وقفنا وسط المدينة المحطمة، الرماد يتطاير في الهواء، والسماء بلون الدم.

رغم كل ما قدمناه... زارماك لم يمت.

عاد مجددًا من عمق الظلال، أقوى من السابق، وكأن موت تورا أطلق فيه غضبًا أعمى.

"لقد أخذتِ مني عيني... سأخذ منكم كل شيء."

صوته الآن يخرج من كل مكان... ومن كل ظل حولنا.

كايل حاول رفع درع سحري، لكن زارماك سبقه...

**رمح من الظلام اخترق صدره.**

"كايل!" صرخت، وهو يسقط على الأرض، ودمه ينزف بشدة.

ركضت إليه، وضعت يدي عليه، والنار تحاول إغلاق الجرح... لكنها لا تكفي.

روندو، بذراع واحدة، جثا بجانبه، يضغط على الجرح بملابسه الممزقة.

"ابقَ معنا... لا تنم، يا كايل."

---

**الهواء أصبح أثقل.**

سيلفين، التي كانت تحلق فوق المدينة، تحاول إطلاق آخر ما لديها من الرياح… لكن جسدها لم يعد يحتمل.

هوت أرضًا، عاجزة حتى عن التنفس.

الكل يسقط... والظلال تزداد.

وقفت في منتصف الساحة، أراقبهم جميعًا يسقطون واحدًا تلو الآخر، وقلبي يكاد ينفجر.

"يكفي..."

رفعت سيفي...

**واستخدمت النار والبرق معًا.**

الطاقة اندفعت من يدي كعاصفة، شقت السماء، وأشعلت الأرض، وانفجرت حول زارماك في دائرة نيران مرصعة بالشرر.

**لكن... لم يكفِ.**

خرج من اللهب، محترقًا، ولكن واقفًا.

"قوتك... ناقصة." قالها، ورفع يده لتوجيه الضربة الأخيرة.

---

**وفي لحظة توقف الزمن... رأيت شيئًا.**

**رأيت سيلفارا.**

لم تكن هنا بجسدها، بل كصورة من الماضي، تقف على أنقاض قصر قديم، ترفع يديها وتطلق نورًا هائلًا.

في عينيها نفس البرق الذي في عيني...

وفي وجهها شيء يشبهني.

ثم سمعت صوتها:

**"لقد ورثتِ إرثي، إلينورا. أنتِ وريثة الملكة العظمى. وآن الأوان... لاستخدام السحر الأزلي."**

---

**تحرك كل شيء داخلي.**

الشعلة اشتعلت في صدري.

لم تكن نارًا فقط، بل **لهب من سلالة الملوك، ممزوجًا بصواعق السماء.**

جسدي كله توهج.

"أنتم لن تموتوا."

قلت، ووقفت بين زارماك وأصدقائي.

رفعت سيفي...

وتشكلت حولي دائرة سحرية معقّدة، بلون أزرق ذهبي.

**أطلقت أقوى تعويذة هجومية عرفها العالم:**

انفجرت السماء.

صواعق من البرق الملتهب سقطت من كل جانب، ودوامة من اللهب الأزلي اجتاحت الظلال.

زارماك حاول الصراخ...

لكن صوته اختنق داخل النور.

---

**انتهى كل شيء في لحظة.**

زارماك... اختفى.

الظلال تراجعت.

المدينة سقطت في صمت، ولم يتبقَ سوى الدخان.

كايل، جرحه لا زال خطيرًا... لكنه حي.

سيلفين، بدأت تتنفس مجددًا.

روندو، رفع رأسه وهو يبتسم رغم الألم.

أما أنا...

فقد عرفت الحقيقة.

**أنا لستُ فقط شعلة إلينورا.

أنا وريثة النار والبرق...

وريثة الملكة العظمى.**

-

الطريق المؤدي إلى "سيلفانيا" كان لا يزال محفورًا في ذاكرتي… لكن الآن، كنت أعود إليه وأنا مختلفة.

خلفي، سار كايل رغم جراحه، يضع يده على بطنه المغطى بضمادات سحرية.

روندو يسير بصمت، ذراعه المبتورة مغطاة برداءٍ أخضر، كأن الجرح لم يُفقده عزيمته.

سيلفين، رغم التعب، رغم ضيق التنفس، كانت تبتسم لي في صمت.

تورا… لم تعد معنا.

لكن خطواتنا كانت تمضي لأجلها.

---

حين اقتربنا من بوابة المملكة، وقف الحراس بدهشة.

عيونهم اتسعت، وانطلقت صافرات الإنذار.

أحدهم صرخ:

"إنها… الأميرة!"

"إنها على قيد الحياة!"

---

**دخلنا القصر.**

خلفنا، المدينة كلها استيقظت من سباتها.

الحرس، المستشارون، حتى الخدم… كانوا يركضون خلفنا، يتهامسون، يتساءلون.

"هربت منذ أشهر…!"

"ظنناها ماتت!"

"من هؤلاء الذين معها؟"

---

**وصلنا إلى قاعة العرش.**

البوابات العظيمة انفتحت، ووقف الملك هناك… والدي.

تقدّمت، والجميع خلفي صامت.

"أبي…"

تلعثمت، لكنني لم أتراجع.

"أنا لستُ نفس الفتاة التي رحلت."

اقتربت منه، ورفعت رأسي بثبات:

"أنا وريثة الملكة العظمى…

أنا التي تحمل إرث النار والبرق…

إرث العالم القديم."

---

صمتٌ رهيب عمّ القاعة.

حتى الملك لم ينطق.

لكن في عيونه… رأيت شيئًا لم أره من قبل.

**رأيت الخوف.**

2025/04/07 · 2 مشاهدة · 543 كلمة
Eyad Attafi
نادي الروايات - 2025