كل شيء كان هادئًا أكثر من اللازم... وكأن الجدران تخاف تنطق. دخلنا قاعة العرش بثيابنا الممزقة ورائحة المعركة لا تزال تلاحقنا، وأجسادنا بالكاد صامدة. خطواتنا على الأرضية الرخامية كانت أضعف من أن تعبّر عما واجهناه، لكن قلوبنا كانت تهتف بالحقيقة: لقد تغير كل شيء.

وقف والدي هناك، كالصخر، بعينيه اللتين لا تهتزان، ينظر إلينا كأننا مجموعة من الجنود العائدين من مهمة فاشلة.

"لقد عدتم."

نفس نبرته الباردة... لا دفء، لا فخر، لا قلق.

لكن حين وقعت عيناه على كايل... ثم على روندو، تغيّر شيء في ملامحه.

كانت نظرة قصيرة، لكنها تقول الكثير: بشري... وقزم؟ في قصر الجان؟

رفع حاجبه قليلًا، وصوته اكتسب حدّة مفاجئة:

"ومن هما؟"

خطوت للأمام بثقة، رغم أن قلبي كان يخفق بجنون:

"رفاق في القتال... أنقذونا. وقاتلوا إلى جانبنا ضد مخلوقات الظلال."

سكت، وتقدم بخطوة بطيئة نحو كايل. نظر إليه من أعلى، كما يفعل النبلاء مع الغرباء.

"بشري؟"

قالها كأنها تهمة، لا حقيقة.

ثم دار نظره إلى روندو، ومطرقة الأخير لا تزال تقطر من رماد المعركة.

"وقزم..."

همسها، لكنه لم يخف استياءه.

اقترب مني أكثر، صوته صار أكثر جدية:

"إلينورا... جلبتِ دماً غريباً إلى هذه الأرض. هل تعلمين تبعات ذلك؟ التحالف مع من هم ليسوا منّا ليس فقط خطأ... إنه خيانة، في عيون البعض."

نظرت إليه دون أن أرمش.

"أعلم، يا أبي. لكن إن لم نتحد... فلن يبقى شيء نحميه. لا بشر، ولا جان، ولا أقزام."

لحظة صمت. عيناه تتفحصان موقفي. كأنه يرى ابنته لأول مرة.

لكنه في النهاية قال بصوت جامد:

"طلبي مرفوض."

وتحوّل. استدار عائدًا إلى عرشه دون كلمة إضافية.

شعرت بسيلفين تقبض على كمي، فهمت ما تريد قوله من دون أن تنطق.

ووسط هذا الصمت... عرفت قرارنا.

2025/04/07 · 1 مشاهدة · 263 كلمة
Eyad Attafi
نادي الروايات - 2025