_____ MARCHELL ____
الأوضاع كان من الواضح أنها أخذت منحى تسارعي غريب للغاية داخل عالم سافاستانو الذي أصبح حيويا بشكل مفرط في الأونة الأخيرة؟؟ كان من المستحيل بالكامل توقع ولو حدث واحد من بين هذه الأحداث التي وقعت في أخر أسبوع واحدة تلو الأخرى ؟؟
فقط قبل أسابيع قليلة كان المارشال على يقين تام بأنه أحكم فعلا قبضته على عالم سافاستانو وكان كذلك على يقين بأنه أصبحت مقاومة هذه القبائل أمام قوة الأكاغي شيئا عديم الفائذة بشكل كامل . لكن آخر شيء توقع المارشال زيغان سماعه أو حدوثه هو هذه الأحداث الغريبة التي بدأت ترتمي فوق رأسه بشكل شبه يومي ؟
كان من المعروف أن المارشال تلقى ضررا كبيرا جدا كثمن على كسره لإحدى أكبر الألغاز التي تحيط عالم ملوك عرق الكارثة , وخصوصا الملك راغو من بينهم . فكون المارشال قد تمكن بالكاد من التعادل مع تلك الدمية العملاقة التي صنعها راغو بشكل مخصص بالكامل فقط للفوز , أي ما جعل من المستحيل على أي كائن حي هزيمة تلك الدمية نظرا لألية العمل التي كانت تتبعها. لكن تعادل زيغان مع تلك الدمية أوضح لراغو مدى تميز زيغان عن بقية الخلق , وفي الوقت ذاته , زيغان إكتسب شيئا أعظم بكثير من مجرد إصابات بليغة تتطلب وقتا طويلا من أجل الشفاء.
فبعدما تلقى المارشال الأن أخبار خيانة قبيلة الوحوش للتحالف الذي بينهم وبين الأكاغي , بل أكثر من ذلك لقد تمت محاصرة كافة الديموس داخل الفراغ الكوني وهم حاليا يتعرضون لهجوم شامل من الملوك القتاليين الإثني عشر لقبيلة الوحوش !!
هذا الشيء هو الأخر كان ضمن حسابات زيغان بالطبع لكن لم يكن أبدا بهذه الطريقة. تدخل الملوك القتاليين في بداية الحرب هو آخر شيء توقعه زيغان , لكنه الى الأن كان بالطبع هادئ الطباع كما هي عادته, إستمر في التأمل والتركيز على إستعادة قوته بشكل كامل بينما إستمرت الأخبار في السفر الى آذانه بشكل مستمر.
القرارات التي كان يتخذها المارشال كانت بالتأكيد قرارات بالغة الأهمية , فقد كانت قراراته دقيقة جدا وتعالج على الفور المشكل , فبعد كل شيء زيغان هو المارشال الخاص بعشيرة الأكاغي , زيغان هو الشخص الذي أنشأ هذا الشيء الذي يسمى بالأكاغي وهو الشخص الذي يعلم كل خبايا وأسرار الأكاغي , لذلك من المنطقي تماما أن يكون هو الأكثر مثالية في تسيير شؤون هذه العشيرة العملاقة .
فتح المارشال عينيه بكل بطء بينما أوقف تأمله بشكل غريب للغاية ومفاجئ ؟؟ حتى من الملوك رصدوا بالفعل هذا التحرك مهما كان بسيط وغير مهم. كانت كل نظرات هؤلاء الأوغاد القدماء كلها تركز على المارشال بشكل كبير جدا خلال هذه الأونة الأخيرة , فكل هذه الأحداث التي وقعت على رأسه تحتم عليه تحمل مسؤولية العشيرة العملاقة التي أنشأها بنفسه.
