___ MARCHELL __

فووووووووش !!~~~~~~~~~~~

لكن وبشكل غريب مفاجئ ومن العدم، ظهر فاستو لورد أمام هذا العجوز الأصلع حيث أمسك بيديه بسرعة خاطفة وأوقف محاولته من تفقد حالة زيغان الحالية !!؟

كان يمكن ملاحظة قطرات عرق بارد تتشكل ببطء شديد على جبين الفاستو لورد، مشهد آخر لم يسبق وأن شاهد له هذا العجوز الأصلع مثيل من قبل !!

- الفاستو لورد متوتر ؟؟

- ما هذا الهراء الذي يحدث في هذا الكوخ بحق الجحيم ؟؟

زفر العجوز الأصلع ببرود وهو يتراجع عدة خطوات الى الوراء بغير وعي. لقد كان هذا الأصلع شخصا يعرف تمام المعرفة مكانة وقوة فاستو لورد الحقيقية في هذا العالم، كان شخصا يكن له إحتراما فائقا أساسه خوف عميق على غرار بقية الناس، لكن رؤية هذه التصرفات الغريبة تأتي من شخصية على مستوى فاستو لورد !؟ كل هذا فقط رفع من وزن المارشال في قلب هذا الأصلع لا أكثر.

" إنه عائد من الموت بحق الجحيم ؟؟

ما الذي تنتظره منه ؟ هل تريده أن يبدأ في الدردشة واللهو كأن شيئا لم يحصل !!... "

صرخ فاستو لورد بغضب ناحية العجوز الذي كان يتحدث قبل قليل حول صدمة ما بعد الحرب. فعلى ما يبدو أن هذا العجوز والى هذه اللحظة لم يصدق كلام فاستو لورد حول كون زيغان شخصا عاد من موت محقق !! فصدمة ما بعد الحرب شيء يعاني منه هؤلاء الناجين من الحروب، هؤلاء الذين شاهدوا الموت من قريب فقط لكن لم يحتكوا معه إطلاقا.

لكن المارشال زيغان شخص مختلف تمام الإختلاف عن هؤلاء، المارشال زيغان شخص عاش لحظة الموت، شخص إختبر الموت بنفسه. لذلك لا أحد فعليا يعرف أي نوع من الصراعات النفسية هي هذه التي يعاني منها زيغان في الوقت الحالي.

" أتعلم، لقد أخبرتني بالكثير من الأشياء حول هذا الرجل الصغير هنا. لكنك ربما لم تخبرني حقا بما هو مهم ؟ أي نوع من الخدمات هي هذه التي أسداها لك هذا الشخص لتعامله هكذا ؟؟ "

وقف العجوز الأصلع فجأة حيث تصلبت ملامح وجهه وسأل مباشرة فاستو حول الموضوع الذي كان يشغل تفكيره بشدة.

بسك !!~~~~~~~~

لكن وفي ذات اللحظة، بسق زيغان على الأرض بينما وقف على قدميه وبدا أنه مثل أي شخص آخر طبيعي !! مظهر زيغان الحالي كان لا يزال شابا مفعما بالحيوية والنشاط، فحتى مع مرور عشر سنوات منذ آخر مرة كان فيها مستيقظا، كان الأمر فقط كما لو أن وجه زيغان وعمره لم يتغيرا أبدا.

" نفس المذاق المقرف كما العادة... اللعنة على هذا !! " ردد زيغان بذات الصوت الخشن خاصته بينما تحولت نظراته فجأة الى كل من فاستو لورد والرجل الأصلع. لطالما كانت نظرات زيغان مرعبة جدا حتى بالنسبة لكبار السن الذين عمروا لآلاف السنين، لكن هذه المرة الشخصيات التي كانت تقف أمام زيغان كانت حقا شخصيات على مستوى مختلف تماما من القوة. فقد كان زيغان نفسه قادرا على إستشعار فرق ساحق في القوة بينه وبين الإثنين. لقد كان شيئا لا يمكن وصفه بالكلمات حتى !!...

