الفصل 105 – مملكة أركوندا... أرض العجائب والسماء الطافية
---
المشهد الأول – السقوط بين الغيوم
السماء الرمادية انشقت كما لو كانت ستلفظ روحًا منسية، ومن بين الضباب انهمر جسد ريفان، ممزقًا، يتلألأ حوله خيط أسود يتلاشى في الريح.
الغيوم من تحته لم تكن سحبًا عادية، بل جزرًا طافية في الهواء، تربطها جسور من الحجارة المضيئة، كأنها جسد حيّ ينبض بسحر قديم.
نسيم غريب حمل رائحة الطاقة البدائية، لا تشبه أي سحر عرفه من قبل.
ارتطم جسده بأرض ملساء تشبه الكريستال، وترك أثرًا من الدم والرموز الحمراء المتوهجة.
ظلّ ساكنًا، عيناه نصف مفتوحتين، والكتاب السماوي يدور ببطء فوق صدره كأنه يحميه من فناء محقق.
في السماء، كان هناك سرب من الفرسان المجنّحين يطير على ظهور مخلوقات تشبه التنانين الصغيرة.
رآه أحدهم من بعيد، فأشار بيده نحو الأسفل.
الفارس داريوس: "سيدي! شخص سقط من الصدع السماوي!"
الفارس أرين (بذهول): "هل هو ميت؟ لا… دمه يضيء!"
هبطوا حوله، سيوفهم مشتعلة بنور أزرق، ورياح أجنحتهم تُحدث دوامات صغيرة من الضوء.
حين اقترب أحدهم ولمس ظلال ريفان، اهتز الهواء بعنف، وتراجع الجميع.
الفارس كاين: "إنه غريب… أشعر أن الهواء نفسه يخاف منه."
القائد فالتر: "أحضروا الملك كريتوس… هذا ليس بشرًا عاديًا."
---
المشهد الثاني – وصول ملك أركوندا
على ظهر مخلوق ضخم مكسو بالريش الفضي يُدعى دراغونير، وصل الملك كريتوس، يرافقه الحرس الملكي والملكة إليسا، وابنتهما الأميرة إليزبيس ذات الشعر الفضي والعيون الزمردية.
هبط الملك، ونظر إلى الجسد الراقد أمامه، وارتسمت على وجهه ملامح الحذر والإعجاب.
كريتوس (بصوت عميق): "سقط من السماء، وجراحه لا تشبه أي سحر نعرفه… هل هو رسول أم نذير؟"
إليسا (بهدوء بارد): "نذير، على الأرجح. السماء لا ترسل الهدايا بلا ثمن."
اقترب الملك بخطوات ثابتة، ثم مد يده.
لكن قبل أن يلمس ريفان، انبعثت من جسده موجة سوداء طردت الغبار والغيوم من حولهم.
اهتزت الجزيرة بأكملها، وصاح الحراس ورفعوا سيوفهم.
إليزبيس (بدهشة): "أبي! إنه ينزف من الضوء والظلام معًا!"
كريتوس (بحزم): "لا تقتربوا منه. هذا ليس مخلوقًا من عوالمنا."
ثم أشار إلى القائد فالتر:
كريتوس: "خذوه إلى القصر العائم. عالجوه، لكن أبقوا العيون عليه. إن استيقظ… أبلغوني فورًا."
---
المشهد الثالث – القصر العائم
قصر أركوندا لم يكن قائمًا على الأرض، بل على جزيرة تحوم فوق البحر السماوي.
الأسوار من البلور، والأعمدة تُضاء بتعاويذ طافية، والسماء فوقها تموج بألوان السحر.
تمدد ريفان داخل قاعة من الرخام الذهبي، محاطًا بسبعة سحرة يرتدون عباءات تحمل رموز المملكة.
الساحر زينار: "لا يمكننا استخدام علاجنا المعتاد… دمه يحرق التعاويذ."
الساحرة إلينورا: "إنه لا ينزف دمًا فقط، بل جوهرًا غريبًا… بين النور والعدم."
الساحر إيدروس: "طاقته تفوق موازيننا… إن استيقظ غاضبًا، فالقصر سيتحول إلى رماد."
الطبيب الملكي مارفيان: "إنه حي، رغم أن قلبه لا ينبض كبشر. كأن كيانه نصف حيّ ونصف غياب."
دخلت إليزبيس بخطوات خفيفة، تقترب منه بفضول غريب.
جلست بجانبه، ولمست أطراف شعره الرمادي المتفحم.
إليزبيس (بهمس): "من أنت يا غريب الظلال؟"
الكتاب السماوي الذي يطفو فوق صدره فتح صفحة ببطء، وظهرت فيها رموز متوهجة قبل أن تُغلق مجددًا كأنها تتنفس.
شعرت إليزبيس برجفة تمرّ في جسدها، وتراجعت بخطوة، نظراتها مليئة بمزيج من الخوف والانبهار.
في تلك اللحظة، دوّى صوت من الخارج.
الحارس تيران (يصرخ): "جلالة الملك! سُحب مظلمة تتحرك من الشرق… يبدو أن أعداءنا قادمون!"
---
المشهد الأخير – نذر العاصفة القادمة
خرج كريتوس إلى الشرفة، يحدق في الأفق حيث تتجمع الغيوم السوداء على نحو غير طبيعي.
أمسك سيفه السماوي إسبيريا، وعيونه تتصلب.
كريتوس (بصوت منخفض): "لم أشفِ الغريب بعد، وها هم أعدائي يستعدّون للدم."
أما في الداخل، فقد بدأت عينا ريفان تتحركان تحت الجفن المغلق، كأنهما تريان حربًا قادمة قبل أن تبدأ.
ضوء أحمر خافت بدأ يتسلل من صدره، والكتاب السماوي يرتجف كأنه يسمع صرخة السماء.
السماء نفسها خافت من لحظة استيقاظه القادمة.
---