505 - العيش وحيدا , هو قدر كل روح عظيمة ...

ـــــــــــــــــ Marchel ـ ــــــــــــــــ

وسط التساؤلات التي كانت تراود هذه الأوفرلورد , والتي كانت غير قادرة على إستيعاب ما كان يحدث , لدرجة أنها لم تستطع محاولة تخيل الأمر يحدث في جانب قبيلتها ؟؟ رغم كون الوحوش من أشد الكائنات عنفا وخطرا كطبيعيتهم العادية , لم يسبق وأن حدثت مثل هذه النزاعات بين القادة على الإطلاق , ولم يسبق وأن حاول قائد قتل قائد آخر بكل هذه الجدية وسط أنظار البقية ؟؟

دائما ما يتطلب الأمر توافقا نسبيا بين القادة من أجل الحفاظ على توازن القبيلة ككل. لكن بالنسبة للأكاغي ؟؟ من الواضح أن شيئا كهذا لم يكن أول مرة يحدث على الإطلاق ...

غييك غييك غييك !!؟؟؟

فجأة , قاطع وصول صوت ضعيف من أسفل تلك الهاوية التي أحدثتها التقلبات القوية في المنطقة كل هذه المعمعة !!؟؟

كان الصوت منخفضا للغاية , لكن حواس الشخصيات القوية التي كانت تقف في الميدان كانت قادرة على إلتقاط هذا الصوت فور ظهوره هناك . وعلى الفور حدث شيء لم تتخيل هذه الأوفرلورد رؤيته حتى في أشد خيالاتها بعدا عن المنطق .

على دراجة هوائية غريبة الهيكل , عجلات الدراجة كانت كبيرة للغاية ومسننة بشكل مرعب جدا , كانت بالأحرى عجلات عظمية , إستمرت العظام التي كانت مثل القرون في إختراق الأرضية بشكل قاسي للغاية تاركة بذلك ندوبا في الأرض أينما مرت ...

الصوت كان ينبعث من صندوق كبير كانت تجره هذه الدراجة , والصندوق كان يملك رائحة قذرة ومنفرة ؟؟

على الدراجة , وقفت شخصية طويلة القامة بشكل رهيب للغاية , بينما إستمر ذلك الشخص في النظر الى الأمام ولم يكلف نفسه أي جهد يذكر لرفع بصره الى الأعلى لإلقاء ولو مجرد نظرة , إستمرت الددراجة في التقدم ببطء بينما كان الغبار الذي يقترب من حدود مئة متر حول الرجل يختفي في ظروف غامضة !!

كان محيطه نقيا بشكل مثالي , لدرجة أنه يمكن ملاحظته من مسافة بعيدة جدا وسط هالة الفوضى التي حلت على المكان. هالة الرجل كانت راكدة تماما وكان من المستحيل على أي من الحاضرين تمييزه عن بقية الناس العاديين . لكن بالطبع نظرة واحدة على ذلك الجسد المستقيم , وتلك الأعين المرعبعة , ذلك الشعر الأبيض العنيف الذي كان يتفجر في مهب الريح . كان أكثر من كافي ليتحدث في مكان الرجل . هذه الصفات من المستحيل حتما أن تتواجد في مجرد رجل عادي وضيع المقام .

" ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم ؟؟؟ "

توقفت الدراجة عن الحركة بينما صدر صوت أجش وعميق من الأسفل هناك تردد صداه في هذه الهاوية كأنه هدير مرعب للرعد , قفزت قلوب جميع من على الساحة من أماكنها كإستجابة على هذا الصوت المألوف فجأة, بينما كان بإمكان هذه الأوفرلورد رؤية تلك الرعشة الخفيفة وهي تسري في أجساد قادة الفيالق هؤلاء الذين كانوا خارج السيطرة قبل . وعلى الفور , تحول الموقف بالكامل 180 درجة !!

مثل بعض الجراء المطيعة التي لاحظت حضور سيدها فجأة , إنسحبت هالات الجميع فجأة بينما عاد كل شخص الى وضعه العادي وتم قمع أي نوع من أنواع الطاقة في المكان . عم الصمت والهدوء على الساحة بالكامل خلال لمحة من الزمن . أعاد كل من قادة الفيالق سلاحه الى خواتم التخزين الخاصة بهم , بينما تراجع جميعهم الى الأسفل على الفور .

لم ينطبق الأمر على قادة الفيالق فحسب , بل إنطبق الأمر على كل مخلوق حي تواجد في هذه الساحة من الأرخبيل !!.

إصطف الجميع من حول ذلك الرجل بينما إستمروا في رمقه بتلك النظرات كما لو كان نوعا ما من الألهة وليس مجرد بشر .

