508 - أهوال الحرب : لقد أبليت حسنا !!.

ـــــــــــــــــ Marchel ـ ــــــــــــــــ

بينما كان هذا الشاب بعبائته الحمراء يقف مواجها الوجوه الشاحبة أمامه والتي تعود الى شيوخ معهد اللهب المحترق . لم يكن في وسع هذا الشاب سوى إلقاء نظراته على الشخص الوحيد الذي إعتبره قدوته, الشخص الوحيد الذي كان بالنسبة له هو القوي الحاكم المطلق , البطريرك !!..

لكن ما فاجأ هذا الشاب كان هو نظرة الخوف التي بدت واضحة بشدة على ملامح البطريرك في هذه اللحظات !!. ملامح جعلت كل ما كان يدور في ذهن الشاب يتحول الى مجرد سؤال غبي للغاية !

" لماذا.. ما... السيد.. ؟؟ "

الغريب في الأمر أن هذا الشاب لم يكن قادرا على صياغة السؤال بشكل جيد حتى؟ رؤية البطريرك في تلك الحالة كان شيئا لم يسبق وأن شاهده من قبل , وكذلك لم يتخيل مشاهدته من بعد . ما شاهده الشاب لم يكن هو الخوف البادي على محيا البطريرك العجوز .

بل كان تلك المشاعر البئيسة التي إستسلمت بالكامل للواقع . خارت قوى الرجل بينما أخفض من دفاعه بالكامل وهو يرمق الشاب بالعبائة الحمراء بتلك النظرة المثيرة للشفقة . لقد توقع هذا الرجل بالفعل تلك النهاية التي يتوجه اليها الأمر , ونفس الأمر حدث بالفعل مع البقية من حوله .

قبيلة التنين ومن وأجل موازنة الأرقام مع عشيرة الأكاغي , قامت بإحضار كل عشائر وطوائف النطاق برمته ليقفوا في الحدود . الأمر لم يكن شيئا فيه حرية الإختيار على الإطلاق . لقد تم إخراج الأباء من منازلهم , وتم جر الأطفال الصغار من أعناقهم الى هذا المكان . وبالطبع حتى الأمهات تم جرهم الى هنا ...

كان الأمر واضحا جدا وبسيطا جدا . كل من لا يتبع أوامر قبيلة التنين كان بذلك قد حكم على نفسك بالموت . ولم يتوقف الأمر عند الفرد فقط , بل كان الحكم سيطبق على العائلة والطائفة التي ينتمي لها الشخص ...

لا أحد سيرغب في الإستيقاظ في الصباح التالي , ليجد تنينا يحرق كل شيء فوق رأسه. كان إختيار الجميع واحدا ومتوقعا , وكذلك كان الجميع فعلا على حق ... لكن ما لم يتوقعه أي شخص هنا هو المآل الذي ستتوجه إليه الأحداث تاليا ؟؟ حيث وقف هذا البطريرك أمام الشاب من معهد اللهب المحترق وبدأ يهمس بكلمات لم يتمكن الفتى من إستيعاب معانيها بشكل كامل ؟؟

" لو عرفت أننا سنوضع في الخطوط الأمامية هكذا , لفضلت الموت على يدي التنانين ...

صحيح أن أغلبنا لا يريد الموت , سواء على يدي التنانين أو غيرهم . لكن الأصح أن الجميع هنا متفق على نفس الفكرة . " صمت الرجل قليلا وهو يلقي ببصره بعيدا بعض الشيء الى ساحة المعركة التي كانت محتدمة في مكان لم يكن بالبعيد ليكمل كلامه ببضع كلمات تركت هذاا لفتى صاحب العبائة الحمراء واقفا هناك في مكانه مثل الصنم ...

" الجميع هنا متفق على نفسك الفكرة ...

الجميع هنا يفضل الموت على يدي التنانين , لا أحد يريد الإحتكاك مع الأكاغي . ليس بعد الأن , أنا على الأقل لا أريد ذلك .

طالما قمت بإخفاء الحقيقة عنك طيلة هذه المدة , الشخص الذي تطارده بعيد جدا عنك مع كامل الأسف. مازينو لم يعد له وجود , أو بالأحرى هذا الإسم لم يعد له وجود ...

