أوقف آدم حديث مازن فجأةً ببضع كلماته قالها بصوتٍ عالٍ.."إليكتريك فايكلز" فتوقف مازن عن الحديث .. ونظر إليه مستغربًا فتابع آدم حديثه "إليكتريك فايكلز .. إليكتريك كارز .. السيارات الكهربائية .. سمعت عنها من قبل، أليس كذلك؟!"

فهز مازن رأسه مصدقًا لي كلامه .. "نعم السيارات الكهربائية لقد سمعت عنها بالطبع".

تابع آدم حديثه إلى مازن .. "عندما كنت في معهد ماساتشوستس .. أخبروني بقصة طريفة .. حيث قد قرر بعض تلاميذ المعهد بتصنيع السيارات الكهربائية .. وجعلها في متناول أيدي الجميع لما لدي السيارة الكهربائية من مميزات كثيرة، أهمها الحفاظ على البيئة واستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة .. ووضعوا سقفًا زمنيًّا لتلك العملية ..عشر سنوات .. في غضون عشر سنوات فقط سوف تغزو السيارات الكهربائية جميع العالم .. ويصبح لدى الجميع سيارة كهربائية آمنة ونظيفة .. خطة رائعة ومتميزة بالفعل وسهل تطبيقها في خلال العشر سنوات القادمة .. أتعلم متى بدأ الطلاب في تنفيذ تلك الخطة .. عام 1972 .. لم يمر فقط عشر سنوات على خطتهم .. بل مر أكثر من 45 عامًا .. ولم يتم تنفيذ مشروع انتشار السيارة الكهربائية .. تعتقد لماذا..؟"

نظر إليه مازن متعجبًا .. " هل كانت التقنية صعبة لهم .. "

هَزَّ آدم رأسه نافيًا .. " على العكس .. فهناك الكثير من التطبيقات لتلك السيارة .. وأسهلها أن يتم استبدال المحرك الأصلي للسيارة ووضع محرك كهربائي مكانه .. وهذه أسهل طريقة لتحويل السيارة من العمل بالوقود البترولي إلى الكهرباء والحفاظ على مكونات السيارة دون تغيير .. ولن ينتج عن ذلك أيُّ مشكلات أو تلوث للبيئة .. حتى ولو كان ذلك عائقًا في الماضي .. أصبح في منتهى السهولة الآن .. إذًا لماذا لم تنتشر السيارات الكهربائية .. "

هز مازن كتفيه مستسلمًا .. "لا أعلم لماذا .. "

" حسنًا سأخبرك .. لوجود شركات النفط العملاقة .. التي أصبحت متحكمة في معظم القوانين والتشريعات بالدول الكبرى والتي بدورها تقضي علي أي فكرة أو تطبيق يجعلهم يخسرون استثماراتهم .. حتى ولو كان ذلك المشروع الأفضل للبيئة والبشرية بأكملها .. كالسيارات الكهربائية .."

حدثه مازن بحيرة شديدة .. " وما دخل ذلك بحديثنا يا سيد آدم .. لم أفهم منطقك .. "

هبَّ آدم واقفًا من مكانه وتقدَّم جهة مازن الذي هبَّ واقفًا هو الآخر احترامًا له .. وبدأ آدم يتابع حديثه وهو يتهادى في الغرفة ذهابًا وإيابًا ..

.. "أيُّ تقدُّمٍ في أيِّ مجال في ذلك العالم يرجع لوجود دافع وراءه .. وينقسم هذا الدافع إلى قسمين .. دافع داخلي .. ودافع خارجي .. فلننظر مثلًا إلى شخص بدين .. يأكل بشراهة شديدة .. سقط يومًا مريضًا بسبب السمنة المفرطة .. ووجد أنه سوف يموت إن لم يُنقِص وزنه .. وبالفعل قام بإنقاص وزنه .. وهنا حقَّق هدفه وهو خسارة الوزن عن طريق الدافع الداخلي لديه، وهو أن ينقذ نفسه من الموت .. ولكن لنفرض أنه لم يمرض مثلًا .. ولكنه أعجب بفتاةٍ نحيفة وجميلة .. فسوف يبدأ بعلاج نفسه من السمنة لكي تعجب الفتاة النحيفة بجسده .. وبالفعل يصبح نحيفًا.. ويتخلص من السمنة ولكن ذلك ليس برغبة من داخله . فلا يوجد هنا دافع داخلي .. بل من أجل الفتاة .. من أجل دافع خارجي .. ولكن سواء إذا كان الدافع داخليًّا أم خارجيًّا فهناك دافع قد جعله يحقق هدفه .. وفي حالتك أنت أعتقد أنك درست الكيمياء الحيوية .. وبدأت دراستك والبحث عن العلاج للسرطان بسبب دافع داخلي .. هل والدتك أو والدك مريض بالسرطان .. "

