الفصل 106 – دماء فوق السحب

---

المشهد الأول – سماء أركوندا تشتعل

السماء الطافية فوق مملكة أركوندا لم تعد رمادية كما كانت، بل احمرت كأنها تنزف.

صوت الأبواق اخترق الضباب، والفرسان المجنّحون حلقوا في صفوف متتابعة عبر الغيوم، يطلقون سهامًا متوهجة كالشهب.

في الساحة السماوية، كان الملك كريتوس يقاتل بسيف هائل يشبه شظية نجم، بجانبه الملكة إليسا ترفع يدها، ومن أطراف أصابعها يتجمد الهواء ويتحول إلى جليد ناري.

لكن الهجوم لم يكن عاديًا. فكل خطوة للعدو كانت محسوبة، كل باب يُفتح قبل أن يُؤمر بفتحه. شيء ما كان يوجّههم من الداخل.

كريتوس (بغضب): "كيف اخترقوا دفاعات القصر؟ هذا مستحيل!"

الحارس أرين: "يا مولاي… أحدهم سرب مواقعنا! قوات الشرق دخلت من البوابة الفضية!"

حينها أُسقطت الحقيقة كالسيف في القلب.

تبادل كريتوس وإليسا النظرات، وبدت الصدمة في عينيهما.

في ظلال الأبراج البعيدة، وقف الأميران داركوس ومالريك، يرتديان دروعًا مذهّبة وسيوفًا تحمل نقش العائلة الملكية.

ابتسم داركوس ببرود:

"أخي العزيز ظن أن العرش يورّث بالحق… لكنه يورّث بالقوة."

مالريك: "دع الأعداء ينهكونه، ثم نأتي نحن كمنقذين."

فلاش باك

قبل أيام، في قاعة سرية تحت القصر، كان داركوس يمد خريطة المملكة على الطاولة أمام قادة منتحلين هيئة تجّار.

داركوس (بصوت خافت): "في ليلة القمر الأحمر، ستكون البوابة الفضية مفتوحة. أرسلوا جيوشكم من الشرق، وسأضمن لكم انتصارًا بلا دماء… ما عليكم سوى القضاء على كريتوس."

أحد القادة أومأ، وظهر شعار أجنحة مظلمة على صدره: جيش فالدران، العدو القديم لأركوندا.

---

المشهد الثاني – قاعة الرخام الذهبي

بينما الحرب تشتعل في السماء، كان الهدوء يلف القاعة حيث يرقد ريفان.

الرموز التي كانت تنزف من جسده بدأت تخفت بفضل تعاويذ الساحرة إلينورا، التي كانت تضع يديها فوق صدره وتتمتم بلغة سحرية قديمة.

حولها وقف الطبيب الملكي ميراس، واثنان من السحرة، ليدران وسيلفا، يراقبون بقلق.

ميراس: "نبضه لا يشبه نبض البشر… لكنه يعود شيئًا فشيئًا."

سيلفا: "إنه يستعيد قواه بسرعة غير طبيعية، كأن السماء نفسها تغذيه."

إلينورا (بهمس): "أو العدم يفعل."

اهتزت الجدران، واهتزت معها القاعة بأكملها.

دخل أحد الفرسان وهو يصرخ:

"العدو اخترق البوابة الشرقية! الملك يقاتل بنفسه!"

ثم، من الباب المقابل، دخل رجل يرتدي درعًا ملكيًا لكنه يقطر ظلامًا من أطرافه.

كان داركوس، سيفه ملطخ بدماء فرسان أركوندا.

داركوس (باردًا): "أوه… الغريب لا يزال حيًا. حسنًا، لنتركه يموت مع البقية."

رفع سيفه، لكن قبل أن يهبط، اختفى ريفان. لم يكن اختفاءً عادياً، بل تلاشى إلى شرارات سوداء.

ثم سمع الجميع صوتًا خلف داركوس:

ريفان (بصوت منخفض لكنه يزلزل القاعة): "عين الذهبية – الهيئة الأولى: الانتقال الآني."

دار داركوس، لكن الوقت كان متأخرًا. ظلّ ريفان امتد كأنه كائن منفصل، ومرّ عبر جسده كالعاصفة.

تجمد داركوس في مكانه، ثم انقسم نصفين ببطء، والظلال التهمت بقاياه.

السحرة تراجعوا، مبهورين، وإلينورا وضعت يدها على صدرها غير مصدقة.

إلينورا (بهمس): "لقد شفى نفسه… بالقتل."

---

المشهد الثالث – ظهور الأخ الثاني

بينما وقف الجميع مذهولين، ظهر مالريك، الأخ الثاني، متأخرًا عن داركوس.

حاول الهجوم على ريفان بحقد دفين، لكن ريفان لم يلتفت كثيرًا.

بخطوة واحدة، مد الظلال حوله كالتيار الأسود، وأمسك مالريك كأن جسده انصهر في الهواء، وسقط صامتًا بين يدي ريفان.

ريفان (ببرود): "لم أعد أهتم بأخوتك… مجرد خونة لا يستحقون أي شيء."

ثم تجوّل ريفان بين الجثث، وعاد إلى النافذة الكبيرة حيث أضاءت السماء بالمعركة العاصفة.

---

المشهد الرابع – المعركة فوق الغيوم

خرج ريفان من القصر، شعره يتطاير في الريح، والسماء تمطر شررًا.

في الأفق، كان الملك كريتوس يقاتل العشرات من المهاجمين وحده، درعه مكسور وكتفه ينزف.

صرخة إليزبيس سُمعت من بعيد:

"أبييي!"

حينها ظهر ريفان، متسارعًا كالوميض الأسود.

توقف الزمن لوهلة، ثم انبثقت من حوله دائرة من الرموز الرمادية، وسيوف الظلال هبطت من السماء كالمطر.

كل جندي لم يملك أن يصيح، إذ تمزق جسده قبل أن يدرك ما حدث.

كريتوس (مذهول): "ما هذا…؟!"

ريفان (ببرود): "أعداؤك… صاروا رمادًا."

ارتجت الأرض الطافية.

الملكة إليسا أطلقت سحرًا جليديًا صدّ العدو الباقي، بينما رفع كريتوس سيفه وأمر الجيش بالانسحاب.

انتهت المعركة خلال دقائق، والسماء عادت رمادية.

---

المشهد الخامس – اختفاء مؤقت

بعد أن هدأت المعركة، مشى ريفان قليلاً على الجسر المضيء، جسده نصفه بشري ونصفه ظل ينبض بالرموز الحمراء.

وقف، وعيناه مغلقتان، ثم أغلق نفسه في وعيه، وغاب عن الوعي، كأنه يختفي بين الحياة والعدم، تاركًا الملك والأسرة الملكية في دهشة ورهبة.

ريفان (بهمس): "سأستعيد كل شيء… وأعيد كتابة هذا العالم."

---

2025/11/01 · 0 مشاهدة · 674 كلمة
نادي الروايات - 2025