ومع ذلك لا يزال زيغان هو نفسه زيغان، الأمر فقط كأنه لم يتغير حوله أي شيء يطلق حيث وقف مباشرة أمام فاستو لورد والذي كان لايزال مستلقيا على سريره الخاص بكل هدوء، وذات الصوت الأجش تردد في كل أرجاء الكوخ الصغير:

" أنا لا أهتم بكلمات شكرك اللعينة، إذا كنت تقدر المعروف الذي تتحدث عنه ولو قليلا، أعطيني شيئا حقيقيا أستفيد منه.

على الأقل بعض المعلومات حول ذلك العجوز الذي فعل بي هذا ... "

بينما كان زيغان يتحدث الى فاستو لورد بهذه النبرة، أصبحت بشرة الرجل الأصلع في الجانب قاتمة جدا وبدأ يصاب بالهلع الشديد !!؟ هذا الهلع لم يكن مسببه بالطبع شخصا مثل زيغان، وإنما كان هذا الأصلع مرتعبا تماما من فاستو لورد.

فاستو شخص فخور جدا بنفسه، شخص يرى نفسه فوق الجميع حرفيا. لذلك مخاطبته بتلك النبرة قليلة الإحترام يعدا مثل الإنتحار بالنسبة لهذا العجوز. لقد كان هذا الأصلع حتى يتمنى لو أنه قادر على إعدام زيغان في هذه اللحظة وإخراسه من أجل تجنب الغضب المحتمل لفاستو لورد. لكن وبما أن زيغان ضيف لفاستو لورد نفسه، وجد هذا العجوز الأصلع نفسه عاجزا تماما في هذا الموقف حيث تسمر في مكانه بدون أي حركة تذكر.

..

..

لكن ومجددا، يحدث شيء آخر لم يتمكن هذا العجوز الأصلع من توقعه على الإطلاق. حيث تجاهل فاستو لورد نبرة صوت زيغان تماما. بينما أرسل فاستو لورد صوته بالتخاطر الذهني الى هذا العجوز الأصلع الذي كان مرتعبا وهو يقول :

" من الأفضل لك عدم العبث مع هذا الشقي، إنه حقا خطير جدا... "

مباشرة بعد هذه الكلمات تم طرد كل من المارشال زيغان بالإضافة الى العجوز الأصلع من داخل الكوخ الخشبي. حيث وجد زيغان فجأة نفسه وسط عاصفة من الشذوات الطبيعية المرعبة بدون أن يعرف كيف وصل الى هنا حتى !!

بووووووك بوووووووم بووووووووووم !!~~~~~

إرتفع هدير الرعد الى أعنان السماء بينما كان الوضع في هذا المكان شيئا خارج المألوف بالكامل !! الشيء الوحيد الذي لمحه زيغان قبل أن يصبح وعيه ضبابيا هو هذا البرق الذي كان يغطي السماء بشكل مرعب للغاية. سقط زيغان على الفور بعدها فاقدا للوعيـ لقد فقد الوعي بعدما استيقظ قبل لحظات فقط !!؟

قد يبدو الأمر مثيرا للسخرية، لكن في حقيقة الأمر كان هذا شيئا عاديا تماما. فعلى الرغم من أنه يبدو في حالة صحية عادية إلا أنه وصل الى درجات من التعب الجسدي والنفسي التي لا تصدق، فقط حفاظه على رباطة جأشه وتماسكه في مثل هذه الأوقات لا يظهر سوى متانة معدنه الحقيقي.

