️ الفصل السابع عشر – تغيّر العروش
مرّت خمس سنوات… لكنها لم تكن خمس سنوات عادية.
في ذلك الزمن الطويل، ولدت عروش جديدة، وسقطت أخرى. أمراء صغار صاروا ملوكًا. وخائفون صاروا جلادين.
---
مدينة ميسرا العليا – قصر أسرة فاليريا
في بهو عظيم تحت سقف كريستالي، جلست ليانا على عرش منخفض مكسو بالمخمل الأسود. شعرها الطويل صار ينسدل حتى خصرها، وعيونها الزرقاء لا تنحرف عن صرامة لا تعرفها الأميرة التي كانت قبل خمس سنوات.
إلى جوارها، وقفت امرأة عجوز، مستشارة الأسرة، تحدثها بصوت خافت:
"يا مولاتي… تحالف عائلة سيلفان مع عائلة الداميين صار واقعًا. لو لم نحسم أمرنا في هذه البطولة، سنفقد نفوذنا على القارة الجنوبية."
---
ليانا لم تجب فورًا. كانت تحدق في شعلة موقد هادئة أمامها.
"خمسة أعوام…" همست وكأنها تحدث النار لا العجوز.
"كل شيء تغيّر… حتى أنا."
---
مرت لحظة صمت، ثم قالت ببرود: "فليرسلوا الدعوات لكل العائلات الصغرى. من يرفض، سنسحقه بعد البطولة."
انحنت العجوز بسرعة، وغادرت.
حين بقيت وحدها، أغمضت ليانا عينيها. هناك، في زاوية من عقلها، ذكرى ما زالت عالقة كالشوكة:
ذاك الضعيف… الذي خانوه وقتلوه ذات ليلة. أحيانًا كانت تحلم بابتسامته الأخيرة… ثم تستيقظ وهي تكره نفسها أكثر من أي شيء آخر.
---
الساحة الكبرى – مجلس تسجيل الورثة
بينما كانت العائلات تتفاوض وتتهامس، دخل ريفان بخطوات واثقة. خمسة أعوام من العزلة صنعت منه رجلاً لا يجرؤ أحد على النظر لعينيه طويلاً. حتى فيكتور، بملامحه الطفولية، كان يملك هالة تشبه العاصفة المكتومة.
وقف المسؤول أمامهما يرتجف قليلاً، رغم أنه لم يعرف من هما:
"اسم… اسم الوريث المشارك…؟"
---
رفع ريفان عينيه الرماديتين، حدّق في الرجل حتى شعر وكأن قلبه سينزلق من صدره.
"سجّلني… باسم الوريث المجهول."
---
ثم مد يده وأشار نحو فيكتور: "وهذا… ابني."
---
هنا التفت كثيرون. ضجت الهمسات:
"ابنه؟ ذلك الصبي؟" "أهذا الرجل من العائلات الملكية القديمة؟" "يا للغرابة… تلك الهالة… إنها لا تشبه هالة البشر."
---
أحد الأبراج العالية – عيون تراقب
في أعلى برج المراقبة، جلس شاب في منتصف العشرينات، شعره الأحمر ينسدل على كتفيه، وابتسامة متعجرفة تلوح على شفتيه.
"هاها… يبدو أن البطولة ستزداد إثارة هذه المرة."
مد يده، التقط حجر اتصال سحريًا، همس فيه:
"أخبري الأميرة ليانا… أن ورثة مجهولين قد سجّلوا للتو."
---
في قصر ليانا
حين بلغها الخبر، فتحت عينيها ببطء.
"وريث مجهول…؟"
سكتت لحظة. ثم ابتسمت ببرود لا يشبه برودها القديم.
"حسنًا… دعنا نرَ من سيفوز هذه المرة."
---
نهاية اليوم الأول
في تلك الليلة، حين عاد ريفان وفيكتور إلى غرفة الاستضافة المؤقتة، جلس الصغير قرب النار، ساقاه تتدليان من المقعد العالي.
نظر إلى أبيه وسأل بصوته الهادئ: "يا أبي… هل هؤلاء الناس… أخطر من الذين قتلونا في حياتنا السابقة؟"
رفع ريفان بصره إلى الظلمة خارج النافذة. عينيه الرماديتان تلمعان بوميض خافت.
"أخطر… لكنهم لن يكونوا آخر من يواجهوننا."
مد يده، ربت رأسه بلطف.
"نم الآن… غدًا سنبدأ بكسر غرورهم."
---
في تلك الليلة…
انفتحت السماء فجأة، وسقط خيط برق رمادي على قمة جبل بعيد. كأن العالم نفسه يعلن أن شيئًا عظيمًا قادم.