___ MARCHELL __
**
**
*
شمس ساطعة, وسماء زرقاء تغطي الأفق, مع نسيم بارد كان يداعب أوراق الأشجار بخفة من حين لآخر. في هذا المكان الهادئ، وسط هذا الجو الغريب والذي يخالف عادة عالم الحروب والقتالات المعتاد, كان هناك كوخ خشبي صغير محمي بواسطة تشكيل ماجوس إخفاء ذهبي اللون عادي الى حد ما.
من داخل الكوخ صدر تنهد ثقيل فجأة, حيث بدى صوت عجوز من هناك :
" تنهـــــــــــــــد !!!
يا للإزعاج، لقد مكثتَ في هذا المكان أكثر من اللازم، فكما تعلم من المزعج للغاية محاولة الوصول الى هنا هذه الأيام ... "
داخل الكوخ الخشبي الصغير، كان هناك عجوز لمعت صلعته البارزة بضوء غريب وهو يضع بعض الأمتعة على جانب طاولة خشبية. كان من الواضح أن العجوز منهك بعض الشيء وكان تعب السفر واضحا عليه. حيث إستلقى مباشرة على أرضية الكوخ وكان على وشك النوم.
" لا داعي للإستلقاء أيها الأصلع، ستغادر قريبا جدا... " فجأة بدى صوت بادر وغريب من الجهة المقابلة للمكان حيث إستلقى العجوز الأصلع !! الغريب أن صاحب ذلك الصوت لم يكن سوى نفس الشخص الذي أخذ جسد المارشال زيغان بعيدا عن ساحة الحرب في ذلك الوقت ؟؟
نفس الشخص الذي يلقب نفسه بالفاستو لورد ؟؟
هذا الرجل كان في حقيقة الأمر يملك هالة غريبة للغاية تحيط به. فحتى من ذلك الأصلع كان يلقي بنظرات فضولية من حين لآخر على فاستو لورد هذا. لكن وفي كل مرة يسحب تلك النظرات بسرعة حتى لا يجلب أي إهتمام غير مرغوب فيه، أو بالأحرى حتى لا يجلب لنفسه مصيبة ما، فالشخص الذي يقف أمامه لم يكن شخصية يسمح بالعبث معها إطلاقا.
ومع ذلك هذه المرة لم يكن الفاستو لورد هو الوحيد المثير للإهتمام في هذا الكوخ الخشبي الصغير، وإنما هنا في هذا المكان كان أحد أكبر أسرار الفاستو لورد نائما ومختبئا في أعماق هذا الكوخ الذي لم يعلم أي شخص سوى هذا الأصلع بمكانه الحالي في هذا العالم الشاسع..
مباشرة بجانب السرير الصغير الذي إستلقى عليه الفاستو لوردـ كان هناك صندوق أسود عملاق يطفو في الهواء بكل صمت. ذلك الصندوق الغريب كان شفافا رغم كونه ظلاميا الى حد ما. حيث كان بإستطاعة كلا من فاستو لورد والعجوز الأصلع رؤية محتويات الصندوق. كلا الرجلين حملا تعبيرات مذهولة وعدم تصديق في كل مرة سقطت أبصارهم على ذلك الصندوق. كان الأمر كما لو أن ذلك الصندوق أداة إغواء صنعت من قبل الشيطان نفسه، حيث لم يستطع كل من سقطت نظراته على ذلك الشيء مهما يكن مقاومة سحره وجاذبيته...
..
..
كان صندوقا مشكلا بالكامل من كتل غازية سوداء غريبة تحيط جسدا عملاقا لم يكن سوى جسد المارشال زيغان !! كانت كتل الغاز الأسود تلك تتراقص حول جسد المارشال بشكل غريب للغاية حيث كانت تظهر نقوش ورموز مرعبة للغاية في كل أنحاء جسد زيغان وتضيئ بالأسود القاتم قبل أن تختفي بكل صمت داخل تلك الجثة العملاقة، ومع إختفاء كل نقش يظهر مباشرة نقش آخر ليعوض مكان النقش السابق بشكل متكرر !!
