️ الفصل تاسع عشر الوريث
اليوم الثالث للبطولة الكبرى
مع طلوع الفجر، كانت الساحة السماوية تغلي ببحر من العيون الفضولية. صار الجميع يتحدث عن الوريث المجهول الذي سحق خصمين في يومين، ولم يكشف وجهه بعد.
بينما كانت الأبواق تعلن بدء الجولة الثالثة، شقت موكب ملكي مهيب طريقه إلى المنصة الشرفية. جلست ليانا وسط حاشيتها، ترفع رأسها بشموخ لا يعرف التردد. عيناها الزرقاوان كانتا تلمعان بجليدٍ قاتم، يزرع الرهبة في القلوب.
---
بوابة المقاتلين
وقف ريفان ساكنًا، عباءته السوداء تنسدل حتى الأرض. إلى جواره جلس فيكتور القرفصاء، يسند ذقنه إلى يديه، يحدق بالساحة.
همس الصغير: "يا أبي… يبدون جميعًا خائفين منك."
لم يرد ريفان، فقط أمال رأسه قليلًا وكأنه يستمع إلى الهمسات:
"ذلك الغريب… يقال إنه قاتل منسيّ." "كيف لم يكشف عن اسمه؟" "إنه يملك عيونًا تشبه موتًا حيًّا…"
---
صوت المذيع السحري:
"المنصة التاسعة! كاريوس، وريث عرش داميا السابع، ضد الوريث المجهول!"
حين دوّى اسمه، علت صيحات الجماهير. كان كاريوس معروفًا بقوته وضراوته، ولم يهزم قط أمام جيل الورثة.
---
المنصة التاسعة
صعد كاريوس بخطوات واثقة، درعه الأرجواني يلمع بوميض ناري. قبض على رمحه الطويل، ورفع ذقنه بتحدٍ:
"اسمعني أيها الغريب… أنت مجرد دخيل. اليوم ستعرف الفارق بين الدم الملكي والقمامة!"
وقف ريفان في الطرف المقابل. لم يرفع رأسه، ولا حرّك ساعده. كأنه لا يرى خصمه أصلًا.
---
صوت الحكم:
"ابدأوا!"
---
في اللحظة التالية، انفجر كاريوس بطاقة مرعبة، واندفع كالشهاب. لكن قبل أن يلمس رمحه الهواء، ظهر وميض رمادي قصير، لم يدركه أحد.
في ثانية واحدة، انطفأت هالة كاريوس كلها. تجمّد جسده في منتصف الاندفاع، ثم انحنى على ركبتيه يلهث.
كل ما استطاع قوله بصوت مرتعش: "م… ما… هذا…؟"
لم يجبه أحد. ريڤان كان قد استدار وغادر المنصة بهدوء.
---
على المنصة الشرفية – ليانا
تابعت المشهد دون أن يرف لها جفن. لكن حين مرّ ريفان قرب الموكب الملكي، رفعت عينيها نحوه. كانت المسافة بينهما عشرات الأمتار فقط، لكنه توقف لحظة.
مرّت ثانية ثقيلة، التقت فيها عيونها الزرقاء بظل عينيه الرماديتين.
في تلك النظرة القصيرة، غمرها شعور غريب… كأن شبحًا من ماضيها يطل من تحت عباءته.
صوت بارد في صدرها همس:
"إنه هو… لا… هذا مستحيل…"
---
لكنها قطعت أفكارها، وشدّت أصابعها على مسند العرش. صوتها خرج حادًا:
"تحرّوا هويته. لا أريد أعذارًا."
انحنى حراسها بسرعة، وغادروا.
---
في الممر السفلي
فيكتور سار بجوار ريفان، يحدق فيه بعينيه الواسعتين.
"يا أبي… لماذا لا تقتلهم؟"
رد صوته ببرود:
"لأن موتهم الآن مضيعة للمتعة."
ثم التفت للبعيد، حيث كانت جماعات النبلاء يتهامسون:
"بعد أسبوعين… سيُفتتح المزاد الأعظم… سيعرضون الفتاة التي يقال إن جمالها أسر قلوب السبع قارات." "من يجرؤ على التنافس عليها؟"
فيكتور لم يهتم. لكن ريفان أغمض عينيه ببطء. في داخله، كان يقرر بالفعل:
"تلك الفتاة… قد تكون المفتاح لما بعد البطولة."
---
في ظلال القصر الملكي
ليانا وقفت وحيدة، تراقب الساحة. كأنها تشعر بخطرٍ يتسلل نحوها، خطرٍ تعرفه جيدًا لكنه يرفض أن يسمي نفسه أمامها.