..

الشخص الذي تطارده يسمى الأن بالمارشال أكاغي زيغان . الحاكم الأعلى لعشيرة الأكاغي التي تشن حاليا هذه الحرب على أقوى قبيلة من بين قبائل الأوفرلورد . والشيء الأكيد أن آخر مستوى من القوة أظهره ذلك الشخص هو مستوى جعل أحد كبار قبيلة التنين يتجمد من الخوف كأنه حشرة لا قيمة لها.

..

..

تفهم ما يعنيه ذلك أليس كذلك ؟؟

بعد كل شيء , لتحصل على منصب الكبير في قبيلة التنين , هذا شيء يتطلب مستوى تدريب نصف خطوة الى عالم الملك القتالي هه هه هه...

مستوى وعالم لن تطأه أقدامك ما حييت ... "

صمت الرجل للحظات قبل أن يبتسم إبتسامة عريضة ودافئة في وجه الشاب ذو العبائة الحمراء :

" لقد أبليت حسنا ... أتمنى أن ترقد روحك بسلام . "

بووووووووووووم !!~~~~~~~~~~~~~~~~

بقبضة ملتهبة , تفجر الفتى صاحب العبائة الحمراء الى رذاذ مدوي تطاير في مهب الرياح العاصفية التي كانت تلوح في أفق ساحة المعركة هذه . بطريرك معهد اللهب المحترق مع تلك الأعين الحمراء التي كانت تتحدث بهذه المعاناة التي يمر منها , وهذه الفعلة التي أضطر الى إقترافها في حق شخص وصل الى مرتبة إبنه الخاص ..

كل ما بقي له بعدما فجر بنفسه شعاع الأمل الذي كان يرعاه لسنوات الى رذاذ دموي هو إستمراره في التحدث لنفسه وهو ينطلق كشعاع أحمر مدوي تفجر داخل ساحة المعركة ...

" بني , أنا لن أعتذر عن تخييب أملك بهذا الشكل .

لكن الوفاة على يدي , على الأقل يعتبر موتا أفضل وأرحم من التي ستحصل عليها في حال وقفت أمام أحد هؤلاء الشياطين من الأكاغـــــــــــــي... "

..

..

..

مشاهد كهذه تكررت لعدة مرات خلال هذه الصفوف الأمامية , أناس إختارت أن تلقى حتفها على يدي الأقرباء بدل الأكاغي , فكرة مخيفة كان من شأنها أيصال مدى الرعب الذي زرعته عشيرة الأكاغي في نفوس كل من تتبع أخبار هذه العشيرة بالتفصيل الى حدود اليوم. حتى من قبيلة التنين كانت جدية الى أقصى الحدود في هذه الحرب , وكانت تسخر كل مواردها لمقاومة الأكاغي .

طنين طنين !!~~~~~~~~~~~~~

إنتشر طنين مروع فجأة من منطقة ما في الأمام حيث حدث إنفجار مهول أغرق معه حيوات الأولف والملايين !!؟

فقط الموجات التي صدرت إثر ذلك الصدام كانت تسحق كل شيء في محيط 100 ألف ميل وتحول كل كائن حي في هذا النطاق الى رذاذ دموي يتطاير مع الأعاصير في الساحة ؟؟

بووووووم بووووووم بوووووووووم !!~~~~~~~

توالت أصوات الأسلحة الثقيلة في كل مكان , بينما كان أكثر شيء يدوي هنا هو صراخ البؤساء . صراخ هؤلاء الذين كانوا بدون أي حول ولا قوة ؟؟ صراخ هؤلاء الذين لم يعرفوا ما الذي يفعلونه في هذا المكان حتى ؟؟

فعلى عكس هؤلاء من إختارو الموت بأيديهم أو أيدي أقربائهم , هناك من تشبث بالحياة الى درجة أنه وجد نفسه يقاتل ضد الأكاغي بطريقة ما !! هكذا كان مآل الأمور , فعاجلا أم آجلا كان الأكاغي سيحومون حول الجميع .