أبسط خلل في القيادة قد يؤدي الى تحطم ودمار العشيرة بالكامل , وشخص لا يتصف حتى بصفات القائد لا يمكن أبدا أن يرقى الى منصب وريث السلف في نظر الملوك , هذا بدون الأخذ بعين الإعتبار مدى موهبة الشخص. فعلى غرار الموهبة , يبقى الذكاء والقدرة الإدراكية للشخص بمحيطه وسرعة تفاعله مع الأوضاع والظروف الخارجية هي الشيء الأهم في عالم متقلب جدا ومعقد بشكل مخيف كعالم سافاستانو هذا ...
رغم أنه يبدو مجرد عالم ضعيف ومعزول عن بقية العوالم حوله إلا أنه يخفي في جعبته الكثير من الخبايا والأسرار التي مازالت الى هذا اليوم تصدم زيغان من حين لأخر.
فووووو !!!~~~~~~~~
مع سيجارة تتفحم على شفتيه , كانت نظرة زيغان اللامبالية للعالم من حوله هي ذات النظرة التي طالما تصدرت وجهه المرعب ذاك . كل ما إستمر في التفكير هو أسفه على إضطراره لكشف أهم البطاقات الرابحة التي جهزها للحرب منذ الأن, منذ البداية ...
" هذا حقا مخيب للأمال بعض الشيء ... "
** **** **** ***** **
**** *** **** **** **
بالعودة بالزمن الى ثلاثة أسابيع من الأن , الفراغ الكوني ..
كان زيغان هو الشخص الذي أوصل هذه السفينة الحربية التي تحمل جميع الأسرى من ورثاء العائلات الملكية من كافة القبائل وليس فقط قبيلة التنين .
بالطبع كان الديموس يملكون العديد من الأشغال للقيام بها داخل العشيرة , فالترقي في مراحل القوة لا يعني مطلقا الراحة والإستغناء عن المسؤوليات الضخمة التي تأتي مع تلك القوة. وبكون زيغان شخصا أصبح نشاطه ضعيفا مؤخرا نظرا لتركيزه الكامل على الشفاء , فقد كان يقوم ببعض الأعمال الجانبية لتغيير الجو لا غير .
لكن ما لم يتوقعه هو مصادفته لإحدى الشخصيات الكبيرة للغاية أثناء رحلته هذه المرة الى هذا الفراغ الكوني , فمع أن زيغان كان يركز على الشفاء , إلا أنه كان دائما مستعدا للقتال في أية لحظة , سبب تركيزه على الشفاء هو مسألة تعود بالأساس الى إستقرار قوته الخاصة خصوصا بعد الإنتفاعات التي جناها من التدريب الذي خاضه مع الملك راغو .
" أنا أعلم حول ما تفكر به , لا بد أنني أبدو كفتاة مقرفة في نظر أشخاص مثلك ...
أنا أعلم ذلك بالفعل . "
أوفرلورد قبيلة الوحوش التي كانت تقف بكل هدوء في الجهة المقابلة لزيغان لم يكن في وسعها سوى الإدلاء بهذا التصريح النابع من قلبها مباشرة , كانت رؤية تلك النظرة اللامبالية على وجه المارشال دائما ما تسبب الألم في قلب هذه المرأة, لكنها كما هو حال البقية , كلهم عاجزون عن تغيير أي شيء حول شخصية المارشال بشكل نهائي .
" ربما أنت تعلم بالفعل مشاعري إتجاهك , فهذا الإنجذاب في نهاية المطاف هو شيء لم أستطع كبحه على الإطلاق . لكن دعني على الأقل أخبرك بالسبب الرئيسي الذي جعلني أنجذب لمجنون مثلك على أية حال ... "
مع الظلام الحالك الذي كان يخيم على الفراغ الكوني بالكامل , إستمر بؤبؤ المارشال زيغان الأحمر الدموي في إرسال توهج خفيف من وسط تلك العتمة مما جعله يبدو مثل وحش مقفر هادئ , لكن مرعب بصورة لا يمكن تصورها !!
