.. ليظهر أمام الأسود أنه أقوى وأضخم منهم .. وبالفعل أصدرت الأواني المعدنية صوتًا صاخبًا للغاية اختلط مع صراخ آدم المنبعث من أسفل معدته .. وهربت الأسود من أمامه .. فتقدم بهدوء وبطء وهو يكرر ما يفعله حتى خرج من المطبخ واقترب من الحمام .. ثم دلف إليه سريعًا ..وأغلقه بقوة .. فسمع زئير الأسود بالخارج يصم أذنه .. بدؤوا يطرقون بشدة على باب الحمام الصغير الذي كان يعلم آدم أنه لن يتحملهم كثيرًا، وبدأ في الحال بتنفيذ خطته .. خلع ملابسه العلوية بسرعة شديدة .. ووضعها في فتحة البالوعة في الحمام، وفتح المياه في البانيو الصغير وفتح جميع الصنابير الموجودة في الحمام، وأغلق فتحات تصريف المياه بها جميعًا .. ثم كسر بسرعة وعنف الماسورة الحديدية الخاصة بالدش .. فخرجت المياه بكل قوة وكثافة .. ثم أمسك سلك الثلاجة الملفوف على رقبته ونزع الغطاء عن طرفيه بأسنانه.. وربطها على الماسورة الحديدية .. ثم وقف على مقعد الحمَّام وتوجه إلى لمبة الإضاءة الموجودة ونزعها وكشف أسلاكها وربط سلك الثلاجة في سلك لمبة الإضاءة المكشوف .. وخلع نعليه ومزق الجلد منها .. وفاضت المياه من البانيو والحوض وملأت الأرض وانسابت إلى خارج باب الحمام .. وما زالت الأسود بالخارج .. تحطم الباب بقوة .. أمسك آدم بالماسورة الحديدية .. بيديه وهو يضع جلد حذائه على يديه .. وابتلع ريقه في خوف عندما حطمت الأسود باب الحمام ودلفوا إليه غاضبين .. وتأكد آدم أنهم واقفون فوق المياه المنسابة فوضع سلك الثلاجة الموصل بسلك المصباح الكهربائي على الماسورة الحديدية .. في الماء على الأرض .. فشعر بالكهرباء تسري في جسده بقوة .. على الرغم من إمساكه بالجلد الخاص بحذائه ليخفف سيران الكهرباء في جسده .. وانتقلت الكهرباء إلى الماء بسرعة شديدة، فصُعقت الأسود المبللة بالمياه فصرخوا يزأرون وهم يهربون مبتعدين .. وخَرَّ آدم مغشيًّا عليه مصعوقًا ..