إستمرت هذه العملية في التكرر مرارا وتكرارا حيث أدى هذا التكرار الى بروز ثلاث نقوش فقط هي التي إستمرت بالتوهج بقوة ساحقة منذ بداية دخول المارشال زيغان في هذه الحالة الغريبة الى حدود اللحظة, كانت هذه النقوش ثابتة ولم يختفي وهجها إطلاقا طوال مدة دامت عشر سنوات !!. فعلى غرار بقية النقوش الغريبة التي تظهر لفترة معينة ثم تختفي, كانت هذه الرموز الثلاثة شيئا متأصلا في جسد زيغان الخاص ولم يخفت بريقها وحضورها إطلاقا ولو لوهلة واحدة ؟؟
النقش الأول لم يكن سوى وشم عرق الكارثة والذي كان يتوسط كتفه الأيمن بشكل واضح للغاية. إستمرت القوة الجبارة في التدفق بكل بطء شديد من ذلك الوهج المرعب بإستمرار. ونفس الشيء كان يحدث في الكتف الأيسر الخاص بالمارشال, فقد كان النقش الثاني الخاص بعرق المفترس يتوهج هو الأخر بقوة هائلة في الجهة الأخرى. لقد بدت أنصاف الجماجم تلك على كتفي المارشال زيغان غامضة الى حد بعيد، لكن وفي نفس الوقت بدت قوية بجنون وتوهجت بعظمة وغرور لا يصدق!!
لكن الغريب في الأمر لم يكن سوى النقش الذي ظهر فوق عين زيغان اليسرى ؟؟ كان هذا النقش شيئا لم يسبق وأن ظهر من قبل بشكل واضح. وحتى من بقية ملوك عرق الكارثة لا يعرفون أي شيء حول ماهية هذا النقش. كان غريبا للغاية حيث كان على شكل مربع مع دوامات غريبة سوداء في كل ركن من أركان المربع, والدوامة الخامسة كانت بالفعل تتوسط المربع بشكل بشع للغاية حيث بدت شيئا أشبه بهاوية جحيمية لا قعر لها !!
ومن حول المربع الغريب إمتد جسد مشكل بالكامل من فقرات هيكل عظمي لمخلوق غريب يشبه الى حد ما هيكل الأفاعي حيث أحاط هذا الهيكل العظمي تلك الدوامات الخمس واحتجزها داخله، وبدا أن رأس الهيكل العظمي يلتهم بإستمرار مؤخرته بشكل يوحي الى اللانهائية؟؟ كان هذا النقش هو الشيء الوحيد الثابث والذي يتوهج بشكل خافت بجانب كل من وشم سلالة عرق الكارثة وسلالة عرق المفترس.
وبمجرد أن إختفى هذا النقش حتى أدرك فاستو لورد أن زيغان على وشك الإستيقاظ بطريقة ما.
هذا النقش الغريب ظهر في اللحظة التي سقط فيها زيغان في ساحة المعركة، في تلك اللحظة التي يفترض أن يكون فيها زيغان قد فارق الحياة علي يدي العجوز سليل عيون المسارات. لكن وبطريقة ما هذا الرجل المارشال زيغان لا يزال حيا يرزق الى حدود اللحظة. ومع إختفاء ذلك الوشم الغريب، كان على وشك الإستيقاظ من جديد كأن شئا لم يحدث ...
" إذا هل تعرفت الى أي عائلة ينتمي هذا الشيء على الأقل ؟؟ فمن المحال أن يكون بشريا إذا كان ما قتله من وقت سابق صحيح تماما... " فجأة همهم الرجل الأصلع في حين إستهدف بكلماته فاستو لورد مباشرة. لقد كانت كلمات هذا الرجل العجوز خادعة الى حد بعيد، حيث كانت تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات حول الغموض الذي يحيط زيغان.
" أنت لا تحتاج الى معرفة ذلك. أنت هنا لأنني أحتاج الى معروف منك وحسب... " أجاب فاستو لورد بذات النبرة الباردة كما السابق حيث لمحت برودة شديدة في عينيه وهو ينظر الى زيغان بحذر شديد. لكنه في اللحظة التالية أكمل كلماته مباشرة وهو يخطو ناحية هذا الصندوق حيث تواجد زيغان !!
