الفصل السادس عشر – إعلان البطولة العظمى

حين خطا ريفان أول خطوة خارج فم الكهف، شعر كأنه يخرج من حياة إلى أخرى. الريح الباردة لامست وجنتيه، والسماء الشاسعة بدت أكثر اتساعًا مما تذكرها.

مرّ خمس سنوات وهو يغزل في العتمة خيوط قوته الجديدة. أما الآن… فقد جاء وقت الامتحان.

---

إلى جواره وقف فيكتور، عاري القدمين، يرتدي عباءة رمادية قصيرة تخفي جسده النحيل. بدا صغيرًا في السابعة لا أكثر، شاحب الوجه هادئ العينين.

لكن من يعرف أن يتأمل في عمق عينيه الفضيتين… كان سيتراجع بخطوة.

---

نظر ريفان إلى الصبي وقال بنبرة لا تخلو من الدفء: "هذا العالم الذي ستراه الآن… كان يومًا لي. ثم صار قبري. والآن… سنطالب به معًا."

فيكتور عقد كفيه خلف ظهره الصغير. أومأ برأسه: "كما تريد… يا أبي."

---

بعد أيام قليلة…

على أطراف مدينة ميسرا العليا، تدفقت مواكب العائلات الكبرى. الأعلام الملكية ارتفعت، والجنود اصطفوا على جانبي الشوارع.

الكل جاء ليشهد افتتاح البطولة العظمى للورثة السماويين. بطولة لا تُقام إلا كل خمسين عامًا، حيث يتبارز أبناء العائلات الملكية وأصحاب الدماء المقدسة لاختيار الخليفة السماوي للعروش.

---

وسط صخب المدينة، كان الناس يتناقلون الشائعات:

"هل سمعتم؟ وريث أسرة سيلفان وصل." "بل الأهم… أسرة فاليريا أرسلت أميرة الظلال، ليانا بنفسها." "يقال إن قوتها فاقت جيلها بأسره…"

---

في السوق الكبير قرب الساحة، كان ريفان وفيكتور يقفان بملامح غريبة:

ريفان ارتدى عباءة سوداء بخطوط فضية، وأخفى نصف وجهه بوشاح قاتم. فيكتور كان يمسك بيده، عينيه تلمعان بفضول طفولي رغم ثقل الماضي.

مرّا قرب قافلة تجار عبيد، فتعثر أحد العبيد ووقع عند قدمي ريفان. رفع الرجل رأسه المرتجف، فالتقت عيناه الرماديتان عيني ريفان.

ارتعد قلبه دون أن يفهم لماذا. كأنه رأى شبحًا من أساطير غابرة.

---

واصل الاثنان طريقهما دون كلمة. عند مدخل الساحة الرئيسية، وقف حارس ضخم يرتدي درعًا مزخرفًا بالشعارات الملكية. حدق فيهما بنظرة حذرة.

"أسماءكما؟ ومن أي أسرة أتيتما؟"

---

رفع ريفان بصره ببرود. ثم بصوت هادئ قال: "ليس من أسرة."

أشار إلى الصبي الصغير: "أنا وصغيري هنا للمشاركة."

---

ضحك الحارس بسخرية: "صغيرك؟ البطولة للكبار يا هذا. إن لم تملك نسبًا ملكيًا أو توصية سماوية… فلا مكان لكما هنا."

---

هنا فقط… ارتجف الهواء لحظة. فتح ريفان عينه الإلهية بوميض سريع. لم يرَ أحد شيئًا، لكن الحارس شعر ببرودة تخترق نخاعه.

في تلك اللحظة فقط… انحنى من دون أن يدري لماذا: "حسناً… يمكنكما الدخول… باسم 'الوريث المجهول'."

---

حين دخل ريفان وفيكتور ساحة التسجيل، بدأت العيون تلتفت. ملامحه المخفية، الصبي الذي يمسك يده… لم يكن أحد يعرف أن هذا اليوم سيكون أول فصل في صعود شيطانين جديدين.

---

في الصفوف البعيدة، كانت عربة ملكية مزخرفة تقف. بداخلها، جلست فتاة في الثامنة عشرة، شعرها الطويل فضي وعيناها زرقاوان تلمعان بحدة.

ليانا… التي صارت الآن "أميرة الظلال".

كانت تحدق بهدوء نحو الساحة. لا تعرف أن الذي دخل لتوه، هو ذاك الضعيف الذي خانته يوماً… والذي سيحطم عالمها قريباً.

---

رفع ريفان رأسه في تلك اللحظة، كأن شيئًا ناداه. لمح لمحة من عربتها المغلقة. لكنه لم يتوقف.

"لكل شيء أوانه… حتى اللقاء الأخير."

2025/08/03 · 23 مشاهدة · 476 كلمة
نادي الروايات - 2025