_____EL ~ MARCHEL ____
بعدما تم طرد زيغان من داخل مقر القوات الخاصة بتنفيذ القوانين، حدث وأن وصل زيغان الى مكان مغاير تماما هذه المرة. لقد تنقل زيغان الكثير من المرات خلال ظرفية زمنية قصيرة للغاية في الآونة الأخرة. بداية بتنقله من المكان الخاص بفاستو لورد وصولا الى القاعة الملعونة، ثم من القاعة الملعونة اظطر الى الذهاب الى مقر القوات الخاصة بتنفيذ القوانين، والآن هاهو مجددا يظهر في مكان مختلف تماما عن أي شيء سبق وأن رآه من قبل !!
لقد كان كل هذا السفر متعبا للغاية، خصوصا أن البوابة التي تنقل بها زيغان الى هذا المكان كانت مختلفة تماما عن سابقاتها، لقد كانت تلك البوابة قوية للغاية إذ حتى من شخص قوي البنية مثل زيغان شعر بضغط كبير جدا إثر مروره عبر ذلك الشيء. هذا كان يفسر شيئا واحدا لا غير، مادام أن تلك البوابة كانت بهذه القوة فلابد أنها قادرة على نقل أي شخص الى مسافات كبيرة جدا خلال ظرفية زمنية قصيرة للغاية، هذا كان هو التفسير الوحيد للقوة المفرطة التي كانت تملكها مجرد مصفوفة نقل كتلك. على الأرجح أي ملك قتالي عادي يحاول استعمال تلك البوابة سيموت مسحوقا من الضغط القوي فحسب !!
هل كان ذلك الداعر يحاول قتلي أم ماذا !!؟
فور خروج زيغان من داخل التشوهات المكانية،فجأة استحوذ المشهد الذي غطى مرمى بصره على انتباهه بالكامل. هذه كانت أول مرة يشاهد فيها زيغان شيئا بهذا الحجم العملاق، على الأرجح ماكان أمام زيغان في الوقت الحالي كان من المفترض أن يكون مدينة من نوع ما بالحكم على شكلها، مدينة عملاقة لم يشهد لها مثيل من قبل، إذ كانت شيئا أشبه بما يسمع عنه في قصص الخيال !!؟
في العادة القدرة البصرية لزيغان قادرة على تغليف أي مدينة تطأها قدماه بالكامل، هذه كانت أول مرة لم يستطع فيها زيغان رؤية نهاية لهذا التجمع السكني المهول. يبلغ محيط أي كوكب صغير الحجم كمثل كوكب الأرض ما يقدر بأربعين الى خمسين ألف كيلومتر، أي أنه لو جعلنا من كوكب الأرض شيئا مسطحا بالكامل كان زيغان ليسطتيع رؤية نملة تقف على الحدود الغربية لهذا السطح بينما هو يقف على الحدود الشرقية، مما يعني بكل بساطة أن خط نظر زيغان أكبر بكثير من مجرد 40 ألف كيلومتر، وبمعنى آخر كانت هذه المدينة بكل بساطة أكبر من كوكب الأرض نفسه بأضعاف حتى زيغان لم يستطع تحديدها الى حدود اللحظة.
هذا المثال البسيط هو الوحيد الذي يمكن أن يظهر مدى حجم هذا الشيء أيا يكن مدينة أو غيرها، إذ كان الأمر فقط كما لو أن هذه المدينة تمتد الى مالانهاية !!؟ لقد كانت المنازل هنا عملاقة الحجم كذلك أكثر من المتوقع بكثير، وكذلك كانت المسافات بين كل منزل وآخر كبيرة للغاية، القصور الضخمة كانت تغطي الأفق بالكامل خالقة بذلك مشهدا يحبس الأنفاس !؟
ترانغ !!!~~~~~
وبينما زيغان لا يزال مندهشا من هول المشهد الذي أمامه، انبثقت شاشة ذهبية اللون أمام وجهه فجأة !! كانت هذه الشاشة خاصة بسجلات ألفا الأصل، إذ حصل زيغان على رسالة عاجلة من شيخ المراقبة الذي عقد معه تلك الصفقة سابقا. ما كان غريبا في الأمر هو أن هذه الشاشة لا علاقة لها بقوة الماجوس الخاصة بزيغان، وإنما كانت هذه الشاشة منبثقة من اليشم الأخضر الذي كان يتلألأ على حزام زيغان الخاص !!