حتى من هذه الأوفرلورد كانت تتهرب من نظرات المارشال بإستمرار بينما إستمرت في التعبير عن مشاعرها بكل صدق وسط هذا السكون الغريب ...
في الجانب المقابل , كان المارشال غير مكترث بتاتا لأي من هذا الهراء الذي يسمعه وكان حتى على وشك المغادرة , لكن سماعه لحديث هذه المرأة بشكل ما جعله يستوعب عدة نقاط سبق وأن كان غافلا عنها طوال فترة تواجده في عالم سافاستانو هذا !!...
" إنها الحرية ..
إنها الحرية , الشيء الوحيد الذي جذبني الى شخص مثلك هو بالتأكيد الشيء الوحيد الذي أنا أوفرلورد قبيلة الوحوش مهما بلغت قوتي لم أتمكن من الحصول عليه ."
كانت هذه هي أول عبارة تغادر شفاه هذه المرأة وتنجح في تغيير ملامح زيغان بعض الشيء ؟؟
الحرية ؟؟
ما الذي تتحدث عنه هذه الساذجة بحق الجحيم ؟؟
لم يتمكن زيغان من قمع الفضول في قلبه أكثر من ذلك , خصوصا حين لمح ملامح الصدمة وهي تتشكل على وجوه هؤلاء الورثة من بقية القبائل على السفنية الحربية ؟؟
" قد يبدو الأمر غير منطقي قليلا بالنسبة لك سماع مثل هذه الأمور , لكننا نحن هنا قاطني عالم سافاستانو لسنا سوى مجموعة من العبيد الذين لا قيمة لهم على الإطلاق . نحن لسنا سوى حاملي لعنة سولاريس سافاستانو لا غير ... "
سولاريس سافاستانو ؟؟
عبس المارشال قليلا وهو يقترب من هذه الأوفرلورد بينما صدر صوته الأجش في كل أرجاء هذا الفراغ الكوني بكل برود :
" لعنة ؟؟
هل يفترض أن شيئا كهذا موجود حتى ؟؟ "
..
..
بعد صمت دام بضعة لحظات , كانت هذه الأوفرلورد حساسة بالفعل أكثر من اللازم , فإقتراب المارشال منها بعض الشيء جعل ضربات قلبها تتسارع بشكل محرج للغاية فهي كانت موقنة بأن زيغان قادر تماما على سماع دقات قلبها الذي لم تستطع السيطرة عليه إطلاقا . لكن ما أحزنها من بين كل هذا هو هالة زيغان المنعدمة , كان الحذر الشديد لا يزال واحدة من أبرز الصفات التي يملكها هذا الرجل , حتى في موقف كهذا , لايزال مستعدا لبدأ معركة قاتلة مع هذه الأوفرلورد في أية لحظة. هذا حقا كان محزنا لها أكثر من ما يبدو..
" إنه الرجل الذي لقب ذات يوم بالإمبراطور التنين , إنه الرجل الذي صنع من عالمنا بأسره مزرعة من العبيد تعمل من أجله ليل نهار بدون أن يدركوا بالأمر حتى ...
في نهاية المطاف فقط من وصل الى عرش الملوك يتم مشاركة هذه المعلومات معهم بشكل تلقائي . فقط الملوك وخلفاء الملوك هم الوحيدون الذين يعرفون بهذه المعلومات. لذلك قبل إدلائي بأي من هذه المعلومات أنا أطالب بحريتي قبل كل شيء .
..
إنه فقط أمام شخص مثلك , أنا أوفرلورد قبيلة الوحوش سأتخلى عن كل شيء , لأنه في داخلي أنا أملك إيمان تام بأنك شخص قادر على تحريري من هذه القيود.
هذا بعد كل شيء لا يبدو صعبا أبدا بالنسبة لشخص أنشأ عشيرة برمتها تعارض حكم الإمبراطور التنين.."