من حسن حظه أنه فقد الوعي فقط، وإلا كان يمكن أن يفقد أكثر من ذلك بكثير. فبالنظر الى حجم المعاناة التي كانت بادية على محيا شخصية بقوة العجوز الأصلع، عندها فقط يمكن إستيعاب أي نوع من الأماكن الجحيمية هو هذا المكان. لقد كان الرجل الأصلع يناضل بشدة فقط من أجل الحفاظ على جسده متماسكا بينما غلف جسد زيغان هو الأخر بطاقته الروحية وشرع في الهرب من هذا المكان بأقصى سرعة ممكنة. كانت المنطقة برمتها تحت ضغط روحي جبار، والعجوز الأصلع لم يكن هو الاخر قادرا على مسايرة قوة هذا الضغط إطلاقا وإنما كان فقط يتحمل بصعوبة بالغة بينما إخترق السماء بسرعة جنونية لا تصدق محاولا الإبتعاد قدر الأمكان.

كان الطريق أمام العجوز الأصلع طويلا جدا، والأكيد أنه الأن بينما أصبح لديه عبئ يحمله الى جانبه، فهذا الطريق أصبح لأشد صعوبة أكثر حتى من المرة السابقة. لكن كل ما كان في وسعه فعله هو الضغط على نفسه أكثر من أجل تخطي هذا الوضع لا غير، خصوصا أنه أصبح وصيا على شخص مثل زيغان. حتى أن آخر كلمات فاستو لورد كانت مجرد تحذير للرجل العجوز الأصلع.

" فاستو لورد بنفسه يرى أن هذا الشقي الصغير خطير ؟؟ اللعنة، لاشك في هذا الأمر بعد الأن. يبدو أنني تورطت في شيء كبير حقا هذه المرة... "

صرّ العجوز على أسنانه بينما بدأ يدرك شيئا فشيئا أنه أقحم نفسه في مشكلة كبيرة حقا هذه المرة. لقد غرق تعبيره بالكامل وهو ينظر الى زيغان، لم يعرف العجوز حول ما إذا كان زيغان سيعود عليه بهذه المنافع التي تحدث حولها فاستو لورد أم أنه فقط سيتبب في نهاية لكل شيء بناه بدمائه وتعبه الخاص كل هذه السنين. العجوز لم يملك في نهاية المطاف أي خيار حول هذه المسألة مادامت شيئا متعلقا بفاستو لورد، لذلك كل ما كان عليه فعله هو مسايرة الأمر وحسب.

*

***

بالعودة الى ذلك الكوخ الخشبي الصغير، كان الشيخ شازان لا يزال متسمرا على الأرض حيث تجمد في مكانه هناك غير قادر على تحريك جسده حتى !!

كان يعلم في أعماقه أن المارشال زيغان تجاهله عن عمد، لقد كان تجاهلا كاملا... تجاهل وجوده برمته وحتى أنه لم يلقي ولو بنظرة واحدة اتجاه هذا الشيخ الذي كان راكعا هناك ينتظره لمدة عشر سنوات. في الحقيقة شعر الشيخ شازان بشعور سيء للغاية في قلبه في هذه اللحظات، لقد كان شعورا مقرفا للغاية، مرارة هذا الوضع كانت متوقفة في حلقه وبدى هذا العجوز كما لو كان على وشك التقيؤ بشكل سيء للغاية.

لكن وبالنظر الى الصورة الكبرى، في الحقيقة كان هذا الشيخ شازان خائف من تحقق هذا المشهد الذي رآه أمامه قبل قليل. لقد كان خائفا من أن يصبح ذلك الأمر حقيقة. لم يكن يشعر بخيبة أمل أو شيء ما كهذا، وإنما كان الأمر فقط أشبه بتحقق كابوس سيء.

كما توقع شازان تماما، تجربة الموت هي شيء لن يرغب أحد في خوضه حتى لو كان يعلم أن سيعود بعد تلك التجربة الى الحياة. ونفس الشيء ربما ينطبق على زيغان أيضا. عدم تدخل ملوك وشيوخ عرق الكارثة في الحرب السابقة وسماحهم لذلك العجوز سليل عيون المسارات بقتل زيغان كان غلطة كبيرة للغاية تسببت في هذا الوضع الراهن الذي طالما خشيه الشيخ شازان.

