قبل ساعة من الآن .. في منزل مكون من دورين بنظام الدوبلكس في منطقة 6 أكتوبر .. كانت تقام الحفلة السنوية .. التي تُقامُ احتفاءً بمرور 4 سنوات على إنشاء شركة المستقبل للتكنولوجيا والمعلومات (ش.م .ت .م) .. التي أنشأها (آدم عاصم) .. وهو شاب وسيم في أوائل الثلاثينيات .. أبيض اللون .. له ملامح شرقية .. تزين وجهه لحية صغيرة مُنمقة .. يرتدي نظَّارةً شفافة للزينة أكثر منها طبية .. يمتلك جسدًا ضخمًا ومتناسِقًا .. طوله 184 سم، ووزنه 95 كم .. يرتدي بدلة كاملة فاخرة .. يمشي متهاديًا مفتخرًا بنفسه .. في وسط لفيف كبير من النساء والرجال من صفوة المجتمع .. الذي أصبح منهم في ظرف سنوات قليلة ..
يتنقل كالنحلة بين الزهور .. يحيي هذا ويتحدث مع هذا .. يُراقِص هذه .. ويجامل تلك .. لا يقف في مكانٍ واحد أكثر من 10 دقائق .. يترقب بعينه ويتأمل جميع الشخصيات الموجودة بمنزله الآن .. يشعر الفخر والزهو عندما يتذكر بعض هؤلاء عندما كان يراهم في التلفاز منذ سنوات قليلة .. ويتمنى أن يتقابل لحظاتٍ مع أحدهم ليساعده على أفكاره واختراعاته ..
ولكنهم الآن في منزله وبين يديه .. يتمنون لقاءه ومشاركته بعض أعماله .. ولكم كان يشعر بالزهو وهو يرى نظرات النساء حوله والفتيات وهنَّ يفترسنَه بأعينهنَّ .. وذلك ليس لوسامتِه وشبابه فقط ولكن لرصيده بالبنوك الذي تعدَّى ستة أصفار منذ وقت طويل .. وهو ما زال في ريعان شبابه .. حلم معظم الإناث .. شاب وسيم ولديه الكثير من الأموال .. فكان آدم يعلم هذا، ويتصرف معهنَّ من ذلك المنطلق .. لمحت عيناه فتاةً جميلة ترتدي فستانًا أحمر طويلًا للسهرة تقف مع والدتها .. وتركتها في الحال عندما لمحت ابتسامة آدم وهو ينظر لها .. فتوجهت إليه سريعًا وهي متأنقة متألقة مُغترَّة بجمالها الذي لا يوجد له مثيل في تلك الغرفة في ذلك الوقت، وعكس ما يحدث في الطبيعة دائمًا.. هي من بدأت بالحديث إليه .. "هل أستطيع أن آخذ من وقتك بضع دقائق .. يا أستاذ آدم؟"
نظر إليها غير مبالٍ .. " لا بأس .. إن كانت بضع دقائق فقط.. "
شعرت الفتاة بالإحراج، ولكنها أكملت حديثها على مضض .. " هل تتذكرني .. أنا كاميليا سالم .. التي قابلتك من قبل مع والدي أثناء مشروع الإسكان البيئي .. "
" نعم .. نعم لقد تذكرتك .. أنتِ ابنة المهندس سالم، لقد تذكرت الآن .. كيف حالك؟ ولماذا لم يحضر أبوكِ الحفل، لقد بعثت بدعوة له لكي يحضر".
