5 - كنت أعتقدك من البشر

"أتريد أن تقنعني .. أنك ستكتشف علاجًا لهذا المرض الذي بدأ الإنسان في محاربته منذ القرن التاسع عشر إلى الآن، ولم يستطع أن يهزمه .. وأنت سوف تجد علاجًا له في ظرف خمس سنوات فقط".

بثقة شديدة .. " نعم .. نعم .. أستطيع أن أُنهي على هذا المرض اللعين في ظل خمس سنوات .. فأنت تعلم بالتأكيد أن العلم الآن أصبح متقدِّمًا جدًّا .. وأصبح العلماء قادرين على التغلُّب على أيِّ تحدٍّ .. وفترة الخمس سنوات تكفي وتزيد .. فلتنظر إلى الخمس سنوات الأخيرة ماذا استطاع أن يفعل العلم .. لقد ذهبنا إلى المريخ .. وذهبنا إلى بلوتو .. استطعنا صناعة الإنسان الآلي .. والطائرة بدون طيار أصبحت في متناول الأطفال .. قضينا على مرض أنفلونزا الطيور والخنازير .. تم رفع سرعة الإنترنت 1000 مرة في غضون خمسة أعوام .. نعم أستطيع أن أقضي على المرض خلال خمس سنوات.. "

آدم ابتسم بسخرية .. "إن ما تستشهد به ضدك وليس في صالحك .. فعلى حسب كلامك .. إن التكنولوجيا سوف تصبح أكثر تطوُّرًا خلال الأعوام الخمسة القادمة .. فما يدريك أنه بالفعل لن يتوصل شخص آخر لعلاج السرطان .. ويصبح المال والمجهود الذي بذلناه في أدراج الرياح .. هل تستطيع أن تؤكِّد لي أن ذلك لن يحدث .. في حين أني أستطيع أن أموال أكثر من بحث بذلك المبلغ نفسه ولفترات زمنية أقصر .. وبعامل خطورةٍ أقل .. "

نظر إليه مازن متحيرًا لا يعلم كيف يحدثه أو يُقنعه .. فهزَّ آدم راسه له بهدوء وهو يحدثه .."آسف يا صديقي .. أنا غير مهتمٍّ."

فطأطأ مازن رأسه بحزن .. فرفع آدم سبابته أمامه .. " ولكن .. "

فرفع مازن رأسه فرحًا مُتهلِّلًا .. وظَلَّ يُراقِب آدم وهو يتجه إلى مكتبه ويفتح أحد أدراجه ويخرج دفتر شيكاته .. وكتب عليه مبلغًا نقديًّا ومزقه من الدفتر وتقدَّم إلى مازن وأعطاه إياه .. "أنا سوف أشارك بمبلغ عشرة آلاف دولار منحةً مني في بحثك .. وذلك ليس بسبب اقتناعي بجدوى بحثك .. ولكني لقد أعجبت بطريقة تسلُّلِك إلى الحفلة لمقابلتي .. لقد رأيت بك إصرارًا شديدًا، وسعيًّا لتحقيق هدفك .. وهذا ما أحبُّ أن أراه دائمًا لدى الشباب المصري .. "

نظر له مازن بأسًى شديد وحدثه كمن سيبكي .. "أنت بذلك ستقضي على أمل الملايين من البشر حول العالم .. أنا مُستعدٌّ أن أتنازل عن جميع حقوقي المادية والأدبية لك .. وتستطيع أنت تأخذ الشهرة والمجد على البحث بأكمله .. أنا أريد فقط أن اساعد هؤلاء المرضى التعيسين .. "

لوَّح آدم بالشيك في يده أمام مازن .. " .. كما أخبرتك .. أنا لا أبحث عن الشهرة والمجد ... لأني حققتهم بالفعل ..وأنت لا تريد مساعدة ملايين المرضى الغرباء في أنحاء العالم كما تدعي .. بل تريد مساعدة أختك الصغيرة .. وأعتقد أن المبلغ الذي أعطيتك إيَّاه الآن سيساعد في ذلك .. "

نظر له مازن بعينين مغرورقتين بالدموع .. "للأسف كنت أعتقدك من البشر .. كنتَ لي المثل الأعلى .. كنتُ أريد أن أتبع خطواتك وأحقق النجاح لي ولوطني .. كنتُ أعتقد أنك تمول أبحاث الشباب مثلي حبًّا في العلم ومساعدة للأخرين .. وليس لتحقيق أطنان من الأموال .." وقف أمامه مازن لحظات فتفلتت منه دمعةٌ سقطت على وجنته، فمسحها سريعًا وهو يخرج مبتعدًا من أمام آدم وهو يحمل صدمته وخيبة أمله فوق كتفة .. تنهَّد آدم وهو يشاهد مازن منصرفًا .. فمزَّق الشيك الذي بيده بلا مبالاةٍ وهو يحدث نفسه .. "هذا الأحمق يبكي .. هل كان سيظنُّ أن جميع مشكلاته ستحل بمجرد أنه طبيب ارتدى ملابس الخدم وتسلَّل إلى الحفل .. هل يعتقد أن هذا العالم بتلك السهولة .. إنه لم يُلاقِ جزءًا صغيرًا من الصعوبات التي لاقيتُها في بداية حياتي .. حتى وصلت إلا ما أنا عليه الآن .. هؤلاء الحمقى .."

هَزَّ رأسه متعجبًا وهو يستعد لمغادرة مكتبته ويعود إلى الحفل .. لكنه توقَّف فجأةً عندما سمع صوتَ رنة هاتفه المميزة ترن بقوة وبصخب .. فوضع يده في جيبه ببطء وأخرج هاتفه متأفِّفًا .. "مَن هذا أيضًا .. ؟"

هل تريد قراءة أعمال أخرى من نفس الكاتب؟ اكتشف روايات ومقالات حصرية على الموقع الرسمي: 👉 eslamabdallah.com

2025/05/13 · 1 مشاهدة · 642 كلمة
ESLAM ALABETH
نادي الروايات - 2025