الفصل الخامس والعشرون – عيون كثيرة
بعد النزال
سكنت ضوضاء الساحة. الجماهير ما تزال تحدّق في المنصة الفارغة حيث سال دم الوريث المجهول للمرة الأولى. البعض شعروا بأن “الوحش” صار قريبًا منهم أكثر… والبعض الآخر شعر بالرعب أكثر، لأنه حتى بعد أن جُرح، لم يهتز.
---
في مقصورة ليانا
رفعت ليانا مرآة الحقيقة مجددًا. مررت أناملها على سطحها البارد، والشك يتآكل قلبها:
"لماذا… لا أراه؟ حتى حين تشرّب دمه على البلاط… لا أراه؟"
صمتت لحظة، ثم رفعت رأسها نحو أحد حرّاسها:
"أريدك أن تراقبه بلا انقطاع. حين يعود إلى مقصورته… حين يخرج… كل شيء. لا تترك خيطًا يهرب."
انحنى الحارس:
"مفهوم، مولاتي."
لكنها لم تكن راضية. في أعماقها، كانت تعرف… لو كان هذا هو ذلك الفتى الذي ظنوا أنه مات، فهو لم يعد مجرد وريث مهجور. بل شيء أكبر بكثير.
---
على المدرجات العليا – عائلة ريفان
جلس سيد العائلة بلا حراك، وجهه شاحب. للمرة الأولى، لم ينطق أحد أبنائه بكلمة.
صوت بارد شقّ الصمت:
"يا أبي… لو كان هو…"
ضرب السيد إيرول مقبض المقعد بقبضته، فانشقّ الخشب.
"أخرس. حتى لو عاد، لن يكون سوى عار. لا تجرؤوا على نطق اسمه هنا مجددًا."
لكن عينيه، في أعماقهما… لم تكونا واثقتين.
---
في ظلال الممر
ريڤان وقف عند مدخل مقصورته. رفع يده، مسح آخر قطرة دم عن عنقه. لم ينظر خلفه، لكنه شعر بخيوط عشرات العيون تلاحقه:
جواسيس ليانا.
حرّاس العائلات.
مخالب القارات الكبرى.
والشيء الغريب… عين صغيرة خفية لم يميز مصدرها بعد.
"حسنًا… يبدو أن وليمة الذئاب بدأت حقًا."
ضغط على خاتم التخزين، فأضاء بريق خافت. أخرج لفافة قديمة نقشت عليها أسماء الورثة الأشد خطورة. نظر إلى السطر الأول:
سيّدة الرماد – وريثة مملكة اللهب السرمدي
ثم السطر الثاني:
أمير الهاوية – وريث القارة الشمالية المظلمة
وهمس:
"قريبًا… سأجعل بعضهم يلتهم بعضهم."
---
في زاوية المقصورة المظلمة
جلس فيكتور الطفل، ساقاه الصغيرتان تتأرجحان. لكن عينيه الرماديتين كانتا تلمعان بنور يثير القشعريرة.
وحين دخل ريفان، ابتسم الصغير ابتسامة شاحبة:
"لقد نزفتَ قليلًا يا أبي…"
حدّق ريفان فيه لحظة طويلة. ثم مدّ يده، ربت على رأسه بخفة:
"لا بأس… هذا جزء من اللعبة."
---
في مقصورة ليانا – بعد ساعات
دخل رسول مسرعًا يهمس في أذنها. اتسعت عيناها قليلاً.
"ما الذي تقول؟"
أجاب الهمس:
"الوريث المجهول… لم يعد إلى جناحه. يقال إنه غادر الساحة… ولا أحد يعلم إلى أين."
ساد الصمت. ثم ابتسمت ليانا لأول مرة منذ أيام.
"جميل… ربما آن أوان مطاردتك حقًا، أيها الظل."
---