لفصل الحادي والعشرون – رقصة القناع

اليوم الخامس للبطولة

الشمس المائلة إلى الغروب أرسلت ظلالًا طويلة على المنصات الحجرية. لم يعد أحد يستهين بتلك الخطوات السوداء التي تصعد المنصة التاسعة كل يوم.

حين ظهر ريفان، تراجع المقاتل الآخر خطوة دون أن يدري. كأن الهواء حوله صار أثقل من أن يُحتمَل.

رفع الحكم يده بإيماءة بدء النزال، لكن خصمه بقي متجمّدًا. لثوانٍ ثقيلة، لم يجرؤ على الحركة. وحين خطا ريفان نحوه خطوة واحدة، سقط سيف الرجل من يده. ثم أطرق رأسه وهمس بصوت مكسور:

"…أ… أستسلم."

دوّى الصمت في الساحة. للمرة الأولى، خصم ينسحب قبل أن يرفع يده.

---

على المنصة الشرفية – ليانا

في تلك اللحظة، أدارت ليانا رأسها نحو قائد حرسها الشخصي، عيناها تلمعان بالاحتقار:

"أهذا ما سمّيتموه نزالًا؟ أين فخركم؟"

ردّ القائد وهو يطأطئ رأسه:

"مولاتي… لا أحد يريد أن يُذلّ نفسه. ذلك الرجل… إنه لا يرحم الكبرياء."

صمتت ليانا لحظة. ثم قالت ببرود جليدي:

"يكفي. جهّزوا "مرآة الحقيقة". أريد أن يُكشف قناعه قبل نهاية الأسبوع."

انحنى القائد مغادرًا بخطوات سريعة.

---

في ممر المقاتلين

ريڤان خرج بهدوء لا يتغير. لكن حين عبر بوابة الظل، كان هناك رجل ضخم ينتظره. رجل يرتدي عباءة بنية مزينة بخاتم ذهبي.

تبادل الرجلان نظرة صامتة، ثم همس الغريب:

"…مولاي، المزاد بعد عشرة أيام. القافلة وصلت هذا الفجر."

لم يلتفت ريفان إليه، فقط قال بنبرة باردة:

"هل تأكدت من هويتها؟"

"نعم. إنها… تلك الفتاة. العين السماوية، الجمال الملعون."

سكت ثانية. ثم تابع الرجل بصوت أخفض:

"…يقال إن إمبراطور اللهب نفسه دفع نصف مملكته ليراها…"

---

ريڤان لم يرد. أغمض عينيه طويلًا، وكأنه يحسب شيئًا لا يعرفه أحد. ثم فتحهما، وقال بجفاف:

"تابع مراقبتها. لا تقتربوا."

"أمر مولاي."

اختفى الرجل وسط الظلال.

---

في أعلى المدرجات – ليانا

كانت تحدق في المكان الذي اختفى فيه ريفان. يديها قبضتا مسند العرش حتى ابيضّت مفاصل أصابعها.

"هذا لا يمكن أن يكون وهمًا… تلك الخطوة… تلك اللامبالاة… وكأنني أراه يقتلني في حلم قديم."

همست لنفسها:

"…إن كنت شبحًا عدت من الماضي… فأنا سأكشفك، وأدفنك مرة أخرى."

---

في زاوية مظلمة من الساحة

جلس فيكتور الصغير وحده، يراقب منصات البطولة. بدا شاحبًا، عيناه الواسعتان لا تطرفان.

همس لنفسه بصوت طفولي خافت:

"يا أبي… حين أكبر… هل سأصير وحشًا مثلك؟"

لم يجبه أحد. فقط ريح المساء حملت صدى صرخات المنتصرين والمهزومين.

---

في أحد أبراج القصر

تسللت همسات أخرى:

"أتعلمون؟ الفتاة التي ستباع في المزاد… البعض يسمونها "جوهرة العوالم السبعة". يقال إن من يراها… ينسى كل النساء." "إذا شارك الوريث المجهول في المزاد… لن ينافسه أحد."

---

في ظلال المنصات

ريڤان وقف يحدق في السماء المغبرة بضوء الغروب. يد واحدة في جيبه، ويده الأخرى ترتخي قرب سيفه المعلق. كأنه لا يبالي بشيء… ومع ذلك، كل من نظر إليه شعر أن العالم ينتظر إشارته كي ينهار.ش

2025/08/05 · 23 مشاهدة · 436 كلمة
نادي الروايات - 2025