فجأةً يُقطع الاتصال .. وتُقطع الكهرباء في المنطقة بأكملها .. فوقف آدم في الظلام مصدومًا مدهوشًا .. من القدرة التكنولوجيا التي رآها الآن تُستخدم ضده .. وفكر مَن الذي يقوم بفعل ذلك معه .. قطع تفكيره صوت هاتفه وهو يرن بصوت اللحن الشهير (شبح الأوبرا) .. نظر آدم للهاتف بفضول وهو يفكر كيف استطاعوا ان يخترقوا هاتفه بتلك السهولة .. وزاد قلقه على مشاريعه وأبحاثه التي ما زال يعمل عليها، ماذا يفعل إذا استطاعوا أن يصلوا إليها؟ عادت الكهرباء سريعًا بفعل المولد الاحتياطي الذي يضعه آدم في أعلى سطح المنزل، فعاد التلفاز يعمل بصوته الصاخب الشديد .. فنظر اليه آدم بلا مبالاة وجلس على الأريكة بضيق وهو يفكر هل تسربت أسراره وأبحاثه أم ما زالت في أمان .. ظل يداعب ذقنه بيده اليُسرى بضيق وهو يحمل بيده اليُمنى جهاز الريموت يقلب في قنوات التلفاز .. وهو ما زال يفكر في حقيقة المكالمة التي أتت إليه منذ قليل .. فلفت انتباه الساعة الذكية التي على معصمه .. فظل يقلب بها وهو حزين .. هل اكتشفوا أسرارها أيضًا أم لا .. فضغط على الزر الذي يحلل الأشياء فخرجت منه أشعة زرقاء سريعًا .. فوجها آدم إلى هاتفه المحمول ليخبر بمكوناته لعله يعلم ما المادة المضافة إلى الهاتف .. ويختبر كفاءة الساعة الذكية أيضًا .. ولكن لم يحدث شيءٌ .. ظل آدم يهز معصم يده ويوجه الساعة على هاتفه، ولم يحدث شيءٌ .. فغضب بشدة وهو يصرخ "حتى تلك الساعة اللعينة لا تعمل .. لا تعمل .. " .. وحاول أن يلقيها من يده ويحطمها غاضبًا .. ولكنه تراجع في آخر لحظة وهو يتذكر المبلغ الذي دفعه والمجهود الذي بذل فيها .. فحاول أن يُهدئ نفسه وهو يفكر بأن العصبية والغضب لن تحل شيئًا من مشكلاته، يجب أن يفكر بهدوء .. ففرد يديه على جانبي الأريكة، وألقى رأسه للخلف مرتخيًا وأغلق عينيه، وحاول أن يتحكم في نفسه لكي يهدأ .. وظل يفكر فيمن فعل ذلك معه .. هل هو عدو أم صديق؟ هل هناك خائن في شركته يخرج أسرارها؟
ظل فترةً كبيرة يفكر بذلك .. عندما سمع فجأةً صوت ساعته يتحدث "الأسد .. قِطٌّ أفريقي كبير.. وزنه 254 كيلو .. طوله 165 سم .. يعيش الذكور مدة 8 سنوات .. والإناث من 10 إلى 12 عامًا .. وظيفة ذكور الأسود هي الدفاع ووظيفة إناث الأسود هي صيد الفرائص، ومع ذلك تأكل الأسود الذكور أولًا.. زئير الأسد قويٌّ جدًّا حيث إنه يُسمع على بعد 5 أميال.. قوة بصر الأسد أقوى من قوة بصر الإنسان بمعدل خمس مرات .. وجود الشعر واللبدة حول رأس الذكر .. لأن الأسد الذكر هو الذي يقوم بمعظم الصراعات والأخطار فهو مزود بالفرو ليساعده على حماية نفسه .. " وظل صوت الساعة يهب في معلومات غريبة .. ففتح آدم عينيه بضيق وهو ينظر إلى الساعة بغضب ويصرخ بها بحدةٍ .. " أيتها الساعة الغبية .. أطلبُ معلومات عن الهاتف .. تخبرينني عن الأسود؟ ها .. أيتها الساعة اللعينة " .. وظل يصرخ آدم بغضب .. فسمع جلبه وشئ يتحطم خلف الأريكة .. فنظر خلف الأريكة خلفه وهو جالس .. ففزع بشدة وقفزَ من مكانه مرعوبًا .. وهو يدقق فيما يراه خلف الأريكة .. هل ما يراه حقيقي أم لا؟ هل بالفعل يوجد خلف أريكته أسد ضخم بالفعل؟ أم ما يراه هو مجرد هلاوس؟ حقَّق ودقَّق .. وحدَّق بعينيه بشدة أمامه .. وبالفعل ما يراه حقيقي .. أسد ذكر كبير بشعره الأشعث الطويل حول عنقه .. وعينيه الذهبيتين الكبيرتين ولونه الأصفر القديم وقدميه الكبيرتين التي ضربة منهما تعادل قوة خمسين كيلو ..
يقف أمامه بكل قوة وشموخ وينظر له بنظرات قوية ومخيفة .. وآدم يقف أمامه مصدومًا .. مذهولًا .. لا يدري ماذا يفعل ..
