___ MARCHELL __
كان وعي زيغان في الوقت الحالي يراقب باهتمام شديد بعض التغيرات الصغيرة التي طرأت على تلك البحيرة الغريبة المشكلة من الدماء في أعماقه. تلك المنطقة المجهولة التي إكتشفها زيغان أثناء تدريبه الخاص الأخير مع الملك راغو. هذا المكان حيث تواجدت تلك البركة الدموية والتي تتوسطها شجرة من العظام وكل هذه الكتب المقدسة الغريبة التي كانت تطفوا بكل هدوء هناك !...
كان هذا المكان غامضا وساحرا كما هي العادة، لكنه الآن بات غريبا فجأة حتى بالنسبة لزيغان نفسه، حيث بدأ زيغان يشعر بحضور غريب للغاية يأتي من أعماق تلك البحيرة الصغيرة. لقد كان حضورا مألوفا للغاية حيث كانت أعماق هذه البحيرة مشبعة في حقيقة الأمر بقوة الجرم البدائي !؟
في الحقيقة، حتى زيغان نفسه لم يكن يعرف ما الذي كان يقبع في أعماق هذه البحيرة، فقد كان عاجزا تماما عن النزول بوعيه الى الأعماق هناك لاستكشاف الأمر. كل ما كان في وسعه فعله هو تأمل تلك القوة ومراقبتها من بعيد. فقط بمراقبة وتأمل الوضع هناك لبرهة من الزمن، بدأ يدرك بعض الأمور حول الوضع الراهن. فقد إتضح أن كلام الملك راغو كان صحيحا في نهاية المطاف. فالشيء الذي أنقذ زيغان من هذا الموت المحتم كان في حقيقة الأمر هو استيقاظ الجرم البدائي بشكل كامل. وكما قال راغو تماما، لإيقاظ قوة هذا الجرم البدائي يجب على المستعمل استخدام حياته كثمن لتحقيق ذلك.
على الرغم من أن زيغان لم يكن يعلم حول الأمر أنذاك، إلا أنه بات يعلم حول هذه الحقيقة حاليا. حتى أنه تسائل حول ما إذا كان هذا هو السبب الذي جعل ملوك عرق الكارثة يتخلون عنه بذلك الشكل في الوقت الذي احتاجهم فيه.
تنهد !!~~~~~~~~~~~
في العالم الخارجي، عاد وعي زيغان الى جسده حيث إستلقى على جذع شجرة كبيرة بعض الشيء بينما فتح عينيه وبدأ يراقب السماء بكل غرابة. كان يتواجد في الوقت الحالي في مكان غريب لم يتمكن من التعرف عليه. كل ما هو متأكد منه هو أن العجوز الأصلع الذي كان يرافقه في ذلك الوقت لم يعد موجودا في الأرجاء، كما أن هذا المكان كان مجرد امتداد لا ينتهي من الغابات الشاسعة التي غطت الأفق.
لقد كان زيغان شارذ الذهن منذ أن استيقظ في هذه الغابة قبل بضعة أيام. حتى أنه لم يحرك ساكنا من على جذع الشجرة ذاك الى هذه اللحظة. أحد الأمور التي كانت تشغل باله كانت بالتأكيد عدم اجتيازه لأي اختبار من اجل الحصول على اعتراف الجرم البدائي ؟؟
طبعا استعمل زيغان قوة النظام من اجل البحث عن هذه المعلومات. وبشكل غير متوقع استطاع معرفة بعض الأمور حول الإختبار الذي كان يفترض أن يمر منه من أجل ايقاظ قوة الجرم البدائي خاصته. لقد كان مستوى هذه المعلومات غامضا جدا ولا يفترض بشخصية من مستوى ضعيف مثل مستوى زيغان الحالي المعرفة حولها. وهذا تماما ما جذب اهتمام زيغان حول هذه المعلومات أكثر فأكثر. معلومات كانت تنص على أن ايقاظ قوة الجرم البدائي لها بضعة مراحل، وأولى هذه المراحل هي وجوب استخدام قوة حياة الشخص من اجل تفعيل الإختبار، وفقط بالنجاح في ذلك الإختبار مهما يكن، يمكن أن تحدث تلك المعجزة التي أدهشت الجميع.
بالنجاح في الإختبار ليس فقط أن الشخص يعود من الموت ويبعث من جديد، وإنما يصبح مالكا رسميا ومعترفا به لقوة الجرم البدائي الهائلة والتي يلفها كل هذا الغموض الى حدود اللحظة. وأبرز ما يثبث أن زيغان نجح في هذا الإختبار على الرغم من عدم مصادفته للإختبار حقا، هو ظهور هذه القوة الجديدة في أعماق تلك البركة. ففي السابق لم يكن شيء كهذا موجودا أبدا داخل تلك البركة، وفقط بعدما استيقظ زيغان بعد مرور فترة العشر سنوات هذه ظهرت هذه القوة هناك.