***

فتح آدم عينيه فجأةً .. فوجد نفسه في غرفة في مستشفى خاصٍّ .. وبعض أنحاء جسده مربوطة بالشاش الطبي ويداه الاثنتان أيضًا ملفوفتان بالشاش .. ووجد شاشة تلفاز أمامه مغلقة .. تفتح فجأةً ليجد عليها مكتوبًا .. " مبارك .. لقد فزت بأول لعبة لك .. العابث يرسل لك أفضل تمنياته.. لتحقق الفوز بباقي الألعاب القادمة .. " ثم يغلق التلفاز مرة أخرى .. لحظات وتدخل إحدى الممرضات ومعها أمه وأخوه الصغير مراد وأحد ضباط الشرطة بزيه المدني .. فبكت أمه وعيناها مملوءتان بالدموع، وعلي وجهه ابتسامة كبيرة فرحًا بنجاته .. فابتسم لها آدم ونظر إلى أخيه مراد نظرةً قاسيةً .. وسرعان ما طأطأ مراد رأسه إلى الأسفل وتحاشا النظر له .. فحدثه الضابط ضاحكا .. " كيف حالك يا سيد آدم .. نحن جميعًا في مصر مدينين لك بسبب اختراعاتك وابتكاراتك .. ولكن أن تصل بك أن تقوم بجلب ثلاثة أسود لكي تقوم بالتجربة عليهم .. " .. نظر له آدم مستنكرًا " ماذا تقول .. أنا الذي أتيتُ بالأسود .. " .. فيتدخل مراد بالحديث مُسرعًا .. " نعم .. نعم يا آدم .. لقد أخبرت الشرطة عن المشروع العظيم الذي كنت بصدد تحقيقة وكنت تجربه على الأسود .. ولكن التجربة فشلت .. وكدت تهلك .. ولكنك أصبحت بخير والحمد لله .." .. ظل آدم ينظر إلى مراد مستنكرًا ما يقول .. قبل أن تحدثه أمه وهي تلومه .. " كيف تفعل ذلك يا آدم؟ هل جننت يا ولد؟ هل أصبحت في سيرك كي تصارع الأسود؟" .. ابتسم لها آدم وربت على كتفها .. "أنا آسف يا أمي .. لم أكن اعلم أن الأمور سوف تتطور هكذا .. " ثم نظر إلى أخيه مراد الذي طأطأ رأسه مرةً أخرى .. وعاود آدم حديثه إلى الممرضة .. "أنا أشعر أني بخير .. هل يمكنني الخروج؟" .. فحدثته الممرضة مبتسمة .. " نعم تستطيع الخروج في أي وقت أنك تعاني فقط بعض السحاجات والحروق من الدرجة الأولى.. أيام قليلة وسف تتعافى كليًّا .. " فنظر آدم إلى الجميع وحدثهم بهدوء .. "أنا آسف لكم جميعًا .. ولكني أشعر بالرغبة بالنوم الآن .. هل أستطيع أن أختلي بنفسي قليلًا .. " ابتسمت امُّه بفرح .. " حسنًا يا حبيبي .. فلتنم مثل ما تريد .. سوف أنتظرك بالخارج، أنا ومراد لكي نطمئن عليك وتخرج معنا بإذن الله".

فهَزَّ آدم رأسه لهم .. وبدأ الجميع بالانصراف .. فنادى آدم على مراد .. " .. فلتنتظر قليلًا مراد .... أريد أن أحدثك في أمر ما".

فتوقف مراد وهو يبتلع ريقه .. وبدأ الجميع في الانصراف وتبقَّى آدم مع مراد بمفردهما .. فصرخ آدم بقوة في مراد غاضبًا:

"أريدك أن تخبرني كل شيءٍ الآن .. من ذلك العابث وما علاقتكم به .. وكيف تورطت في ذلك الأمر؟" .. أشار مراد إليه بيده قلقًا .. "اهدأ .. اهدأ يا آدم .. أخفض صوتك حتى لا يسمعك أحد .. وأنا سوف أخبرك كل شيء الآن .. " .. اعتدل آدم في جلسته وهو يحدث مراد باقتضاب .. " تحدث سريعًا .. وأخبرني كل شيء ولا تغفل أي تفاصيل .. " .. جلس آدم على أحد المقاعد بالقرب من سرير آدم وهو حزين .. "لقد كان الأمر كله لعب ودعابة يا آدم .. أحد اصدقائي يُدعى سعيد .. أنت تعرفه .. سعيد تحدث معي ذات يوم عن مجموعة ألعاب ينظمها شخص يُدعى العابث .. وإذا ربحت في تلك الألعاب سوف يحقق لك ما تطلب أيًّا كان طلبك ذلك .. لم آخذ كلامه بمحمل الجد .. وذهبنا واشتركنا في تلك الألعاب .. لعبنا عدة ألعاب كانت في بدايتها سهلة، ولكن بعد ذلك أصبحت أكثر صعوبة .. ومن يفشل في الفوز في تلك اللعبة يموت في الحال .. أنا فزت في أربع لُعبات وشاهدت جميع أصدقائي يفشلون ويموتون أمامي .. وفي اللعبة الخامسة تأكدت أني سوف أموت، فقمتُ بالاتصال بك لكي أخبرك عن العابث، ومن ثم تحاول أنت أن تنتقم منه .. " ابتسم مراد بفرح شديد .. " ولكني لم أعلم أنك بدلًا من أن تنتقمَ لي .. أنك سوف تشارك بدلًا مني لكي تنقذني .. " ..هَزَّ آدم رأسه غاضبًا .. "إذًا أنت تعلم بما حدث .. وأني أنقذتُك .. وأنت لم تحاول حتى أن تخبرني بمدى خُطورة ذلك العابث .. وكنت تتجاهل اتصالاتي ولقاءاتي بحجج كثيرة .. ألم تستطع أن تترك رسالة واحدة تخبرني بها أي تفاصيل عن ذلك المجنون؟!" .. وقف مراد غاضبًا .. " هذه كانت شروطه يا آدم .. لو أخبرتُك عنه سيقتلنا جميعًا .. وبخبرتي مع العابث ذاك .. فإني متأكد من شيئين .. أنه شخص مجنون إلى أقصى درجةٍ .. ولكنه يحتفظ بوعده وكلمته .. "

