️ الفصل العشرون – وشمٌ لا يُمحى
اليوم الرابع للبطولة الكبرى
مرّت ثلاثة أيام، لكن العالم لم يعد كما كان. صار الناس يأتون من القارات البعيدة فقط ليشهدوا “الوريث المجهول”. لم يعد أحد يهمس باسمه خوفًا، بل صاروا يتحدثون عنه كأنهم يتكلمون عن نذير شؤم:
"رأيته… عيونه بلا حياة، كأنها قبر مفتوح." "إنه لا يتكلم إلا قليلًا… كأنه لا يعترف بنا أصلًا." "يقال إنه يملك قوى سبعة عناصر!"
---
المنصة الثالثة
وقف ريفان في مواجهة شابٍّ آخر هذه المرة، وريث إحدى العائلات الشمالية العريقة. امتدت بينهما مسافة طويلة، والهواء مشبع برائحة التوتر.
خصمه قبض على رمحه المعدني وقال:
"…إن كنت واثقًا لهذا الحد، سأريك لمحة عن عرش الشمال."
أطبق كفيه، وانبثق ضوء جليدي طاغٍ اجتاح أرض المنصة. تجمّد البلاط الرخامي تحت قدميه، وراح الجمهور يصفقون بهلعٍ وإثارة.
---
لكن ريفان لم يتحرّك. رفع يده ببطء شديد، كما لو كان يشير إلى شيء لا يراه سواه. ثم طوى أصابعه، وكأن قبضته تُطبِق على الهواء.
في اللحظة التالية، انطفأ كل الجليد، وكأن النيران ابتلعته. ثم تراجع خصمه خطوة للوراء، يحدق في يديه المرتعشتين، وركبتاه تخونانه.
سقط على الأرض بصمت. لم يصرخ… لأن كبرياءه لم تعد تقدر على حتى ذلك.
---
صوت الحكم:
"…الوريث المجهول منتصر."
---
لم يعد أحد يصفق. صار الجمهور ينظرون إليه بصمت مروع، كأنهم يحدقون في كابوس.
---
على منصة الشرف – ليانا
في تلك اللحظة، أغمضت ليانا عينيها. كانت تسمع خفقات قلبها بوضوح غريب.
"يا إله الظلال… هذا الهدوء… هذه النظرة…"
رفعت يدها تلمس صدرها، حيث كان قلبها يخفق بخوفٍ لم تعرفه منذ سنين. لم تجرؤ على الاعتراف بصوتها الداخلي:
"إنه يشبهه… يشبه ذلك الوغد الذي قتلناه…"
لكنها لم تترك ملامحها تتغيّر. فتحت عينيها، وصوتها خرج صارمًا:
"إن كان هذا شبحًا من ماضينا… فسأقطعه مرة أخرى."
---
الممر السفلي
حين خرج ريفان من المنصة، سارت خلفه جماعات من التجار والوسطاء يراقبونه بحذر. فيكتور الصغير مشى صامتًا، لكنه قال فجأة:
"يا أبي… لماذا لم تنهِ البطولة؟ كان يمكنك سحقهم جميعًا في يوم واحد."
رد ريفان دون أن ينظر إليه:
"لأن صعود الخوف ببطء… يترك وشمًا لا يُمحى."
---
على أطراف المدينة – عند بوابة المزاد
في تلك اللحظة، كان موكب سري يمرُّ تحت حراسة مشددة. في وسطه، عربة مغلقة بنسيج أرجواني ثقيل. تسربت منها أنفاسٌ واهنة تشي بحضور شخص… ليس عاديًا.
همس أحد الحرّاس:
"تأكدوا أن لا أحد يعلم بهويتها. لو علمت العائلات السبعة أنها وصلت، سنخسر كل شيء."
رد زميله بصوت خائف:
"إنها الفتاة التي يقال إن جمالها… يسحق إرادة الرجال."
ثم تابعوا المسير، لا يدرون أن في ظلال الأسوار عيونًا رمادية ترقبهم في صمت.
---
في ظلمة أعلى البرج
ريڤان وقف في عتمة السطح، عباءته ترفرف. عيناه الرماديتان تلمعان بوميض غامض. نظر نحو العربة التي اختفت بين الأزقة، وهمس بصوت خافت:
"القطعة الأخيرة من الرقعة بدأت تتحرّك…"