كنا نجلس في قاعةٍ منحوتة داخل قلب الجبل، وعلى الطاولة الخشبية المهترئة خريطة قديمة غطّاها الغبار. الشيخ "غاروم" وقف أمامنا، وأشار إلى بقعة حمراء صغيرة في جنوب الغابة.

"هنا... ظهر أول **صدع ظلي**."

نظرت إليه بدهشة: "صدع؟"

أجاب كايل بالنيابة: "فتحات بين عالمنا وعالم الظلال... لم تُفتح منذ عقود."

هزّ الشيخ رأسه ببطء:

"هذا الصدع... ليس كأي صدع. إنه بداية الكارثة، وإن لم يُغلق، فسيتضاعف حجمه حتى يُبتلع المكان بالكامل."

وقفت إلينورا، قبضتها مشتعلة: "إذاً، دعونا نذهب."

---

**انطلقنا قبل شروق الشمس.**

سارت معنا فرقة صغيرة من الأقزام بقيادة محاربة تُدعى **"تورا"**، كانت حازمة، وكلماتها قليلة، لكنها أظهرت احترامًا بعد اجتيازنا الاختبار.

مررنا عبر وادٍ تحيط به الأشجار السوداء، وتزايدت البرودة كلما اقتربنا من موقع الصدع. وصلت إلينا رائحة كريهة، مزيج من العفن والسحر الفاسد.

"نحن قريبون." قالت تورا، وسحبت فأسها.

عند حافة منحدر صخري، رأيناه أخيرًا... **الصدع.**

كان كجرح مفتوح في الأرض، ينبعث منه ضوء أرجواني كثيف، ومن داخله خرجت أولى الكوابيس...

مخلوقات بلا ملامح، أجسادها كالدخان، وأصواتها كصرخات معذبة. تقدّمت بثقل، لكنها كانت تتكاثر مع كل ضربة نوجهها.

"إنها تنقسم!" صرخ روندو، وهو يحطم واحدًا بمطرقته، لينتج عنه اثنان أصغر.

"إذاً علينا الوصول إلى قلب الصدع!" صاحت سيلفين، قبل أن تنطلق بسرعة الريح نحو المركز.

كايل فتح درعًا سحريًا لنا، وأنا... أطلقت أُغنية اللهب الأولى.

انفجار ناري، ممزوج بالبرق، اجتاح الطريق.

"اتبعوني!" صرخت، ونحن نشق طريقنا نحو الصدع.

لم يكن الصدع مجرد فتحة... كان نفقًا يؤدي إلى فراغ مظلم، وفي نهايته وقف أول زعيم ظلي نواجهه...

**"فيلكار"، سيد الشكّ.**

طوله متران، وجسده مشوه، بعين واحدة تتوهج بالأرجوان.

"لقد جئتم... لتفشلوا."

ضحكته كانت كافية لزرع الرعب، لكنه لم يعلم أننا اجتزنا اختبار النار.

---

**المعركة كانت شاقة.**

كل ضربة منه كانت تزرع الشك في قلوبنا، رؤى كاذبة عن خيانتنا لبعض، عن موت أحبائنا، عن فشلنا.

لكننا... قاومنا.

سيلفين دمجت الرياح بالنور، وأعادت تركيز عقولنا.

كايل مزّق الوهم بدرعه.

روندو ثبّته أرضًا...

وأنا... أطلقت **أُغنية اللهب الأزلي – النسخة الأولى**.

صراخه تلاشى، والصدع بدأ ينغلق... ببطء.

---

خرجنا منهكين، لكننا أحياء.

قالت تورا، وعيناها تلمعان بالفخر:

"أنتم حقًا... فرسان الفجر."

2025/04/07 · 1 مشاهدة · 330 كلمة
Eyad Attafi
نادي الروايات - 2025