العلاقة بين زيغان وبين عرق الكارثة باتت غير مستقرة بالكامل منذ هذه اللحظة. فمن منظور زيغان الخاص، عدم تدخل هؤلاء العجزة لإنقاذه يعتبر خيانة لاغير.

أو بالأحرى، زيغان شخص لن يعتمد على الأخرين حتى ينقذو حياته من مثل تلك المواقف القاسية والدموية. لكنه أيضا شخص ذكي للغاية وكان قادرا على تحليل الموقف بالكامل بمجرد أن استيقظ من سباته. كان الشيخ شازان على الأقل قادرا على الرؤية من خلال هذا القدر.

لقد كان الشيخ شازان موقنا أن زيغان بات يعلم بحقيقة الأمر الآن. اكتشف زيغان ان ملوك وشيوخ عرق الكارثة كانوا يعلمون حول ذلك العجوز سليل عيون المسارات. فمن المستحيل أن يهرب شيء بتلك الأهمية من رؤية هؤلاء الملاعين القدماء. وزيغان شخص لن يصبح مثل عاهرة صعبة الإرضاء ويلقي بغضبه عليهم لأنهم فقط لم ينقذوا مؤخرته من موت محتم، بل هو شخص سيلوم ضعفه فقط في مثل هذه الحالات...

لكن ومن جهة أخرى، مجرد تحذير لعين كان كل ما يحتاج اليه لكي يغير خططه الخاصة لتناسب الموقف الذي كان سيحشر فيه. وهؤلاء الأشخاص الذين ظن زيغان أنهم بطريقة ما الى جانبه منذ البداية، تكبروا ولم يمنحوه ولو شيئا صغيرا وتافها كمجرد تحذير لعين ؟؟

الحق يقال، هذه كانت ضربة موجعة حتى بالنسبة لشخص متبلد المشاعر مثل زيغان. والشيخ شازان موقن تماما من هذا الشيء. رغم كون الشيخ شازان مختلفا ورغم كونه الوحيد الذي عانى على يدي ملوك عرق الكارثة نظرا لكونه عارض رغبتهم في إخفاء الأمر عن زيغان ورغب في حماية سيده وآداء دوره كخادم مخلص حتى النهاية. إلا أنه لم يستطع فعل ذلك. لقد فشل فشلا ذريعا في آداء ذلك الواجب. وحتى رغم فشله ذلك، رغب هذا العجوز بشدة في أن يقف في هذه اللحظة أمام زيغان، رغب في أن يركع أمامه ويعتذر عن كونه مجرد خادم غير كفؤ. رغب في الوقوف الى جانب ملكه وقول الكثير..

لقد رغب في إخبار ملكه أنه ليس وحيدا وأنه سيظل الى جانبه دائما ...

لكن، في أعماق قلبه، كان يعلم أن كل ذلك بدون أي فائذة، إخبار شخص مثل زيغان حول هذه الحقيقة مجرد مضيعة للوقت لاغير. كل ما كان في وسع هذا العجوز شازان فعله داخل ذلك الكوخ الخشبي هو مسح قطرات الدموع التي بدأت تتشكل في جانبي عينيه القديمة. فقط الإله من يعلم متى كانت آخر مرة شعر فيها هذا الشيخ شازان بمثل هذا الحزن. وفقط الإله يعلم الى أي درجة وصل إهتمام هذا الشيخ شازان بالمارشال زيغان، لدرجة أن توتر العلاقة بين الإثنين فقط كان كفيلا لإظهار هذا الجانب الضعيف من شخصية قوية مثل شيخ من شيوخ عرق الكارثة...

2021/05/06 · 935 مشاهدة · 1742 كلمة
El Marchel-Z
نادي الروايات - 2024