الأسد ظل واقفًا أمام آدم، ولم يتحرك، فقط ينظر إلى آدم بعينيه المخيفتين .. لا يفصل بينه وبين آدم سوى ثلاثين سم .. والأريكة في المنتصف بينهم .. ابتلع آدم ريقه بصعوبة شديدة .. فإن ريقه قد جفَّ مع دمه وباقي سوائل جسده كلها من رؤية ذلك الأسد الذي لم يكن يعلم بمدى ضخامته إلا عندما رآه .. ففتحتا منخاريه فقط قد تسعان قبضتي يدي آدم .. بالطبع فمخلوق بتلك الضخامة .. لا بد أن تكون فتحتا منخاريه كبيرتين ليحمل كمية أكسجين ضخمة تكفي أن تضخ الطاقة في آلة القتل الكبيرة تلك .. لم يتوقف عقل آدم عن التحليل العقلي لجسد الأسد أمامه .. ولكنه أفاق نفسه فجأةً عندما وجد أن الأسد تحرَّك خطوة إلى الأمام جهته .. هنا شعر آدم بالخطر وقلبه يكاد ينخلع من صدره .. ماذا يفعل؟ ماذا يفعل؟ لم يجد في عقله مكانًا لكي يفكر في خطوته القادمة .. نظر أمامه بأسفل عينيه فوجد هاتفه المحمول على الأريكة .. فظل ينظر إلى الأسد في عينيه ومد يده ببطء شديد .. والتقطه بسرعة .. فتراجع فجأةً الأسد للخلف عدة خطوات .. فابتلع آدم ريقه وبدأ يشعر بالانفراج، فيبدو على الأسود أنها ليست شجاعة كما يقولون .. وضع الهاتف بيده وضغط على رقم 122 طلبًا للنجدة .. فوجد صوتًا آليًّا جافًّا .. يجيبه بأنه قد وصل إلى النجدة، ويجب أن ينتظر عدة دقائق لعدم وجود شخص يرد على الهاتف .. فأغلق الهاتف غضبًا وهو يعلم أن النجدة لن تصله في وقتها .. حتي ولو أرادوا بالفعل أن يصلوا وهو كان يشك بذلك .. فضغط على بعض الأرقام من معارفه من ضباط الشرطة .. فرد عليه بسرعة أحد أصدقائه .. "آدم .. كيف حالك يا صديقي؟ لماذا كل تلك الغيبة الطويلة عنا يا رجل؟" فحدثه آدم بلهفة شديدة وخوف وهو ينظر بعيني الأسد الذي تقدم خطوتين أمامه فجأةً .. فصرخ آدم .. " هناك أسد في منزلي .. هناك أسد في منزلي .. فلتنقذوني الآن .. " ليجد صديقه الضابط يضحك بشدة .. " ههههههه .. أسد في منزلك؟ إنها جديدة .. نكته رائعة .. لكن آسف يا صديقي فأنا الآن في مأمورية ومضطر أن أُغلق الهاتف سأعاود .. الاتصال بك فيما بعد .. " فصرخ آدم به .. " لا تُغلقْ .. لا تُغلقْ .. إني لا أمزح هناك أسد في منز .. " لم يكمل آدم حديثه عندما رأى الأسد يتقدم باتجاهه في خطوات ثابتة إلى الأمام .. تبعها آدم بخطوات مرتعشة إلى الخلف وراءه .. وهو يحمل الهاتف بيده .. والأسد يتقدم جهته .. بدأ آدم يتراجع أكثر وهو يخشى أن يركض لأنه يتذكر أنه سمع في أحد البرامج عن الطبيعة ألَّا تركض أو تعطي ظهرك للأسود أو الحيوانات المفترسة أبدًا لأنك بذلك تطلب منهم أن يفترسوك بالحال .. ولكن الكلام سهل عن الواقع، فهو الآن يريد ان يركض بأقصى سرعة لديه، ولكنه يعلم جيدًا أن من المستحيل أن يكون اأسرع من الغزلان التي تكون دائمًا الغذاء المفضل للأسود .. وهم يركضون وراءها ويصطادونها .. فلمح درجات السلم المؤدي إلى الدور العلوي، ففكر أن يذهب إلى أعلى ويختبئ في إحدى الغرف من ذلك الأسد اللعين .. وبالفعل اتجه بظهره جهة الأسد الذي ظل يتقدم جهته هو الآخر .. وبدأ آدم يصعد درجات السلم بظهره خطوة خطوة .. فتوقف فجأةً الأسد عن اللحاق به أسفل درجات السلم، واكتفى بأن وقف وهو يراقب آدم يصعد درجات السلم .. ففرح آدم وبدأ يصعد الدرجات بسرعة أكبر .. لكنه عندما اقترب من الدور العلوي قليلًا .. فعل الأسد ما كان يخشاه طول تلك الفترة .. فقد قام بلعق فمه بلسانه وهو يرى آدم أمامه .. إذًا لقد قرر أن يجعله وجبته القادمة .. في تلك اللحظة توقف عقل آدم عن التفكير .. وتحرك جسده بمفرده بدافع الخوف الشديد وألقى بالهاتف جهة الأسد .. الذي اتجه إليه سريعًا والتقطه بفمه وابتلعه في الحال .. ثم نظر إلى آدم، وقفزَ على الدرج سريعًا .. فركض آدم في الحال ونسي كل التحذيرات التي سمعها من قبل بألَّا يركض أمام الأسود .. وركض بكل قوة وسرعة على درجات السلم وفي الحال وجد نفسه أمام إحدى الغرف القريبة من السلم .. فدخلها مُسرعًا .. وهو يغلق بابها ويتنفس الصعداء .. ليجد صوتًا يشبه صوت الغرغرة خلفه .. فنظر وراءه ليجد شيئًا صدمه بشدة .. فلقد وجد لبؤتين تجلسان على السرير في الغرفة .. منهم واحدة جاهزة للانقضاض عليه