يحدثه مازن بأسًى .. "أختي الصغيرة .. عمرها سبعة عشر ربيعًا .. وتتألم بشدة من ذلك المرض اللعين .. "

توقف آدم عن الحركة وهو يبستم لمازن .. "أرأيت .. هذا هو دافعك للبحث عن علاج السرطان .. هذا هو الدافع الداخلي لديك .. وكما ترى أنا لست مصابًا به أو أُصيب أحد أقاربي .. إذًا أنا ليس لديَّ دافع داخلي لتحقيق هذا الهدف .. إذًا لماذا أموِّل بحثك ..؟"

بدأ مازن يتعرَّق ويرتبك وهو يفكر في حل نظرًا للتغير في مجريات الحديث لدى آدم .. فابتلع ريقَه وهو يشير إليه بسبابته ..

"سوف أخبرك يا سيد آدم .. إذا لم يكن لك دافع داخلي يدفعك لتمويل بحثي .. فأنت بالتأكيد لك دافع خارجي .. وهو أن يكون لك الفضل والشهرة بأنك أول من ساعد في القضاء على هذا المرض اللعين .. سوف يشار إليك بالبنان في العالم كله.. "

ابتسم آدم بسخرية .. " وهل تراني أحتاج إلى شهرة .. فأنا بالفعل يٌشار إليَّ بالبَنان .. أنا لا تعنيني الشُّهرة في شيءٍ .. أنا تعنيني الأموال .. كم سيكلف تمويل بحثك تقريبًا .."

نظر إليه مازن مترددًا .. ثم أخرج ورقة من جيب بنطاله وفردها بين يديه وتقدَّم جهة آدم ليريه إيَّاها .. " حسنًا .. ليس الكثير، ليس الكثير .. "

تجاهل آدم الورقة التي في يده، ونظر إلى مازن في عينيه .. "كم سيكلف بحثك؟ وكم سيستغرق من وقت لتطبيقه على الواقع؟"

ابتلع مازن ريقه بصعوبة وبدأت حبات العرق تغزو جبينه وتلعثم وهو يتحدث .. "حسنًا .. سيكلف قرابة الثلاثين مليون دولار وسيستغرق تطبيقه قُرابة الخمس سنوات .. "

" إذًا تريدُني .. أن أدفع ثلاثين مليونًا في تطبيق بحث علمي وحدك أنت .. مَن يُقِرُّ بجدوته .. في مدة خمس سنوات .. هذا إذا كان تقديرك الوقتي صحيحًا .. وأنا عن تجربة أشكُّ في ذلك .. لأن جميع الباحثين الذين عملت معهم قالوا لي ذلك من قبل ولم يحدث".

حدَّثه مازن بثقة .. "أنا واثق بما أقوله .. وتستطيع أن تسأل أيَّ متخصص عن جدوى تطبيق بحثي .. وسوف يتأكد لك صحة حديثي .. ومن الوقت الزمني المحدد له .. "

"أتريد أن تقنعني .. أنك ستكتشف علاجًا لهذا المرض الذي بدأ الإنسان في محاربته منذ القرن التاسع عشر إلى الآن، ولم يستطع أن يهزمه .. وأنت سوف تجد علاجًا له في ظرف خمس سنوات فقط".

بثقة شديدة .. " نعم .. نعم .. أستطيع أن أُنهي على هذا المرض اللعين في ظل خمس سنوات .. فأنت تعلم بالتأكيد أن العلم الآن أصبح متقدِّمًا جدًّا .. وأصبح العلماء قادرين على التغلُّب على أيِّ تحدٍّ .. وفترة الخمس سنوات تكفي وتزيد .. فلتنظر إلى الخمس سنوات الأخيرة ماذا استطاع أن يفعل العلم .. لقد ذهبنا إلى المريخ .. وذهبنا إلى بلوتو .. استطعنا صناعة الإنسان الآلي .. والطائرة بدون طيار أصبحت في متناول الأطفال .. قضينا على مرض أنفلونزا الطيور والخنازير .. تم رفع سرعة الإنترنت 1000 مرة في غضون خمسة أعوام .. نعم أستطيع أن أقضي على المرض خلال خمس سنوات.. "

هل تريد قراءة أعمال أخرى من نفس الكاتب؟ اكتشف روايات ومقالات حصرية على الموقع الرسمي: 👉 eslamabdallah.com

2025/05/13 · 4 مشاهدة · 1029 كلمة
ESLAM ALABETH
نادي الروايات - 2025