في هذه اللحظة، تسائل زيغان حول شيء كان يزعجه حقا منذ أول مرة صادف فيها هذا الجرم البدائي الغريب ؟؟
إذا كان زيغان حالة خاصة أو شذوذا ما تمكن بطريقة أو بأخرى من تفادي إختبار الملكية هذا، إذا لماذا بالضبط استغرق الأمر عشر سنوات ؟؟
ما الذي تعنيه هذه الفترة ؟ وما الذي حدث بالضبط خلال هذا الوقت ؟
طبعا مدة السبات الذي يدخله الشخص الذي يحاول ايقاظ قوة جرم بدائي ستعتمد على المدة التي سيستغرقها من اجل المرور من الإختبار بنجاح. وبكون زيغان استيقظ فقط بعد عشر سنوات فهذا يعني أن مدة الإختبار استغرقت عشر سنوات ؟؟
لكن في ذات الوقت زيغان متأكد من أنه لم يمر من أي اختبار كان ؟؟
كان هذا الأمر مزعجا للغاية ومتناقضا بشدة مع المعلومات التي حصل عليها زيغان من النظام، لذلك كان زيغان في الوقت الحالي عاجزا بالكامل عن تحديد ماهية ما يحدث معه.
..
..
بينما كان المارشال مستلقيا على جذع الشجرة تلك وهو يحاول الحصول على قسط من الراحة، بدأ ضجيج صاخب في النشوء حول الأرجاء مما اضطر زيغان في نهاية المطاف الى إلقاء نظرة على الأمر. فهو كان يستشعر منذ البداية تشوها غريبا في نسيج الفضاء حول هذه المنطقة، لكن بالنظر الى مصفوفة النقل الفضائي العملاقة تلك، بات زيغان في هذه اللحظة قادرا على استيعاب سبب ذلك التشوه في قانون الفضاء. ومع ذلك ما كان مثيرا للإهتمام لم يكن تشوه الفضاء بحد ذاته، وإنما كان مجموعة الشخصيات تلك التي استخدمت مصفوفة من نوع النقل الفضائي عالية المستوى ؟!
بالطبع هؤلاء الأشخاص مهما كان انتمائهم وأيا كان المكان الذي قدموا منه، فهم ليسوا بأشخاص عاديين اطلاقا. فمصفوفة من هذا النوع كان من الصعب الحصول عليها حتى في عالم سافاستانو، إذ كانت المسافات التي يمكن قطعها بواسطة مصفوفة من هذا المستوى كبيرة للغاية، لقد كانت مصفوفة قيمة للغاية ...
فوووووووش !!~~~~~~~~~~~
مع إختفاء التشوه المكاني الذي كان يحيط المنطقة، بدأت عدة صور ظلية لعدة شخصيات بهيآت بشرية في البروز من داخل شقوق الفراغ المكاني، كانت هالات هؤلاء الأشخاص قوية للغاية مقارنة بالناس من عالم سافاستانو حيث كان أضعف الأشخاص هنا في عالم العاهل القتالي بالفعل !
أما بالنسبة لأقوى الأشخاص فقد كانوا في ذروة عالم العاهل القتالي. الغريب في الأمر كان هو حجم هذه المجموعة ونوع الهالة الغريبة التي كانت تحيط بجل أفرادها ؟ بالطبع كان من السهل على زيغان معرفة أنه لم يعد في عالم سافاستانو نظرا لأن هؤلاء الأشخاص لا يحملون لعنة العبودية كما هو الحال مع ساكني عالم سافاستانو. وكذلك نظرا لأن سلالات هؤلاء الأشخاص كانت من دون أدنى شك سلالات ملكية !؟
" أترك الأوغاد الملاعين هنا، سيكون من الخطر البقاء في هذه الأنحاء أكثر من ذلك. لابد أن المزيد من هؤلاء الأوغاد في طريقهم الى هنا حاليا.
لنخرج من هنا... "
تقدمت شخصية أنثوية الى الأمام ، حيث كانت هذه المرأة تملك جسدا بشريا يحمل من صفات الجمال ما يكفي لجعل لعاب أي رجل يسيل. رغم كونها جميلة في هيأتها البشرية إلا أن زيغان كان قادرا على اكتشاف أن هذه المرأة لم تكن بشرية أبدا بمجرد لمحة بسيطة.
