منذ أن أغلقنا الصدع، والمدن القديمة بدأت تتنفس من جديد... أو هذا ما ظنناه.

لكن الليل الذي خيم علينا تلك الليلة لم يكن طبيعيًا.

كنت جالسة قرب شعلة صغيرة داخل الغرفة الحجرية، أحدق في سيفي. البرق الذي خرج مني في المعركة الأخيرة لم يكن مجرد صدفة... إنه يتمادى، يتوسع، وكأن شيئًا في داخلي يناديه.

"تفكرين كثيرًا."

صوت سيلفين ناعم خلفي.

لم أرد. كنت أخشى الإجابة.

"لا يزال عقلك هناك، في قلب الصدع؟" قالت، وجلست بقربي.

"أشعر أن هناك شيئًا... يتغير فيّ، سيلفين."

نظرتُ لعينيها. "والبرق... إنه ليس نارًا فقط. إنه شيء آخر. لا يمكنني السيطرة عليه بالكامل."

وضعت يدها على كتفي.

"نعم... لأنك لستِ عادية يا إلينورا. وهذا لا يخيفني. بل يخيف من يعادينا."

---

في اليوم التالي، استيقظنا على صوت ناقوس إنذارٍ من ساحة المدينة.

الجنود يركضون، الأقزام يتحدثون بصوتٍ منخفض ومذعور.

ركضنا إلى الساحة لنرى... جثّة أحد الحراس، وعيناه مفتوحتان على اتساعهما، يتساقط منهما رماد أسود.

"مات دون جرح واحد." قال تورا وهي تحدق فيه.

"هذا ليس عمل مخلوق ظلي... بل عمل **عيونهم**."

سألتها: "عيون من؟"

أجابت بكلمة واحدة:

**"الجواسيس."**

---

**جاسوس بيننا.**

أصبحت المدينة القديمة تشك بكل من فيها. بدأ الحراس يحققون مع القادمين والغرباء. لكن الأقزام ليسوا وحدهم المهددين.

"هذا الجاسوس لا يسرق معلومات فقط..." قال كايل وهو ينظر إلى خارطة غرفتنا.

"بل يعرف أماكننا، تحركاتنا، وحتى خططنا القادمة."

شعرت بأنفاسي تضيق.

"يعني... أنه كان معنا؟"

"أو لا يزال معنا." أضاف روندو.

---

في الليل، وبينما كنا نستعد لاجتماعٍ طارئ، اكتشف كايل شيئًا مخيفًا:

علامة خفية على الجدار، مرسومة بلون أسود، لا تُرى إلا تحت ضوء السحر.

رمز يشبه العين... محاطة بسبعة ظلال.

قالت تورا بصوتٍ مرتجف:

"هذا ختم من أختام **المرتبة الرابعة**. أحد زعمائهم هنا... يراقبنا."

---

وفي نفس اللحظة...

انطفأت كل المشاعل.

ظلامٌ دامس اجتاح القاعة.

"تمسكوا!" صرخ روندو، ورفع مطرقته، فأنارت هالة خضراء المكان.

لكن الظلام لم يكن ظلامًا عاديًا... بل ظلٌ يتحرك.

ثم ظهر من بينه **أحد قادة المرتبة الرابعة**…

**زارماك، سيد العيون.**

"لقد تأخرتم." قال بصوتٍ مخنوق.

"رأيت كل شيء… والآن سترون أنكم لم تهربوا من شيء... بل دخلتم في قلبه."

2025/04/07 · 0 مشاهدة · 330 كلمة
Eyad Attafi
نادي الروايات - 2025