الغابة كانت كثيفة، والظلال تمتد بين الأشجار كأنها تتنصت علينا. كنا نركض بصمت، أنفاسنا متقطعة، وكل واحد منا ينظر خلفه بين حين وآخر... نخشى أن نرى أعين الجان تلاحقنا، أو ما هو أسوأ: مخلوقات الظلال.
روندو كان يقودنا هذه المرة. خطواته واثقة، كأنه يعرف كل حجر وشجرة في هذا المسار.
"بعد هذا التل... نكون في مأمن."
نظرت له، عيني ما زالت لا تصدق أن هذا القزم ذو المطرقة، هو الآن طريقنا الوحيد للنجاة.
وأخيرًا، ظهر أمامنا مدخل مخفي... بوابة حجرية غُطيت بالطين والطحالب، بالكاد يمكن تمييزها.
طرق روندو على الحائط ثلاث مرات، ثم تمتم بكلمات بلغة قديمة... فتحت البوابة ببطء، كأنها تتنفس بعد سبات طويل.
دخلنا.
داخل المدينة – "دال-غاروم"، مدينة الأقزام القديمة**
ما إن دخلنا حتى انقلب كل شيء. الأنفاق كانت تتفرع كعروق قلب حجري، مضاءة بشعلات خضراء غريبة. الهواء هنا مختلف... دافئ، محمّل برائحة المعدن والنار.
"مرحبًا بكم في دال-غاروم، آخر معقل للأقزام الأحرار."
قالها روندو، وابتسامة فخر تظهر على وجهه.
اقترب منا قزم مسن، شعره أبيض كرماد المعركة، وعيناه تلمعان كجوهرتين.
"روندو؟! أهذا أنت؟ ظننا أنك... فُقِدت."
ضمّه بقوة، ثم نظر إلينا بحذر.
"وهؤلاء؟"
تكلم روندو بثقة:
"فرسان. مثلي تمامًا. نحتاج ملجأ... وتدريب."
مرت لحظة من الصمت، ثم قال الشيخ:
"اتبعوني."
في أعماق المدينة**
أخذونا إلى غرفة حجرية ضخمة، فيها تماثيل لأبطال منسيين، وسيوف عتيقة، وألواح منسية من التاريخ.
"قبل قرون، قاتلنا الظلال من هنا..."
قال الشيخ، ثم أشار إلى جدار يحمل نقشًا عميقًا:
**"من دال-غاروم... خرج أول من كسر قيود الظلال."**
شعرت بالقشعريرة.
"نحن بحاجة لكم. لكن قبل أن تتعلموا... عليكم أن تُثبتوا أنفسكم."
نظرت إلى إلينورا... ثم إلى كايل وسيلفين. لم نتردد.
"ما المطلوب؟"
ابتسم الشيخ، ابتسامة لا تحمل طمأنينة:
"اختبار النار. من ينجو منه... يُعد جديرًا بالقوة التي نحملها."