كانت تملك شعرا أحمر ناري يعطيها لمحة من القوة الطاغية، حيث كانت هذه الفتاة بكل تأكيد أقوى شخص في هذه المجموعة. أما بالنسبة لأعداد المجموعة فقد كانوا بالألاف ؟؟
آلاف المقاتلين من مستوى العاهل القتالي ؟؟ هذه حقا كانت قوة قتالية كبيرة للغاية مقارنة مع موازين القوة في عالم سافاستانو، فقد كان من النادر للغاية رؤية مشهد تجمع كل هذه الأعداد من عاهلي القتالي في مناسبات غير الحروب ؟؟ وهذا ما جعل زيغان يتسائل حول احتمالية نشوء حرب من نوع ما في هذه الأرجاء.
فوووش فوووش بوووووووووووووم !!~~~~~~~~
فجأة تم إلقاء عدة جثث على الأرض يشكل قاسي للغاية حيث استغرب حتى زيغان من هذا المشهد وهو يتسائل حول نوع الهراء الذي كان يحدث أمامه ؟
تم إلقاء بضعة مئات من الجثث على الأرض بينما كان هناك شخص واحد فقط على قيد الحياة من بين كل تلك الجثث. كانت جميع هذه الجثث تعود في حقيقة الأمر الى أفراد لايزالون في فترة الشباب. جثث الفتيات والشبان كانت تملأ الغابة في الوقت الحالي ودمائهم العفنة كانت قد بدأت تجذب بالفعل الوحوش المفترسة في المنطقة.
بين كل تلك الجثث، كان هناك شخص واحد فقط لايزال قادرا بالكاد على التنفس. مجرد فتاة شابة كانت ترتعش هناك وهي الآخرى بدت أنها على شفير الموت ؟!
لقد كانت تملك جسدا بشريا هزيلا للغاية وبدت عليها آثار التعذيب الشديد. ما جذب انتباه زيغان حول تلك الفتاة هو كونها مجرد بشرية في الأصل؟؟ وليس أي بشرية حتى، وإنما وصلت قوة الفتاة في الحقيقة الى مستوى العاهل القتالي المرحلة التأسيسية.
رغم أنها كانت ضعيفة للغاية مقارنة مع زيغان إلا أن المثير للإهتمام هو تمكن مجرد إنسان عادي من دون أي سلالة مميزة من الوصول الى هذا المستوى من القوة. هذا حقا أثار انتباه زيغان بشكل خاص وكان يفكر في أخذ هذا الفتاة لدراستها لاحقا ومحاولة اكتشاف اسرارها. فبالتفكير في ذلك، زيغان نفسه لا يزال فقط في مستوى العاهل القتالي المرحلة البدئية، الفرق بينهما كان مجرد مستوى واحد لا غير !!
لكن وقبل القيام بشيء كهذا، سمع زيغان صراخا غاضبا للغاية قادما ناحيته ؟؟
" هاااااااااااااه ؟؟ ماذا لدينا هنا ؟
شخص آخر من القاعة الملعونة ! هؤلاء الملاعين مثابرون حقا. جيد جيد، جيد جدا.
لقد أتيت في وقتك ... "
بدأ أحد الرجال الذين كانوا يقفون الى جانب الفتاة ذات الشعر الأحمر الناري في التوجه الى ناحية زيغان بينما تحول انتباه آلاف المقاتلين من مستوى العاهل القتالي هؤلاء الذين كانوا يكتسحون السماء الى ناحية المارشال زيغان كذلك !!
" ما... من أين خرج هذا الداعر ؟؟ أنا لم ألاحظ وجوده هناك أبدا !... "
كان المقاتلين جميعا ومن بينهم الفتاة ذات الشعر الناري يستغربون من الأمر بشدة. فقد كانت هالة زيغان خافتة جدا وبدى كما لو أنه مجرد إنسان عادي. كلا ، بل بدى أكثر من ذلك، بدى كما لو أن وجوده هناك لا يختلف عن عدمه.
" طاقة روحية ؟؟.."
حول زيغان نظراته بحماس ف<اة الى جهة هذا الرجل الذي كان يقترب منه ببطء بينما ظهرت ابتسامة طفيفة على محياه. زيغان يعرف تمام المعرفة أن مجرد مقاتلي مستوى العاهل القتالي غير قادرين على استشعار وجوده الخاص رغم أنه لم يحاول إخفاء نفسه أو شي ء ما كهذا. وهذا ما كان يثبت أن الشخص الذي تمكن من رصد زيغان لا يجب أن يكون شخصا عاديا اطلاقا. مع تلك الإبتسامة الغريبة على وجهه، أخرج زيغان سيجارة وبدأ في التدخين بينما بدى في الرجل الذي كان يقترب منه :
" هاهاهاهااه، لديك عيون مميزة بعض الشيء بالنسبة لحشرة ... "