"للأسف لم يستطع الحضور لظروف خاصة به .. ولكنه قد بعثني أنا ووالدتي لكي نحضر الحفل بدلًا منه .. "
" حسنا لقد أنرتِ الحفل بوجودك أنتِ ووالدتك .. "
"شاكرة لك كثيرًا".. مرت بعد ذلك عدة لحظات وبدأ آدم ينظر حوله بلا مبالاة .. وكاميليا واقفة بجواره دون أن يفتح أحاديث معها أو يُبدي لها اهتمامًا .. وبدأت تلمح نظرات الفتيات غريماتها ينظرن إليها وتعلو فوق وجوههن نظرات التشفي والفرح، وبدأت الأحاديث الجانبية تنتشر والأصوات تعلو .. فقررت كاميليا أن تتخذ خطوات أكثر جرأة مع آدم لتقطع الطريق أمام غريماتها من المنافسات الأخريات .. فحدثته بسرعة ولهفة "أنا .. لقد ابتعت كل منتجات الشركة التي أنتجتها .. دائمًا ما أكون في الصفوف الأولى لأبتاع منتجاتك .. لأني أريد أن أدعمك .. لأنك شابٌّ مجتهد .. وأنا فتاة من طبعي دائمًا أن أكون خلف أي شخص مجتهد وأدعمه".
نظر لها آدم وابتسم وهو يهز رأسه "أشكرك .. أشكرك .. " وعاد ينظر أمامه وهو يرقب من طرف عينيه علامات الحسرة والضيق تعلو وجه كاميليا .. وجال بنظره إلى الفتيات في الحفل وهم يردن أن يلتهمنه بأعينهن .. وشعر بالثقة والغرور يمتلئ داخله فعبر عنهم بابتسامة رضا كبيرة علت وجهه .. ثم عادت كاميليا مرة أخرى بحديثها إليه .. فنظر إليها وأصغى إليها وابتسامته تعلو وجهه أكثر فأكثر .. فبادرت كاميليا بسؤاله بطريقةٍ مباشرة .. "لماذا لم تتزوج حتى الآن".
فلمعت عين آدم في الحال لأنه كان ينتظر هذا السؤال من كاميليا منذ بداية حديثها .. فأجاب بسرعة وبدون تردُّد:
"لأني لم أجد من تستحق أن تتزوجني"، فنظرت إليه كاميليا نظرات باهتة وهي تشعر أن كلامه مس كرامتها فارتفع حاجبها ومططت شفتها العليا إلى اليمين قليلًا وتحدثت بحدةٍ: "كيف لم تجد مَنْ تستحق أن تتزوجك؟ ألا توجد امرأة أعجبتك في مصر كلها؟ .لماذا .. هل أترى نفسك تعلو فوق باقي البشر؟"
ابتسم آدم أكثر وهو يشعر بالفخر وهو يري كاميليا غاضبة ومحتدة .. "نعم أنا أعلو فوق باقي البشر .. لا تغضبي .. لا تشعري بالإهانة .. فلتضعي نفسك مكاني لحظاتٍ .. وتخيلي نفسك الآن .. آدم عاصم .. شاب في مقتبل حياته .. يسهم سنويًّا ب 0.3% من التكنولوجيا الموجودة بالعالم كله .. يملك 203 براءة اختراع باسمه وباسم شركته التي صنعها من العدم، وأصبحت في ظرف سنوات قليلة من الشركات المعروفة في العالم كه .. فلتفكري الآن بالزواج .. مَن ستتزوجين؟ هل ستتزوجين من فتاة مشهورة لكي تحصلي على الشهرة .. لا.. فآدم عاصم لا يحتاج الشهرة .. هل ستتزوجين من أجل الأموال .. لا فهو عنده من الأموال الكثير التي تتزايد في كل دقيقة.. هل من أجل الجمال والشباب .. يستطيع بسهولة أن يحظى من ذلك بالمئات .. فأخبريني لماذا .. أتزوَّج .. ما سوف تضيفه أي امرأة إلى اسم آدم عاصم .. لن تضيف شيئًا .. مهما تكن مشهورة أو غنية أو جميلة .. أليس كذلك أيتها ..الجميلة؟!" نظرت له كاميليا لحظات ثم دفعته بيديها غاضبة وتركته وانصرفت وظل آدم يراقبها وهو مبتسمٌ.. مستمتعًا من رد فعلها .. فجأةً قطع لحظة استمتاعه تلك شابٌّ في عمره تقريبًا يقف أمامه وهو يرتدي ملابس الويتر المعتادة ..
هل تريد قراءة أعمال أخرى من نفس الكاتب؟ اكتشف روايات ومقالات حصرية على الموقع الرسمي: 👉 eslamabdallah.com