" لا أعلم أي نوع من المخلوقات تكون. ولا أعلم من أي مكان أتيت، أنا فقط أظهر بعض الإمتنان ناحية المعروف الذي صنعته من أجلي ... "
فجأة ومع إنحناءة خفيفة، وضع فاستو لورد قبضته القوية ناحية قلبه وهو يقول بنبرة صوت دافئة ومعاكسة تماما للنبرة التي يخاطب بها الرجل الأصلع !!
" شكرا لك ... شكرا لك على منحنا هذه الفرصة. "
..
كانت ملامح هذا الرجل الأصلع أكثر من كافية لوصف نوع الصدمة التي شعر بها في هذه اللحظة ؟؟ فقط من يكون فاستو لورد ؟؟
للحظة قصيرة من الزمن، كان هذا الرجل الأصلع يشك حتى حول ما إذا كان هذا الشخص الذي يقف أمامه هو نفسه فاستو لورد الذي يعرفه ؟؟
فمن المستحيل على ذلك المغرور فاستو لورد أن يبدي ولو هذه الإنحناءة البسيطة اتجاه شخص ما !! ناهيك عن كون هذا الشخص مجرد حشرة في مستوى العاهل القتالي ؟؟ وليس ذلك فحسب، وإنما هذا الشخص يصارع بين الحياة والموت بشكل مثير للشفقة لفترة دامت لأزيد من عشر سنوات حتى اللحظة ؟؟
كان الفضول الشديد هو كل ما يشعر به هذا الأصلع حول هذا الموقف الغريب، فقط أي نوع من الخدمات هي هذه التي أسداها شخص ضعيف مثل ذلك الطفل لشخص غير مفهوم مثل فاستو لورد ؟؟
فقط ما هو نوع هذا السر الذي يخفيه فاستو لورد ؟؟
فقط ما الذي حدث في بقايا العصر القديم تلك بحق الجحيم ؟؟؟
قبض العجوز الأصلع على قبضته بقوة شديدة لدرجة أن بعض أصوات طقطقة العظام بدأت تترد في الأنحاء. كان عقله غارقا في أفكار لا تعد ولا تحصى حول أحداث هذا اليوم وحول معانيها. لكن وفجأة لمعت عيني الرجل في اللحظة التي إستوعب فيها شيئا ما من كلمات فاستو لورد حتى أنه صرخ بغير وعي ؟؟
" معروف ؟؟
لقد إستدعيتني الى هنا لأسدي لك معروفا ؟؟ هاهاههاهاهه... هذا اليوم يصبح أغرب وأغرب بشكل مثير للإهتمام. هاهاهاهااها... " إنفجر الرجل الأصلع في الضحك حيث كانت نبرة صوته ساخرة بشكل لا يصدق. لقد بدى الأمر فقط كما لو أنه لم يصدق كلمات فاستو لورد هذا أبدا.
فمن وجهة نظره إذا كان هناك شيء في هذا العالم لم يستطع فاستو لورد تحقيقه، فلا توجد أي وسيلة ليستطيع هذا الأصلع من خلالها تحقيق ذلك الأمر. وهكذا كان ينظر الى الأمر برمته بسخرية الى أن أكمل فاستو لورد فجأة كلماته بذات الصوت البارد :
" أنا أحتاج منك أن تعتني بهذا الشخص من أجلي لفترة. هو لن يتسطيع حماية نفسه لبعض الوقت. لذلك أرى أن الحل الأمثل هو جعله تابعا لك في الوقت الراهن. "
مع الأسف كانت كلمات فاستو لورد في منحى مغاير تماما لأفكار الرجل الأصلع. فمنذ الوهلة الأولى التي سمع فيها حول طلب فاستو لورد رفع من آماله بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه لم يتوقع أبدا أن يكون طلب فاستو لورد سخيفا الى هذه الدرجة ؟؟
هل إستدعى فاستو هذا الرجل الأصلع الى هنا فقط لكي يطلب منه ظم شخص واحد الى طائفته ؟؟
بالطبع كان هذا الأمر يبدو سخيفا منذ الوهلة الأولى، إلا أن بصيرة هذا الأصلع كانت حادة للغاية. ومباشرة قفز الى الأستنتاج الأهم حيث بدأ يبتسم متسائلا :
" أووووه !!..
أتسائل أي نوع من الأعداء شكلهم هذا الصغير لتطلب مني حمايته حتى ؟؟ هذا يبدو خطيرا بعض الشيء.. هاهاهاهاهها... "