لماذا .. أتزوَّج .. ما سوف تضيفه أي امرأة إلى اسم آدم عاصم .. لن تضيف شيئًا .. مهما تكن مشهورة أو غنية أو جميلة .. أليس كذلك أيتها ..الجميلة؟!" نظرت له كاميليا لحظات ثم دفعته بيديها غاضبة وتركته وانصرفت وظل آدم يراقبها وهو مبتسمٌ.. مستمتعًا من رد فعلها .. فجأةً قطع لحظة استمتاعه تلك شابٌّ في عمره تقريبًا يقف أمامه وهو يرتدي ملابس الويتر المعتادة .. قميصًا أبيض وبنطلونًا أسود وببيونة سوداء حول رقبته ويحمل صينية فضية وعليها بعض أنواع الطعام .. وقف أمام آدم، ومَدَّ يده إليه وصافحه وهو يبتسم له .."إني سعيد .. إني سعيد لمقابلتك يا أستاذ آدم"، فابتسم له آدم وصافحه هو الآخر.
"أهلًا .. أهلًا بك،" قالها آدم وهو ينظر إليه مستغربًا .. لماذا توقف هذا الويتر عن عمله فجأةً في خدمة ضيوفه .. ووقف يصافحه .. ولكن جاءته الإجابة سريعًا عندما حدثه الشاب مرتبكًا .. "أنا .. أنا .. لست جرسون في الحقيقة يا دكتور آدم .. أنا قرأت كثيرًا عنك وعن أبحاثك .. وتقريبًا أصبحت ملمًّا بكل شيءٍ حولك .. "
هَزَّ آدم رأسه بارتياب .. "أنت لست جرسونًا .. وملمٌّ بكل شيء حولي .. إذًا مَن أنت؟"
الشاب وقف مرتبكًا .. وهو يحمل الصينية الفضية في يده .." أنا .. أنا .. أنا آسف .. اعذرني.. لحظات .."
ثم اتجه إلى المائدة بجواره ووضع عليها صينية الطعام .. وعاد مُسرعًا ومسح يديه في ملابسه، ووقف أمام آدم مرةً أخرى، ومدَّ يده ليصافحه مرة أخرى .. فصافحه آدم وهو متعجبٌ من أمره .. فتابع الشاب كلماته لآدم وهو سعيد .. "أنا .. الدكتور مازن توفيق .. حاصل على ماجستير ودكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة عين شمس .. ولقد حاولت كثيرًا أن أُقابلك .. لأني أعلم أنك تقوم بتمويل البحوث العلمية في شتى المجالات .. وأردتُ أن أعرض عليك البحث العلمي الخاص بي .. ولكنك منشغل دائمًا .. ومختفي وبعيد المنال .. ولقد حاولت مرارًا أن أغتنم موعدًا معك فلم أستطع ولذلك .. قمتُ بالتنكر في زي جرسون وبدأتُ العمل في حفلتك تلك الليلة .. لكي أستطيع مقابلتك .. "
نظر مازن إلى وجه آدم قلقًا .. يحاول أن يستشفَّ منه رد فعله .. وهو يتوقع منه أنه سوف يغضب بشدة منه .. ولكنة ابتلع ريقه في الحال وهو يطمئن نفسه .. بأنه سوف يكون أدَّى ما عليه وحاول أن يحقق حلمه .. وليكن ما يكون .. نظر آدم إلى مازن عدة لحظات مُتفرِّسًا ملامحه .. ثم أشار إليه بيده .. "فلتتبعني .. " .. ثم تركه وصعد درجات السلم التي على يساره ليصعد إلى الطابق العلوي .. نظر مازن حوله في قلقٍ ثم اتبع آدم وصعد معه إلى الطابق العلوي الذي وجده يشبه الطابق الأول، ولكن به خمس غرف كبيرة، دخل آدم ثالث غرفة منها ودخل وراءه مازن ليجد مكتبةً كبيرة مليئة بالكتب والمراجع، وبعض القطع من الأجهزة والمنتجات التي أنتجتها شركة آدم .. ومكتب ضخم كبير، وأمامه جهاز صغير يشبه التلفاز .. فجلس آدم إلى المكتب، وطلب من مازن أن يجلس أمامه .. فجلس في الحال .. فابتسم آدم وهو يحدثه .. "لقد تركت الحفلة الخاصة بي من أجلك يا مازن .. فلتطلعني على ما بجَعبتك .. وأتمنى أن يكون شيئًا شائقًا ومُثمرًا .. "
فابتسم مازن وشعر بالفرح الشديد .. "هل .. هل ستترك حفلتك وتستمع إلى بحثي الآن يا دكتور آدم .. ؟"
نظر إليه آدم متعجبًا .. " هذا ما فعلته الآن .. هيَّا أخبرني ما تريد .. فأنت تعلم أن الوقت من ذهب .. وإذا كنت قرأت عني كما قلت من قبل .. فلا داعي لكي أخبرك كم أنا منشغل بأعمالي .."