لقد كان هذا الأمر بسيطا للغاية بالنسبة لزيغان إذ اكتشف على الفور السر خلف حدوث هذا الأمر. في الحقيقة لقد كان هناك تشكيل موصول بشبكات ألفا الأصل داخل قطعة اليشم هذه. الأمر لم يكن كما لو أنه لا أحد قادر على استعمال التشكيلات سوى الماجوس ؟؟
وإنما كان يمكن للماجوس إنشاء تشكيلات خاصة بعض الشيء وتقديمها لعامة الناس، إذ بواسطة هذا التشكيل الخاص تحولت قطعة اليشم هذه في يدي زيغان الى ما يشابه الهواتف الذكية من كوكب الأرض، فطالما هي موصولة بشبكات ألفا الأصل يستطيع أي شخص أن يتصفح هذه الشبكة الضخمة بكل سلاسة. المشكل الوحيد كان في الطاقة التي تبقي التشكيل على قيد العمل. ففقط الماجوس هم من يملكون هذه القوة وفقط شخص يملك قوة الماجوس قادر على امداد التشكيل بالقوة اللازمة حتى لا يتلاشى مع الوقت.
" يا رجل ما الذي فعلته بحق الجحيم حتى يتم نقلك الى المدينة الحدودية، اللعنة أنت لا تكف عن البحث عن المشاكل أينما تذهب ؟؟
تبا يا صاح !! كيف يفترض بك أن تحصل على تذكرة الناقلة السوداء على هذه الحال ؟؟ الأمر فقط كما لو أنك تنسحب من الصفقة فجأة !؟
..
غادر تلك المدينة في أقرب فرصة ممكنة. فإذا لم تدرك ما يحدث الى الآن، لقد تم إرسالك الى الحرب بدون أن تدرك..بلا بلا بلا بلا بلا.........."
أغلق زيغان هذه الشاشة بالقوة بينما تصلبت ملامح وجهه بشكل مخيف للغاية. كانت هالة زيغان في هذه اللحظة غير مستقرة اطلاقا، إذ كان على وشك الإنفجار من الغضب في أية لحظة. هذه الطائفة خيبت آماله من كل النواحي الى حدود اللحظة. مع أن الطائفة كانت تملك قوة كبيرة للغاية، إلا أن هذا المكان عبارة عن مكب للقمامة بكل المقاييس.
" لقد استغرقت في النوم لمدة طويلة للغاية، أكثر من ما توقعت بكثير أيها القائد !!.
ليس ذلك فحسب وإنما يبدو أنك أصبحت أضعف حتى ؟؟... "
بينما كان مزاج زيغان يصبح أسوأ وأسوأ مع مرور الوقت، ظهر فجأة هذا الصوت المألوف في رأسه بينما بدأت قوة النطاق الداخلي تتشكل حوله ببطء. انتشر الدخان الأسود بكثافة عالية بينما تشكلت هيأة بشرية أمام زيغان. بالطبع هذه الهيأة البشرية تعود لأحد أفراد الأكاغي، فبعد كل شيء الأكاغي هم الوحيدون القادرين على استعمال قوة الإنتقال الخاصة بالنطاق الداخلي.
" هاه !! يبدو أن لسانك هو الشيء الوحيد الذي أصبح أطول خلال هذه الفترة، أنت لا تزال قزما لعينا حتى بعد مرور هذه العشر سنوات، بلاكي ... "
الشاب الصغير بلاكي الذي أخذه زيغان تحت جناحه منذ أيامه الأولى في معهد الظلام. ذلك الشاب الصغير الذي يعد من أكثر الأشخاص قربا الى زيغان، ففقط هذا الشاب الصغير والهاوية الصغير كانا قادران على الإستلقاء على كتفي المارشال خلال الأيام الخوالي، هم حرفيا الوحيدان الذان كانا قادران على التقرب الى المارشال الى هذا الحد طوال الوقت السابق.
لكن الغريب أنه حتى بمرور كل هذه المدة، وباعتبار حقيقة أن العمر الحقيقي لبلاكي قد فاق العشرين سنة. كان لا يزال يملك مظهرا صغيرا للغاية، بالإضافة الى أن طوله كان قصيرا جدا، لقد بدى الأمر لوهلة كما لو أنه لم يتغير مطلقا !! وفقط رؤية هذه الهيأة جعلت زيغان ينفجر في الضحك الصاخب في الأرجاء ...
