
السبب الذي جعل هذه القوة تحيط هذه الشوكة كان بسيطا للغاية , لأنه بكل بساطة كان الشيء الذي صنعت منه هذه الشوكة خياليا بكل المقاييس !!. حتى الملوك ظهر عرق بارد على جباههم حين رمقوا هذا السلاح لأول مرة . شوكة كانت تملك نصلا حاد الى حد مرعب , وكذلك هذه الشوكة كانت متناهية الصغر في منطقة الرأس , مما يعطيها قدرة لا تصدق على الإختراق !!؟ لقد كان هذا الشيء سيفا ورمحا مثاليين في نفس الوقت .
حتى إمبراطور الموت أزازيل هربت منه كلمات غريبة منذ أن شاهد هذا السلاح :
" لقد صنع سلاحا كهذا عن طريق دمج قوة السلاح النهائي للأرواح وشضية السلف ؟؟
ماذا ستكون قوة هذا السلاح في المستقبل بحق الجحيم ؟؟
إنتظر , هل هذا يعني أن شضية سلاح السلف الآن تحت سيطرة المارشال ؟؟... "
الجواب كان واضحا للغاية وأمام عيني كل شخص , حيث وجه زيغان هذا مدمر الموازين الى الهواء أمامه . وتحت قوة هذا السلاح بدأ نفق مكاني غريب جدا في التشكل !!. هذا النفق المكاني كان في الحقيقة شيئا يعود الى قوة كائن الطاوي المقدس الذي يملكه زيغان .
قوة هذا الكائن هي من فتحت النفق , لكن بقوة هذا الكائن لم يكن هذا النفق ليصل الى المكان الذي يريد زيـــغان الذهاب إليه . لذلك قام زيغان بضخ قوته الخاصة في هذا النفق عن طريق هذا السلاح . وبهذا تظخم مدى النفق المكاني عدة أضعاف مضاعفة !؟
السبب الذي جعل كائن الطاوي المقدس مختفيا عن الأنظار ولم يظهر نفسه , كان ببساطة لأنه شعر بتهديد كبير من الهاوية الصغير . لذلك لم يملك هذا الطاوي الجرأة لكي يقف على الكتف الآخر لزيغان بندية مع الهاوية الصغير .
شوى !!~~~~
بدون قول أي كلمة أخرى , أو حتى إلقاء نظرة على هذه الحشود من الكائنات في النطاق الداخلي . دخل زيغان الى ذلك النفق المكاني ليختفي بذلك من هذا المكان بالكامل !!؟ لا أحد علم بالوجهة التي ذهب إليها المارشال , لكن الجميع عرف أن هناك شيئا كبيرا سيحدث عما قريب !!؟