آدم هز رأسه بلا مبالاة .. " حسنًا .. حسنًا .. فلتخبرني بأي تفاصيل عنه .. كيف شكله؟ أين يسكن؟ مَن قابلكم؟ ما النمط الذي يتبعه في تلك الألعاب؟ هذه الأشياء مهمة جدًّا بالنسبة لي .."

"صدقني يا آدم .. أنا لا أعلم عنه أي شيءٍ بتاتًا .. حتى سعيد الذي أدخلني إلى تلك الألعاب هو أول شخص قد مات .. ولم يرَه أحد أو يقابله قط .. جميع اتصالاته بنا .. كانت تظهر فجأةً على هواتفنا .. وليس له نمط معين .. مستحيل أن تتوقع ماذا ستكون اللعبة القادمة؟ وهل ستكون سهلة أم صعبة؟ ولكن الذي أعلم أنه لم تقابلنا لعبة أنا وأصدقائي في مستوى اللعبة التي حدثت معك بالأمس .. لم يتصارع شخص قط مع ثلاثة أسود بل ينجُ بالفعل .. أنت ما زلت يا آدم تبهرني كل يوم عن بما تفعله .. كيف استطعت أن تنجو منهم؟" ابتسم آدم وهو يغمز بعينه إلى مراد .. "لا تقلق يا أخي الصغير .. لن يستطيع عابث أو غيره من اي يقف في وجه اخيك .. وبالرغم من عدم وجود اي معلومات عن ذلك العابث ولكني أمتلك خطة ترتسم في عقلي لمواجهته بالفعل .. ولكن لتنفيذها أحتاجك أن تذهب أنت وأمي إلى مكان أمن خارج مصر .. سوف أخبرك بالتفاصيل لاحقًا .. ولكن أخبرني أولًا عمَّا أخبرت به الشرطة .. وأين ذهبت تلك الأسود؟ وهل هناك حديقة حيوان فقدت أسود من قبل؟"

"نعم بالفعل .. هناك حديقة حيوان خاصة اختفت منها تلك الأسود بالفعل .. أما بالنسبة للشرطة .. فقام عدد كبير من الجيران بإبلاغ الشرطة عن مشاهدتهم وسماعهم لصوت أسود .. وبالطبع أنت تعلم أنك تقطن بمكان به أشخاص مهمون في البلد، فاهتمت الشرطة بالبلاغات وبالفعل وجدوا تلك الأسود تركض في شوارع المدينة فاصطادوها بأكملها وخدروها ولكن لا أعلم ماذا تفعل بهم الشرطة الآن .. وعندما سمعتُ ما حدث لك .. توقعتُ أنه بفعل العابث، ولم أرغب بالحديث إلى الشرطة لأنهم لن يصدقوني حتى لو أخبرتهم .. " .. هَزَّ آدم رأسه " حسنًا ما فعلت .. بهذه التكنولوجيا والإمكانات التي يمتلكها هذا العابث لن يستطيعوا أن يقفوا في مواجهته .. المهم .. أريدك أن تتصل بالمهندس رأفت حالًا ليأتي لمقابلتي .. لأن هناك تعديلات مهولة سوف أجعله يقوم بها في ساعة المصباح .. لأنها سيكون لها دورًا كبيرًا جدًّا في معاركي مع العابث هذا .. "

تستطيع قراءة الرواية كاملة و أعمال أخرى من نفس الكاتب، على الموقع الرسمي: 👉 eslamabdallah.com

2025/05/23 · 3 مشاهدة · 1392 كلمة
ESLAM ALABETH
نادي الروايات - 2025