" نصف خطوة الى عالم الملك القتالي !!؟
هاهاها هل تخلفت عنكم الى هذه الدرجة أيها الملاعين؟ بالتفكير في أن قزما مثلك سيصل الى هذا المستوى أسرع مني حتى ؟ هاه، يا للسخرية.... "
أشعل المارشال زيغان سيجارة ووضعها بين شفتيه بكل هدوء في حين اتجه الى أقرب قصر كان في هذه المنطقة. بالطبع بلاكي لم يتخلف عن الركب اطلاقا، رغم أن ملامح وجهه كانت توحي على السعادة والاشتياق، هذا الطفل الصغير كبح نفسه بالكامل. لم يسمح لنفسه بالتصرف بأي شكل متهور اطلاقا أمام المارشال. والسبب في ذلك كان هو التغير الغريب الذي كانت تمر منه كل المساحة الشاسعة في السماء وفقهم.
فقط من خلال ذلك المنظر المخيف الذي تشكل في السماء، استطاع بلاكي فورا معرفة أنه يوجد خطب ما بالمارشال، لذلك كان عليه التأكد من ما يحدث أولا قبل الإقدام على فعل أي شيء متهور، بعد كل شيء بلاكي اليوم ليس هو نفس الطفل الصغير من البارحة، فرغم مظهره الطفولي هذا الفتى كان شخصا كبيرا كفاية لاستيعاب بعض الأمور.
انفجاار !!~~~~~~~~~~~
زأر الرعد في السماء بشكل مفاجئ ومخيف للغاية حيث دوى هذا الإنفجار المرعب في كل الإتجاهات، لقد بدى الأمر لوهلة كما لو أن السماء نفسها أصبحت أشد ظلمة بعدما ظهرت شرارة البرق تلك في السماء. حتى من بلاكي توقف لوهلة وهو ينظر بكل دهشة الى هذه الكارثة التي تشكلت في السماء قبل قليل !!
" ماذا كان هذا الشيء بحق الجحيم ؟؟ "
لم يستطع بلاكي قمع الرهبة التي شعر بها من شرارة البرق التي ظهرت في السماء قبل لحظات، الشيء الوحيد الذي استشعره بلاكي من تلك الشرارة كان هو الموت !! لقد كان رغبة خالصة في التدمير وإزالة حياة ما من الوجود. الغريب أن ما أرهب بلاكي لم يكن قوة تلك الشرارة، وإنما كان هدف تلك الشرارة الغريبة هو المارشال زيغان !!
" إنه عقاب سماوي... أنا قادر على الإختراق الى المرحلة المتوسطة من عالم العاهل القتالي في أية لحظة. لكن بعد دراسة الوضع لبعض الوقت، اتضح أني لن أستطيع الوقوف أمام ذلك العقاب السماوي. ذلك الشيء تم ارساله الى هنا لقتلي في اللحظة التي ساحاول فيها الاختراق... "
فجأة تحدث زيغان بكل هدوء بينما توقفت خطواته فوق أحد القصور في المكان. فحتى من زيغان نفسه كان ينظر الى شرارة البرق تلك بكل غرابة، هذه أول مرة يظهر عقاب سماوي في وجهه من هذا النوع. فالمحنة السماوية غالبا ما تظهر عندما يحاول شيء ما الوقوف في وجه قوانين السماء نفسها، وزيغان سبق وأن تعرض لمحن سماوية من قبل.
لكن هذا العقاب مختلف هذه المرة بالتأكيد، هذا ليس شيئا يجب العبث معه اطلاقا !! فالمحنة السماوية تظهر عندما يحاول مخلوق ما التطور الى أبعد ما تسمح له قوانين السماء، كأن تتطور سحلية الى تنين. لكن هذه المحنة السماوية تظهر أيضا لبعض المقاتلين الذين يشكلون شذوذا طبيعيا غير طبيعي، وغالبا ما تظهر عندما يحاول الشخص اختراق عالم أكبر، كمثل الإختراق من عالم النيرفانا الى عالم العاهل القتالي أو الإختراق من عالم العاهل القتالي الى عالم الملك القتالي.
لكن لم يسبق وأن سمع زيغان من قبل بعقاب سماوي يظهر عندما يحاول الشخص تخطي مجرد مستوى في نفس العالم. فزيغان سيخترق فقط من المرحلة المبدئية الى المرحلة المتوسطة من عالم العاهل القتالي، هذا الشيء كان غريبا الى درجة لا تصدق بالفعل.