غوووووووااااا ك ك ك ك !!~~~~~~~

إصطفاف الفقرات المدنية العملاقة للسفينة الأم التي ظهرت فجأة من العدم من خلف صفوف المقاتلين الذين أجبروا على الوقوف في وجه الأكاغي إنتشر كهدير الرعد في أعالي السماء . والشيء الذي رافق ظهور هذه السفينة هو قوة جذب هائلة لا يمكن مقاومتها على الإطلاق !! كان الأمر كما لو أنه ظهر ثقب أسود من خلف هؤلاء الناس ...

فحتى بالنسبة لشخصية كمثل بطريرك معهد اللهب المشتعل , كان في هذه الأثناء يطير الى الخلف عكس إرادته بينما كانت ملامح وجهه عديمة المعنى ؟؟ كان يفكر في شريط حياته الذي كان يمر أمامه في لحظات . منذ لحظة وعيه بمحيطه الى لحظة سحبه من طرف هذه السفينة الأم .

حياة حافلة بالقتالات والإنجازات التي كان آخرها تولي منصب بطريرك واحد من أبرز المعاهد في كامل نطاق التنين !!؟

لكن في هذه اللحظات , نظرة الرجل للأمور كانت مختلفة بالكامل . مقارنة مع ما يحدث , كان الأمر أشبه بكونه كان يعيش في كذبة ؟ كذبة لعينة ومرة للغاية ...

شخصية قوية كهذه وصلت قوتها الى حدود ذروة عالم النيرفانا الأسطوري ؟؟ ومع ذلك كان مجرد دمية تتلاعب بها سفينة حربية ؟؟

فوووووووووووش !!~~~~~~~~~~

ملايين الأشخاص من الساحة تم سحبهم الى فوهة عملاقة ومظلمة كانت أسفل السفينة الحربية التي ظهرت من العدم . تلك السفينة كانت تملك هيكلا ضخما جدا إمتد على طول مئات آلاف الأميال ؟؟

ونفس الشيء كان بالنسبة لتلك الفوهة , فعلى ما يبدو أنها لم تكن فوهة مدفع ما !! بل كانت فوهة تستمر فقط في سحب وإلتهام الناس كما لو كانوا نوعا ما من الحشرات !!

دمدمة دمدمة !!~~~~~~~

إصطدم جسد هذا البطريرك بكل عنف بسطح معدني مظلم فجأة !! حيث تقيأ كما كبيرا من الدماء إثر الإصطدام العنيف ؟؟ وعلى الفور عاد الرجل الى وضعيته العادية بدل وضع الإشتعال الذي كان يحرق فيه قوة سلالته من أجل النجاة ولو لثانية أخرى في ساعة المعركة تلك ...

لم يعرف هذا البطريرك ما الذي كان يحدث بالضبط , لكنه شعر بنوع غريب من الطاقة تكتسح جسده بالقوة الغاشمة .

وفي ذات الوقت حيث كان جسده مثبثا بقوة على السطح المعدني داخل الفوهة المظلمة , إستمرت الجثث في الإصطدام بجانبه بكل عنف شديد بينما تطايرت الدماء والأطراف في كل مكان ...

بعد كل شيء , لم يملك الجميع تلك القوة الجسدية الكافية لمقاومة الصدمة مع هذا السطح المعدني , فقوة السحب هذه كانت كبيرة جدا ولا تصدق !!.

ااارغ ااارغ !!~~~~~~~~

على جانب وجه البطريرك الذي تسمر مع السطح الصلب , آخر شيء رأته عينه من الضوء عبارة عن وجه طفل صغير تم سحقه بالكامل مع السطح بينما كانت أسنان الطفل هي الشيء الوحيد الذي لم يسحق بالكامل وظلت تتدبدب أمام عيني البطريرك تماما , تلك الأسنان التي إختلطت بالدماء وقطع اللحم المفروم وفتات العظام الهشة وكانت في الحقيقة على وشك الدخول الى مقلة عين البطريرك نظرا لمدى قربها من وجهه .

ومجددا , أنين وأنين إستمر في الرنين داخل رأس الرجل وإستمر في تذكيره بأي نوع من الأماكن يتواجد فيها حاليا .

صحيح , هذا المكان كان ساحة الحرب ...

2020/12/27 · 1,151 مشاهدة · 1445 كلمة
El Marchel-Z
نادي الروايات - 2024