هزَّ مازن رأسه فرحًا .." أعلم، أعلم يا سيدي .. لكن قبل أن أبدأ في طرح بحثي .. أريد أن أسألك سؤالًا شخصيًّا خاصًّا بك .. قد أرَّقني كثيرًا، ولم أجد له تفسيرًا .. وأتمنَّى أن تشرحه لي .. "
أمسك آدم ذقنَه بفضول وهو يُداعبها .. "ما سؤالك .. ما الشيء الذي فعلته وشغل بالك لدرجه أنه يؤرقك .. "
" حسنًا .. سؤالي هو: كيف تركت معهد ماساتشوستس -MIT .. إنه حُلم كل باحثٍ وعالمٍ أن يدرس به؟! فإن معهد ماساتشوستس للتقنية .. مُصنَّف على أنه من بين أعلى مئتي جامعة بالعالم، ويدرس بين أعضاء هيئة تدريسه 64 عالمًا حاصلين على جائزة نوبل في مختلف العلوم والمجالات .. وأنا لن أسألك عن كيف استطعت الالتحاق به مع أنه شيء صعب للغاية .. ولكن الأدهى من ذلك أنك تركت الدراسة به .. "
ضحك آدم بصوتٍ عالٍ أثار حيرة مازن .. ثم حدثه بهدوء .. " هل هذا هو ما يؤرقك يا صديقي .. حسنًا .. سوف أخبرك .. لقد تركتُ معهد ماساتشوستس لعدة أسباب .. أهمها .. تعالي بعض هيئة أعضاء التدريس على الطلبة وأنا منهم بالطبع .. وهذا ما لا أستطيع أن أتحمله .. ثانيًا حالتي المادية في ذلك الوقت .. فتركت المعهد بعد أول سنة .. واتجهتُ إلى معهدٍ آخر في نظري هو أفضل وأحسن منه .. وهو المعهد الهندي للتكنولوجيا في البنجاب - EIT ..وهو واحد من خمسة عشر معهدًا تكنولوجيًّا موجودًا بالهند .. وتلك المعاهد هي التي صنعت الثورة التكنولوجية في الهند الآن .. لقد وجدت في ذلك المعهد العلم الذي أريدُه، وأحدث الأبحاث والتطبيقات الموجودة بالعالم .. تلك المعاهد لا تقلُّ بحال من الأحوال عن معهد ماساتشوستس .. إن لم تكن أفضل منه .. ولماذا درست في مقاطعة البنجاب بالذات؟ لأشياء كثيرة خاصه بي منها ..الأموال والطقوس الدينية والمساحة وعدة أشياء أخرى .. ولقد اكتسبت من تلك التجربة الكثير والكثير .. وكانت أحد أسباب ما قد وصلت إليه في تلك المرحلة .. حسنًا فلتدعك مني الآن .. ولتحدثني عن بحثك .. وأنا على أتم الاستعداد في تمويله مباشرةً من الآن .. بعدة شروط .. أهمها أن يكون قابلًا للتطبيق على أرض الواقع".
اعتدل مازن في جلسته وهو فرح للغاية .. " لا تقلق .. لا تقلق .. إنه قابل للتطبيق وبدأتُ به بالفعل .. ولكن ينقصه التمويل، إن بحثي العلمي هو عن توفير علاج لواحد من أخطر الأمراض التي عرفتها البشرية .. إلا وهو مرض السرطان .. "
آدم ترقَّب حديثه وهو يهز رأسه باهتمام .. فعاود مازن حديثه وهو ممتلئ بالحيوية والنشاط ..
"والسرطان في عجالة سريعة هو مرض ناتج عن نمو غير منتظم للخلايا .. حيث تنقسم الخلايا وتنمو دون أي سيطرة عليها .. فتشكل ورمًا خبيثًا، ثم تغزو الأنسجة المجاورة لها .. وللسرطان أكثر من 200 نوع .. تتشابه في النشاءة .. وتختلف في أماكنها وتوزيعها .. نأتي لذكر أهم جزء في حديثنا عن السرطان .. وهو الجزء الخاص بالعلاج .. فعلاج السرطان شهد طرقًا كثيرةً منها ..
العلاج الجراحي: وذلك عن طريق إزالة الورم من الجسد قبل أن ينتشر في سائر الجسد .. ولكنه إذا انتشر يصبح من المستحيل التدخل الجراحي حينها ..
العلاج بالأشعة: حيث يدمر العلاج الإشعاعي السرطان بتسليط أشعة جاما ذات الطاقة العالية على الخلايا السرطانية مما يخرب الجزيئات التي تشكل الخلايا السرطانية ويقودها إلى الموت الذاتي ولكنه يعيبه أنه يترك آثارًا جانبية شديدة لأن حزم الأشعة ستُدمر أيضًا الخلايا السليمة.
العلاج الكيميائي: وفيه يتم استخدام المواد الكيميائية لتوقف عملية انقسام الخلايا عبر تخريب بروتيناتها أو DNA الخاصة بها مما يدفعها للموت الذاتي أيضًا، ولكن له الكثير والكثير من الآثار الجانبية كفقد الشعر والغثيان والتعب والآلام الشديدة المصاحبة لعملية العلاج.
العلاج الهرموني: وهنا يتم استخدام التغير في مستويات إنتاج الهرومان في الجسم ولكنه .. أيضًا له العديد من الأضرار والآثار الجانبية .. ولم يتبقَّ إلا العلاج المناعي .. الذي يتم فيه العلاج عن طريق تقوية الجهاز المناعي للإنسان بتركيز قوي وشديد جدًّا في أماكن العضو المصاب بالسرطان .. وهذا ما نويتُ أن أقوم بتطبيق أبحاثي عليه .. حيث بحثي قائم عن طريق تقديم المعاملات الك..."
هل تريد قراءة أعمال أخرى من نفس الكاتب؟ اكتشف روايات ومقالات حصرية على الموقع الرسمي: 👉 eslamabdallah.com