توسعت حدقة عين هذه الأوفرلورد الى أن كادت أعينها تخرج من مقلتها من هول الصدمة !!. دقات قلبها كانت تتسارع كإنطلاقة محرك على وشك الإنفجار !! فقط أي نوع من الحضور وأي نوع من المكانة هي هذه التي يحتلها هذا الرجل في قلوب أتباعه حتى يتم إحترامه ومعاملته بهذا الشكل ؟؟

فقط ما هو هذا الشيء المميز به والذي لا يتواجد في غيره ؟؟

ما الذي يجعل منه شخصا آهلا لحكم عشيرة بهذا الجنون ؟؟

هذه الأوفرلورد كانت حاكمة قبيلة الوحوش , وهي أدرى شخص في المكان بما يمكن للمسؤولية أن تعنيه . بالطبع القوة كانت أهم شيء في عالم كهذا , لكنها بالطبع لم تكن كل شيء . فللسيطرة على الناس من حولك وإخضاعهم بشكل مطلق كهذا , كان ذلك شيئا مستحيلا بالطبع .

هذه الأوفرلورد كان بإمكانها رؤية وسماع العديد من من لا يوافقون توليها حكم القبيلة بإستمرار منذ الوهلة الاولى التي إعتلت فيها تاج الأوفرلورد, وبالطبع في أي مكان من الأماكن , سواء قبيلة ما , عشيرة ما , طائفة ما , أو حتى مجرد قرية تافهة , دائما ما تحدث صراعات داخلية من أجل السلطة , من القوة , من أجل المكانة , من أجل الحكم .

لكن لاول مرة تصادف هذه الأوفرلورد شيئا غريبا ينافي المنطق الذي عهدته من آلاف السنين . لقد صادفت هذه المرأة كيانا غامضا جدا , عشيرة الناس فيها لا يطمحون للحكم , وإنما يطمحون لضمان مكان بجانب الحاكم .

......

......

بعد تسليم الصندوق الغريب الذي كانت تجره العربة الى قائدة الفيلق الأول , كان يمكن لهذه الأوفرلورد رؤية المارشال زيغان وهو يقود دراجته الهوائية مبتعدا ببطء شديد عن التجمع الذي أحاط به قبل لحظات .

نظرات الناس من ذلك التجمع في الأسفل كانت تتابع خلف ظهره وترمقه بنفس نظرة الإحترام الشديد مع تلك اللمحة الفريدة من الخوف !!.

الأوفرلورد كانت تنظر الى المشهد بالكامل من زاوية مختلفة , كانت تنظر الى كل من التابع والحاكم في نفس الوقت . هؤلاء التابعين كانوا يظهرون ملامح ومشاعر كل ما كان يمكن القول أنها كانت صادقة %100 . هذا شيء لم تكن تحظى به هذه الأوفرلورد رغم كونها حكمت لألاف السنين .

هل يعقل أن يأتي طفل لم يصل عمره الى حدود السكال الواحد حتى ويحقق شيئا كهذا عجز عنه حتى أوفرلوردات القبائل الأربع ؟؟

[ تذكير : السكال يساوي 200 سنة . ]

لكن الغريب في هذا الحدث , أن هذه الأوفرلورد شعرت بنوع من الضيق لحظة إبتعاد المارشال عن الصورة . شعرت بنوع غريب من الحزن وهي تشاهد تلاشي صورته في الأفق وحيدا بذلك الشكل ...

حينها فقط رنت كلمات قائدة الفيلق الأول في رأسها من جديد , لكن هذه المرة هذه الكلمات حملت ثقلا كبيرا جدا لا يوصف !!

" || العيش وحيدا , هو قدر كل روح عظيمة ... || "

مغادرا هذه الساحة , ذلك المارشال لم يلقي ولو بأدنى لمحة الى ناحية هذه الأوفرلورد. كان ذلك تجاهلا كليا لها !! لكن أيضا هي شعرت أنه لم يكن مجرد تجاهل , بل كان غرورا أكثر من ذلك , كبرياء لم يسبق وأن شاهدت له هذه المرأة مثيلا من قبل حتى !!!

" في نهاية الأمر إتضح أنه شخص لن يرفع بصره للأعلى من أجل مجرد رؤية شخص آخر , حتى لو كان هذا الشخص هو أوفرلورد قبيلة الوحوش ... "

هو كذلك لم يعاتب أي شخص هنا على هذه الفوضى التي أحدثوها , لم يقل أي شيء على عكس تقديم ذلك الصندوق الى القادة الذين كانوا سيخرجون للقتال بعد قليل .

شيء كهذا لم يظهر هذا الحاكم على أساس كونه ضعيفا من ناحية الحكم , لم يظهره على اساس كونه متساهلا جدا مع قادته . فالشائع أن صفات مثل القسوة والصرامة في الحكم هي شيء دائما ما إتصف به كل من إعتلى تاج المسؤولية رأسه .

وإنما كل ما شعرت به هذه الأوفرلورد وكل ما فهمته من خلال تلك الملامح التي توسطت وجه ذلك المارشال , كان مجرد لامبالاة قاسية ...

2020/12/27 · 1,192 مشاهدة · 1176 كلمة
El Marchel-Z
نادي الروايات - 2024