الفصل الثالث والعشرون – وحش الظلال

بعد انتهاء القتال العظيم

دوّى الصخب في الساحة، وانهمرت الأصوات كالأمطار:

"يا إلهي… ذلك الشرقي… سحق وريث الشمال!" "ومع ذلك… الوريث المجهول ما زال لم يقاتلهم بجدية!" "أهذا ممكن؟!"

---

في المدرجات العليا – عائلة ريفان

أدار إيرول ديلاريوس رأسه نحو ابنه الأكبر، صوته خرج حادًا:

"راقب ذلك الغريب… لا تدعه يقترب من منصتنا."

قال الابن بحذر:

"أبي… البعض يقولون… إنه قد يكون…"

"اسكت." صوت إيرول قطع كلماته كالسيف. لكن قلبه… لم يكن ساكنًا.

---

على منصة المراقبة الملكية

جلست ليانا، عيناها الزرقاوان تتأملان الحلبة الفارغة. همست بخفة:

"والآن… لندخل مسرحيتنا الثانية."

أشارت بإصبعها للخادم الواقف خلفها. انحنى بسرعة، وناولها مرآة الحقيقة المغلفة بوشاح أسود.

مررت أناملها على الزجاج، وتمتمت:

"إن كنت شبحًا… فهذه المرآة ستسلب منك كل أقنعتك."

لكن قلبها لم يكن مطمئنًا. في داخله، كان صوت خافت يردّد:

"لكنكِ لا تعلمين… من الذي يراقب من."

---

في الظلال السفلى

ريڤان وقف في ممرٍ خافت الضوء، عينيه الرماديتان تلمعان ببرود. شاهد كيف حمل أحد الحرّاس مرآة الحقيقة نحو مدخل المقاتلين. ابتسم في داخله، بلا أي انفعال ظاهر.

"جميل… هكذا ستصدقين أنكِ اقتربت."

مدّ يده نحو خصره، حيث خُتمت خاتم تخزين صغير. ضغط عليه بخفة، فتلاشت حوله خيوط مانا رقيقة.

"تظنين أنكِ ستجدين شيئًا… بينما أنا من يرسم خطواتك."

---

الساحة – صوت المذيع السحري

"يا سادة… وصلنا إلى الجولة الخامسة… إنه الوريث الذي لم يهزم… الوريث المجهول!"

دوّى صراخ الجمهور، كأنه عاصفة:

"وحش الظلال!" "اقتلهم جميعًا!" "أرِنا القوة الحقيقية!"

---

على المنصة التاسعة

خطواته الهادئة ارتفعت فوق الضجيج. وقف في منتصف الحلبة، لا ينظر لأحد. عباءته السوداء بدت كراية حرب.

خصمه هذه المرة كان بارينس كروان، وريث قبيلة الصقور السماوية من قارة الغرب. رجل طويل أصلع الرأس، يحيط كتفيه عباءة مزينة بريش أسود. مد يده اليمنى، وفيها رمح طويل، وقال بنبرة تهديد:

"أيها الظل… هذه ليست مسرحيتك اليوم. سأقطع قناعك أمام الجميع."

---

صوت الحكم:

"ابدأوا!"

---

في اللحظة نفسها، اندفعت عاصفة رياح صاخبة حول جسد بارينس. ارتفع عشرة أمتار في الهواء، يلتف حوله دوّار من الريش الأسود الحاد.

"انظر… هذه هي سلالة الصقور السماوية!"

انحنى بجسده وسقط من السماء كنيزك. رأس رمحه اندفع نحو صدر ريفان بسرعة كاسرة.

---

لكن… ريفان لم يتحرك. كل ما فعله: أن رفع يده اليسرى قليلًا.

حين اصطدم رأس الرمح براحة يده… توقفت الحركة كلها. سكنت العاصفة والريش. كأن الزمن نفسه انحنى له.

---

تجمّد الصمت لثانيتين ثقيلتين. ثم… انكسر رمح بارينس في منتصفه. هوت شظاياه إلى الأرض كأنها حطام حلمٍ قديم.

حدق الرجل فيه بعينين مرتعشتين. ثم سقط على ركبتيه، لا يقوى على النطق.

---

صوت الحكم يعلن بصوت مبحوح:

"…الوريث المجهول منتصر."

---

على المدرجات العليا – عائلته

شهق أحد أبنائه الشرعيين:

"يا أبي… إنه… إنه شبح…"

لكن الأب لم يرد. يده قبضت مسند المقعد بقوة، شبح الرعب يطل من عينيه.

---

في مقصورة ليانا

رفعت المرآة، نظرت فيها للحظة، لكن وجهها ظل مغطّى. همست:

"ما هذا…؟ حتى مرآة الحقيقة لا ترى قناعه؟"

ارتعشت أناملها للحظة قصيرة فقط.

لكنها سرعان ما جمّدت مشاعرها، وأمرت الحرس:

"واصلوا. لا تتوقفوا حتى لو احتاج الأمر تحطيم الساحة."

---

في الظلال

ريڤان أنزل يده، أدار جسده، ومشى مبتعدًا ببطء. في داخله، لم يشعر بأي عاطفة… إلا شيء واحد يشبه الضجر:

"كم هم مساكين… ظنوا البطولة مسرحًا للبطولة… وهي مجرد وليمة للذئاب."

---

2025/08/07 · 12 مشاهدة · 523 كلمة
نادي الروايات - 2025